ارشيف من :أخبار لبنانية

مجلس النواب أقرّ السلسلة أمس.. فمن أين سيكون تمويلها وإيراداتها؟

مجلس النواب أقرّ السلسلة أمس.. فمن أين سيكون تمويلها وإيراداتها؟

أبصرت السلسلة النور بعد خمس سنوات عجاف قبعت فيها داخل عتمة أدراج السياسة، وبعد جلسة تشريعية للمجلس النيابي على وقع تظاهرات مختلف المطالبين بحقوقهم خارج أروقة المجلس تم إقرار السلسلة أمس.
إلا أن هذه الخطوة لا تزال معلّقة بما سيتم استكماله اليوم في الجلسة الثانية، والتي من المفترض أن تتقرر فيها إيرادات الخزينة وتمويل السلسلة التي تم إقرارها، فهل تأخذ الدولة بيدها اليسرى ما قدمته باليد اليمنى؟!

مجلس النواب أقرّ السلسلة أمس.. فمن أين سيكون تمويلها وإيراداتها؟

بانوراما الصحف اللبنانية ليوم الاربعاء 19-07-2017


"الأخبار": ... أخيراً السلسلة
رأت صحيفة "الأخبار" ان المجلس النيابي سجّل أمس إنجازاً كبيراً بإقراره سلسلة الرتب والرواتب، بعد نقاش دام سنوات طويلة، حُرم فيها جزءٌ كبير من اللبنانيين حقوقاً بديهية، مع أن الكباش لم ينتهِ بعد، ومن المتوقّع أن يستعر اليوم خلال نقاش الضرائب التي تستهدف المصارف والشركات المالية والعقارية، في ظل وجود فريق سياسي يرتبط بها ارتباطاً مباشراً ويخضع لضغوطها وابتزازها أحياناً ويعمل لمصالحها المتعارضة مع مصالح ناخبيه وجمهوره.

فما أقرّ أمس إنجاز يُسجّل لفريق حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، في مقابل الرئيس سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي. ويمكن تشبيه ما حصل أمس، بما حصل أيام النّقاش حول قانون الانتخاب من انصياع لمبدأ النسبية، مع ضيق الهامش أمام الفريق المعارض وخشيته من الظهور بمظهر من يحرم الناس حقّهم الطبيعي بالسلسلة. كذلك يمكن القول إن الإنجاز الأساسي تحقق بعد محاولات ربط مصير السلسلة بمصير الموازنة، قبل أن تستقر التسوية على ما أعلنه الوزير علي حسن خليل عن إضافة نص إلى المادة العشرين من قانون السلسلة، يقول إن «اعتمادات السلسلة تدفع من الموازنة في حال إقرارها خلال شهر، وإلا تصبح ناجزة حكماً حتى لو لم تقرّ الموازنة». وبدا لافتاً أيضاً، أن هذا المخرج لم يغب عنه النائب القواتي جورج عدوان، تماماً كما كان حاضراً في مخرج الاتفاق على قانون الانتخاب.

واعتبرت الصحيفة أن أهمية ما جرى أنه يتخطى كونه إنصاف موظفين وعسكريين من جهة الراتب. فتطبيق السلسلة سيعني ضخ مئات ملايين الدولارات في السوق سنوياً، بدل تحويلها إلى الادخار (راجع صفحة 7). كذلك فإنه تضمّن إصدار مادة قانونية تمنح الموظفين يومي إجازة أسبوعياً (السبت والأحد)، في مقابل إضافة ساعة ونصف ساعة إلى دوام باقي أيام العمل، باستثناء يوم الجمعة الذي مُنح فيه الموظفون ساعتين للصلاة (الدوام من الساعة الثامنة صباحاً إلى الثالثة والنصف بعد الظهر). القرار الأخير صدر بصورة عشوائية، ولم يستند إلى دراسات جدية، فضلاً عن عدم أخذه في الاعتبار أن عدداً لا بأس به من موظفي القطاع العام كان مضطراً إلى الارتباط بأعمال أخرى بعد الظهر لتأمين معيشته. كذلك فإنه يحرم موظفين كثراً بدل ساعات العمل الإضافي (عدا عن تأثيره بحركة النقل في بيروت الكبرى والطرق الدولية بين العاصمة والأطراف). كذلك فإن هذه المادة رفعت عدد ساعات العمل الفعلية من 32 ساعة أسبوعياً إلى 35 ساعة ونصف الساعة.
الاختبار التالي تظهر نتيجته اليوم. فإما أن يتمكّن مجلس النواب من إقرار الضرائب على المصارف والشركات ذات الأرباح الهائلة، وإما أن يكتفي بتمويل السلسلة من الضرائب التي تؤثر في ذوي الدخل المحدود أكثر من غيرهم، ومن الاستدانة (وتالياً من الضرائب التي تصيب ذوي الدخل المحدود).


"البناء": المجلس أقرّ السلسلة وعلّق تنفيذها شهراً واحداً

صحيفة "البناء" من جهتها قالت إنه بعد تجميدها منذ العام 2012 أقرّ المجلس النيابي مشروع سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام في بنودها كلّها، مع إدخال بعض التعديلات على أن يُعمَل بها فور نشرها في الجريدة الرسمية، بينما تمّ تعليق تنفيذها لشهرٍ واحد فقط ربطاً بإقرار الموازنة وإلا تصبح نافذة حكماً، بحسب ما أعلن وزير المال علي حسن خليل بأنه «أضيف للمادة 20 نصاً يقول بأن اعتمادات السلسلة تدفع من الموازنة بحال إقرارها خلال شهر، والا فتصبح ناجزة حكماً حتى ولو لم تقر الموازنة»، علماً بأن الموازنة لا تخلو من عقبات في طريق إقرارها، لا سيما لجهة تأمين الموارد الضرائبية وقطع حساب الموازنات السابقة وقيمة الوفر في الخزينة.

وفسّرت مصادر نيابية كلام وزير المال، مشيرة لـ»البناء» بأن هذا يؤكد فصل السلسلة عن الموازنة وبالتالي تمويل السلسلة بات محسوماً ومعمولاً به، أقرّت الموازنة أم لم تُقرّ.

ولفتت المصادر الى أنه لم يتم تحديد كلفة تغطية السلسلة في جلسة أمس، بل تم إقرار بنود السلسلة والوضعية الإصلاحية، أما قانون الجبايات فسيتم إنجازه في جلسة اليوم. ووصفت المصادر الجلسة بأنّها جيدة وإيجابية وسادها نوع من الحوار والتوافق والنقاش العميق والدقيق لبنود السلسلة وتمّت مراعاة التوازن بين إقرار السلسلة والإصلاحات والسياسة الضرائبية، لكنها أشارت الى أن توافقاً حصل بين القوى السياسية ومن الرؤساء الثلاثة تحديداً على تمرير السلسلة قبيل انعقاد الجلسة ما سهّل إنجازها، وتحدّثت المصادر عن تنازلات متبادلة بين الكتل للوصول الى اتفاق، ونفت حصول خلافات أو تباعد بين التيار الوطني الحرّ والتنمية والتحرير، مشيرة الى أن سجال خليل وكنعان ضُخّم أكثر مما يحتمل.

ورفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة إلى العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم لاستكمال مناقشة وإقرار بقية بنود جدول الأعمال.

وأثارت مسألة الوفر في الخزينة سجالاً حاداً بين وزير المال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان. وهذا أول صدام بين كتلتي التحرير والتنمية والتيار الوطني الحر منذ تسوية العلاقات بينهما، بعد الفتور الذي سادها لفترة طويلة.

وكان المجلس النيابي قد أقرّ في الجلسة الصباحية 20 مادة من أصل 38 من مشروع السلسلة، بعدما صادق على المادة المتعلقة بإعطاء المتقاعدين حقوقهم مع التجزئة 3 سنوات، وعلى استفادة معلّمي القطاع الخاص من الزيادة المقرّة لمعلمي القطاع الرسمي.


"النهار": هل تتحوَّل السلسلة "شيكاً بلا رصيد"؟
وبحسب "النهار" فإن تحركات هيئة التنسيق النقابية في الشارع طوال خمس سنوات لم تذهب سدى، ذلك ان مجلس النواب أقر أمس سلسلة الرتب والرواتب المنتظرة وسط ضبابية ظلّلت الاجراءات الاصلاحية والضريبية التي ترافقها وفي ظل شكوك مزمنة في قدرة الدولة على ضبط الجباية وتنظيمها، كما في تطبيق اصلاح موعود أضيف اليه وعد بالتغيير أيضاً مع وصول الرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا. واذا كان القلق يساور الوزراء والنواب من تداعيات مالية واقتصادية للسلسلة، فإن خبراء اقتصاد يتخوفون من تحويل السلسلة "شيكاً بلا رصيد" اذا ما سبقت التداعيات السيئة الايجابيات المحققة والمنتظرة منها.

وبالعودة الى الجلستين الصباحية والمسائية، فإن أبرز ما أقر في أولى الجولات، إعطاء زيادات لمعلمي مدارس القطاعين الرسمي والخاص بعد نقاش دار حول أحقية شمول هذه الزيادة معلمي الخاص، انتهت الى المصادقة على المساواة بينهما بعد التصويت برفع الأيدي. كما أُقرّ إعطاء المتقاعدين حقوقهم مع تجزئتها على ثلاث سنوات.

وفي خطوة مدروسة لنزع فتيل الشارع وإعطاء انطباع ايجابي عن الجلسة، ترك الى المساء قبل ان يدفع الى اليوم وربما الى جلسات الموازنة، ملف توفير الواردات الكافية لتغطية تكاليف السلسلة التي سترتفع وفق المعلومات الى 1772 مليار ليرة بعد ثلاث سنوات. وبدا رئيس الوزراء سعد الحريري متهيباً المرحلة اذ قال صراحة "لا أوافق على سلسلة من دون موارد"، معتبراً ان "السلسلة سلة واحدة: اصلاحات وموارد وضرائب". واذ أشار الى انه "مع حقوق الناس" أضاف: "نحن أيضاً مع تأمين الواردات لكل زيادة"، وتساءل: "ماذا يستفيد المتقاعدون مثلاً اذا انهارت الليرة"؟

أما رئيس المجلس نبيه بري فقال: "لا شيء يعطى ببلاش فهناك زيادة ضرائب وإصلاحات عدة والقصة مش قصة شعبوية".

واكتفت الجلسة المسائية بإقرار ما سمي البنود الاصلاحية وتتضمن زيادة عدد ساعات العمل للموظفين وادخال السبت في العطلة الاسبوعية لتوفير بدلات النقل، ووقف التوظيف مرحلياً. وتم الاتفاق على اعادة صياغة البندين المتعلقين بالتوظيف بعد اعتراضات واجراء مسح شامل لحاجات الادارة وواقعها، وخفض عدد دور المعلمين، وتقليص العطلة القضائية وهو أمر أثار جدلاً قبل ان يتفق على جعلها شهراً ونصف شهر بدل الشهر المقترح، ووضع نظام موحد للتقديمات الاجتماعية واعادة النظر في سياسة الدعم ومساهمات الدولة في الصناديق وتحديد انفاق المحروقات في الادارات العامة وتقويم أداء الموظفين بما يسمح بالاستغناء عن خدماتهم اذا كانوا غير منتجين.


"الجمهورية": «السلسلة» أقِرّت وسط تساؤلات

"الجمهورية" بدورها رأت أن قطوع سلسلة الرتب والرواتب مرَّ في مجلس النواب بإقرار هذا المشروع البالغ الأهمّية وظيفياً وإدارياً، والشديد الحساسية على صعيد المالية العامة ووضعِ خزينة الدولة. من الناحية العملية صارَت السلسلة قانوناً، ووجهُ الشبه كبير بينه وبين القانون الانتخابي الجديد الذي أقِرّ ولم تُفهَم تفاصيله حتى الآن حتى مِن قبَل النواب الذين أقرّوه، إذ إنّ السلسلة أُقِرّت، لكنّ الصيغة النهائية التي خرَجت فيها ما زالت مبهَمة وتتطلب الشرح والتوضيح الفوري، بعدما ضاعت الصورة الحقيقية في النقاشات المستفيضة والتجاذبات والكيدية والصراخ الذي حَكم النقاش النيابي والوزاري في الهيئة العامة للمجلس.

إذاً، أقِرّت السلسلة وستُصبح قانوناً نافذاً ومعمولاً به بعد نشرِه في الجريدة الرسمية، لكنّ السؤال؛ هل حقّقَ إقرار السلسلة المُراد منها، وأعطى الحقّ لمن يَعتبر نفسَه مستفيدا منها؟ حتى النوّاب المشاركون في جلسة الأمس، خرجوا من الجلسة «مِثل الأطرش بالزفّة» ويقِرّ بعضُهم بعدم استيعاب ما جرى، وبالتالي لا يستطيعون شرح ماذا فعلوا، وماذا حصل؟ وماذا أقرّوا؟

وعلامَ وافقوا في جلسة تحوَّلت في بعض مفاصلها بازاراً سياسياً - انتخابياً وسجالاتٍ على البديهيات وتشاتماً كيدياً من قلوب سياسية مليانة، وأخطرُ ما فيها استحضار الجيش مجدّداً وتصويب السهامِ عليه لغايات عليها ألفُ علامة استفهام، وأقلُّ ما يُقال فيها أنّها مشبوهة؟!

في المبدأ الموظّف يريد سلسلة تنصِفه وتعطيه حقَّه الطبيعي، ولا يريد سلسلةً تلتفّ على رقبته وتَخنقه في حياته ولقمةِ عيشه. في الشكل تبدو الصورة ورديةً بأنّ مجلس النواب أقرّ حقّاً مزمناً ومستحقاً للموظفين في الإدارة العامة، ولكن ماذا عن الجوهر؟ وكيف تأمَّنت ملياراتها؟ ومن أين؟ هل من «خزينة سحرية» أم من مغارة «علي بابا» وما فيها من غالٍ ونفيس وجواهر وياقوت وغير ذلك من أحجار كريمة؟

أم مِن ضرائب ورسوم جديدة كيفما جرى اللفّ والدوران حولها أو تجميلُ صورتها والتخفيف من وطأتها وعبئها، لا تصيب في النهاية سوى الضحية الدائمة لها وهي جيوب الناس.

ومع ذلك يأتي مِن أهل السلطة مَن يقول أنْ لا ضرائب على الناس، فيما هذا الكلام أقربُ إلى مزحة ثقيلة وسمجة، تعكس حقيقةً مرّة بأنّ الكلّ يضحك على الناس بشعارات الحِرص والعناوين الأكبر من إصلاحية!

وتابعت الصحيفة، أنه عندما طرِحت السلسلة قبل أشهر وأحيلَت إلى اللجان المشتركة، وسعِد بها من يعتبرون أنفسَهم مستفيدين منها، على رغم اقترانها بجدول ضريبي جديد على الناس في شتّى المجالات، وعلى رغم تلقّفِها السريع من الحيتان والغيلان، الذين تحرّكوا بلا حسيب أو رقيب إلى احتواء أرقامها بتقديم نموذج سلبي مسبَق عمّا قد يكون، برفع أسعار السِلع، والمواد الغذائية والتموينية على اختلافها - والتسعيرة الجديدة التي وضعوها ما زالت سارية حتى الآن- وبالتالي ضاعت إيجابيات السلسلة قبل إقرارها، فكيف هو الحال مع إقرارها ونفاذها الآن؟

هذا هو السؤال الطبيعي بعد إقرار السلسلة، وكذلك عن آثارها الإيجابية والسلبية ومن يستفيد من عطاءاتها ومَن لا يستفيد، وما الثمن الذي سيَدفعه المواطن بعد هذه الخطوة؟

والسؤال الأكثر من ملِحّ هو ما هي آثارها على خزينة الدولة وما مدى ملاءمتِها وانسجامها مع شعار «السلامة المالية» الذي يجري التباري على رفعِه منذ أيام؟ وأيّ جدوى من سلسلة إنْ لم تكن صلبة ومحصّنة، ولا تترتّب عنها أيّ أعباء على مالية عامة مرهَقة أصلاً؟

 

2017-07-19