ارشيف من :أخبار لبنانية
قانون الانتخاب يتأرجح بين ’التفاؤل’ و’المماحكات’ و’العقد’

بقي قانون الانتخاب متصدرًا عناوين وافتتاحيات الصحف المحلية، وسط تأرجح المعلومات بين قرب ولادة هذا القانون وبين تخبطه بين العقد التي لا تزال تقف حائلاً دون التوافق بشأنه. ففيما تحدثت صحيفة "الاخبار" بنبرة تفاؤلية مشيرة الى أن "كلّ ما كان يُعتبر عُقَداً صار أفكاراً قابلة للحسم"، وهو ما يتوافق مع ما افادت به "البناء" عن "فتح كوة في جدار التشاؤم حول قانون الانتخاب"، تحدثت صحيفة "النهار" بنبرة مغايرة لافتة الى وجود "مماحكات" لا تزال تعيق التوصل الى حل بهذا الشأن.
"الاخبار" : قانون الانتخاب في غضون أيام
وفي التفاصيل، اعتبرت صحيفة "الاخبار" ان المفاوضات على قانون الانتخاب انتقلت عمليًا من التجاذب والتعطيل ومحاولة فرض الشروط، إلى «العصف الفكري»؛ مشيرة الى انه في الاجتماع الذي عُقِد في وزارة الخارجية أول من أمس (ضمّ إلى الوزير جبران باسيل الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، الحاج حسين الخليل، ومدير مكتب رئيس الحكومة، نادر الحريري)، جرى الاتفاق على أن كلّ ما كان يُعتبر عُقَداً صار أفكاراً قابلة للحسم في أيّ اتجاه.
وبحسب مصادر مطّلعة على الاجتماع الذي استُكمل أمس باتصالات ثنائية، فإن البحث يتركّز حول الأمور الآتية:
1 ــ عتبة التمثيل الوطني لكل لائحة هي 5 في المئة. وتعني عتبة التمثيل أن على لائحة فائزة ولو بمقعد واحد من دائرتها، أن تكون ضمن ائتلاف وطني يحصل على 5 في المئة من أصوات جميع المقترعين اللبنانيين. ولا تحصل اللائحة على أيّ مقعد في دائرتها، حتى لو فازت بتسعين في المئة من الأصوات، إن لم تكن جزءاً من ائتلاف على المستوى الوطني.
2 ــ حُسِم نقل المقعد الإنجيلي من دائرة بيروت الثانية إلى دائرة بيروت الأولى، لتصبح العاصمة مقسّمة إلى دائرتين: الأولى تضم 8 مقاعد جميعها لنواب مسيحيين، والثانية تضم 11 مقعداً (6 سنّة، شيعيان، درزي، أرثوذوكسي، أقليات). ولا يزال البحث دائراً حول نقل المقاعد.
3 ــ يستمر النقاش في طريقة احتساب الفائزين، مع انفتاح المتفاوضين على كل الصيغ المقترحة، باستثناء طريقة الاحتساب الطائفية.
4 ــ يجري البحث في تضمين القانون مادة تخصص 6 مقاعد للمغتربين، على أن تُطبّق هذه المادة في الانتخابات ما بعد المقبلة، أي بعد انتهاء ولاية المجلس الذي سيُنتخب بعد أشهر.
وبحسب المصادر، فإن أهمية ما جرى في لقاء الخارجية تكمن في كونه حسم الاتجاه صوب إنتاج قانون جديد، وعدم العودة إلى الستين، ورفض الفراغ. وأكّدت المصادر أن الأجوبة النهائية ستتضح في غضون أيام. وبعد عودة الرئيس سعد الحريري من السعودية، سيُجري مشاورات مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، قبل عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، لإقرار مشروع القانون وإحالته على مجلس النواب، لإصدار قانون جديد للانتخاب. وقالت المصادر إن رئيس الجمهورية يضغط لإنجاز الاتفاق، والانطلاق صوب الإعداد لإجراء الانتخابات، بهدف إخراج البلاد من حال الجمود التي تسيطر عليها.
"النهار" : الاتفاق الانتخابي نحو التعويم
من جهتها، ذكرت صحيفة "النهار" أن 12 يوماً فقط تفصلنا عن نهاية الدورة الاستثنائية لمجلس النواب ونهاية الولاية الممددة لهذا المجلس، فيما لا تزال المماحكات عنواناً حصرياً للمد والجزر في اجتماعات الأفرقاء السياسيين ومهندسي مشروع قانون الـ15 دائرة انتخابية على أساس النظام النسبي.
واشارت الصحيفة الى أنه "إذا كانت بعض الجهات السياسية تراهن على أن عطلة الاسبوع الجاري لن تمر إلّا ويكون مجلس الوزراء قد أقر الصيغة النهائية لمشروع قانون الانتخاب وأحاله على مجلس النواب، فإن ميوعة الانتظار عادت تظلل التحركات والاتصالات السياسية وسط مراوحة الاجتماعات التي تعقد بين الأفرقاء المعنيين مكانها ولو وسط كلام على "تقدم" في تذليل عقبات والاستمرار في تذليل عقبات أخرى".
واعتبرت "النهار" أنه "ثمة بين الجهات السياسية من لا يزال يراهن على أن المشروع الانتخابي الذي حظي بغطاء الاجتماع الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا بات أقوى من أن يسقط بالضربة القاضية أو بمناورات اللعب على حافة المهلة الاخيرة.
ولفتت الصحيفة الى أنه "وسط هذه الانطباعات، تترقب الاوساط السياسية ما سيعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مواقف تتصل بالواقع السياسي والامني في الكلمة التي سيلقيها لدى رعايته الاحتفال بالذكرى السادسة والخمسين بعد المئة لتأسيس قوى الامن الداخلي.
وتحدثت الصحيفة عن عقد اجتماع رباعي جديد مساء أمس في وزارة الخارجية ضم عن "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل وعن حركة "أمل" الوزير علي حسن خليل وعن حزب الله حسين الخليل وعن "تيار المستقبل" نادر الحريري على أمل تذليل العقبات المتبقية في مشروع قانون الانتخاب استعجالاً لبته بما يتيح امكان انعقاد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء غدا في حال انجاز التفاهم الكامل على صيغة المشروع.
وفي هذا السياق، أبلغت مصادر معنية بالاجتماعات حول قانون الانتخاب صحيفة "النهار" ان الاتصالات تتواصل لانتاج قانون الانتخاب وهي تميل الى الايجابية ولكن من دون الجزم بنتائجها وامكان حسمها سريعاً.
وقالت إن النقاش يتركز على طريقة احتساب أصوات اللوائح الانتخابية مع الاعتراف بأنها صعبة ومعقدة للغاية وثمة أكثر من طريقة يجري النقاش فيها.
وشددت هذه المصادر على أن لا امكان لاجراء أي تعديلات دستورية كتلك التي طرحت للتداول أخيراً.
وأوضحت انه في حال عدم انعقاد مجلس الوزراء في الساعات المقبلة وتالياً عدم تلقي رئيس مجلس النواب نبيه بري مشروع القانون الجديد قبل ظهر السبت فهو سيعلن تأجيل الجلسة النيابية المقررة في 12 حزيران الى موعد لاحق، علماً ان بري يميل في حال انجاز مشروع القانون الى المصادقة عليه في مجلس النواب بمادة واحدة.
"البناء": فتح كوة في جدار التشاؤم حول قانون الانتخابات
بدورها، اعتبرت صحيفة "البناء" انه جرى فتح كوة في جدار التشاؤم حول قانون الانتخابات مع قيام حزب الله بمساعٍ بعيدة عن الأضواء لتدوير زوايا الخلافات وتخفيض سقوف الطروحات ومحاولة حصر القانون بإجراء الانتخابات وطي المطالب الإصلاحية أو الطائفية او الميثاقية لمناقشات تتسع لها مساحة ما بعد الانتخابات ومرحلة إعداد القانون الجديد من المجلس النيابي المنتخب والذي يفترض أن يقوم على صيغة المجلسين ولا مانع من تضمين عناوينه في مقدمة القانون الذي ستجري الانتخابات على اساسه لمرة واحدة، أو الأخذ بما «خفّ حمله وغلا ثمنه من المطالب لعدم إحراج المطالبين بالخروج بسلة فارغة، وهنا يحضر البحث بالإمكانية العملية لتخصيص مقاعد للمغتربين، إذا كان ذلك ضمن قدرة وزارة الداخلية ووزارة الخارجية، بينما يجري نقل باقي المطالب والطروحات لمناقشات المجلس الجديد، خصوصاً مع التقدم في حسم عتبة الفوز الانتخابي وطريقة احتساب الأصوات للفائزين، لكن لا يبدو أن المساعي الناعمة لحزب الله ستنجح بحلحلة العقد قبل موعد جلسة الإثنين المقبل.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن «التقدم الذي حصل بشأن قانون الانتخاب لم يحسم النقاط العالقة، لكن المناخ الإيجابي يتمثل باستمرار المساعي واللقاءات بين كافة القوى للتوصل الى قانون جديد»، ولفتت الى أن «الرئيس بري ضد أي مقاربة طائفية ومذهبية لمسألة القانون سواء بالصوت التفضيلي أو بالعتبة الوطنية أو بطريقة احتساب الأصوات أو منح المغتربين بعض المقاعد، كما أن الاصلاحات الدستورية التي يطالب بها التيار الحر يمكن تأجيلها ولا علاقة لها بقانون الانتخاب الذي يجب إنجازه بأسرع وقت ممكن». وكشفت أن «لقاء الخارجية أمس الأول لم يتوصل الى حلول لكل النقاط بل دار حوار موسع وشامل بين الأطراف لم يؤد الى نتيجة حاسمة».
وأكدت المصادر أن «التمديد غير وارد لدى رئيس المجلس»، وأوضحت أن «البند الوحيد المطروح على جلسة المجلس المقبلة هو إقرار القانون، لكن هناك عرف متفق عليه بأن المجلس سيد نفسه، وبالتالي يحق له طرح أية قضية من ضمنها الموازنة كما يستطيع تعديل المهل الدستورية قبل نهاية ولاية المجلس للعودة الى إجراء الانتخابات على القانون النافذ إذا حصل توافق سياسي حوله في حال تعثر إقرار قانون جديد».
وأضافت المصادر أن «الرئيس بري سيتخذ القرار يوم غدٍ بشأن جلسة الاثنين في ضوء المعطيات والمستجدات خلال الـ48 ساعة المقبلة، فإما يؤجلها أياماً عدة كي ينضج الاتفاق وإما يبقي عليها إذا أنهى المفاوضون التفاصيل». ولفتت الى أن «المجلس النيابي يمكن أن يتقدّم باقتراح معجل مكرر الى الهيئة العامة لإقرار القانون من دون العودة الى الحكومة لكسب الوقت إذا تأمن اتفاق حوله»، وحذّرت المصادر من أننا «دخلنا المرحلة الأسوأ ولم يعد هناك متّسع من الوقت»، ورجحت أن يكون «الهدف من وضع الشروط الجديدة لتحسين شروط التفاوض وتحقيق مكاسب اضافية لبعض المكوّنات».
"الجمهورية" : الرئيس عون يُمهل أياماً تمهيداً لإتخاذ موقف بشأن قانون الانتخاب
وفي سياق متصل، اشارت صحيفة "الجمهورية" الى انه ساد الاوساط السياسية وورشة العاملين على بَلورةِ المسوّدة النهائية لقانون الانتخاب، تقدير مفاده أنّ هذا القانون بات على مسافة ايام من الولادة، لأن ايّ طرف لن يكون في مقدوره الوقوف في وجه الاتفاق الرئاسي على هذا القانون بعناوينه العريضة، والذي تتركّز الاجتماعات الآن على معالجة تفاصيله التقنية.
وقال احد العاملين على توليد القانون لـ«الجمهورية» انه على رغم الافكار التي يطرحها الوزير جبران باسيل وتنصّلت «القوات اللبنانية» منها ولم تشارك في اجتماع امس الاول، هناك تقديرات تفيد أنّ الوضع لا يتحمّل عدم التوصل الى ايّ نتيجة، وأنّ هناك اكثر من معنيّ بالقانون يتوقع تجاوُزَ العقد والتوصّل الى توافق على الصيغة المطروحة لقانون الـ15 دائرة على اساس النسبية.
وفي هذا الإطار، ذكرت «الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيعطي اياماً قليلة للمفاوضات قبل ان يأخذ موقفاً الاسبوع المقبل. فيما توقعت مصادر وزارية ان يعقد اجتماع بين عون ورئيس الحكومة سعد الحريري فور عودة الأخير المتوقعة من السعودية اليوم لاتخاذ القرار في أمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء قبيل جلسة الاثنين النيابية التي قد يضطر رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تأجيلها إذا لم يصله مشروع قانون الانتخاب العتيد في مهلة اقصاها غداً السبت لكي يضعه على جدول اعمالها، وذلك على حد ما قال امام زواره أمس، مشيرًا الى أنّ هناك ايجابيات تتمثّل في استمرار التواصل بين الافرقاء.
وقال معنيون بقانون الانتخاب إن تدخلاً رئاسياً ينتظر ان يحصل لإستعجال إنجاز المسودة النهائية لقانون الانتخاب بكل تفاصيلها، خصوصًا أن الخلاف المتجدد حولها شتت الحلفاء وابناء الصف الواحد، وجعل صدقية الرؤساء الثلاثة على المحك، خصوصًا وانهم كانوا اعلنوا اتفاقهم على هذا القانون على هامش الافطار الرئاسي في بعبدا الاسبوع الفائت، وها هو هذا الاتفاق ـ القانون يكاد يتحول نهباً للخلافات الدائرة بين المعنيين على تفاصيله التي اصطلح على تسميتها بأنها «تقنية». على انه في ضوء الجمود الذي أصاب التفاوض رأى بعض المتشائمين «ان خيار العودة الى قانون الستين قد يكون تحول قراراً لدى من لمس بالأرقام ان قانون النسبية لن يأتي لمصلحته ويشكل خطراً على حجمه، ومع ضيق المهل، قد يصبح هذا القرار أمراً واقعاً».
واشارت "الجمهورية" الى أن بعض المطّلعين على الشأن الانتخابي أكّدوا أنّ قانون الانتخاب متوقف أمام أكثر من عقدة، ولم يعد ينفع التفاوض في شأنه، ما لم يبرز قرار سياسي بتجاوز العقد لأنّ حدود التنازلات اصبحت معروفة، ولم يعد أيّ طرف قادراً التنازل للطرف الآخر.
وكشفَت الاجتماعات التي عقِدت في الساعات الـ 48 الاخيرة، سواء المعلنة أو البعيدة من الاضواء، عدمَ وجود توافُق بين الحلفاء انفسِهم، وكذلك ما بين الاطراف غير الممثّلين على طاولة التفاوض، حول الصوت التفضيلي وانعكاساته على التحالفات، وكذلك حول عدد من النقاط، ابرزُها تعديل الدستور، النواب المغتربون، نسبة الاصوات للفوز، ومجلس الشيوخ.
ونقلت «الجمهورية» عن مصادر قريبة من رئيس الحكومة سعد الحريري انّه غير مرتاح الى العقَد التي تنشأ كلّ يوم، ففيما يكون الاعتقاد سائداً بأنّ المفاوضات تكاد تقترب من الحسم يُفاجَأ ببروز عقدٍ جديدة تُعيد الامورالى نقطة الصفر، وهذا الامر في اعتقاده يمسّ بمصداقية ما اتفِق عليه في جلسة الافطار الرئاسي الاسبوع المنصرم، إذ انّ الاتفاق الذي تمّ، لم يكن بين ممثّلي الكتل النيابية بل بين الرؤساء الثلاثة.