ارشيف من :أخبار عالمية
انتخابات رئاسية في افغانستان في ظل الاستراتيجية الاميركية لتعزيز احتلالها
تشهد أفغانستان في 20 آب/ أغسطس المقبل ثاني انتخابات رئاسية تنظم بالاقتراع المباشر ويتنافس فيها 41 مرشحا، بينهم امرأتان.
وتمثل هذه الانتخابات فرصة امام الأفغان كي يقرروا مستقبل بلادهم خصوصا انها تجري في ظل الاحتلال الاميركي للبلاد وتعزيز حجم قوات الجيش الاميركي فيها، علما ان الانتخابات السابقة والتي جرت قبل خمس سنوات مضت مكنت الافغان من خوض غمار أول انتخابات، وقد كانت تلك العملية في غاية الصعوبة والتعقيد لكونها أعقبت 25 عاماً من الغزو الأجنبي والحروب الأهلية والقهر والإرهاب الذي تحركه قوى خارجية.
الا ان المفارقة هي ان مسؤولية ادارة الانتخابات تقع هذه المرة على عاتق السلطات الأفغانية وحدها، وهي المسؤولة عن الوفاء بحق الشعب الأفغاني في اختيار قيادته، على أن يكون دور المجتمع الدولي مساعداً وليس قائداً للمجموعة الحاكمة في كابول.
ويشار الى انه لن تكون هناك أي قيمة لهذه الانتخابات ما لم يتمتع الناخبون بحق الانتخاب الفعلي، وما لم يكونوا على وعي بالبرامج والأهداف التي يدافع عنها كل واحد من المرشحين. وهذا ما يتطلب أهمية إجراء حوار جاد وواضح بين جميع المرشحين من جهة، وبينهم والشعب الأفغاني من الجهة الأخرى.

ويتنافس في هذه الانتخابات طائفتان من المرشحين الاولى أوفر حظا للفوز والثانية تضم المرشحين المجهولين. ومن ابرز المرشحين حامد كرزاي ، الرئيس الحالي المنتهية ولايته وهو من قبيلة بوبالزاي، باشتون حيث يبقى كرزاي الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في 2004 بحصوله على 55,4% من الأصوات، المرشح الأوفر حظا رغم النتائج السيئة التي حققها في المجال الأمني ومحاربة الفساد وللجوئه إلى توقيع اتفاقات مع صانعي الحرب في البلاد ، ومن أبرز نقاط قوته انه يرأس أفغانستان منذ 2004 ، ويسيطر على الشرطة والجيش ويتحكم في مليارات الدولارات التي تقدمها الأسرة الدولية لبلاده.
اما المرشح الثاني والذي يعتير من اقوى المرشحين فهو عبد الله عبد الله أحد رجال أحمدشاه مسعود الذي ينحدر من قبيلة طاجيكية من جهة والدته، ومن قبيلة باشتونية من جهة والده كما انه تقلد مناصب عليا كوزير للخارجية بالمهجر في ظل حكم طالبان سابقا وبالنسبة لنقطة قوته فهي علاقته بشاه مسعود الذي رغم مقتله في عام 2001 إلا أن شعبيته ما زالت كبيرة وسط الأفغان ، وتجدر الاشارة الى انه كان وزيرا للشؤون الخارجية في الفترة ما بين 2001 و2006.
والمرشح الثالث هو أشرف غاني الذي يعتبر من جماعة أحمد زاي، و ينتمي الى قبيلة الباشتون ، وفي السابق كان مستشارا خاصا لأفغانستان لدى الأمم المتحدة، ومستشارا خاصا كذلك للرئيس كرزاي، ووزيرا للمالية وعميدا لجامعة كابول. لكن شعبيته ضئيلة وسط الأفغان ولذلك اعتمد خلال حملته على خدمات جامس كرفيل الذي تولى تنظيم الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، لكن بعض الأفغان يرون انه بعيد عن واقعهم .
اما الرابع فهو رمضان بشردوست الذي ينتمي إلى قبيلة الهزارة وهو معروف بـ "أوباما أفغانستان" ، ويتحدر من عرق هزارة ، يعمل كنائب في كابول.
وهناك مرشحون "مجهولون" في السباق الرئاسي حيث دخل عدد من المرشحين "الصغار" غمار المسابقة الرئاسية الأفغانية، بالرغم من أنهم أقل حظا من غيرهم. ويوجد بينهم مرشحتان وقائد سابق في حركة "طالبان".
وفي هذا السياق ، يطلق على المرشحين الأقل حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية الأفغانية تسمية "المجهولون"، وذلك نظرًا لافتقاده للشعبية ، ابرزهم فروزان فانا ، شهلة عطا ، والملا عبد السلام رقيطي .
واذا ما اردنا قراءة التحديات من باب الواقع العملي ، فما أكثر وأصعب القضايا التي تنتظر التصدي لها من قبل النخبة السياسية الأفغانية. منها على سبيل المثال: كيف يمكن للرئيس التالي أن يبنى قوات جيش وأمن وطنية يحترمها الأفغان ويعول عليها في توفير الأمن والنظام؟ وهل يمكن لثروات البلاد ومواردها أن تستغل في خدمة أهداف التنمية والاستثمار على نحو مسؤول وخاضع للمساءلة والمحاسبة؟ وكيف يمكن تعليم وتدريب الشباب الذين يمثلون رأس المال البشري الذي تحتاجه أفغانستان للمضي قدماً للأمام؟ ثم ما هي السياسات التي يمكن تبنيها بهدف تشجيع عودة المتمردين الذين يعلنون نبذهم للإرهاب واستخدام القوة ضد النظام، إلى جانب إعلان قبولهم واحترامهم للدستور الأفغاني؟ وما هي أفكار كل مرشح من المرشحين عن حكم بلادهم؟ مثلاً: كيف يمكن تطوير مجالس المحافظات المحلية، بحيث تكون معبرة تعبيراً حقيقياً عن أصوات الناخبين؟ ثم كيف للمجتمع الدولي أن يقيم علاقة شراكة أفضل مع أفغانستان بهدف توطيد السلم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم ؟
في ظل الاجواء الانتخابية ، تشهد افغانستان موجة كبيرة من الانفجارات التي كان آخرها ما أعلن عنه مسؤولون امس بان الاشتباكات التي وقعت مع طالبان اسفرت عن مقتل ثلاثة جنود امريكيين في جنوب افغانستان، حيث قتلت قنبلتان تسعة مدنيين ايضاً. كما اعلنت القوة الدولية “ايساف” عن مقتل جندي بولندي و22 مقاتلاً من طالبان. وتشير الاحصاءات الى مقتل 27 جندياً اجنبياً على الاقل حتى الآن في الشهر الحالي ، كان بينهم 18 امريكياً.
وفي اطار الاستعدادات للانتخابات، فقد اعلنت السلطات المعنية بمواكبة سير الانتخابات في افغانستان ، امس ان السلطات وظفت حوالي عشرة آلاف من رجال القبائل للمشاركة في حماية الانتخابات ، وقال ان هؤلاء المسلحين سيشاركون في حماية مراكز الاقتراع في 21 من الولايات الافغانية ال 34.
وقد اعرب الرئيس الافغاني حامد قرضاي خلال جولة انتخابية امس عن ثقته في ان المتمردين لن يستطيعوا تعطيل الانتخابات المقررة في العشرين من الشهر الجاري. وقال قرضاي امام تجمع نظم في مدينة ثانوية الانتخابات ستجري بسلام، سيحاول اعداء افغانستان احداث فوضى، ولكن لا تبالوا.
غير ان مساعد رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة زكريا باركزاي قال الاثنين ان نحو 100 مركز اقتراع قد تبقى مغلقة يوم الانتخابات اذا لم يتحسن الوضع الامني في الاقاليم المعنية بحلول موعد الاقتراع.
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي مولته الحكومة الامريكية ونشرت نتائجه الاثنين ان الرئيس قرضاى يتقدم في سباق الرئاسة لكن ليس بدرجة كافية لتجنب اجراء جولة ثانية من الانتخابات.
واظهر الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة جليفوم اسوسييتس ومقرها واشنطن ان قرضاي سيحصل على 45 في المائة من اصوات الناخبين الذين حسموا اختيارهم في الجولة الأولى مقابل 25 في المائة لأقرب منافسيه وزير الخارجية السابق عبدالله عبدالله .
تقرير : محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018