ارشيف من :آراء وتحليلات
أسـئلة للمتابعة والحذر !!

الذي يرى بأعين الآخرين ليس قادرا على قيادة دولة
"نابليون"
جاءت معركة جرود عرسال ساحقةً ماحقة، مشكلة مفاجأةً لقوى محلية واقليمية اعتقدت بانها ستطول، ما يسمح لها بإعادة ترتيب الأحجار فوق رقعة الشطرنج. "إسرائيل" كانت راغبة في التدخل، دول عربية شجعتها كيما تقوم بضربة جوية، ولكن ما كان لها أن تتراجع عنها إلا بعد ان أتضح لها التكاليف الباهظة لرد شامل محتمل من المقاومة. فيما بعد تدخلت قوى 14 اذار تقوم بما عليها من تعبئة مذهبية!!. وكأن الهدف من هذا التهويل هو رسم خط احمر يطرح قاعدة اشتباك تستبعد المقاومة والتنسيق مع الجيش السوري، ما يستدعي زج الجيش في متاهات جرود عرسال وبما يضطره لخوض حرب ثقيلة غير قادر على حسمها بالسرعة المطلوبة كونها تستدعي أعداداً وفيرة وأنواع من الأسلحة غير متوفرة بيده.
الأكذوبة الأمريكية
لعل ما سيق يطرح اشكالية تسليح الجيش اللبناني، ومصدر الأشكالية انه محاصر بين قرار سياسي محلي يحصر السلاح بمصادره الغربية الحالية، وبين قرار اصحاب السلاح بعدم تقديم سلاح نوعي او متقدم نسبيا للجيش اللبناني قد يزعج "اسرائيل" فيما لو حصل اشتباك بين جيشها والجيش اللبناني. وبذا فإن الجزء الأكبر من سلاح الجيش هو فيما قدمته سوريا من مدرعات ومدفعية روسية الصنع بعد الطائف، واسلحة ابتاعها لبنان من مخلفات الحلف الأطلسي مطلع التسعينات، وهي قديمة تعود إلى سبعينات القرن المضي!. أما المساعدات الحالية التي قدمتها امريكا ـ والغرب عموماً- للجيش اللبناني فهي في الغالب اسلحة خفيفة ومتوسطة مع بعض عربات النقل لا تتجاوز قيمتها بضعة ملايين من الدولارات. وكمثال على مهزلة "المساعدات الأمريكية" جاءت قبل ثلاثة اشهر بقيمة 14 مليون دولار وهي كناية عن 800 مدفع رشاش ثقيل و300 رشاش متوسط. ومن المفارقات المخزية أن روسيا سبق وقدمت عرضاً بهبة من 10 طائرات من طراز ميغ 29 وهي من النوع المتطور تجاهلتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة، بغية عدم (ازعاج) امريكا التي (عوّضت) لبنان مؤخراً بـ 6 طائرات خفيفة مروحية من نوع سبستيا – مروحية وليس نفاثة!!!-، يوم التسليم وقفت السفيرة ريتشلردز متباهية بان بلدها ملتزم بدعم الجيش من أجل "مكافحة الأرهاب! "، غير ان كذبة "مكافحة الارهاب" تفضحها حجم صفقات الأسلحة التي زودت بلدها بها المنظمات الأرهابية مباشرةً او مداورةً. جاء في تقرير لـBIRN و OCCRP أن ثماني دول من البلقان وشرق أوروبا (البوسنة، بلغاريا، كرواتيا، الجمهورية التشيكية، والجبل الأسود وسلوفاكيا وصربيا ورومانيا) قامت منذ عام 2012، بتصدير أسلحة وذخائر بحوالى 1.2 مليار يورو إلى السعودية والأردن والإمارات وتركيا وأن هذه الأسلحة جرى ارسالها إلى "مناطق الصراع " بمعرفة أو تحت نظر الولايات المتحدة . ولعل هذا بالتواتر يفضح أكذوبة "دعم قطر للأرهاب" دون سواها ممن ذكرنا !. وفي سياق متصل، كشفت المنظمتان، العام الماضي، أن واشنطن نفسها اشترت وأرسلت كميات كبيرة من العتاد العسكري من وسط وشرق أوروبا إلى المعارضة السورية، وفق وثائق المشتريات الأميركية وبيانات تتبّع مسارات السفن، وأنه منذ كانون الأول عام 2015 غادرت ثلاث سفن شحن مستأجرة من قبل مركز قيادة العمليات الأميركية الخاصة موانئ البحر الأسود في منطقة البلقان متجهة إلى الشرق الأوسط. والخلاصة ان الأكذوبة الأمريكية في "مكافحة الأرهاب" تفضحها المقارنة بين الأرقام، بين مليارات الدولارات أُغدِقت على الارهابيين حتى أمكنهم السيطرة على مايزيد عن 50 الف كيلو متر مربع من الأراضي العراقية والسورية، وبين حجم المساعدات الأميريكية للبنان التي بلغت 226 مليون دولار حتى العام الماضي بحسب ما اعلنته السفيرة الأمريكية.
بين الحصار و"الحصرية"!
حتى في مكافحة الارهاب ترك العرب لبنان مكشوفاً فلم يبصر المنحة السعودية التي قيل بانها تحولت إلى السودان، بينما ينتصب القرار السياسي اللبناني حائلا دون تزويد الجيش باسلحة افضل نسبياً ومن دول ابدت رغبتها في ذلك مثال روسيا والصين وايران. ومع ذلك يتحدث اصحابه عن "حصرية لسلاح"، والذي بات يعني وفق المعطيات الأنفة الذكر (لبنان الضعيف) . بجيش اشبه بسرايا من الدرك!. ضعيف حتى في مواجهة الأرهاب، ناهيك عن الذود عن حياض الوطن في مواجهة أي عدوان خارجي، وحيث العدو هنا هي حصراً "اسرائيل" التي تملك جيشاً هو الأقوى في الشرق الأوسط. وبدعم امريكي يصل سنويا إلى 5 مليار دولار واسلحة هي الأحدث غير متوفرة حتى لأصدقاء واشنطن من بعض دول الأطلسي ! . إن هذا الخلل الكبير في ميزان القوى هو الذي طرح معادلة "جيش .شعب . مقاومة" . وهو الذي حَتّم ويحتم التنسيق بين الجيش والمقاومة، بل وتوزيع المهام القتالية الأمر الذي حدث مؤخراً في معارك جرود عرسال. أما الذين اعترضوا على ذلك وهم يدركون صعوبة المعركة في تلك الجرود وتعقيداتها وضرورة التنسيق مع الجانب السوري بحكم التضاريس ووحدة الهدف. هؤلاء يستوقفون أي محلل سياسي محايد لاسيما عندما يأتي هذا الاعتراض من (رجال دولة)!، مستقطبين او مرتبطين بقوى اقليمية لها حسابات ابعد من لبنان!، عندها تقفز اكثر من علامة تعجب واستفهام!، لعل هذا يطرح التساؤلات الكثيرة هل كان المطلوب استنزاف الجيش وإظهار عجزه حتى تنضج مبررات الطلب لتدخل جوي من "التحالف الغربي"!، وما يستتبعه من ضرورات التنسيق والخبراء وغرفة عمليات مشتركة في داخل وزارة الدفاع!. اسئلة يبررها ماضي هؤلاء الساسة لاسيما يوم كان لبنان تحت القصف خلال عدوان صيف 2006، هذا غير ما كشفته ويكليكس من خبايا!.. أسئلة للمتابعة والحذر، وأمانةً لشهداء سقطوا للجيش اللبناني وللمقاومة .