ارشيف من :أخبار لبنانية
الصفحة الاجنبية: ترامب لم يقدم ما يثبت قدرته على خوض مواجهة ناجحة مع إيران

علي رزق
أعرب باحث إيراني أميركي معروف عن تخوفه من التصعيد بين أميركا وإيران بعد خطاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب أمام الجميعة العامة للأمم المتحدة، غير أنّ باحثين غربيين رأوا في نفس الوقت أن قدرة ترامب على خوض مواجهة مع ايران بنجاح موضع شك، خاصة على ضوء سياسات ادارة ترامب حتى الآن والتي أدت الى الازمة القطرية وانقسام بين حلفاء أميركا وكذلك دفع قطر الى أحضان ايران.
وفي سياق غير بعيد، حذرت شخصيات أميركية صهيونية بارزة من أن ما أسموه "النظام الأمني" الذي أنشاته واشنطن في الشرق الاوسط بات مهدداً بسبب الأحداث التي تشهدها المنطقة.
مخاطر لغة ترامب التصعيدية ضد إيران
كتب الباحث الايراني الأميركي المعروف "Trita Parsi" مقالة نشرت في صحيفة "الغارديان" البريطانية اعتبر فيها أنّ" الرئيس الأميركي دونالد ترامب استخدم نفس أسلوب الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الابن في خطابه أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، حيث قارن ايران بكوريا الشمالية من أجل تبرير مواجهة مع ايران، وأيضاً قارن كوريا الشمالية بايران من أجل تبرير مواجهة مع كوريا الشمالية،بحسب تعبير الكاتب.
كما رأى الكاتب -الذي هو رئيس "المجلس الوطني الايراني الاميركي"- أنّ" ترامب يعيد اشعال حرب باردة بين الولايات المتحدة وايران بعد أن انخفض التوتر بعض الشيء بين الجانبين نتيجة الاتفاق النووي، وفق قوله.
كذلك قال "إنّ الاطراف الوحيدة التي سترحب بإعادة إشعال الحرب الباردة مع ايران هي كيان العدو والسعودية والامارات"، مضيفاً "إنّ هذه الاطراف تفضل عودة الهيمنة الأميركية الى الشرق الاوسط"، وتابع "إنّ هذه الاطراف لا تستطيع أن تحقق توازن مع ايران الا مع وجود "شريك عسكري اميركي" يقف الى جانبهم"، وحذر من أن نتيجة هكذا سيناريو ستكون مواجهة عسكرية "في اسوأ الاحوال"، أو حرب باردة "في احسن الاحوال" حيث يكون كيان العدو والسعودية والامارات والولايات المتحدة في معسكر، بينما تكون ايران وحلفاؤها بما في ذلك روسيا، في المعسكر المقابل.
الكاتب شدد على أن هذا لن يحقق الاستقرار في الشرق الاوسط بل سيعيد اشعال التوتر ويعزز الخصومة بين ايران والسعودية، كما حذر من أن "الحرب الباردة" مع ايران لن تجعل اميركا او اوروبا أكثر أمناً.
وأضاف الكاتب "إن العيون ترتكز الآن على اوروبا"، معتبراً أنّ "القيادة الاوروبية القوية قد تنجح بمنع ترامب من زعزعة استقرار الشرق الاوسط وتصفية الاتفاق النووي"، وذكّر بأن القادة الاوروبيين اكدوا التزامهم بالاتفاق.
وبينما ذكّر الكاتب بأن أوروبا فشلت بمنع ادارة بوش الابن من شن الحرب على العراق رغم بذل قصارى جهدها، رأى أن أوروبا يمكنها أن تمنع ترامب من أن يسير على خطى جورج بوش الابن، وحذر من أن الخطر لا يتعلق فقط بمصير الاتفاق النووي ، وانما ايضاً باستقرار الشرق الاوسط بأكمله.
ترامب أجبر السعودية والامارات على التراجع عن العمل العسكري ضد قطر
كشف موقع "Bloomberg" في تقرير له نقلاً عن مصدرين اثنين مطلعين أن "السعودية ودولة الامارات نظروا في امكانية العمل العسكري في المراحل الاولى من الحملة ضد قطر، وبأن الرئيس الاميركي دونالد ترامب اتصل بقادة البلدين وأجبرهم على التراجع".
كما نقل الموقع عن نفس المصادر بأن السعوديين والاماراتيين كانوا يبحثون عن وسائل لازاحة النظام القطري، وبأن ترامب أبلغ قادة البلدين بان اي عمل عسكري سيشعل ازمة في الشرق الاوسط لن تخدم احد "سوى ايران"، على حد تعبيره.
كذلك اضاف الموقع بأن" ادارة ترامب وجهت مؤخراً "رسائل رفيعة المستوى" الى السعودية والامارات من أجل وقف الشجار مع قطر"، ونقل عن مسؤول أميركي مطلع بأن ترامب وبعد ما انحاز لجانب السعودية والامارات في بداية الازمة، انما غير موقفه بسبب وجود "أدلة بأن اطالة أمد الخلاف مع قطر ستصب في مصلحة ايران".
هذا وأشار الموقع الى أن ترامب وخلال اجتماع بأمير قطر على هامش جلسات الجمعية العامة عرض أدلة بان الدوحة "لا تزال تمارس نشاطاً مرتبطا بالارهاب"، وشدد لأمير قطر على ضرورة أن يتوقف ذلك".
الموقع نقل عن المسؤول الاميركي المطلع قوله بأن" كل من وزير الخارجية "Rex Tillerson" ومستشار الامن القومي “H.R McMaster” ووزير الحرب “James Mattis” "رأوا مؤشرات بأن أزمة ايران تزداد واتفقوا على ان المشكلة القطرية تترك نافذة لايران" وفق قولهم.
كذلك نقل الموقع عن مسؤول أميركي آخر رفض الكشف عن اسمه بأن" ترامب مارس ضغوطاً على كافة الاطراف وحث قطر على التواصل مع المعسكر الآخر بقيادة السعودية والامارات".
ترامب لم يقدم ما يثبت قدرته على خوض مواجهة مع إيران بنجاح
كتب الباحث "Hal Brands" مقالة نشرت ايضاً على موقع "Bloomberg" اعتبر فيها أنّ" الولايات المتحدة تسير على خطى المواجهة مع ايران".
وتحدث الكاتب عن ثلاثة عناصر أساسية تدفع باتجاه هذه المواجهة، أولها نهاية الحرب على "داعش"، اذ ان هزيمة التنظيم الارهابي يزيل ما اسماه "اي نقطة تعاون ضمني" بين الولايات المتحدة وايران وبنفس الوقت يعزز وتيرة المواجهة بينهما"، وأضاف بأن" واشنطن وطهران تستعدان لصراع سياسي كبير "على النفوذ مع الحكومة العراقية"، وبأن احتمالات المواجهة بين قوات اميركية في العراق و"المنظمات" التي تدعمها ايران (الموجودة في العراق) والتي تعارض الوجود العسكري الاميركي ستبقى خطراً موجوداً" وفق تعبيره.
أما في سوريا، فلفت الكاتب الى أنّ" القوات الاميركية تقترب من القوات التي تدعمها ايران داخل وبالقرب من المناطق التي لا يزال يسيطر عليها "داعش""، محذراً من أن ذلك يعزز فرص تعزيز حدة التوتر.
العامل الثاني بحسب الكاتب، يتمثل بما اسماه "تصميم ترامب على دحر نفوذ ايران" في الشرق الاوسط، وقال بهذا الاطار "انه لا نقاش بان ايران قامت بتعزيز نفوذها بشكل كبير على صعيد المنطقة"، معتبراً أنه في نفس الوقت "هناك مواقف عدائية تجاه ايران لدى العديد من المسؤولين في ادارة ترامب الذين خدموا عسكرياً في العراق ولديهم رفاق في الجيش الاميركي قتلوا على أيدي المنظمات التي تدعمها ايران" وفق زعمه، وشدد على أن" المحصلة بالتالي هي موقف عدائي متزايد تجاه طهران".
هذا وأضاف الكاتب بان" العامل الثالث يتمثل بعدائية ترامب تجاه الاتفاق النووي مع ايران"، مشيراً الى المواقف الاخيرة الصادرة عن الادارة الاميركية التي تفيد بأن ترامب ينوي ابلاغ الكونغرس بأن ايران لا تستجيب لتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
الكاتب حذر من أن هذه العناصر تؤدي الى تعزيز حدة التوتر في مختلف الملفات وتخلق بيئة قابلة للتصعيد في الخليج وسوريا والعراق.
الا أن الكاتب اعتبر في الوقت نفسه أن" ترامب لم يقدم ما يثبت بأنه قادر على خوض المواجهة مع ايران بنجاح، أو بانه يدرك المخاطر"، ورأى بأن مساعي ترامب حتى الآن لمواجهة ايران كانت غير مدروسة وأدت الى زعزعة استقرار الوضع، مشيراً الى انه "على ما يبدو سلم ملف المواجهة مع ايران الى السعودية وحلفائها السنة" (بحسب تعبير الكاتب)، وذلك عندما زار الرئيس الاميركي الرياض في شهر ايار/مايو الماضي.
وتابع "انه أعطى بالتالي الضوء الاخضر للحملة على قطر، وان النتيجة كانت غير منتجة حيث حصلت مواجهة بين شركاء اميركا في المنطقة التي دفعت قطر باتجاه ايران".
اما فيما يتعلق بالاتفاق النووي، فحذر الكاتب من أن "تصفية هذا الاتفاق او تقويضه طريقة خاطئة لمواجهة ايران، ومن ان اتخاذ هذه الخطوة سيؤدي على الارجح الى عزل اميركا دبلوماسياً، وخاصة عن شركائها الاوروبيين".
وتابع الكاتب " لا يبدو ان ترامب يفهم خطورة مسار الاحداث حاليا"، وشدد على "انه ولأسباب جيوغرافية فان ملفات الشرق الاوسط تهم ايران اكثر بكثير مما تهم اميركا، وضرب مثلاً حول المنطقة الواقعة في محيط مدينة دير الزور غرب سوريا، قائلاً "إن هذه المنطقة تشكل أهمية لإيران أكبر بكثير مما تشكله لاميركا، وذلك بسبب علاقات ايران مع سوريا ومع حزب الله".
بالتالي نبه الكاتب الى أنّ" طهران "من دون شك" هي مستعدة للذهاب أبعد من واشنطن من أجل كسب النفوذ بهذه المناطق، ومن أن أي حرب مع ايران سواء كانت باردة ام ساخنة ستكون خطيرة على المصالح الاميركية أكثر مما يتوقع ترامب".
أميركيون صهاينة يحذرون من انهيار "النظام الامني" الذي انشأته أميركا في الشرق الاوسط
كتب الباحثان بمعهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى “Dennis Ross” (وهو الدبلوماسي الصهيوني الاميركي السابق المعروف)، و“James Jeffrey” مقالة نشرت على موقع المعهد المذكور قالا فيها "إن الولايات المتحدة تواجه تصعيداً بحدة التوتر في الشرق الاوسط وانها غير مستعدة بالشكل المطلوب لذلك".
واضاف الكاتبان بأن" ايران وما أسموهم بـ"وكلائها" وبدعم روسيا، يتمركزون من اجل ملء الفراغ في العراق وسوريا بعد هزيمة "داعش"، كما تابعا "إنّ انتشار الوجود والنفوذ الايراني يشكل خطراً على "إسرائيل" والاردن ودول الخليج وربما تركيا ايضاً"،على حد قولهما، وزعما بأن" ايران تقوض سيادة العراق وسوريا ولبنان، وبأن من شأن ذلك أن يهدد "نظام الامن الإقليمي" الذي أنشاته الولايات المتحدة".
الكاتبان قالا ايضاً "انه وبينما اتخذت ادارة ترامب خطوات ضد ايران، الا أنها لا تزال تراجع سياساتها ولم تقم بعد بإعداد استراتيجية شاملة"، وفي نفس الوقت شددا على أن ايران في المقابل لديها استراتيجية وتقوم بتنفيذها.
ونبه الكاتبان من أن "الوقت يمر" بالنسبة للولايات المتحدة، وبالتالي اعتبرا أنّ" الاحداث هي التي ستحكم السياسات المتبعة في حال عدم رسم استراتيجية اميركية شاملة"، كما أشارا الى ان هناك نزاعين اثنين في المنطقة اقتربا من النهاية، وهما الحرب في سوريا والحرب على "داعش"، وأضافا "إنه وبالنسبة لسوريا، "فبات من الواضح أن الرئيس السوري بشار الاسد سيبقى ويسيطر على أغلب المناطق السورية ولكن ليس كلها "(بحسب زعم الكاتبين).
أما فيما يخص الحرب على "داعش"، فنبه الكاتبان الى أن" الولايات المتحدة وحلفاءها سيصبحون على مسافة جيوغرافية قريبة جداً من حلفاء ايران في سوريا والعراق مع اقتراب هزيمة "داعش"".
وبينما أشار الكاتبان الى أن "ادارة ترامب تجري مراجعة لسياساتها تجاه ايران وتصنف المزيد من المسؤولين الايرانيين على لوائح الارهاب وتهدد كذلك بإعلان عدم التزام ايران بالاتفاق النووي"، الا انهما شددا في المقابل على أن" كل ذلك لا يعد "استراتيجية حقيقية".
بالتالي، قدم الكاتبان عدداً من التوصيات لاعداد الاستراتيجية المطلوبة ضد ايران، وطرحوا اولاً ان تعمل واشنطن مع الحلفاء "كي يشعروا انهم جزء من الاستراتيجية"، اما ثانياً فشددوا على ضرورة ان لا تجعل ادارة ترامب استراتيجيتها تجاه ايران خاضعة للمعركة ضد "داعش"،بحسب تعبيرهما، وأضافا بأن" ايران "هي دولة تشكل خطرا اكبر بكثير" من "داعش"" على حد زعمهما.
ثالثاً حثّ الكاتبان الادارة الاميركية على ضرورة الادراك بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يمكنه حل "معضلة أميركا مع ايران في سوريا"، وقالا "إنّ توجيه رسالة واضحة بأن أميركا ستستخدم قوتها الجوية من أجل منع "توسع الايرانيين أو وكلائهم في سوريا اكثر" هي السياسة الوحيدة التي ستجبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على محاولة "تقييد خطوات ايران"، على حد قول الكاتبين.
ورابعاً، أكد الكاتبان ضرورة أن تستخدم أميركا أوراقها من أجل وقف النزاع بين المعسكر الذي تقوده الامارات والسعودية من جهة، وقطر من جهة اخرى، وتحدثا عن ضرورة وقف مصدر الالهاء هذا وحشد شركاء الولايات المتحدة.
كذلك أوصى الكاتبان بعدم انحساب أميركا من مناطق تواجدها وبعدم تراجعها عن المواجهة الا في حال كانت المخاطر كبيرة جداً، وأخيراً شدد الكاتبان على ضرورة أن لا تبالغ الولايات المتحدة في مطالبها، وقالا "إنّ القوة الجوية الأميركية وحدها كافية "لاحتواء ايران ووكلائها" وإن الوقت ليس مناسب لادخال قوات برية الى سوريا".