ارشيف من :أخبار لبنانية
الرئيس عون: اللبنانيون مستعدون لمقاومة ’اسرائيل’

أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل أيام من زيارته المرتقبة الى الكويت، أن "روح التعاون بيننا وبين الكويت معروفةٌ وراسخةٌ وتعود لأزمنةٍ غابرة منذ أن قامتْ علاقات مباشرة بين بلدينا، فالتعاون السياسي بين البلدين كان دائماً على ما يرام والحضور الكويتي في ربوعنا علامةٌ مميّزة، هكذا كان وهكذا نريده دائماً".
عون أشار في مقابلة مع صحيفة "الراي" الكويتية الى أن الزيارة ستكون مناسبةً لمناقشة العلاقات اللبنانية - الكويتية والرغبة الدائمة في تطويرها خدمةً لبلدينا وشعبينا، والتداول بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، فالأوضاع الراهنة في العالم العربي تعنينا ونتأثّر بها كوننا جزءا من المشرق العربي، فالمنطقة مضطربة وهو الأمر الذي ينعكس علينا، فكل طرقنا في اتجاه الخليج مقفلة (بسب الأحداث في سورية)".
وردا على سؤال حول توقعاته بعودة العلاقات مع دول الخليج الى سابق عهدها، أجاب الرئيس عون "ليست لدينا عداوة مع أحد. على العكس نسعى دائماً من أجل أن تكون علاقاتنا مع الجميع في أفضل حال، تماماً كما هي مع الكويت، وكما تسعى الكويت إليه دائماً تجاه لبنان وغيره من الأشقاء العرب".
الرئيس عون في مقابلة مع صحيفة "الراي" الكويتية
وتابع "في خطابي في اجتماع القمة العربية دعوتُ كل العرب للجلوس حول طاولةٍ مستديرة لمناقشة مصالحهم الحيوية حتى نحترم تلك المصالح ونتصالح، لكن للأسف كانت حرارة الأحداث مرتفعة ولم نستطع إطفاء أيٍّ منها، والأمور ما زالت مستمرّة في المنحى عيْنه، بل ازدادتْ أكثر، بعدما أُضيفت اليها القطيعة مع قطر".
الرئيس عون لفت الى أن قضية النازحين السوريين ستُطرح "فنحن نستقبل ما يوازي نصف سكان لبنان، والاكتظاظ على مساحة لبنان الصغيرة يولّد مشكلات كبيرة، فالنازحون يعيشون في ظل أوضاع لا تليق بالانسان، ولديهم حاجات كثيرة ما يتسبّب بظواهر مُقْلِقة متزايدة من أحداثِ سطوٍ وقتْلٍ وسلْب وغيرها. ولا يمكن إنكار ان لبنان بات يواجه مشكلات أمنية بسبب وجود طبقة فقيرة دخلتْ علينا، ناهيك عن أن مواردنا محدودة ونعاني أزمات متعددة. فبداية الأحداث (في العالم العربي) صودفت مع أزمة عالمية جعلت النمو سلبياً في الدول الأوروبية، ونحن نتأثّر جراء علاقاتنا الاقتصادية والتجارية مع الغرب، ثم جاءت الحرب في الجوار (في سورية) فأقفلت طرق التواصل مع الدول العربية عبر البرّ، الى ان دهمتْنا أزمة النزوح والتي كانت أشدّ تأثيراً علينا اقتصادياً ومادياً".
من جهة ثانية، قال الرئيس عون "لقد قضينا على الإرهاب في معركةٍ عسكرية حقّق خلالها جيشنا انتصاراً باهراً، وما زالت هناك خلايا نائمة نقوم بتفكيكها وإلقاء القبض على رؤوسها وأفرادها عبر الجهد الاستباقي الذي تبذله مؤسساتُنا العسكرية والأمنية، فها نحن تمكنّا من شلّ قدرة الإرهاب ومنْعه من الحركة عبر اكتشاف خلاياه النائمة والانقضاض عليها قبل ان تحقق مخططاتها".
وحول مشروع التقسيم في سوريا، لفت الرئيس عون الى أن "هناك دولاً كبرى تريد التقسيم، وهذا أمرٌ تعبّر عنه تقارير في الصحف الأميركية خصوصاً. ولكن في المرحلة الأخيرة، أعتقد أن ما حصل في العراق أَبْعَدَ شبح التقسيم عنه. ومسعود البارزاني نفسه صرّح ان "أميركا تركتْني". ويمكن اعتبار ذلك انكساراً لفكرة التقسيم. وفي سورية حيث تُطرح ايضاً مسألة الأكراد، أعتقد ان الخطّ الدولي الأكبر بات ضدّ التقسيم".
ورأى أن "التقسيم يزيد الكراهية بين الناس على عكس التعايش الذي سيجعلهم، بحال نجحوا في بلوغه مجدداً، يعيشون أكثر معنى التآلف ضمن الاختلاف. ونتمنى ألا يحصل أي تقسيم لأن من شأن ذلك أن يُفْقِد الدول العربية قوّتها وتَضامُنها، فنصبح كتلة ضعيفة.
ورداً على سؤال حول احتمال شن عدوان اسرائيلي على لبنان، أجاب الرئيس عون "لا أعتقد ان هناك حرباً لأن "اسرائيل" لن تربح مثل هذه الحرب. فكل اللبنانيين مستعدّون لمقاومتها. صحيح اننا بلد صغير، ولكننا أرسينا مجدداً وحدتنا الوطنية التي ترتكز في أحد جوانبها على رفْض كل اللبنانيين أن يعتدي أحد على بلدهم".
على الصعيد الداخلي، أشار الرئيس عون الى أن "التسوية لها مرتكزاتٌ، أبرزها عدم التعرض للمعتقد السياسي للأفراد او الجماعات - وفي لبنان حرية المعتقد يكفلها الدستور بمختلف جوانبها السياسية والدينية والفردية - واحترام حقّ الاختلاف في الرأي الذي يسمح نتيجة تَعدُّد الافكار والطروحات بالوصول الى قرارات أكثر صوابية مما لو كنا أمام أحادية في التفكير او القرار. وطبعاً هذا شرطه القدرة على التفاهم كما سبق ان ذكرتُ، لان العكس يعني شلّ المؤسسات ووقْف عجلة الدولة"، لافتاً الى أن "ثمة مرتكزًا أساسيًّا في التسوية عنوانه استبعاد "العنف" في التعاطي بين بعضنا البعض ووضْع نصب عيوننا بناء لبنان على قاعدة الـ "لا عنف" والتفاهم على حفْظ أمن بلدنا إزاء أي تهديد يتعرّض له من اي جهة".
وحول علاقته برئيس الحكومة سعد الحريري، قال عون "حتى عندما لم نكن متفقين سياسياً لم ينقطع التعاطف على المستوى الشخصي. ولديّ نوع من الغيرة على سعد، لانه بدأ باكراً مسيرته السياسية بعد استشهاد والده، وهو طيّب القلب ولديه إرادة لخدمة لبنان. بمعنى اننا نلتقي معه على الأهداف نفسها. البعض يلوم الرئيس الحريري على انه لا يَدخل في مشاكل معي، وأنا أتعرّض للوم في السياق نفسه (يضحك)، اي انهم يلوموننا لأننا متّفقان".
وأضاف الرئيس عون "نحن نحافظ على خط التوافق ولن نفترق كلبنانيين حول هذا الملف (التطبيع مع سورية) ولن أدخل فيه. ولكن لدينا مشكلة تتمثّل في قضية النازحين السوريين الذين يناهز عددهم 1.6 مليون نازح، وفق إحصاءات اوروبية تبلّغتُها من المعنيين يوم الاثنين. وهذه صارت مشكلة لبنانية نحاول ان نعالجها مع المجتمع الدولي. وحتى الآن لم نصل الى نتيجة. ولاحظْنا ان ثمة استعداداً سورياً لحلول ثنائية لهذا الملف، وهذا ما حصلت معارضة داخلية له وتوقّف الأمر. والآن، هل سيكون بمقدورنا ان نتحمّل المزيد من أعباء هذا الملف المُكْلف على مختلف المستويات في ظل عدم وجود استعداد دولي لإيجاد حلّ له في الوقت الحالي؟ هذا سؤال كبير، علماً ان واقعنا المالي والاقتصادي لم يعد يسمح لنا بمزيد من الاستنزاف. فنحن بلد لم تتجاوز نسبته النمو فيه 1.1 في المئة، وتالياً لا يمكنه تحمل أعباء مادية اضافية، وليس خافياً على أحد حجم الدين العام الذي يثقل كاهله".