ارشيف من :أخبار لبنانية

صحافية بلغارية: السعودية والإمارات نقلتا أطنان الأسلحة لـ’داعش’

صحافية بلغارية: السعودية والإمارات نقلتا أطنان الأسلحة لـ’داعش’

كشف تحقيق استقصائي  للصحافية البلغارية "داليانا غايتاندزييفا"، عن  دور السعودية والإمارات في تمويل وتسهيل وصول أسلحة بطرق غير قانونيّة إلى مناطق الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر شبكة واسعة، تبدأ من شركات تصنيع السلاح في الولايات المتّحدة، مرورًا بدول في شرق أوروبا، ثمّ أخرى في الشرق الأوسط، ثمّ تنتهي بين أيدي المسلحين في بؤر التوتّر، من ضمنها تنظيما "داعش" الإرهابي في العراق، وجبهة "النصرة" في سورية.

التحقيق المنشور قبل حوالي شهرين، وتحديدًا مطلع تموز/يوليو الماضي، يستند إلى أوراق ووثائق ممهورة بختم رسميّ، وصادرة عن السفارة الأذربيجانيّة في بلغاريا. حصلت عليها الصحافيّة من حساب مجهول على موقع "تويتر"، يحمل اسم "Anonymous bulgaria"، بعد أن بادر صاحب الحساب إلى مراسلتها دون الكشف عن هويّته، أو غايته، أو مصادر معلوماته، وفق تقرير نشره موقع "العربي الجديد".

وبعد مرور شهرين على نشر الصحافية البلغاريّة تحقيقها الخاص، متضمّنًا كلّ تلك المعلومات الحساسة التي لم يتسنّ التحقّق من صحّتها استنادًا إلى مصادر أخرى، طرأت مستجدّات أخرى تشي بأن الوثائق التي تضمّنها التحقيق لم تكن مجرّد تسريبات غير موثوقة، وأنّها كانت تحمل معلومات ذات أهميّة، أقلّه بالنسبة للاستخبارات البلغاريّ.

وأعلنت غايدانتزييف، في تغريدة لها على موقع "تويتر"، أنها طردت من عملها في صحيفة "ترود"، وهي للمفارقة الوسيلة ذاتها التي نشرت عبرها التحقيق، واللافت أن القرار اتّخذ  بعد أن استجوبها الأمن الوطني البلغاري الذي حاول الكشف عن مصادرها.

صحافية بلغارية: السعودية والإمارات نقلتا أطنان الأسلحة لـ’داعش’

غطاء دبلوماسي

ويكشف تحقيق الصحافية، التي عملت سابقًا مراسلة في سوريا، أن السعودية والإمارات، إضافة إلى الجيش الأميركي وشركات تصنيع السلاح في الولايات المتّحدة، ودولا أخرى في المنطقة وفي شرق أوروبا أيضًا، اعتمدت على وسطاء مختلفين، وغطاء دبلوماسي لإخفاء بلد المنشأ لشحنات الأسلحة المرسلة، ووجهتها النهائية.

وتبيّن الوثائق أن تلك الدول استخدمت الخطوط "الجويّة الأذربيجانية" لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة التي انتهى بها المطاف في أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، إضافة إلى المسلحين الاكراد في الشرق الأوسط، ومسلحين في أفريقيا.

ويورد التحقيق، المنشور في صحيفة "ترود"، وهي الأوسع انتشارًا في بلغاريا، أن "350 رحلة عبر الخطوط الدبلوماسية على الأقل نقلت أسلحة لتغذية الصراعات حول العالم خلال السنوات الثلاث الماضية".

و"أن الطائرات المملوكة للدولة في أذربيجان نقلت على متنها عشرات الأطنان من الأسلحة الثقيلة والذخيرة إلى مجموعات إرهابية، وكلّ ذلك كان يتمّ تحت غطاء الرحلات الدبلوماسية".

ووفقًا لتلك الوثائق، فإن خطوط التهريب الجويّة تلك وفّرت للشركات الخاصة ومصنّعي الأسلحة من الولايات المتّحدة، والبلقان، و"إسرائيل"، فضلًا عن الجيش السعودي، والإمارات، وقيادة العمليّات الأميركية الخاصة "يو أس سوكوم"، وغيرها، رحلات طيران دبلوماسية لا تخضع في العادة لعمليات الفحص والتدقيق، ولا حتى للضرائب والفواتير، ما يعني أن مئات الأطنان من الأسلحة تم نقلها مجّانًا إلى مناطق مختلفة من العالم بلا ضوابط وقوانين، وقد أجرت تلك الرحلات "هبوطًا تقنيًّا" في محطّات وسيطة دون أية أسباب منطقية، مثل الحاجة للتزود بالوقود.

أسلحة غير مطابقة للمعايير

وبحسب التحقيق، فقد اشترت السعودية كميات ضخمة من الأسلحة من شرق أوروبا، وصدّرتها باستخدام رحلات الخطوط الجويّة الدبلوماسية.
وخلال عامي 2016 و2017 وحدهما، سيّرت السعودية 23 رحلة دبلوماسية من بلغاريا وصربيا وأذربيجان إلى جدة والرياض، وعلى متنها شحنات كبيرة من الأسلحة.

وتفصّل الصحافية البلغارية في تحقيقها، استنادًا إلى الوثائق المرسلة، بأن السعودية لم تكن تشتري تلك الأسلحة لنفسها، على اعتبار أن الجيش السعودي لا يستخدم إلا الأسلحة الغربية، في حين لا تتوافق تلك الأسلحة المهرّبة مع معاييرها العسكرية.

ومن بين الأمثلة القريبة التي تكشف عن ارتباط عمليّات التهريب تلك بتنظيم "داعش" على وجه التحديد، كما تظهر الوثائق المسرّبة، هو أن قذائف الهاون والقنابل المضادة للدبابات من طراز "أس بي جي-9" و"جي بي-25" التي كانت محمّلة عبر إحدى الرحلات الدبلوماسية؛ هي ذاتها التي كشف عنها الجيش العراقي في أحد مستودعات "داعش" بالموصل، بعد شهر واحد فقط من تاريخ شحنها في 28 نيسان/إبريل و12 أيار/مايو من هذا العام، كما هو موثّق في المستندات.

الشحنات العسكريّة على متن تلك الرحلتين كانت مدفوعة التكاليف من قبل السعودية، وفقًا للوثائق المسرّبة أيضًا، وقد أجرت الطائرتان هبوطًا تقنيًّا في مطار جدًّا لمدة 12 ساعة ونصف ساعة في الرحلة الأولى، و14 ساعة في الثانية.

من السعودية إلى بوركينا فاسو

وبحسب التحقيق تتجاوز إمدادات الأسلحة تلك، التي ترعاها السعوديّة عبر الدعم المادي واللوجستي، التنظيمات التي تتبنّى السعوديّة دعمها علنًا في بلدان مثل سوريا واليمن، وتلك التي تدّعي محاربتها مثل "داعش"؛ بل تتعدّى منطقة الشرق الأوسط برمّتها إلى دول تشهد صراعات على السلطة وحروبًا أهليّة في شمال أفريقيا، مثل الكونغو وبوركينا فاسو.

وفاسو، شهدت محاولة انقلاب بعد أسبوع واحد من رحلة جويّة دبلوماسيّة محمّلة بالأسلحة، كانت محطّة هبوطها الوسيطة، قبل وصولها إلى بوركينا فاسو، هي المملكة العربيّة السعودية.

وتبرز الصحافية، إضافة إلى ما سبق، أن الإمارات العربية المتّحدة كانت منخرطة أيضًا في عملية شراء أسلحة غير متوافقة مع معاييرها العسكرية من شرق أوروبا، وتصديرها عقب ذلك إلى طرف ثالث؛ ففي ثلاث رحلات من مطار "بورغاس" البلغاري إلى مطار أبو ظبي في شهري آذار ونيسان من هذا العام، حملت الطائرات الدبلوماسية المتّجهة إلى أبوظبي 10.8 أطنان من الأسلحة المضادة للدبابات.

والشركة المستوردة، كما هو مدوّن في الوثائق، هي "Al Tuff International Company LLC"؛ وهي متعاونة مع شركة "Orbital ATK LLC"؛ الفرع الشرق أوسطي للشرطة العسكرية الأميركية "Orbital ATK".

أسلحة مستهلكة وأرباح طائلة

عطفًا على ذلك، يظهر سجلّ العقود الاتحادية الأميركي أنّه على مدار السنوات الثلاث الماضية كسبت الشركات الأميركية، إجمالًا، عقودًا بقيمة مليار دولار، في إطار برنامج الحكومة الأميركية الخاصّ لإمدادات الأسلحة غير المطابقة للمعاير العسكريّة لديها.

كلّ تلك الأسلحة، كما تؤكّد الوثائق، استخدمت الولايات المتّحدة الخطوط الجويّة الخاصّة لنقلها، تارة عبر الطائرات المدنية، وفي مناسبات أخرى، حينما يكون جدول تلك الخطوط مزدحمًا، كانت الطائرات الحربيّة الأذربيجانية تتكفّل بنقل البضائع العسكرية تلك، على الرغم من أن الأسلحة لم تصل أذربيجان.

2017-08-31