ارشيف من :أخبار عالمية

زيارة مبارك لواشنطن: احتضان أوباما يلقى معارضة الصحافة

زيارة مبارك لواشنطن: احتضان أوباما يلقى معارضة الصحافة

القاهرة ـ "الانتقاد.نت"

عاد الرئيس المصري حسني مبارك إلى القاهرة بعد زيارته لواشنطن التي اختتمها بلقاء قمة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

تأخرت هذه الزيارة أكثر من خمس سنوات، حيث شهدت الفترة الأخيرة توترًا شديدًا في عهد الإدارة السابقة.. والآن يصبح السؤال المنطقي هو: هل حققت هذه الزيارة أهدافها؟؟


بداية... ما هي الملفات التي نوقشت أثناء لقاء مبارك أوباما؟

كما صرح مبارك في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض: "لقد كان تركيزنا الأكبر في المباحثات على القضية الفلسطينية لأنها محورية ولها تأثير على المنطقة والعالم بأسره، سواء في الشرق أو الغرب أو أميركا، كما تطرقنا أيضا للموضوع النووي في إيران وتحدثنا في الموضوعات كافة التي تناولتها مباحثاتنا بكل صراحة". بالإضافة إلي ذلك تطرق الحديث إلى قضايا الإصلاح في مصر.


وبنظرة سريعة إلى هذه الملفات نجد أن الملف الفلسطيني هو الملف الرئيسي في تلك المباحثات، ولكن بنظرة متعمقة نجد أن هناك خلافًا واضحًا في الرأي في تفاصيل هذا الملف؛ خاصة المتعلق منها بعملية السلام.

ترى واشنطن أن عملية السلام في الشرق الأوسط يجب أن تبدأ بالملف السوري أولاً، كذلك أن الوعد (الإسرائيلي) بوقف الاستيطان إشارة ممتازة لبدء التطبيع... في الوقت الذي ترى فيه القاهرة أن حل القضية الفلسطينية سيكون بداية نهاية الصراع العربي (الإسرائيلي)، وبدء التطبيع. وفي هذه الأثناء يرفض نتنياهو التجميد الكامل لبناء المستوطنات، وهو ما أثار خلافًا تشهده الآن العلاقات الأمريكية (الإسرائيلية).


الأمر الخلافي الآخر هو الملف النووي... ففي حين تركز واشنطن على الملف النووي الإيراني.. ترى مصر أن العمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط بشكل كامل من أسلحة الدمار الشامل، خاصة من (إسرائيل) وإيران هي الخطوة الأدق والاهم.


كما أوضح مبارك في المؤتمر الصحفي نفسه قائلاً: "تحدثت مع أوباما أيضا في قضايا الإصلاح في مصر، وقلت له بصراحة لقد خضت الانتخابات الرئاسية بناء على برنامج يشمل الإصلاحات في مجالات عديدة، وهناك أشياء كثيرة نقوم بها، ولا يزال أمامنا عامان نواصل العمل فيهما".


لكن الكلام الأهم هو ما قاله مبارك في حديثه إلى شبكة التلفزيون الأمريكية (سي.بي.إس) مساء (الاثنين) عشية لقائه مع الرئيس الأمريكي في حوار أجراه معه المذيع الأمريكي الأشهر تشارلى روز... حيث يختص الرئيس المصري مبارك الإعلام الدولي خاصة الأمريكي بالتصريحات الهامة؛ فأجاب مبارك عن الكثير من الأسئلة التي تناولت القضية الفلسطينية، والملف النووي الإيراني، وملف التوريث الشائك، والإخوان المسلمين.


فقد صرح مبارك، الذي يتولى مقاليد الحكم في مصر منذ 28 عاما، بأن الناخبين المصريين هم الذين سيختارون خليفته، في الوقت الذي يتهمه معارضوه بالإعداد لتوريث نجله جمال الحكم قائلاً: "لا أحد يعلم من سيكون خليفتي، فإن لدينا انتخابات".. كما أضاف: "عند الانتخابات الناس هم الذين سيقررون"، رافضًا الكشف عما إذا كان ينوي ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام 2011، وقال: "لا أفكر في ذلك في الوقت الراهن"، وانه ما زال لديه عامين لتنفيذ باقي برنامجه الانتخابي!!.


وفي سؤال آخر عن اتخاذ إجراءات قمعية بحق الإخوان المسلمين بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي كان فاز فيها عدد كبير من مرشحين الإخوان قال مبارك: "دع أحدا يقرأ الدستور المصري لك، والتعديلات التي قمنا بإدخالها عليه. هؤلاء الناس الذين تتحدث عنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي، لأن دستورنا يؤكد ويشترط أنه لن يكون هناك حزب سياسي مبني على أساس ديني"؛ ثم سأله روز عما إذا كان يخشى الإخوان المسلمين أو يقلق من علاقتهم بحركة حماس أو بالمتطرفين الإسلاميين الآخرين.. قال: "أعلم أن لديهم ارتباطات بحماس، وحزب الله، وهذا كله معروف، ولديهم ارتباطات بالعديد من المنظمات، ولديهم ارتباطات بأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين الدولية التي تتخذ من جنيف وأماكن أخرى مقرا لها، لكننا نستطيع احتواء كل هذا".


ثم عدّد مبارك ما فعله من أجل مصر طوال فترة حكمه من انه شارك وشهد الحروب، وأعاد بناء البلاد بعد حرب أكتوبر، وأصلح البنية التحتية في مصر بالكامل، وانه يعمل على تحسين التعليم وبناء جامعات، والعديد من الأشياء الأخرى.

ولم يتعد ما قاله مبارك عن القضية الفلسطينية ما قاله سابقًا أثناء المؤتمر الصحفي التزامًا بالمبادرة العربية، وان كان قد أكد على أهمية حل الخلاف بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس بقوله: "إننا نعمل لأجل التوصل لهذا الحل بين حماس والسلطة الفلسطينية. وإذا كان بمقدورنا أن نتوصل لنتيجة، وخاصة إذا توقف التدخل الخارجي، يمكننا أن نقنع السلطة الفلسطينية بالجلوس إلى المفاوضات مع (إسرائيل) كل عام.. دون شروط مسبقة من كلا الطرفين وعندئذ سنؤكد جميعا على هذا الأمر وهذا هو الحل الأفضل".

وأشار مبارك إلى صحة القول بأنه لا يمكن أن يكون هناك سلام حتى تتفق فتح وحماس... وأضاف: "نحن نعمل على هذا ونبذل جهودا حثيثة لكي يكون هناك بعض التقارب، ولا تزال بعض النقاط الصغرى التي نسعى للتغلب عليها بين حماس وفتح. وإذا وصلنا إلى هذه النقطة فأعتقد أنه بعدها ستسير عملية السلام بشكل أسهل كثيرا".

وفي سؤال عن دخول مصر وإيران في منافسة على الزعامة الإقليمية قال الرئيس مبارك إن مصر ليست في منافسة مع إيران على الزعامة الإقليمية، وإنه لا يريد أن يقارن مصر بإيران وأضاف: "أولا نحن لا نقارن أنفسنا بإيران. إيران ليست دولة عربية، هذا في بادئ الأمر". وأضاف أن إيران موجودة في المنطقة، ويحاولون أن يسيطروا على مناطق معينة، لكنهم لن يفلحوا في هذا. نحن قادرون.. نحن لا ننافسهم، ودورنا معروف جيدا في المنطقة. ومع هذا، فإننا لن ندخل في سباق على المنطقة".

وأبدى الرئيس المصري اعتقاده بأن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة هي حل أفضل كثيرا إذا ما استطاعوا أن يتوصلوا لبعض النتائج من دون استخدام القوة العسكرية.

ومنذ بداية زيارة مبارك لواشنطن شهدت الصحف الأمريكية ما يمكن أن نطلق عليه «حرب مقالات شرسة» ما بين مؤيد ومعارض لاستقبال الرئيس مبارك في البيت الأبيض.

ومن أكثر المقالات سخونة تلك التي نشرتها صحيفة الـواشنطن بوست الأكثر انتقادا وعداء في سياستها للنظام المصري طوال السنوات الماضية.. حيث انتقدت الصحيفة عودة أوباما إلى سياسة "احتضان المستبدين العرب، واعتبرت الصحيفة أن زيارة مبارك للبيت الأبيض للمرة الأولى منذ خمس سنوات تمثل عودة من قبل فريق أوباما إلى السياسة التي طالما تبرأ منها الرئيس السابق جورج بوش".

وأضافت أنه على مدى عقود احتضنت الإدارة الأمريكية مبارك والعديد من القادة المستبدين العرب في مقابل تعاونهم في ملفات الأمن الإقليمية، بينما تجاهلت انتهاكاتهم لحقوق الإنسان.

وأضافت أن مسئولي الإدارة الحالية ينكرون تبنيهم لهذه الاستراتيجية، التي خلقت صدام حسين وتنظيم القاعدة، وذكرت أن قادة المعارضة المصرية يشعرون بخيبة أملهم في الإدارة الجديدة التي قلصت من حجم التمويل الأمريكي الموجه لأنشطة الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان، وأظهرت دعمها العلني في المقابل للمستبد البالغ من العمر 81 عاما.

وقالت إن فريق أوباما الواقعي يتحجج بأن الولايات المتحدة في حاجة لمساعدة مبارك لوقف بناء المستوطنات، واحتواء حزب الله وحماس المواليين لإيران، ولكنهم لن يستمروا على هذا الرأي طويلا، وسوف يخيب أملهم مثل الذين سبقوهم حين يعلمون التفاوت الواضح بين كلمات مبارك وأفعاله. وأوضحت أن الجانب المصري يعد منذ سنوات بإنهاء الانقسام بين فتح وحماس، ووقف تهريب السلاح لغزة، والمساهمة في الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المخطوف إلا أنه فشل في تحقيق أي شيء من الثلاثة. وأشارت إلى أن تدليل أوباما لمبارك لن يغير من سلوكه، ولكنه سيجرئ النظام المصري على إحباط المحاولات الداخلية للتحرر السياسي.

2009-08-21