ارشيف من :أخبار لبنانية
بعد طول انتظار.. حكومة العهد الأولى تنجز قانون انتخابات جديداً في ربع الساعة الأخير

وأخيراً، أخرجت القوى السياسية ملف الانتخابات من عنق الزجاجة، ليصبح للبنان قانون جديد قائم على النسبية. سنوات من الانتظار، وأشهر من المد والجزر، شهدت مخاضاً عسيراً أوجدته السقوف العالية، والمناكفات السياسية، ليسجّل العهد الجديد إنجازاً وصفه البعض بـ"الناقص"، لكنه أفضل الخيارات المطروحة، وعلى رأسها الفراغ، بعدما حقّق ما عجزت عنه الحكومات السابقة لعقود خلت، وجنّب لبنان الكثير من السيناريوهات التي قد لا تحمد عقباها.
وقبل انتهاء ولاية المجلس النيابي بستة أيام، ولد قانون "اللحظات الأخيرة" -كما يحلو للبعض تسميته-، نظراً لإبصاره النور في ربع الساعة الأخير، ليتصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا بعد جلسة حكومية استمرت لأكثر من أربع ساعات، كثُرت فيها حركة اللقاءات والمشاورات، والمكالمات الهاتفية، التي لم تهدأ طوال الوقت، والتي تكثفت خلال اجتماع اللجنة الوزارية بعدما طلبت منها الحكومة في مستهل جلستها إعداد الصيغة النهائية لمشروع قانون الانتخاب المكون من 125 مادة، عقب إبداء عدد من الوزراء ملاحظاتهم على المشروع الجديد، الذي خرجت به اللجنة خلال اجتماعها أمس في السراي الكبير، فيما جرى التمديد للمجلس النيابي حتى 21 أيار 2018 أي لمدة 11 شهراً، وذلك لأسباب تقنية.
جلسة الحكومة
الحريري: قانون الانتخاب انجاز تاريخي
وبعد زحمة المشاورات الجانبية والمباحثات الهاتفية، انتهت الجلسة، وأعلن عن ولادة قانون انتخابات "صنع في لبنان" كما أطلق عليه البعض، ليتوجه بعدها رئيس الحكومة سعد الحريري الى غرفة الصحافة، معلناً رسمياً ولادة القانون العتيد، قائلاً "قانون الانتخاب مر... وافقنا على هذا القانون، وهو 15 دائرة وتم التمديد لمجلس النواب 11 شهرا لأسباب تقنية لأن الانتخابات ستكون ضمن البطاقة الممغنطة".
وأضاف الحريري "لسوء الحظ لم نستطع تمرير موضوع الكوتا النسائية، وكان هناك بعض الاعتراضات على موضوع الدوائر من الوزراء علي قانصو وطلال ارسلان ويوسف فنيانوس. قانون الانتخاب انجاز تاريخي ولطالما كانت تصلنا في السابق قوانين الانتخاب، وهذه أول مرة يجلس اللبنانيون سوية ويتفقون على قانون في ظل اجواء كانت دائما إيجابية، وكنا ندعو دائما الى عدم تعظيم الأمور. كما أن القانون سيكون فيه للمغتربين في الدورة القادمة مقاعد وسيكونون ممثلين".
ورد الرئيس الحريري على قول رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط بأن "القانون معقد كأصحابه"، قائلاً "هو من أصحابه"، مضيفاً "كانت هناك مجموعة من التحفظات ولنستطيع الوصول إلى قانون اضطررنا لوضع هذه الملاحظات جانباً لنتمكن من الاتفاق، وهذا ما حصل ونشكر الجميع خاصة فخامة الرئيس".
ولفت الى أنه "سيتم شرح القانون للناخبين وللمشرفين على الانتخابات. وعندما يكون البلد رابحاً أعتبر نفسي الرابح الأكبر، وعلينا أن نضع قانونا عصريا وجديدا انما أيضا على الناس أن تفهم القانون"، مضيفا "كنا نشجع على انتخاب الشباب في عمر 18 عاما لكن لم نصل الى توافق حول هذا الموضوع، على أمل أن يستطيع الشباب الانتخاب في المستقبل".
وفيما أكد أنه "لا بد من شرح مفصل للقانون"، لفت الحريري الى أنّ "وزارة الداخلية ستضع برامج تشرح للمواطنين والادارة تفاصيل هذا القانون، والقانون الجديد يسمح بأن يكون الجميع ممثلا في المجلس النيابي"، مضيفاً "إننا نعمل على التخفيف من المذهبية والطائفية، والعمل الذي نقوم به يثبت ان هذا البلد يمكن ان يكون غير طائفي فهناك من بقي 3 سنوات في مجلس الوزراء لكنه عجز عن إقرار قانون انتخاب".
العماد عون يهنئ بالإنجاز
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هنأ في مستهل الجلسة بإنجاز قانون الانتخاب الجديد، معتبراً أنه "إنجاز كبير جدًا منذ ما قبل الاستقلال عندما كان لبنان يعتمد النظام الأكثري الذي لم يكن يحقق عدالة التمثيل".
وأضاف الرئيس عون "قد لا يكون ممكنًا تحقيق عدالة التمثيل في المطلق، لكن الصيغة التي تمّ التوصّل إليها هي خطوة الى الأمام"، مشيرًا الى أن "الجلسة ستبقى مفتوحة حتى إنجاز مشروع القانون قبل جلسة مجلس النواب الجمعة".
تحفظ
من جهته، أبدى الوزير علي قانصو خلال الجلسة تخفّظه على عدد من البنود منها اعتماد مشروع القانون الانتخابي الجديد على الدوائر الصغرى بينما المطلوب الدائرة الكبرى، فالنسبية تتطلب دائرة كبرى، حسب تعبيره.
كما تحفّظ قانصوه على عدم تخفيض سن الاقتراع وغياب الكوتا النسائية.
مواقف
وكان قد سبق الجلسة جملة من المواقف والتصريحات، حيث رأى وزير الصناعة حسين الحاج حسن أنّ" إنجاز قانون تجري على أساسه الانتخابات هو أفضل من أي احتمال كان مطروحًا"، معتبراً أنّ "ملاحظات القوى السياسية موضع احترام، لكن ما تم الاتفاق عليه هو أفضل الاحتمالات والمهم أن أغلب البنود الاصلاحية موجود في القانون ومتفق عليه".
وأشار الحاج حسن الى أنّ" القانون يحتوي على بند اصلاحي مهم هو النسبية رغم أن هناك الكثير من الملاحظات، فنحن مثلا كنا نفضل لبنان دائرة واحدة"، مضيفاً "الجميع قدم شيئا وتنازل عن شيء وهكذا ينتج قانون الانتخابات في لبنان بالديمقراطية التوافقية".
بدوره، وزير التربية مروان حمادة اعتبر أنّ "هذا القانون يعيدنا إلى مزيد من الطائفية والمذهبية بدل أن يبعدنا عنها"، لكنه أضاف "لن نعرقل إقرار القانون لكن لدينا ملاحظات سجلناها لدى الرئيس الحريري أبرزها سن الاقتراع والكوتا النسائية".
وفيما يتعلّق بغياب الكوتا النسائية عن الاتفاق، قال وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان "فوجئت في اللحظات الأخيرة ببقاء الكوتا النسائية خارج الاتفاق لكني سأسعى لاقدم اقتراحاً داخل الجلسة بأن تضم كل لائحة انتخابية كلا الجنسين".