ارشيف من :أخبار عالمية

انطلاق حقبة جديدة من العلاقات الثنائية السورية الفرنسية تحت انظار الريبة الاميركية

انطلاق حقبة جديدة من العلاقات الثنائية السورية الفرنسية تحت انظار الريبة الاميركية

شهدت العلاقات السورية الفرنسية تطورا كبيرا في الآونة الاخيرة بعد العزلة والحصار الدولي التي فرضته الادارة الاميركية على سوريا منذ العام 2005 , حيث نحا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منحى معاكسا تماما للمنحى الذي انتهجه سلفه شيراك تجاه سوريا . فشكلت زيارة الرئيس بشار الأسد إلى فرنسا في الفترة الممتدة بين 12 إلى 14 تموز الماضي بدعوة من الرئيس نيكولا ساركوزي ومحادثاته مع كبار المسؤولين الفرنسيين منعطفاً مهماً في العلاقات الفرنسية السورية وفتحت آفاقاً جديدة لتطور العلاقات الثنائية بين البلدين ولاسيما في المجالات الاقتصادية , وأثمرت القمة حينها خطة عمل سورية فرنسية لإطلاق العلاقات الثنائية بهدف تعزيز الصلات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.
وفي هذا الاطارووسط استمرار ريبة الادارة الاميركية من الانفتاح الفرنسي والاوروبي تجاه سوريا ومن المفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة وبواساطة تركية , يبدأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم زيارة رسمية لسورية تستمر يومين. حيث تتناول مباحثات القمة بين الرئيسين الأسد وساركوزي العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف المجالات إضافة إلى بحث الأوضاع الإقليمية والدولية وعملية السلام في الشرق الأوسط بما في ذلك محادثات السلام غير المباشرة بين سورية و" إسرائيل" بوساطة تركية.
وفي السياق ستستضيف دمشق يوم غد الخميس قمة رباعية بين السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب اردوغان حيث تترأس سوريا القمة العربية وفرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي وقطر رئاسة مجلس التعاون الخليجي.
وكان الرئيس ساركوزي أكد في الخطاب الذي ألقاه أمام السفراء الفرنسيين مؤخراً وأعلن فيه أنه سيزور سوريا في الثالث من أيلول أن الحوار الشفاف مع سوريا هو الذي يؤدي إلى تقدم ملموس لافتاً إلى التقدم الذي أتاحته محادثاته مع الرئيس بشار الأسد في باريس في 12 تموز الماضي. واكد ساركوزي أن رسالته الأولى لسورية هي رسالة صداقة للشعب السوري وأن الصفحة الجديدة مع سوريا عزيزة على قلبه وأن سوريا بلد عظيم لا بديل عن مساهماته لحل مشكلات الشرق الأوسط.
وقال ساركوزي في حديث لصحيفة الوطن السورية نشرته اليوم..لقد أقام بلدانا على مر التاريخ علاقات وثيقة ومفعمة بالعاطفة وعلينا الاعتراف بأنها كانت أحياناً معقدة ولكن مهما كانت الصعوبات التي شهدتها علاقاتنا أحيانا فإن صداقة شعبينا الواحد مع الآخر لم تتوقف على الإطلاق وهذا غنى نفيس جداً علينا الحفاظ عليه مهما كان الثمن.
وأشار ساركوزي إلى أن فرنسا وسوريا بصدد فتح صفحة جديدة في علاقاتهما وإن سوريا بلد عظيم و بإمكانه أن يقدّم مساهمة لابديل عنها لحل المشكلات في الشرق الأوسط. ورأى ساركوزي أن المستقبل الفرنسي السوري يمر من خلال السير على طريق التعاون..وقال بالتأكيد فإننا دولتان مستقلتان وسيكون لدينا أحياناً مصالحنا الخاصة إلا أنني مقتنع،كما ذكرت ذلك للرئيس بشار الأسد عندما زار باريس بتاريخ 12 تموز الماضي بأن طريق السلام يمر في هذه المنطقة عبر بلدينا.
وأوضح ساركوزي أنه منذ انتخابه رئيساً للجمهورية أراد أن تستعيد فرنسا مكانتها على رقعة الشطرنج الدولية. وفي الشرق الأوسط وأن تتحمل كامل مسؤلياتها في خدمة السلام ولذلك من المهم أن تحوز ثقة كل الأطراف. وضمن هذه الروحية تم إدخال عدد معين من الإصلاحات الكبيرة وقال هذا ما أفعله مع سورية إنه لشيء أساسي بالنسبة لي أن أفتح بابا على الحوار الذي يؤدي إلى إحراز تقدم ملموس.
ورأى ساركوزي إن المحادثات غير المباشرة بين سوريا و" إسرائيل "تعتبر أمراً ممتازاً لكل من البلدين وكذلك بالنسبة للمنطقة وللعالم لافتا الى المحادثات السورية الاسرئيلية غير مباشرة املا ان تفضي هذه المفاوضات إلى مفاوضات مباشرة بين البلدين في أسرع وقت ممكن.
من جهته أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن سوريا دائماً تريد الحوار وأن هناك أفقاً كبيراً للتعاون السوري الفرنسي في كل قضايا المنطقة لأن المصلحة مشتركة للبلدين والشرق الأوسط.
وأضاف الرئيس الأسد في حديث مع التلفزيون الفرنسي القناة الثالثة في سياق رد على سؤال حول لقائه مع الرئيس الفرنسي وقيام حوار حقيقي بثته القناة مساء أمس ..أن الرئيس ساركوزي عندما أتى الى موقعه في الرئاسة الفرنسية وضع هدفاً هو الاستقرار في قضايا السلام ولبنان وما يحصل الآن في القوقاز وأراد لفرنسا أن يكون لها دور هام في حل كل هذه القضايا وأراد لأوروبا الشيء ذاته.
وأشار الرئيس الأسد الى ان سوريا دائماً تدعو الى ذلك وفي السنوات الماضية قلنا إن أوروبا غائبة ويجب على أوروبا ان تلعب دوراً مهماً في القضايا المطروحة وهذه الأشياء نراها الآن موجودة ونستطيع ان نقول نعم هناك أفق كبير للتعاون السوري الفرنسي في كل هذه القضايا لأن المصلحة المشتركة لنا ولفرنسا ولأوروبا وللشرق الأوسط.
ورداً على سؤال حول القمة الرباعية بين الرئيسين الأسد وساركوزي وأمير قطر ورئيس وزراء تركيا قال الرئيس الأسد: بكل تأكيد هذا في جوهر العمل من أجل الاستقرار ومن أجل أن يكون هناك دور أساسي لأوروبا من خلال فرنسا ودور أساسي لعدد من الدول العربية من خلال سورية وقطر.. ونحن رئيس القمة العربية الآن وقطر رئيسة المجموعة الخليجية من دول مجلس التعاون الخليجي.. وفرنسا رئيسة الاتحاد الأوروبي.. وتركيا هي الدولة الوحيدة التي تمكنت من إطلاق عملية السلام ولو بشكل مفاوضات غير مباشرة.
وجواباً عن سؤال بأن تحسن العلاقة بين لبنان وسوريا هو نتيجة جزئية لتحسن العلاقات بين فرنسا وسوريا أو ربما هي ولادة حقبة جديدة بين البلدين قال الرئيس الأسد: لا أستطيع أن أقول إنها نتيجة لإننا تحدثنا سابقا عن ضرورة تحسين هذه العلاقة أي نحن في سوريا ولكن الفرق هو ان سياسة فرنسا السابقة أيام الرئيس شيراك لم تكن تساعد على قيام علاقات طبيعية بين سوريا ولبنان..كانت تلعب دوراً سلبياً. ووصف الرئيس الأسد إدارة الرئيس ساركوزي بأنها إدارة واقعية وتسعى للاستقرار في لبنان لأنها تعرف أن الاستقرار في لبنان ضروري للاستقرار في الشرق الاوسط وهذا العامل استطيع ان اقول انه عامل مساعد لأن تقوم علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا وبالطبيعي بين لبنان والدول العربية.
ورأى الرئيس الأسد ان هناك حقبة جديدة بين سوريا وفرنسا مبنية على سياسة فرنسية جديدة وهي سياسة براغماتية.. سياسة واقعية تتحدث أو تضع هدف الاستقرار وتتبنى وسائل أهمها الحوار وهذا ما ندعو إليه وهنا تكمن مصلحتنا لذلك التقينا مع هذه الادارة ونستطيع ان نقول بأن هناك حقبة جديدة تسعى للاستقرار.
وحول عملية السلام وفيما إذا كانت المفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة بوساطة تركية تسير بالاتجاه الصحيح أوضح الرئيس الأسد أن الانطباع صحيح بأن هناك مجالاً للسلام ولكن لا أستطيع القول إننا اقتربنا من تحقيق السلام نحن في مرحلة التحضير لمفاوضات مباشرة وعندما نصل الى هذه المرحلة نستطيع أن نقول إننا بدأنا نقترب من السلام والآن نستطيع فقط أن نقول إننا فتحنا الباب من اجل السلام واعطينا فرصا اكبر لتحقيق السلام.
وأشار الرئيس الأسد الى انه عندما تبدأ المفاوضات المباشرة بدور أمريكى ودور فرنسي ودور تركي وربما دول أخرى عندها نستطيع ان نقول نعم بأننا نقترب من السلام ولكن من المبكر أن نعطي جواباً على هذا الشيء.
وحول ربط الاقتراب من السلام أكثر بمجيء إدارة امريكية جديدة قال الرئيس الأسد..نعم هذا أكيد والسبب ان هذه الادارة بعد سبع سنوات من وجودها بدأت تتذكر بأن هناك شيئا اسمه السلام يعني في السنة الاخيرة وبقي من عمر هذه الادارة اربعة اشهر ومن المستحيل ان يتم تحقيق السلام أو أن تكون هناك جهود جدية لتحقيق السلام في الأشهر الاربعة الاخيرة.
وأضاف الرئيس الأسد.. بكل تأكيد لابد من انتظار الادارة الامريكية المقبلة لنرى توجهاتها عندها نستطيع ان نتحدث عن مفاوضات مباشرة.
ورداً على سؤال حول خشية سورية من هجوم اسرائيلي وشيك على ايران قال الرئيس الأسد: لدينا اعتقاد بأن اسرائيل تسعى لحرب ربما بأكثر من اتجاه وقد تكون الأولوية لها ايران وربما تكون الاولوية الاخرى هي لبنان ولا نستبعد سورية بما أنها اعتدت على سورية سابقاً. وأشار الرئيس الأسد الى أن أي حرب من هذا النوع سواء كانت من اسرائيل أو أي طرف آخر ستكون لها نتائج كارثية كبيرة ليس فقط على المنطقة وانما على العالم بشكل عام ونتمنى ألا تحصل مثل هذه الحرب ولكن يبقى لدينا القلق في الأشهر المقبلة من أن يكون هناك تخطيط لتنفيذ مثل هذا العمل.
ولفت الرئيس الأسد الى ان هناك قضايا كبيرة.. موضوع السلام.. عملية السلام.. والخلاف الجديد او ربما القديم الجديد في القوقاز.. وقضايا الملف النووي الايراني وغيرها من القضايا.. هذه الدول التي ذكرتها لها بشكل مباشر أو غير مباشر تأثير فيها فلابد أن يكون هناك حوار سوري فرنسي حول كيف نوحد الرؤية بالنسبة لحل القضايا ومن ثم تتحرك فرنسا مع الدول التي لها علاقة جيدة بها وتتحرك سورية مع الدول التى لها ايضا علاقات جيدة بها.

2008-09-03