ارشيف من :أخبار لبنانية
الصفحة الأجنبية: هل تنسحب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران؟

علي رزق
حظيت كلمة السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة "Nikki Haley" حول ايران باهتمام واسع في الصحف والمواقع الغربية، اذ اعتبر مسؤولون استخباراتيون سابقون وكتّاب أن هذه الكلمة هي مدخل لخروج واشنطن من الاتفاق النووي مع ايران.
في غضون ذلك أشارت التقارير الى أن الاوروبيين وبعد كلمة "Haley" اعربوا عن دعمهم المستمر للاتفاق وشددوا على التزام ايران به، ولفتوا الى أن حديث "Haley" لا ينبع من استشارة الخبراء بل من جهات ضمن الدائرة الضيقة المحيطة بها.
*دلالات كلمة "Haley"
كتب المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "Paul Pillar" مقالة نشرت على موقع "National Interest"، تناول فيها الكلمة التي القتها السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة "Nikki Haley" حول الاتفاق النووي مع ايران، في معهد "American Enterprise" وهو من اشهر مراكز الدراسات الاميركية التابعة لمعسكر المحافظين الجدد.
وقال الكاتب إن كلمة "Haley" شكلت المسعى العلني الابرز من قبل ادارة ترامب حتى الآن لوضع الاسس من أجل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي بين ايران والدول الست.
الكاتب اتهم "Haley" بالكذب عندما قالت إن الاتفاق النووي اعطى لايران ما كانت تريده مسبقاً مقابل ما اسمته "وعودا مؤقتة".
واشار الى أن الحقيقة هي أن ايران اضطرت أن توفي باغلب التزاماتها بشكل مسبق، قبل تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وقبل اي تخفيف للعقوبات.
وأضاف الكاتب إن "Haley" استخدمت اسلوب "زرع الحيرة" حيال ما يتضمنه تحديداً التزام ايران بالاتفاق، موضحاً أنها حاولت جعل الملف يبدو أكثر تعقيداً مما هو.
وتحدث الكاتب عن "مشكلة كبيرة" بصيغة "Haley" وهي أن ايران طرف بعمود واحد من الاعمدة الثلاثة – وهي خطة العمل المشتركة، اي نص الاتفاق النووي بحد ذاته)،و قرار مجلس الامن رقم 2231 (و الذي يمثل مصادقة المجتمع الدولي على خطة العمل المشتركة)،و كذلك قانون "Corker-Cardin" بالكونغرس و الذي يحكم علاقة الكونغرس بالرئيس الاميركي فيما يتعلق بالسياسة المتبعة حيال ايران.
ولفت الى أن متطلبات التزام ايران منصوص عليها بالكامل بهذه الخطة.
وفيما يتعلق بما قالته "Haley" عن عدم امكانية فصل تكنولوجيا الصواريخ عن السعي وراء اسلحة نووية، لفت الكاتب الى ان ذلك غير صحيح والى انه يمكن الفصل بينهما.
وتابع أن حديث "Haley" غير واقعي لان ايران لن تقبل بفرض اي قيود على برنامجها الصاروخي بعد تجربة الحرب التي شنها عليها نظام صدام حسين في العراق خلال حقبة الثمانينات، وكذلك في ظل وجود دول مجاورة تملك قوات جوية متفوقة.
كذلك اتهم الكاتب "Haley" بخلق شبهات بان ايران تقوم بانتهاك الاتفاق بشكل مخفي رغم عمليات التفتيش المكثفة، مشيراً الى أن "Haley" من المفترض ان تكون مطلعة على كل المعلومات السرية حول الملف، لكنها لم تقدم اي دليل او اي اشارة حتى الى شكل الانتهاكات التي قد تقوم بها ايران.
اما فيما يخص كلام "Haley" بان ايران تمنع تفتيش بعض منشآتها، شدد الكاتب على ان ذلك ايضاً غير صحيح، وعلى أن الدبلوماسية الاميركية لم تقدم اي سبب للاشتباه بان ايران تقوم بالانتهاكات.
واعتبر الكاتب أن كلمة “Haley" تؤشر بقوة على ان الادارة الاميركية لن تعلن التزام ايران بالاتفاق في الموعد المقبل بشهر تشرين الاول/اكتوبر القادم و من دون اي دليل، وذلك من خلال استغلال بعض البنود بقانون "Corker-Carding".
وتابع أن ادارة ترامب ستقول كما قالت "Haley" بكلمتها، ان ذلك لا يعني انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة.
ولفت "Paul Pillar" الى أن الكونغرس لو اعاد فرض العقوبات المرتطبة بالملف النووي نتيجة عدم اعلان ادارة ترامب التزام ايران بالاتفاق، فان ذلك سيعني من دون اي لبس ان الولايات المتحدة هي التي تراجعت عن التزاماتها وخرقت الاتفاق.
وشدد على أن الاتفاق النووي يسير بنجاح وعلى ان ايران تلتزم به، لافتاً في المقابل الى ان التراجع عن الاتفاق سيلحق ضربة اخرى بمصداقية اميركا، مشيراً الى ان هذه المصداقية هي اصلاً في تدهور نتيجة سياسات ترامب.
المونتير يحلّل أيضًا أبعاد كلمة "Haley"
بدوره نشر موقع "Al-Monitor" تقريراً اشار فيه الى أن "Haley" قدمت في كلمتها الحجة لعدم تاكيد ادارة ترامب التزام ايران بالاتفاق النووي بالموعد القادم الشهر المقبل، وقامت فعلياً باعادة هذا الملف الى الكونغرس.
ولفت التقرير الى ما قالته "Haley" إن الرئيس الاميركي ليس عليه فقط تأكيد التزام ايران بالاتفاق ولكن ايضاً عليه ان يؤكد ما اذا كان تخفيف العقوبات على ايران يخدم المصالح القومية الاميركية.
كما قال التقرير ان اللافت هو ان "Haley" لم تقدم اي رؤية حول الخطوات البديلة التي قد تقدم عليها ادارة ترامب في حال انهار الاتفاق النووي.
التقرير اشار ايضاً الى حديث "Haley" بان الاتفاق لا يحل مواضيع مثل دعم ايران لحزب الله او برنامجها للصواريخ البالستية، لافتاً الى تغريدة للسفير الفرنسي لدى واشنطن "Gerard Araud" الذي شدد على ان الاتفاق النووي هو فقط حول الملف النووي و"لا شي آخر"،وعلى أن ايران حتى الآن تلتزم بالاتفاق.
كذلك نقل التقرير عن مصادر بان مواقف "Haley" لا تعكس معلومات الخبراء، ونقل عن احد المسؤولين بان من يقدم الاستشارة لها بملف ايران هي جهات من المجموعة الضيقة المحيطة بها.
اما الحلفاء الاوروبيون فاشار التقرير الى انهم لا زالوا مقتنعين بان مكاسب الاتفاق تفوق عيوبه، ونقل عن مسؤول اوروبي اشترط عدم كشف اسمه بان الاولوية الاوروبية الآن هي انجاح الاتفاق النووي والتطلع للمستقبل، كما نقل عنه تأكيده بان ايران تلتزم بالاتفاق.
من جهتها مديرة التحرير بصحيفة "The American Conservative" المدعوة "Kelley Beaucar Vlahos" كتبت مقالة اعتبرت فيها ان "Haley" سعت بكلمتها الى "دفن" الاتفاق النووي مع ايران.
وأشارت الكاتبة الى ان كلمة السفيرة الاميركية لدى الام المتحدة القيت من مركز دراسات يعتبر الاكثر تشدداً في واشنطن (معهد "American Enterprise" وهو معقل مهندسي الحرب على العراق وما يسمى الحرب على الارهاب، كما انه معقل لكل "المتشددين" ضد ايران.
وأكدت أن هذه الكلمة جاءت بعد خمسة ايام فقط من اعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمرة الثامنة ان ايران تلتزم بالاتفاق.
الكاتبة اشارت الى انه وفي حال عدم تأكيد ادارة ترامب التزام ايران بالاتفاق الشهر المقبل، فسيكون امام الكونغرس 60 يوماً للنظر باعادة فرض العقوبات على ايران.
كما رأت الكاتبة ان كلمة "Haley" ستكون موضع ترحيب لدى اعضاء الكونغرس الذين عارضوا الاتفاق النووي منذ البداية، وكذلك لـ"متشددين" مثل السفير الاميركي الاسبق لدى الامم المتحدة "جون بولتون" الذي قالت الكاتبة انه لا يضغط فقط من اجل الغاء الاتفاق فحسب بل يطالب ايضاً بالعمل العسكري ضد ايران.
واضافت إن الكيان الصهيوني ايضاً سيكون مسروراً جداً بكلمة "Haley".
ولفتت الكاتبة الى أن "Haley" لم تلتفت الى المفارقة الواضحة اذ ان الحديث عن ايران يأتي في ظل صعود قوة نووية متمثلة بكوريا الشمالية التي تجري تجارب علنية للصواريخ وتهدد حلفاء اميركا.
واعتبرت أن مقاربة ادارة ترامب المعادية لايران تنبع من الايديولوجية وذلك في وقت قد يشهد فيه العالم ازمة حقيقة مع كوريا الشمالية.