ارشيف من :آراء وتحليلات

الذئب حين يصبح نعجة

الذئب حين يصبح نعجة
محمد يونس
ماذا تقول عندما ترى الذئب المفترس يبتسم محاولا إخفاء أنيابه؟ وماذا كنت لتقول عندما تسمع صوت فرعون ناعما لينا وكأنه لم يعرف الجبروت والطغيان يوما؟ وبعبارة أوضح ما رأيك بإعلان واشنطن أنها ستحارب ما تسميه "الإرهاب" بالحوار والدبلوماسية؟
طبعا، الذهاب في التحليل يقودنا إلى أمرين مهمين أولهما أن الذئب إذا لبس يوما ثوب صوفيا أبيض فإن ذلك لن يجعل منه نعجة لا إن ذلك يستدعي المزيد من الحذر والحيطة لما يضمره ويخطط له بانتظار اللحظة المناسبة.
أما ثانيهما فهو أن الفرعون لم يعرف اللين إلا حين أدركه الغرق وحين علم أن كل قوته وجبروته لم تعد تسعفه من هلاكه المحتوم فحاول استخدام ما ليس له القدرة على استخدامه فلم يؤد ذلك إلى تغيير الواقع الذاهب إليه.
هكذا يمكن اختصار الحركة الأميركية الجديدة التي أسمتها واشنطن "مقاربة جديدة لمعالجة الاتجاه إلى التشدد المقرون بالعنف" وهذه تسمية جديدة لما كانت إدارة بوش تسميه الإرهاب، وتقوم المقاربة الجديدة على مبدأ "القوة الناعمة" أي "أن واشنطن لن تستخدم ألفاظا من قبيل الحرب على الإرهاب كما لن تلجأ إلى استخدام أساليب التحقيق من قبيل تقنية الإيهام بالغرق التي كانت مطبقة في عهد إدارة الرئيس السابق، جورج بوش" وهي ستركز على الحوار والدبلوماسية لمعالجة المشاكل التي تواجهها.
إذن واشنطن قررت أن لغة القوة العنيفة العمياء لم تنفع مع أعدائها ووجدت أن سياسة البطش قد أوصلتها إلى حافة الانهيار بعد استنزاف مواردها الاقتصادية والعسكرية البشرية إلى درجة باتت تنشر إحصاءات تشير إلى انخفاض معدل الانتحار في صفوف الجيش الأميركي حتى ولو كان هذا الانخفاض درجة أو درجتين وتصوره على أنه إنجاز، فكان لا بد من تغيير الأسلوب علها توهم أعداءها بنعومتها المزعومة.
ولكن هل سينخدع العالم الذي تحاربه الولايات المتحدة بالثوب الصوفي الأبيض؟ هذا أمر مستبعد تماما لأن ما لدى هذا العالم من وسائل تمكنه وبكل سهولة من كشف الزيف الأميركي الجديد حتى ولو تخلف وراء ابتسامة عريضة.
2009-08-09