ارشيف من :آراء وتحليلات

بقلم الرصاص: فليفرح العرب

بقلم الرصاص: فليفرح العرب
كتب نصري الصايغ
أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، فليفرح العرب: عرب الأنظمة الخرساء، عرب الاقتصاد السائب، عرب المراهنات العقارية، عرب "التسوية المشرفة" عرب الطرب السلمي.
أوباما رئيساً للولايات المتحدة الاميركية، فليفرح العرب، عرب بوش وتشيني، عرب تينيت وكولن باول، عرب دايفيد ولش وكوندوليسا رايس، عرب الحصان الرابح.
أوباما رئيساً للولايات المتحدة الاميركية فليفرح العرب، عرب التقليد والوهن، عرب الفراغ والسقوط، حرب الانتظار والقعود، عرب الاتكال والخسارة.
فليفرح هؤلاء جميعاً لأن أوباما قادم.. والسلام.
الفرح جائز في كل حال، إلا في الأحوال العربية.
من حق الاميركيين، أن يفرحوا بأوباما لأسباب كثيرة أبرزها الزواج السياسي بين الأبيض السري والأبيض المعلن، بين الأسود والدولار، أبرزها، إعادة الجمال إلى صورة اميركا، التي دأبت  ادارة بوش، على تلطيخها بالدماء والكذب.
من حق أوروبا أن تفرح، لأن بوش أمرها فأطاعته، أذلها وما انتفضت، وتبعته فأنكرها.
من حق روسيا أن تفرح، لأن الدرع الصاروخية باتت مظلة نووية فوق رأسها، ولأن الزحف الاميركي وصل إلى القوقاز وما تبقى من دول تنتهي بـ"خستان".
من حق الصين أن تفرح، لأنها بريئة من ثورة الأسعار العالمية واتهامها بتكبيد البشرية ثمن نهضتها الحديثة في الاقتصاد والتجارة والمركنتيلية.
من حق شعوب كثيرة أن تفرح، ما عدا العرب الواردة صفاتهم أعلاه، لأنهم يفرحون بكل قادم اميركي، ويطربون لكل رئيس اميركي، ويطوّعون سياستهم بكل جملة عسكرية وسياسية واقتصادية اميركية.. ومن كان رافضاً، لزم الصمت الزاماً "هرمسياً".
هل يفرح العرب الطيبون بمجيء أوباما؟
ربما، لأنهم ذاقوا طعم الموت على يدي المحافظين الجدد، ولأنهم باعوا عيونهم للدمع حزناً على خراب بلاد ودمار مدن، من حقهم ربما أن يفرحوا، لأن جنازتهم التي نظمها بوش  وتشيني، ومعسكر النفط والسلاح والمال، لم تتوقف بعد في افغانستان وفي العراق..
ربما من حق العرب الطيبين، أن يشمتوا بنهاية بوش التي جاءت على يدي أوباما (إذا فاز)، ولكن ليس من حقهم أن ينتظروا الكثير ابداً.
فأميركا هي أميركا، من خلال نظامها وسياساتها، فهي إما سيئة أو أكثر سوءاً أو أقل سوءاً أو كارثة.
ليس رئيس أميركا، إلا صورة عن سياسات عميقة الأغوار تستمد جذورها من الطموح الأميركي لغزو العالم.
لغزوه سياسياً، إذا كان ذلك ميسوراً.
لغزوه مالياً، إذا كان في المتناول.
لغزوه اقتصادياً، إذا كانت الفضائيات مشاعاً.
ولغزوه عسكرياً، إذا كان ذلك استراتيجياً، نافعاً، لمعسكر الجشع الدولي.
أوباما، ليس قديساً، ولن يكون أفضل من رؤساء، ذقنا طعم حروبهم المباشرة، إما بالواسطة.
وكي لا أكون في ذروة العدمية السياسية، أضع أوباما في إطار الاستمرار، للسياسات الاميركية الكلاسيكية.
- دعم اسرائيل
- تسليح اسرائيل
- أمن اسرائيل من أمن اميركا
- منع إدانة اسرائيل
- عدم الضغط على اسرائيل
أما في الدبلوماسية فلا تفرض واشنطن بنداً على اسرائيل لا ترغب به، وإذا حصل ان قبلت اسرائيل ببند ضمن اتفاقية، سعت لتجويفه، وعملت اميركا على تحميل الفلسطينيين والعرب المسؤولية.
يقول أوباما في حديث لمجلة يهودية في اميركا: "يتحمل الجانب الفلسطيني الجانب الأكبر من المسؤولية لعدم التزامه بالاتفاقيات واحترامه لها، خاصة في مجال الأمن الذي تراه اسرائيل حيوياً".
لا جديد في السياسة الاميركية، إلا ما تفرضه الشعوب المقاومة لسياستها والدول المقاومة لهيمنتها.
إذا فاز أوباما، فإن ذلك سيكون سيئاً، اما إذا فاز ماكين فستكون الكارثة.
السؤال ليس ماذا ستصفه اميركا، بل ما هو الجواب الذي يمكن تلقينه لها كي تعدل من سياستها أو تتراجع  عنها أو تخيب بها.
لبنان وفلسطين نموذجاً، وكذا العراق.
الانتقاد/ العدد 1296 ـ 5 أيلول/ سبتمبر 2008
2008-09-05