ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: لن يفهموا تلك العلاقة

باختصار: لن يفهموا تلك العلاقة
كتب محمد يونس
قد يختلف المحللون حول هدف التحرك الفرنسي السريع تجاه سوريا، فهناك من يعتبر أن ساركوزي قد قرر فعلا إحداث قطيعة مع العهد الفرنسي السابق (عهد الرئيس شيراك)، الذي وُصف بأنه سخر علاقات الدولة الفرنسية لنزواته وانتقاماته الشخصية. ويستشهدون بالتغيير الجذري الذي حصل في طريقة تعامل فرنسا مع سوريا والأطراف اللبنانيين، وكيف أخذت فرنسا مبادرة فك العزلة عن سوريا من باب واسع برغم عدم الرضا الأميركي على ذلك.
وهناك من يقف قليلا ويقول إن التحرك الفرنسي في الأصل لم يكن ليستمر لولا موافقة ضمنية أميركية، وإن واشنطن وجدت في تغيير رأس الهرم في فرنسا فرصة لها لإحداث ثغرة في جدار العلاقة مع سوريا، بسبب المأزق الكبير الذي تعيشه قواتها في أفغانستان والعراق، وأبرز دليل على ذلك أن فرنسا في كل التحركات التي قامت بها لم تزعج واشنطن على الإطلاق، لا بل من سياق التحرك الفرنسي يفهم أنه يحصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، إذ لم يحدث أن قامت فرنسا باتخاذ أي موقف يزعج أميركا، حتى انها أرسلت قوات فرنسية إضافية إلى أفغانستان بعكس إرادة الجيش الفرنسي، فقط لأن ذلك رغبة أميركية. ويضيفون: إن التحرك الفرنسي يهدف إلى فك التحالف السوري الإيراني عبر إعطاء دور لسوريا في المنطقة، وترغيبها بالاتفاقات وبإعادة الاعتراف الدولي بمصالحها، وهو ما تقوم به فرنسا حاليا، على أمل أن تكون الخطوة اللاحقة دق إسفين بين طهران ودمشق تمهيدا لقطع العلاقات بينهما. وما المفاوضات غير المباشرة بين سوريا و"إسرائيل" إلا وجه من وجوه هذا المخطط.
ومهما يكن من أمر هذا التحرك، فالثابت حتى الآن هو أن سوريا تقوم بحصد نتائج صمودها بتحالفها مع إيران. والثابت أيضا أن وجهات النظر تلك كلها مبنية على ما يتمناه الغرب الصهيوني، وليس على ما هو حاصل فعلا، فهذا الغرب لم يفهم حتى الآن كنه العلاقة الاستراتيجية بين سوريا وإيران وحركات المقاومة في المنطقة، ويبدو أنه لن يفهمها أبداً.
الانتقاد/ العدد1296 ـ 5 أيلول/ سبتمبر 2008
2008-09-05