ارشيف من :أخبار لبنانية
السيد نصرالله: جلد حزب الله لا يسلخ ولن يأتي من يستطيع ان يسلخ جلد حزب الله ..

تحدث الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في حفل الافطار المركزي الذي أقامته هيئة دعم المقاومة الاسلامية في مدينة النبطية، فتطرق الى معاني الصوم ودروسه في الصبر وتجلياته في الواقع، وقدم عدة نماذج وأمثلة، ثم تطرق سماحته الى الواقع المحلي وهنا النص الكامل لكلمة سماحنه:
في البداية أبارك لكم ولجميع المسلمين عموماً واللبنانيين خصوصاً حلول هذا الشهر العظيم والمبارك، شهر المغفرة والعفو والرحمة والتوبة والإنابة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى. الشهر الذي هو عند الله أفضل الشهور ولياليه أفضل الليالي وأيامه أفضل الأيام. وأشكر لكم جميعاً تلبيتكم دعوة إخواننا في هيئة دعم المقاومة الإسلامية في هذه المدينة المجاهدة والمباركة مدينة النبطية، وفي هذا استمرار لتأييدكم ودعمكم ومساندتكم لهذه المقاومة وأهدافها وجهادها وتضحياتها، وللتأكيد أنكم في الحقيقة جزء لا يتجزأ منها.
بعون الله سبحانه وتعالى أنا سأكون في خدمة بعض نشاطات هيئة الدعم في هذا الشهر المبارك في عدة ليالي متباعدة قليلاً ، وستكون فرصة لي أن أخاطبكم وأخاطب من خلالكم اللبنانيين وبقية من يسمعنا في هذا العالم للتعرض لمجموعة من القضايا والموضوعات التي تهمنا جميعاً، ولعل هذه الإطلالات تعوض عن ما كنت وعدت به من مؤتمر صحافي في الآونة الأخيرة، فيمكن لبعض الموضوعات التي كنت أود التعرض لها في المؤتمر الحافي أن أجزئها وأن أطرحها في خلال الكلمات التي ستلقى في شهر رمضان المبارك، مع مدخل رمضاني للموضوعات، حتى نعطي لهذه المناسبة الجليلة بعضنا من حقها علينا.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد "بسم الله الرحمن الرحيم، واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون". وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة أن الصبر في الآية هو الصيام، وهذا لعله في إطار التطبيق لأن من أهم مصاديق الصبر هو الصيام ولأن من أهم عوامل صنع حالة الصبر في الانسان هي الصيام. ويقول تعالى مخاطباً رسوله (ص) " فاصبر كما صبر أولي العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار"، وفي آيات أخرى "وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" "واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"، "ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور".
هذا الشهر في ما فرضه الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، ليس المؤمنين برسالة الإسلام فقط وإنما المؤمنين برسالات الأنبياء (ص) " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". من جملة الحكم، وأنا لا أقول العلل لأن هذا عند الله سبحانه وتعالى علمه، من جملة ما يؤدي إليه الالتزام بهذه الفريضة الإلهية في شهر رمضان فرضية الصوم هو بناء الانسان، بناء الإنسان في أبعاد متنوعة ومتعددة على المستوى الروحي والمعنوي والنفسي والأخلاقي والثقافي والفكري. هذا الشهر هو مناسبة لإعادة صياغة، هي مناسبة للإنسان ليعيد صياغة روحه ومكوناته الثقافية والفكرية والنفسية والأخلاقية بعون من الله ولطف من الله سبحانه وتعالى ومن أهم العناصر التي يبنيها الالتزام العبادي في هذا الشهر المبارك هو عنصر الإرادة والعزم وهو مدخلي الرمضاني لبعض القضايا التي تعنينا في لبنان وفي المنطقة والتي يمكن أن نتحدث عنها هذه الليلة.
أيها الأخوة الكرام إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الانسان كانت مشيئة الله عز وجل أن يحقق الانسان أهدافه وأمانيه في الدنيا وفي الآخرة بفعل عمله وسلوكه وجهده وسيرته، يعني الموضوع ليس موضوعاً جبرياً، أن هذا خلق للنار وأن هذا خلق للجنة "وخلصت الحكاية"، وأن هذا خلق للعز وأن هذا خلق للذل "وخلصت الحكاية" ، وأن هذا خلق للغنى وأن هذا خلق للفقر "وخلصت الحكاية"، لا . إن ما يمكن أن يحمله الإنسان من أماني وطموحات وأحلام وتطلعات مشروعة على مستوى الدنيا وعلى مستوى الآخرة، ما يتطلع إليه الانسان على مستوى الآخرة يجب أن يحصل عليه بعمله، بسلوكه، بفعله، هذه مشيئة الله سبحانه وتعالى، ولذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى زوّد الانسان بما يمكنه من تحقيق الأهداف والطموحات في الدنيا والآخرة، سخّر له الوجود والكون وفي نفس الوقت أمده وأعطاه يما يميزه عن بقية المخلوقات كلها وهو العقل. ومن هنا يبدأ الطريق، بداية الطريق العلم والمعرفة، أن يعرف الانسان منا نفسه، وهذه هي المشكلة الكبرى في الحقيقة. كثيرون يرتكبون الأخطاء لأنهم لا يعرفون أنفسهم ولا إمكاناتهم ولا حدودهم. وأن يعرف الإنسان ربه وأن يعرف الانسان كل الوجود من حوله وأن يعرف الحياة والآخرين بشراً كانوا أما غير بشر ، وأن يعرف الانسان أهدافه الصحيحة المشروعة التي يجب أن يعمل لأجلها ويتعلق بها في الدنيا والآخرة ، وان يعرف الانسان أيضاً الطريق الصحيح والسليم والمستقيم الذي يمكن أن يوصله إلى هذه الأهداف الصحيحة والمشروعة في الدنيا والآخرة، وهذه الأمور يحتاج الانسان إلى معرفتها في كل زمان ومكان ، وأن يعرف الانسان الخير والشر وأن يعرف الانسان ما فيه صلاحه وما فيه مفسدته، وأن يعرف الانسان صديقه من عدوه. هذا العلم ، هذه المعرفة هي شرط أساسي في حياة الانسان وحركته وسلوكه الشخصي أو الجماعي، أياً تكن الأهداف والطموحات والطرق والوسائل التي يسلكها والتي يستخدمها. عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن قصة آدام، من أهم العبر في قصة آدم أنه يقدم لنا المعرفة، ومن جملة ما يعرفنا عليه، العدو، "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً"، المعرفة والعلم هي الشرط الأول، وثانياً الإيمان بما نعرف، لا يكفي أن نعرف وأن نعلم، يجب أن يترقى هذا العلم وهذه المعرفة إلى مستوى الإيمان ، لأنه عندما ترتقي إلى مستوى الإيمان يظهر أثر المعرفة فينا وفي الانسان الآخر. المطلوب أن يرقى علمنا ومعرفتنا إلى مستوى الإيمان. والشرط الثالث هو العمل نفسه، بذل الجهد، الممارسة الفعلية الالتزام الفعلي، السلوك العملي. إذاً، المعرفة، الإيمان والعمل. "أول الدين معرفته" والذي يحقق للإنسان أهدافه في الدنيا والآخرة إيمانه بأهدافه وعمله من أجل تحقيق هذه الأهداف. أنا هنا لا أتحدث فقط في الإطار الديني، بشكل عام، الأمور هكذا، أما في الإطار الديني بشكل خاص.
إ