ارشيف من :أخبار لبنانية

’أبو عجينة’..’طليق’ العدالة

’أبو عجينة’..’طليق’ العدالة

لم ينسَ اللبنانيون وأهالي الشهيدين النقيب بيار بشعلاني والمعاون أول ابراهيم زهرمان بَعد، مشهد عناصر الجيش المضرجين بدمائهم في شاحنة "بيك آب" في بلدة عرسال مطلع آب/ أغسطس عام 2013، وحولهم أصوات كثيرة، يعلوها صوت أحدهم وهو يقول:" كلن ميتين هول"، فيرد آخر "هيدا عايش نزلو، بعدو طيب نزلي ياه".

مقابل هذا المشهد، يظهر رئيس الحكومة سعد الحريري من بلدية عرسال في إطار جولته على الجرود المحررة من "داعش"، وهو يصافح "بحرارة" رئيس البلدية السابق علي الحجيري الملقب بـ"أبو عجينة". الأخير الذي ثبت أنه كان موجوداً في المشهد الأول، أي حادثة قتل العسكريين؛ نراه في الأمس القريب، يجلس إلى جانب الحريري بكل وقاحة وأريحية أمام عدسات الكاميرات، وهو المحكوم بالإعدام بقرار من قاضي التحقيق العسكري فادي صوان ضمن عقوبة بالإعدام بحق 37 شخصًا في شهرِ تموز/ يوليو 2015، وهو المتدخِّل "الضالع" في جرم قتل العسكريَّين، بحسب صوان.

وقد جاء القرار الصادر عن صوان بعد معاينته الأدلّة المتصلة بجريمة قتل العسكريَّين، إذ ظهر الحجيري في شريط الفيديو المتداول مع ابنه وعددٍ من أهالي بلدةِ عرسال يُحيطونَ بعناصر الجيش المُعتدى عليهم.

وأثناء ظهوره من مبنى رئاسة البلدية إلى جانب الحريري، يرفع الحجيري يده محاولاً منع الصحافية في  قناة الجديد راشيل كرم من طرح سؤالها على رئيس الحكومة، بشأن وجوب شكر حزب الله على تحريره جرود عرسال من تكفيريي "جبهة النصرة"..

’أبو عجينة’..’طليق’ العدالة

رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري "أبو عجينة"

ظهور الحجيري العلني حراً طليقاً، محاولاً تنصيب نفسه على أنه "أبو الفتوحات" في معركة جرود عرسال، يدفعنا إلى الوقوف عند تاريخ هذا الرجل المتخم بالارتكابات والتحريض المستمر ضد الجيش اللبناني، والمنتهك لسيادة الدولة اللبنانية على أراضيها، وفوق كل ارتكاباته، ينصّب الحجيري نفسه "حارسا للعدالة"، وأمينًا على منصب رئاسة البلدية، وذلك في مقابلات صحافية كثيرة غير مرة.  

الرجل نفسه الجالس إلى يمين الرئيس الحريري في مؤتمره الصحافي من بلدية عرسال، هو نفسه الذي كان حاضرا مع "الشيخ" مصطفى الحجيري الملقب بـ"أبو طاقية" عندما خُطف عناصر فصيلة عرسال في قوى الأمن الداخلي في العام 2014 وسُلموا لإرهابيي "جبهة النصرة" للذبح، وهو أيضًا المتهم من قبل أهالي بلدتي اللبوة والنبي عثمان بالمشاركة في جريمة قتل أربعة شبان من آل جعفر وآل أمهز وحيدر في وادي رافق بعدما كمن لهم مجهولون في تموز/ يوليو من العام 2013.

ولا تنتهي صولات الحجيري وجولاته عند هذا الحد، بل نراه لا يوفر مناسبة لمهاجمة الجيش اللبناني، لاتخاذ الجيش قرارًا بإقفال المعابر إلى جرود عرسال المحتلة سابقا من قبل تنظيمي "جبهة النصرة" و "داعش"، متذرعا- أي "أبو عجينة"- بحجة عدم تمكن المزارعين وأصحاب مقالع الحجر من الوصول الى أراضيهم ومؤسساتهم بسبب الإجراءات الأمنية للجيش.

’أبو عجينة’..’طليق’ العدالة

رئيس الحكومة سعد الحريري يصافح "أبو عجينة" بحرارة

وبعد تحرير حزب الله للجرود وعودة عرسال إلى أحضان الدولة اللبنانية، يعود وجه الحجيري للظهور على شاشات التلفزة، من بوابة الرئيس الحريري و"حمى" رجالِ الأمن الذين حضروا لتأمين الحماية للزائرين، يحضر ضيفاً عزيزاً على شرف الرئيس الحريري مستمعاً بإصغاء لمديح الرئيس لأهل عرسال ووعوده لهم.

إزاء كل ما تقدم، يغدو التساؤل مشروعاً عن الأسباب القابعة خلف إبقاء الرجل المحكوم بالإعدام طليقًا، وليس "فاراً" من وجه العدالة، بل حاضراً أمام رئيس حكومة ورجال أمن مكلفين بالسهر على أمن الوطن والمواطنين، ومسؤولين عن إنزال أشد العقوبات بمرتكبي الجنايات، فما بالكم بمطلوب سُطرت بحقه بلاغات بحث وتحر لإلقاء القبض عليه أينما وجد على الأراضي اللبنانية، وجلبه للمثول أمام العدالة؟.

إذًا، أثبت ظهور "أبو عجينة" إلى جانب رئيس الحكومة أن مفاعيل القرار الاتهامي بحق الحجيري وآخرين ذهبت أدراج الرياح، وبقي الرجل قاتل العسكريين طليقا، عزيزا لدى مكّون حزبي أساسي في لبنان.. واقع يذكرنا بمشهد انتقال الإرهابي شادي المولوي؛ المطلوب لقتاله الجيش اللبناني، في سيارة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي إلى طرابلس.. تختلف الأسماء والأوجه، والإرهاب واحد، والغطاء السياسي لهؤلاء هو نفسه، أما دماء العسكريين من شهداء الجيش اللبناني فلا يجب أن تذهب هدراً، كرمى لعيون سياسيين، وأزلامهم أمثال الحجيري.

2017-08-25