ارشيف من :أخبار لبنانية
الحريري في أول مقابلة بعد تقديم استقالته من الرياض.. سأعود إلى لبنان بعد أيام

اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم بالمقابلة التلفزيونية الأولى التي جرت مع سعد الحريري، رئيس الحكومة المستقيل من الرياض، والتي قاطعتها عدة قنوات تلفزيونية لبنانية التزاما بالبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية والذي يتضمن "عدم اعتداد رئيس الجمهورية باي موقف صدر او يمكن ان يصدر عن الرئيس سعد الحريري نظرا للغموض الذي يعتري وضعه في السعودية".
بانوراما الصحف اللبنانية ليوم الاثنين 13-11-2017
"الأخبار": السعودية «تتراجع»: سعد الحريري راجع؟
فقد اعتبرت صحيفة "الأخبار" ان مقابلة الرئيس سعد الحريري أمس، نسفت محاولات التعمية على إقامته الجبرية في السعودية واحتجاز حريّته. إلّا أن مواقف الحريري أتت في سقف أدنى بكثير من ذلك الذي ظهر في بيان استقالته، ممّا يشير إلى توجه سعودي بالتزام التسوية بعد تعديل شروطها، بعدما فشلت المرحلة الاولى من الانقلاب السعودي في تحقيق غايتها
ولم ينجح معدّو مقابلة الرئيس سعد الحريري على شاشة تلفزيون المستقبل، أمس، في تبديد انطباعات اللبنانيين التي تكوّنت منذ تقديم استقالته، عن كون رئيس حكومتهم مسلوب الإرادة في إقامته في المملكة العربية السعودية. لا شكلاً ولا مضموناً، تمكّن الحريري ومن يقف خلف المقابلة في إزالة هذا اللّبس، أو التخفيف من وطأته، بل على العكس، رسّخ التعب والقلق، اللذين ظهرا على وجهه وصوته، نظريّة إقامته الجبرية في مملكة القهر السعودية.
وعدا عن ترتيبات المقابلة المفاجئة والسريّة التي أحيطت بها بدايةً، وعدم معرفة المحاوِرة الزميلة بولا يعقوبيان، بموعد المقابلة الدقيق حتى وصولها إلى الرّياض، وعدم معرفتها إن كانت المقابلة ستبثّ مباشرةً على الهواء أو سيتمّ عرضها لاحقاً بعد تسجيلها، كان كافياً أن يظهر رجلٌ في خلفيّة «الكادر» يرفع ورقةً للحريري، فيشيح رئيس الحكومة بنظره عن الشاشة، حتّى تزيد شكوك المتابعين بأن إحاطة الأمن السعودي للحريري في خطواته أكثر من حقيقة.
ويمكن القول من خلاصة المقابلة إن من خطّط لهذه الاستقالة، منتظراً مفاعيل مختلفة عن تلك التي ظهرت على الساحة اللبنانية، اضطّر تحت وطأة الفشل إلى أن يخفض من سقف مواقفه، وهو ما ظهر على لسان الحريري أمس.
أوّلاً، لم ينجح مهندسو الاستقالة في إحداث شرخ سريع على الساحة اللبنانية، إن على المستوى السياسي بين القوى أو على مستوى الشارع، على عكس التوقّعات بحدوث صدامات وهبّة مؤيدة للسعودية في بيئة تيّار المستقبل.
ثانياً، نجح مثلّث عون ــ الرئيس نبيه بري ــ قيادات المستقبل البارزة وعائلة الحريري في التماسك الكلّي، ونقل المعركة إلى المحافل الدوليّة والدبلوماسية، ما سبب حرجاً كبيراً للسعوديين.
ثالثاً، لم ينجرّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى خطاب التصعيد السعودي، بل ظهر في إطلالتين متتاليتين بكثيرٍ من الهدوء والتروّي والاحتضان لعائلة الحريري وتيار المستقبل، رامياً الكرة في ملعب التصعيديين.
رابعاً، ظهر لمعدّي استقالة الحريري ضعف الفريق المحسوب بالكامل عليهم وعجزه عن تحريك الشارع اللبناني، إن كان في الشمال، حيث يلعب اللواء المتقاعد أشرف ريفي، أو في الساحة المسيحية حيث نفوذ حزب القوات اللبنانية، الذي ظهر عاجزاً أمام تمسّك هذا الشارع شبه الكامل بخيارات رئيس الجمهورية وإجماع القيادات الرسمية خلف توجّهات عون وقيادته للمواجهة الدبلوماسية والشعبية.
"البناء": الحريري: لم تنته التسوية وسأعود خلال أيام
بدورها رأت "البناء" أن كلام رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من معتقله السياسي في الرياض مساء أمس لم يغيّر من مشهد الوحدة الوطنية الذي تشكّل حول استعادة رئيس حكومتهم الى بيروت، كما لم يبدّل موقف الدولة اللبنانية وعلى رأسها رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي اعتبار استقالته، كما بيان الاستقالة غير شرعية وغير قانونية وغير دستورية، لأنها تمّت تحت الضغط والإكراه.
غير أنّ جملة من الأمور يمكن ملاحظتها في الشكل خلال المقابلة التي أقلّ ما يمكن القول فيها إنها جاءت بطلبٍ مباشر من السلطات السعودية، وتمّ توجيه مواقف الحريري لبعث رسائل عدة مطلوب إيصالها الى مَن يعنيهم الأمر في بيروت وخارجها، وذلك بعد عجز النظام السعودي عن تحمّل الضغوط الدولية التي توالت عليه ولا عن مواجهة الموقف اللبناني الموحّد الملتفّ حول الحريري، حيث نجحت الاتصالات الدولية، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ «البناء» خلال الأيام الثمانية الماضية بإنقاذ ما أسمته حياة الحريري، بعد أن كانت مهدّدة كما تمكّنت من حفظ جزء من كرامته من خلال منع توريث بهاء رفيق الحريري على رأس عائلة الحريري وتيار المستقبل.
وقد بدا على رئيس الحكومة الإعياء والإرباك واختصار الإجابات وتكثيف الفواصل الإعلانية وتكرار مواقف عدة أكثر من مرة. وقد بدت علامات الخوف واضحة بحسب خبراء في علم النفس والجسد، كما لوحظ الفارق في مكان إجراء المقابلة وبين المقابلات السابقة التي كان يُجريها الحريري في أماكن فسيحة في منزله في بيت الوسط، وخصوصاً في منزله في العاصمة الفرنسية.
وقد لوحظ أيضاً خلال المقابلة ظهور أحد الاشخاص وبيده ورقة بيضاء ما شتّت انتباه الحريري حيث نظر اليه وأشّر له بيده، غير أنّ المحاورة بولا يعقوبيان سارعت الى استدراك الموقف لاحقاً، وأوضحت أنّ الشخص الذي اقترب وظهر في كادر الكاميرا هو من فريق العمل.
أما في المضمون فإنّ المقابلة السياسية للحريري وضعها المراقبون في كفّ فيما وضعوا بكاءَه في كفّ آخر، اذ عبّرت دموعه عن عمق الأزمة النفسية العاطفية الشخصية التي تصيبه جراء الاحتجاز التعسّفي، وبالتالي ملابسات المقابلة والتي تنضح بالمخفيّ من وقائع وليس بما قيل، فما ردّده الحريري هو ضمن السياق المفروض عليه.
كما كانت لافتة الفجوة بين إطلالة الحريري أمس، وبين بيان استقالته السبت الفائت سواء لجهة المصطلحات والأسلوب ومستوى التصعيد، وكأنّ من قرأ خطاب الاستقالة شخص كان تحت التهديد، ومن أطلّ أمس لا يزال تحت التهديد، لكن تمّ سحب المسدس عن رأسه.
وفحوى كلام الحريري بحسب المصادر، هو أنه أكد استقالته، وأنه سيأتي إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لتقديم استقالته دستورياً، من دون أن يمانع إعادة تكليفه، لكن مع إعادة النظر بالتسوية الرئاسية وتحديداً في ما يتعلق بالنأي بالنفس، ويأتي ذلك ضمن سياق سعودي لإثارة الأزمة في لبنان للمساومة على الملف اليمني، لا سيما أنّ اليمن، بحسب ما تقول المصادر هو أشبه بالسكين التي تُغرز في ظهر الأسرة الحاكمة وتقطع طريق ولي العهد محمد بن سمان لتولي عرش المملكة.
"الجمهورية": الحريري: لتسوية حقيقية والنأي
صحيفة "الجمهورية" تحدثت عن مشهد ضبابي بامتياز يلف البلاد ولكنه مفتوح على احتمالات شتى. فبعد دخول استقالة الرئيس سعد الحريري اسبوعها الثاني ولم يتبلور بعد ما ستؤول اليه، تستمر المساعي الديبلوماسية بحثا عن مخرج للأزمة الناجمة منها، كسر الحريري جدار الصمت الذي التزمه منذ اعلان استقالته، فاتحا الباب امام التراجع عن استقالته مشترطاً التوصل الى تسوية تكون «نهائية وحقيقية» حول سياسة النأي بالنفس و«مع «حزب الله» حول الموضوع الاقليمي»، وداعيا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى فتح حوار حول سلاح الحزب. ومؤكداً عودته الى لبنان «خلال يومين تلاتة».
فقد أطلّ الحريري مساء امس من منزله في الرياض وللمرة الاولى منذ اعلان استقالته، عبر شاشة «المستقبل» ليؤكد عودته الى لبنان قريباً، وأنه لن يتراجع عن استقالته الا في حال احترام سياسة «النأي بالنفس»، وقال: «سأقوم بكل الخطوات الدستوريّة في ما يتعلق بها، وتراجعي مرتبط بالنأي بالنفس، وسنلتقي خلال يومين أو ثلاثة في لبنان»، واضاف: «بدنا نعمل تسوية نهائية حقيقية مع «حزب الله» في الموضوع الاقليمي».
واشار الى أن «الإنتخابات النيابيّة ستجري في موعدها، وسأكون على رأس حكومة لتصريف الأعمال»، لافتاً الى «معطيات اكتشفتها أدّت بي الى الاستقالة ومهمّتي الأساسية محاولة الحفاظ على البلد وتجنيبه كثيراً من الأزمات الآتية». وقال: «اكتشفت في آخر زيارة للرياض أن هناك معطيات جديدة وما يهمني هو لبنان».
وأعلن «أنني أردت استمرار التسويّة وعدم السماح للنظام السوري أو غيره أن يفعل ما يريد في لبنان، والتسوية كانت أن ننأى بانفسنا وأن لا ننجرّ إلى النزاعات وأن نحافظ على العلاقات الجيّدة مع الدول العربية والدوليّة، واستقالتي هي صحوة».
واعتبر ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «أكثر إنسان متمّسك بالدستور، ومن حقه أن يقبل الإستقالة أو يرفضها، ونحن كلنا تحت سقف الدستور وهو على حق أن ينتظر عودتي إلى لبنان للنظر في الإستقالة»، مضيفاً: «كل ما أقوله إنّنا سنسعى مع عون للعودة إلى البيان الوزاري، وعلى فخامة الرئيس تأدية دور في إطار فتح قنوات مع «حزب الله» للسير في ما هو لمصلحة لبنان فقط كما تفعل كل الدول حيث تعمل لمصلحة بلدها».
وأشار الحريري الى أن «بيان الإستقالة يختلف عن حوار اليوم لأنني تمعّنت به لتشكيل صدمة بما يصب في مصلحة لبنان»، مضيفاً: «لم أتنازل عن النأي بالنفس، وللبحث في سلاح «حزب الله» نحن في حاجة إلى حوار وهذا الأمر يطلبه رئيس الجمهوريّة لأنّ السلاح ليس قراراً داخليّاً وهو يشكل خطراً إقليميّاً».
وأضاف: «بعد الصدمة ستكون العودة إلى لبنان، والعودة إلى العمل، وقيام تسوية حقيقيّة داخليّة مع «حزب الله» في الموضوع الإقليمي مع الإلتزام بالنأي بالنفس».