ارشيف من :أخبار لبنانية

طلاب الشهادات الرسمية يخوضون معتركات الاختصاصات الجامعية المختلفة

طلاب الشهادات الرسمية يخوضون معتركات الاختصاصات الجامعية المختلفة

ايمان مصطفى

"أريد هذا الاختصاص.. بل ذلك .. بل كليهما ! "، معركة أبطالها خريجو المرحلة الثانوية، الذين يخوضون معتركات الاختصاصات الجامعية المتنوعة. إن الاختيار الأنسب للتخصص الدراسي الجامعي له الأثر الكبير في رسم معالم المستقبل الوظيفي للطلاب، ليصبح الشغل الشاغل لهؤلاء الطلاب إختيار الاختصاص الملائم لميولهم الشخصية وإمكاناتهم والأكثر ملامسة لاحتياجات سوق العمل.

وبالتالي يكرسون أوقاتهم للبحث والتدقيق واكتشاف الذات قبل إتخاذ القرار بإختيار الاختصاص والجامعة ناهيك عن المهنة. فالتخصص الجامعي من أهم الخطوات في حياة الشاب لما يترتب عليه من تحديد أسلوب الدراسة والاتجاهات المهنية المستقبلية. ويأتي الاختيار السليم القائم على أسس ثابتة بمثابة حماية من عثرات المشوار الجامعي، كما يوفر مزيدًا من التميز والنجاح في المستقبل. فالتخطيط للجامعة جزء مهم جدًا من التخطيط لوظيفة المستقبل.

العديد من الطلبة يجدون صعوبة في إختيار نوع الدراسة في الجامعة، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على الطالب في حال إختيار تخصص غير مناسب ولا يلبي سوق العمل اللبناني الذي يعاني من البطالة المزمنة.

كان لموقع " العهد " الاخباري وقفة مع بعض الطلاب الذين أنهوا المرحلة الثانوية وهم بانتظار نتائجهم في الايام المقبلة، للحديث عن أبرز ما يتعرض له الطلاب عند اختيارهم للتخصص الجامعي.

الطالبة في فرع الاقتصاد والاجتماع فاطمة داوود تقول " نتيجة لضعف التوجيه المهني والجامعي في المدارس بشكل عام، يتخرج الطالب من الصف الثاني عشر ولم يكمل عملية التحضير للدخول  الى الجامعة أو عملية اختيار الاختصاص، فيضطر عدد من الطلاب الى تأخير الدخول الى الجامعة أو تغيير الاختصاص خلال تواجدهم في الجامعة مرات عدة، وإضاعة سنين من الدراسة".

الطالب" حسن عبد الله  "  في فرع علوم الحياة يؤكد بدوره لموقعنا أن الطلاب يواجهون عند اختيارهم للتخصص الجامعي مشاكل تتصل برغبة الأهل في تدريس أبنائهم تخصصًا دون اخر، وبما يتعارض مع الميول الشخصية للأبناء، وقد ينتج عن ذلك عدم القدرة على الاستمرارية في الدراسة والبحث عن تخصص ثانٍ بعد فترة، وبالتالي ضياع جهودهم سدى.

من جهته الطالب في فرع العلوم العامة مهدي دياب يشير الى أن الفترة الممتدة ما بين نجاح الطلبة في المرحلة الثانوية ولغاية التحاقهم بجامعاتهم وتخصصهم من أكثر فترات الحيرة والقلق، ذلك لأن هذه الفترة تمثل حالة انتقالية كبيرة في حياة هؤلاء الطلاب بسبب ما يرسم الاختصاص الجامعي من مسار حياتي يمكن صاحبه من فتح افاق اجتماعية ومالية رحبة له او الذهاب إلى البطالة.

في الكثير من الأحيان يكون اختيار الطالب للتخصص الذي سيدرسه عفوياً ودون دراسة أو تخطيط، أو تقوم العائلة بهذا الدور، وبعد مرور الوقت لا يجد الطالب ذاته، ويكتشف أنه أخطأ في اختيار تخصصه ولكن في وقت متأخر، بعد إهدار جهوده وزمن الدراسة.

طلاب الشهادات الرسمية يخوضون معتركات الاختصاصات الجامعية المختلفة

من هذا المنطلق يقول مدير العلاقات العامة في " المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي " علي عيسى، إن " عملية إختيار الاختصاص تخضع لثلاثة عوامل أساسية تتكامل في ما بينها ويجب مراعاتها أثناء اختيار التخصص وهي القدرة والميول والفرصة في سوق العمل ".

ويتطرق عيسى الى العوائق التي يواجهها الطالب عند اختيار التخصص والتي تمنعه من تسجيل التخصص الملائم أحيانًا، بالقول " إن الطالب يواجه النقص بالمعلومات عن التخصصات المتاحة ونقص في التوجيه، خصوصًا الجديدة منها. ويبدأ التقصير من المدرسة التي لا تهتم في تحفيز الطالب على معرفة ظروف المهن المختلفة واكتشاف مهاراته الذاتية، كما يكاد ينعدم هذا الجانب التثقيفي لدى العديد من الجامعات اللبنانية فلا تقام ندوات أو لقاءات ملائمة للتعريف بنوعية الدراسة ومجالات التخصصات المختلفة.

ويلفت عيسى في معرض حديثه لموقع " العهد " الإخباري الى أن تأثير المجتمع والثقافة السائدة فيه تخضع أحيانا الطالب لإرادتها وتوجه اختياراته نحو مجالات معينة دون غيرها. الكثير من الاهل مازالوا يعتبرون بعض الاختصاصات التقليدية مثل " الطب والصيدلة والهندسة " هي الخيار الامثل، دون الالتفات إلى قياس مستوى المهارات والقدرات أو ميول أبنائهم .

ويشير عيسى الى أن " هذه النظرة التقليدية يجب أن تتغير، لأن بعض الاختصاصات الجديدة توازي حاليًا أهمية الاختصاصات التقليدية، بل تكاد تلبي حاجة سوق العمل أكثر ".

كما يؤكد عيسى أن مسألة الأمان الوظيفي الذي ينشده الطالب من أبرز معوقات الاختيار السليم للتخصص فالطالب يتوجه إلى التخصص الذي يرى أنه يوفر له الأمان الوظيفي بغض النظر عن ميوله وقدرته، مضيفاً إن الطالب قد يواجه صعوبة اختيار التخصص الجامعي، بسبب إرتفاع المصروفات الدراسية، واختلاف المواد الدراسية التي تطلبها الجامعات.

طلاب الشهادات الرسمية يخوضون معتركات الاختصاصات الجامعية المختلفة
 مدير العلاقات العامة في " المركز الإسلامي للتوجيه " علي عيسى

ويوضح عيسى أن صورة الجامعة اللبنانية عند الطالب ضبابية، على سبيل المثال يقع الكثير من الطلاب ضحية عدم معرفة وقت تقديم امتحانات الدخول للجامعة اللبنانية والتي تسبق أحيانا نتائج الامتحانات الرسمية، مؤكداً أن لدى المركز أولوية للجامعة اللبنانية ويعمل على زيادة التعاون معها.

وعن دور " المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي " يقول عيسى أن المركز يعمل على إقامة برامج توجيه داخل المدارس تبدأ من الصف التاسع حتى نهاية المرحلة الثانوية. ويخضع بعض الطلاب لاختبارات سنوية لتحديد ميولهم واختيار اختصاصاتهم، على أن يُتابع الطالب في المرحلة الجامعية وحتى بعد التخرج لمقارنة النتائج ومعرفة نسبة نجاح الاختبارات، للعمل على تحسينها.  

ويؤكد أن المركز يدعم ويوجه الطلاب الثانويين نحو الجامعات، ويساعد الجامعيين في دخول سوق العمل، كما يعمل على التصدي لظاهرة "التسرب الجامعي" التي تنتشر في المجتمع اللبناني وتفتك به.

كما يقدم المركز قروض لطلاب الجامعات حسب نوع الاختصاص ووضع الطالب المادي ومدى تفوقه الدراسي، إضافة لتنظيم المؤتمرات والمحاضرات والمعارض التوجيهية .  

والجديد أن المركز يعمل على إنتاج فيديوهات قصيرة تشرح وتوضح عن كافة المهن، مشيراً الى أن المركز يعمل ايضًا على التطبيق الجديد الذي يفتح مجال للتواصل بين الطلاب والمركز للاجابة عن كافة الاستفسارات، بحسب عيسى.

اختيار التخصص الجامعي أمر مهم جدًا، فهو سيحدد مصير مستقبل الطلاب في الأيام والسنين المقبلة، وعلى كل طالب التفكر والتريث قبل الاقدام نحو أي إختصاص لأنه حتماً سيبدع في التخصص الذي يجد نفسه فيه.

2017-07-06