ارشيف من :أخبار لبنانية

أزمة النزوح السوري: لوضع الحساسيات جانبًا والتفكير بعقلانية

أزمة النزوح السوري: لوضع الحساسيات جانبًا والتفكير بعقلانية

لا يختلف اثنان في لبنان مهما اختلفت الانتماءات السياسية، على أنّ أزمة النزوح السوري باتت تثقل كاهل البلد، وتُخلِّف تداعيات ديمغرافية واقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة. ولما اتخذ لبنان المثقل بهمومه قرارا صعبا وحساسا حين شرًّع حدوده للاجئين، دون وضع سياسة واضحة لكيفية إدارة هذه الأزمة، لامس عدد السوريين النازحين إلى البلد عتبة المليونين من المسجلين وغير المسجلين المنتشرين من شمال لبنان إلى بقاعه وجنوبه، وبحسب آخر إحصائية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان -أجريت أواخر عام 2016- بلغ عدد النازحين أكثر من مليون و17 ألف نازح، هذا بالإضافة إلى الذين دخلوا خلسة دون تسجيل، والفلسطينيين النازحين من سوريا.

وإزاء هذه الأزمة الخانقة، ومع الارتياح الذي انعكس في مختلف المناطق السورية عقب انتصارات الجيش السوري، وعودة الكثير من السوريين إلى مساكنهم، لا تزال بعض الأصوات ترتفع في لبنان، معلنة بنفَسٍ انفعالي لا منطقي ولا عقلاني، رفضَها التواصل المباشر مع الحكومة السورية لإيجاد حل يعيد السوريين إلى بلدهم آمنين، ويعيد لبنان إلى سابق عهده قبل اندلاع الأزمة السورية.

وبعيدًا عن المواقف السياسية، فيما يتعلق بأزمة النزوح السوري، كان لا بد لنا من استطلاع رأي قانوني، لتقديم مقاربة هادئة ومسؤولة توضح مدى صوابية مطالبة جهات سياسية بوساطة الأمم المتحدة، لإعادة السوريين إلى سوريا، بدلاً من التواصل المباشر مع حكومة الجمهورية السورية، وهي التي تتمثل في الأمم المتحدة عبر مندوبها بشار الجعفري.

أزمة النزوح السوري: لوضع الحساسيات جانبًا والتفكير بعقلانية

عائلة نازحة إلى لبنان

*نشابة: المواقف المطالِبَة بوساطة دولية هي مواقف صبيانية خالية من النضج والمسؤولية

الدكتور في العدالة الجنائية عمر نشابة، يؤكد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن قانون الأمم المتحدة يقتضي التواصل المباشر بين الدول المتنازعة، فالمنطق القانوني-بحسب نشابة- يوجب المبادرة إلى حل المشكلة على صعيد البلدين، وعليه، يشدد نشابة على أن "إدخال الأمم المتحدة كوسيط بين لبنان وسوريا هو أمر غير مناسب من حيث المبدأ من جهة، واستنادا لاعتبارات العلاقة التاريخية بين لبنان والشقيقة سوريا، من جهة أخرى".

وللمفارقة، يصرُّ هؤلاء السياسيين من الوزراء والنواب، على رفض التعاون مع الحكومة السورية، تلك المعترف بها دوليا من قبل الأمم المتحدة، والمعترف بها أساسًا في لبنان بدليل وجود تمثيل دبلوماسي سوري على مستوى سفارة، ولذلك إن دل تصرف البعض على شيء، فيما يخص رفضهم للعلاقات السورية اللبنانية الطيبة، فإنه يدل- بحسب نشابة-على "تصرفات صبيانية تعريهم من المسؤولية السياسية والنضوج الكافي للحكم في هكذا قضية حساسة"، كما تكشف مواقفهم الساخنة من الحكومة السورية على أنهم جاهلون بمقتضيات القانون الدولي ومبادىء الأمم المتحدة".

*فليتذكر البعض مساعدات الحكومة السورية للجيش اللبناني إبان اندلاع معركة نهر البارد

يستذكر نشابة الإمدادات التي تلقاها الجيش اللبناني من الحكومة السورية إبان معركة نهر البارد ضد "فتح الإسلام" في العام 2007، ويشير إلى معاهدة الأخوّة والتنسيق والتعاون بين البلدين الشقيقين ولا تزال قائمة وتقتضي التعاون. ويكمل الدكتور في العدالة الجنائية بالقول "إنّ لبنان على عكس  الكثير من الدول، لم يقطع أصلا العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وهؤلاء الذين عبروا بانفعال وطيش، مربكون، لأنهم راهنوا على إسقاط نظام في دولة ذات سيادة، ودعموا على غرار أصحاب البطانيات والحليب، هذا الخيار بتسليح الإرهابيين، وهذا بحد ذاته خرق للقانون الدولي"، فهل يجرؤ هؤلاء على المناداة بإسقاط النظام الملكي السعودي مثلا"؟!.

وعن الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام من احتمال تكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بتولي التنسيق السياسي مع الحكومة السورية في ملف النازحين بصفته موفداً رئاسياً ممثلاً لرئيس الجمهورية، رحّب نشابة بهذا الخيار، لافتًا إلى أنه خطوة إلى الأمام تسجل للعهد.

في المحصلة، لا بد من القول أنَّ الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان ما عاد يحتمل أن يتشدّق البعض بمواقف انفعالية سياسية لا تمت إلى المنطق العقلاني بصلة، ولا بد لهؤلاء من وقف المراهنة على بيع مواقفهم للخارج.فليضع هؤلاء حساسيَّاتهم تجاه الحكومة السورية جانبًا، وليفكِّروا ولو لمرة واحدة، بالمصلحة العامة للبنان، واللبنانيين، والسوريين النازحين.

2017-07-06