ارشيف من :أخبار لبنانية
الصفحة الاجنبية: ترامب يطبق سياسة ’اميركا آخراً’ و ليس ’اولاً’

أشارت صحف اميركية معروفة إلى ان سياسات الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا تصب اطلاقاً في مصلحة الولايات المتحدة وتشبه سياسة "اميركا آخراً" وليس "اميركا اولاً"، إذ تسببت سياسته بتفويت فرص هامة مع دول عظمى كالصين.
من جهة اخرى، لفت مسؤولون اميركيون سابقون إلى نقاط تشابه كبيرة بين مقاربة ترامب حيال ايران ومقاربة بوش الابن تجاه نظام صدام حسين قبل الغزو الاميركي للعراق، وأكدوا ان على الكونغرس ان يمنع تكرار سيناريو العراق مع ايران.
وفي سياق متصل، حذر مسؤولون آخرون من سيناريو الحرب على ايران، معتبرين ان "مستقبل منطقة الشرق الاوسط سيحدده سكانها الذين هم الاكثر استعداداً للتضحية"، مؤكدا ان الجيش السوري و حلفائه انتصروا في سوريا لانهم كانوا الاكثر استعداداً للتضحية".
ترامب يطبق سياسة اميركا آخراً و ليس اولاً
وفي التفاصيل، نشر مجلس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" مقالة تحت عنوان "اميركا تستسلم تحت قيادة ترامب"، اشارت فيها إلى انه "منذ نهاية الحرب العالمية الثانية اختار الرؤساء الاميركيون "الانخراط (في الحرب) بدلاً من الانسحاب".
واضافت الصحيفة ان "حلف "الناتو" ومنظمة الامم المتحدة و"البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي" يشكلون جزء من تركيبة الامن الدولي والتنمية التي ساهم الرؤساء الاميركيون بايجادها"، على حد تعبير الصحيفة.
ولفتت إلى ان ترامب ينادي بشعار "اميركا اولاً" وفي الوقت نفسه يجعل بلاده تلعب دورا ثانويا في المحادثات الدولية". ووصفت هذه السياسة بانها "متناقضة"، مؤكدة ان ترامب يقضي على سمعة بلاده كحليف موثوق به ويقدم الدور المستقبلي الأساسي في العالم لدول كالصين و روسيا، عبر سعيه تحرير الولايات المتحدة من الالتزامات الدولية و الحرب على المؤسسات الدولية.
الصحيفة تحدثت في هذا السياق حول تلويح ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران و انسحابه من منظمة “Unesco” واتفاقية التجارة الحرة في اميركا الشمالية (اتفاقية “NAFTA”).
وحول نية ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، قالت الصحيفة ان ترامب الحق ضرراً كبير بالاتفاق وان مصير هذا الاتفاق في الكونغرس غير واضح.
واعتبرت ان سياسات ترامب هذه تقوض العلاقات الدولية الهامة وتتسبب بتآكل مصداقية اميركا وخسارة النفوذ وفرص الاستثمار لصالح دول مثل الصين، ورأت ان سياسة ترامب هي اشبه بسياسة "اميركا آخراً" و ليس "اميركا اولاً".
على الكونغرس منع تكرار سيناريو العراق مع ايران
بدوره، كتب “Phillip Gordon” الذي عمل منسق البيت الابيض للشرق الاوسط وشمال افريقيا بين عامي 2013 و 2015، مقالة نشرت بمجلة “Politico”، اعتبر فيها ان هناك نقاط تشابه كثيرة ولافتة بين مقاربة ترامب تجاه ايران من جهة، ومقاربة وش الابن قبيل الغزو على العراق من جهة اخرى.
و قال الكاتب : "في كلا الحالتين، زيفت الحقائق والمعلومات الاستخبارتية من اجل الاغراض السياسية"، مشيرا إلى ان خطاب ترامب الأخير تحدث فيه عن علاقات بين ايران وتنظيم "القاعدة" وعلاقات بين ايران وكوريا الشمالية"، مشددا على ان "هذا الكلام لا يستند على الادلة". ولفت الى مزاعم ترامب بان النظام الإيراني ارتكب العديد من الانتهاكات للاتفاق، مذكراً ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاجهزة الاستخبارتية الاميركية توصلت الى نتائج تناقض ذلك.
الكاتب وصف تصريحات ترامب هذه بانها "مضللة" وتذّكر بما قاله جورج بوش الابن عام 2003 بان صدام حسين حاول مؤخراً الحصول على كميات من اليورانيوم من افريقيا (و هو ما لم يحصل ابداً).
ولفت الكاتب الى ان دور مراكز الدراسات والخبراء من خارج الادارة الاميركية في مقاربة ترامب تجاه ايران يذّكر بشكل كبير بما حصل قبيل الحرب على العراق، موضحا ان شخصيات من معهد “American Enterprise” مثل “Richard Perle” و “John Bolton” روجت لوجود علاقات بين صدام حسين و"القاعدة" وتطويره اسلحة دمار شامل قبل الحرب على العراق.
واشار الكاتب الى ان معاهد مثل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" (التي يديرها المدعو “Mark Dubowitz”) و "معهد العلوم و الامن الدولي" (التي يديرها المدعو “David Albright”)، تلعب الدور البارز بخطوة ترامب لجهة سحب الثقة من الاتفاق النووي مع ايران.
ورأى الكاتب ان "من النقاط المشتركة الاخرى الدور الذي يلعبه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو"، مشيراً الى ان "نتنياهو رحب بخطاب ترامب الاخير حول ايران". وذكّر ان نتنياهو نفسه قال امام الكونغرس في عام 2002 انه "ما من شك اطلاقاً بان صدام حسين يقوم بتطوير اسلحة نووية واعرب عن تأكيده حينها بان غزو العراق سيكون له "تداعيات ايجابية هائلة في المنطقة"، خاصة لجهة اضعاف الجمهورية الاسلامية في ايران.
ونبه الكاتب الى المقارنات مع “Hitler” في التعاطي مع ايران، مشيرا إلى ان "الاسلوب نفسه استخدمته ادارة بوش الابن مع نظام صدام". ولفت الى ان السيناتور الجمهوري “Marco Rubio” برر دعمه للتخلص من الاتفاق النووي مع ايران من خلال الادعاء بان هذا الاتفاق هو بمثابة "اتفاقية ميونيخ" التي مهدت لسيطرة “Hitler” على اوروبا.
و رأى الكاتب ان اسوأ ما في الامر هو ان هناك بديلا اليوم للولايات المتحدة في التعاطي مع ايران لم يكن موجود مع صدام، يتمثل بالاتفاق النووي. وقال انه "في العام 2002 اعطى الكونغرس موافقته لادارة بوش باستخدام القوة العسكرية في العراق"، مذكّراً بان ذلك "مهد لاحدى اكبر الاخطاء التي ارتكبتها اميركا بالسياسة الخارجية في التاريخ الحديث". وشدد على "ضرورة ان يفكر اعضاء الكونغرس ملياً بخياراتهم اليوم في التعاطي مع ايران واخذ العبر من تجربة العراق".
مستقبل الشرق الاوسط سيحدده سكانه الذين هم الاكثر استعداداً للتضحية
من جهته، كتب “Patrick Buchanan” مقالة نشرتها مجلة “The American Conservative”، اعتبر فيها ان ترامب وضع الولايات المتحدة على مسار الحرب مع ايران، بعد اعلانه ان الاتفاق النووي مع ايران لا يصب في مصلحة اميركا القومية.
وشدد الكاتب على ان ايران لا تسعى إلى تصنيع قنبلة نووية ولو ارادت امتلاك واحدة منها لفعلت ذلك منذ زمن، وأكد انطهران "لا تريد الدخزل بحرب معنا"، وقال ان "حزب الحرب في واشنطن" وحلفاء هذا الحزب فيالشرق الاوسط مثل الكيان الصهيوني والسعودية هم الذين يريدون من الولايات المتحدة شن حرب على ايران".
واعتبر الكاتب ان معركة الكونغرس لتصفية الاتفاق النووي ستكون معركة حاسمة في رئاسة ترامب".
وحذر الكاتب من تصادمات اخرى مع ايران،مشيراً الى ان "قوات سوريا الديمقراطية" على وشك الامساك بالرقة، تزامناً مع مساعي الجيش السوري للسيطرة على دير الزور المحاذية للطريق الذي يمتد من بغداد الى دمشق.
و قال ان السيطرة على دير الزور ستضمن فتح الطريق أمام حزب الله من بغداد الى دمشق، مشيرا إلى ان " في حال استخدمت الولايات المتحدة "قوات سوريا الديمقراطية" من اجل الامساك بالمنطقة الحدودية (بين العراق و سوريا)، فحينها قد تجد نفسها في معركة ضد تحالف يتألف من كل من سوريا وايران وحزب الله وروسيا، متسائلاً عما اذا كانت اميركا مستعدة لذلك.
الكاتب تحدث حول "حقائق جديدة" امام الاميركيين، مشدداً على ان من سيقرر مستقبل الشرق الاوسط هم سكان تلك المنطقة. واضاف ان المستقبل سيحدده سكان المنطقة الذين هم الاكثر استعداداً للقتال و التضحية، وان الجيش السوري و حلفائه ربحوا الحرب في سوريا وكان سبب سبب ذلك هو انهم كانوا اكثر استعداداً للقتال و التضحية من اجل النصر.
وشدد الكاتب على ان الجيش السوري وحلفائه لديهم مصالح حيوية هامة جداً تقتضي النصر، وقارن ذلك بالولايات المتحدة حيث قال ان الاميركيين لا يعيشيون في سوريا و الشرق الاوسط و و ان اغلب الشعب الاميركي لا يدركون و لا يكترثون لما يحصل هناك.
وقال ان حلفاء اميركا في الشرق الاوسط يريدون من واشنطن خوض الحروب بالنيابة عنهم، لافتاً الى ان ترامب لم يُنتخب من اجل القيام بذلك.