ارشيف من :أخبار لبنانية
مشاورات في بعبدا ونشاط في دار الفتوى.. والتريّث سيّد الموقف

استمرت تداعيات استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة في فرض نفسها بقوة على الساحة المحلية، لا سيما المشاورات التي أجراها بالأمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع متلف الفعاليات السياسية، اضافة للحركة اللافتة التي شهدتها دار الفتوى.
ووسط هذه الأجواء التي نجحت في ارساء نوع من الهدوء لبنانيًا، بقي مصير الحريري وملابسات رحلته إلى أرض مملكة الخير مبهمة، مع استمرار النظام السعودي في اتباع سياسة التصعيد والعمل على إحداث فتنة داخلية في لبنان.
بانوراما الصحف اللبنانية ليوم الاربعاء 08-11-2017
"الأخبار": أعيدوا سعد الحريري إلى بيروت الآن!
قالت صحيفة "الأخبار" انه مع استمرار حال القلق إزاء الإجراءات السعودية وما تطلقه من تهديدات بحق لبنان، برز أمس ما يشبه الإجماع اللبناني على شعار يدعو الى عودة سريعة للرئيس سعد الحريري الى بيروت. وهو موقف انضمت اليه كتلة «المستقبل» النيابية، بعدما كان يقتصر على الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وحزب الله.
ومع أن حكام الرياض حاولوا أمس التخفيف من عبء تقييد حرية الرئيس الحريري، إلا أن الإخراج ظل عاجزاً عن طمأنة فريقه وأنصاره في لبنان، إذ رُتّب سفره الى دولة الامارات العربية المتحدة في ظروف خاصة، شملت استخدامه طائرة سعودية وليس طائرته الخاصة، ومرافقة ضباط أمن سعوديين له الى جانب حرسه الخاص، والتوافق مع حكام أبو ظبي على منع أي لقاء صحافي للحريري الذي عاد فور انتهاء الاجتماع مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مباشرة الى المطار، ومنه الى الرياض.
وفي ظل استمرار رفض حاكم الرياض القوي محمد بن سلمان الوساطات الغربية لجعل الحريري ينتقل الى بيروت أو الى باريس، إلا أن الضغوط أجبرت السلطات السعودية على إدخال تعديلات على طريقة احتجاز الحريري، من خلال اعتباره غير خاضع لإجراءات التوقيف، لكنه بقي خاضعاً لإجراءات الإقامة تحت المراقبة.
فقد سُمح له أمس بالانتقال مع مرافقيه الى منزله الى جانب أفراد عائلته، لكن مع إبقاء شروط الرقابة قائمة، لناحية منع الزيارات والخروج، واقتصار المكالمات الهاتفية على سلامات وتحيات للأهل في لبنان، في ظل تشديد قوات الأمن السعودي الحراسة الأمنية على المنزل، منذ الجمعة الماضي، وهو ما أكده الضابط محمد دياب في إفادته أمام جهات عدة في بيروت إثر عودته من الرياض أول من أمس.
وكان دياب قد أبلغ الجهات التي استمعت اليه في بيروت أنه لا يعرف شيئاً عن مكان الرئيس الحريري منذ وصول رئيس الحكومة الى الرياض الجمعة الماضي. وأوضح أن الحريري توجّه الى منزله، قبل أن يتقرر انتقاله مع مرافقين اثنين فقط وبحراسة الامن السعودي الى مكان آخر لعقد لقاءات، فيما أُبلغ دياب وعائلة الحريري بإجراءات الأمن الجديدة، وصودرت الهواتف. وأفاد بأنه طلب العودة الى بيروت بسبب مرض والدته، وأنه حصل على الموافقة على ذلك.
أما الجديد بالنسبة الى الوساطات، فهو ما كشفت عنه مصادر واسعة الاطلاع من فشل الجهود الدولية المبذولة، بناءً على طلب عائلة الحريري، في الحصول على جواب حاسم حول مصيره. وتردد، ليل أمس، أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أوفد الى الرياض الرئيس السابق نيكولا ساركوزي للتوسط من أجل انتقال الحريري الى باريس شرط التزامه عدم الخروج عن التوجهات العامة للرياض، لكن من دون نتيجة. والرفض نفسه نقله المسؤول الاميركي ديفيد ساترفيلد الى وزير الثقافة غطاس خوري، علماً بأن فريق السفارة الاميركية في بيروت بقي يرد على الاسئلة بأسئلة.
وبحسب السيناريوات المطروحة، فإن الحريري بات أسير خيارات ضيقة:
أولاً: السماح له بالعودة الى بيروت في زيارة قصيرة يثبت فيها استقالته ومضمون بيان الاستقالة ويعود الى الرياض حيث ستبقى عائلته قيد الاحتجاز.
ثانياً: الموافقة على الانخراط في برنامج حكام الرياض بتبنّي خطاب المواجهة ضد الرئيس ميشال عون وحزب الله، على أن يصار الى إخراج بقية أعضاء فريقه الرئيسي من لبنان، مع إعادة ضخ الاموال في ماكينته السياسية والاعلامية.
وعلق مصدر مواكب للاتصالات على هذه الخيارات بالقول إن السعودية تريد من الحريري إما اختيار المنفى الطوعي والتزام الصمت، وإما العودة الى بيروت لمواجهة خصومها.
وتجدر الإشارة الى أن آخر المعلومات الواردة من أبو ظبي ليل أمس، أفادت بأن الحريري وقّع على تنازل لا عودة عنه، لمصلحة سلطات الرياض، عن كل الديون المتوجبة لشركاته في ذمة الحكومة السعودية، والمقدّرة بنحو سبعة مليارات دولار، وأن القرار أبقى له على ملكية منزلين في الرياض وجدّة، علماً بأن أحدهما كان يملكه والده ومسجّل باسم والدته. وفي مقابل ذلك، حصل الحريري على قرار بوقف ملاحقة شركاته من قِبَل المصارف السعودية الدائنة لمجموعة «سعودي أوجيه».
"الجمهورية": عون طمأنَ الى انّ الوضع الأمني ممسوك وكذلك الوضع النقدي والإقتصادي
وعلى صعيد مرتبط ياستقالة الحريري قالت دوائر قصر بعبدا لصحيفة «الجمهورية»: «إنّ رئيس الجمهورية يفكّر باستدعاء سفراء الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وسفراء دول اوروبا والمجموعة العربية في الساعات المقبلة لوضعِهم في آخِر التطورات، وأنّه يتريّث في هذه الخطوة الى مساء اليوم بانتظار نتائج اتصالاته الخارجية لاستكشاف الخطوات المقبلة وتحرّكات الحريري تحديداً».
ومِن المقرر ان يوسّعَ عون في الساعات المقبلة إطارَ مشاوراته التي بدأها امس في مع قيادات وشخصيات رسمية وسياسية وحزبية، لتشملَ مرجعيات غير سياسية، وفي طليعتِها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لبحثِ نتائج إعلان الحريري استقالته من خارج لبنان والسبل الكفيلة للخروج من الأزمة المتأتية عنها.
وعلمت «الجمهورية» انّ عون طمأنَ في لقاءاته الى انّ الوضع الأمني ممسوك وكذلك الوضع النقدي والإقتصادي، وأنّ البلاد تجاوزت تردّدات الاستقالة وما كان يمكن ان ينجمَ عنها لولا الإجماع الوطني الذي عبّر عنه القادة السياسيون من مختلف الأطراف، وإسراع المراجع المصرفية والنقدية والمالية الى التأكيد على قدرة لبنان على استيعاب ايّ فوضى مالية والتي استبِقت بتدابير ناجحة، كما بالنسبة الى جهوزية القوى العسكرية والأمنية. لكنّ عون حذّر بشدّة «من مخاطر الشائعات التي تساهم فيها مجموعات غوغائية احياناً، وأخرى تقصد جرَّ البلادِ الى فتنة داخلية، وأكّد ضرورةَ عدم الأخذ بها».
ونَقل زوّار قصر بعبدا أنّ عون «قدّم عرضاً مفصّلاً لتطورات ما قبل الاستقالة وأثنائها وبعدها وفق ما لديه من معطيات، وتحدّثَ عن الظروف الملتبسة للاستقالة وأكّد انّه يتريّث في اتخاذ ايّ موقف منها قبل ان يتسنّى له لقاء الحريري، آملاً ان يكون في بيروت في وقتٍ قريب».
وبحسبِ هؤلاء الزوّار فإنّ عون وصَف الاستقالة «بأنّها غريبة في الشكل والتوقيت والمضمون ومخالِفة لكلّ التقاليد والأعراف التي عرفها لبنان منذ الاستقلال الى اليوم، هذا عدا عن ظروفها التي لا يمكن توضيحها او الوقوف على الحقائق المحيطة بها قبل لقاء الحريري لتقرير ما يمكن القيام به في اقربِ فرصة ممكنة».
بعد ذلك طلب عون ممّن التقاهم إبداءَ رأيهم في هذه المعطيات ورؤيتهم لسبلِ مواجهتها بما يضمن الاستقرارَ في البلاد وطمأنة اللبنانيين الى انّنا جميعاً واعونَ لِما نشهده من استحقاقات كبرى تعني كلّ اللبنانيين قياساً على حجم الظروف التي تحيط بلبنان، والإصرار على تجنيبه تردّدات المخاطر مع الحفاظ على نسيجه وأمنه.
"البناء": عون وبري وحزب الله: الحريري مرشحنا
وفي ذات الاطار، تحدّثت أوساط نيابية مطلعة عن التقاء بين الرئيسين عون وبري وقيادة حزب الله على أن «الاستقالة حصلت بالإكراه ومن خارج الأراضي اللبنانية، وبالتالي لا يمكن قبولها بالمعنى الدستوري قبل أن يعود الى لبنان ويعلن ذلك رسمياً في بعبدا». ولفتت لـ «البناء» الى أن «أحد أهداف اقالة الحريري هو التغطية على الانقلاب في السعودية وفي الوقت نفسه استغلالها في معركة السعودية مع إيران وحزب الله ومحور المقاومة». غير أن الأوساط «طمأنت الى أن لا تداعيات أمنية على الداخل جراء التطور السياسي المستجد».
وعن الاتجاه الرئاسي في حال لم تفرج السعودية عن رئيس الحكومة اللبنانية، كشفت المصادر أن «الاتجاه هو لإعادة تسمية الرئيس الحريري لتشكيل حكومة جديدة، وإن كان في السعودية، لإحراج المملكة ودفعها للإفراج عنه، وبما أنها أعلنت أنه ليس معتقلاً لديها فلماذا لا يعود الى لبنان؟». ونفت الأوساط «خيار ترشيح مرشح من 8 آذار بعد إصرار الجميع على ترشيح الحريري مجدداً».
وقالت مصادر تكتل التغيير والاصلاح لـ «البناء» إن «الرئيس عون مصر على استعادة الحريري قبل كل شيء، وهو رئيس حكومة في الاقامة الجبرية حتى يثبت العكس، وبالتالي سيتحرك دولياً وداخلياً باتجاه فك أسره»، مشيرة الى أن «الرئيس عون سينتظر عودة الرئيس الحريري ولن يقوم بأي خطوة قبل كشف مصيره وعودته الى بلده».
ولفتت الى أنه في حال عاد الحريري وقدّم استقالته خطياً الى رئيس الجمهورية وهذا هو الخيار المرجح، فسيعلن عون عن استشارات نيابية ملزمة يصار بعدها الى تكليف رئيس حكومة جديد، مشككة بإمكان تسمية رئيس غير الحريري، لكنها لفتت الى أن «اعادة تسمية الحريري وتكليفه تشكيل الحكومة سيفرض تفاهماً سياسياً جديداً بين عون والحريري من جهة والحريري وحزب الله من جهة ثانية، وبالتالي شروط جديدة سيفرضها الحريري لقبوله التكليف والتأليف تتعلق بالعلاقة بين حزب الله بالسعودية».
لكنها توقعت أن يطول أمد التأليف مدة شهور ليس بسبب الخلافات على الحصص الحكومية، بل على العناوين السياسية والبيان الوزاري اللذين سيحكمان عمل الحكومة وسياستها الخارجية. ورفضت المصادر أي حديث عن تشكيل حكومة من دون مكوّن أساسي كحزب الله أو حكومة لا لون ولا رائحة، موضحة أن حكومة التكنوقراط يعني تسجيل هدف في مرمى فريق الرئيس عون وقوى 8 آذار وهذا لن يسمح به.
وعما إذا كانت الاقالة صفعة سعودية للعهد في عامه الاول، أشارت المصادر الى أن «كل ما يجري يهدف الى تقويض العهد نتيجة مواقفه الوطنية المستقلة في سياق المعركة المفتوحة مع العدو الاسرائيلي والارهاب».
وأكّد التكتّل في بيان تلاه وزير البيئة طارق الخطيب، بعد اجتماعه أمس برئاسة باسيل «احترام الدستور والأصول البرلمانيّة والديمقراطية في تعامله مع التطوّرات الراهنة»، معتبراً أنّ «من واجبات رئيس البلاد الوطنية والدستورية الوقوف عند ظروف إعلان استقالة رئيس الحكومة وأسبابها، وذلك بعد عودته إلى لبنان.». وعن الانتخابات أكد التكتّل «ضرورة إجرائها في مواعيدها الدستورية، كخطوة أساسيّة على طريق تجديد المؤسسات الدستورية واحترام إرادة اللبنانيين وخياراتهم».