ارشيف من :أخبار عالمية
إيران والحلف العربي الإسلامي: مشروع قوة قطبية ثالثة
كتب محمد الحسيني
أن يقوم رئيس بلد ما بزيارة خارجية لتهنئة رئيس منتخب لبلد ما، فهذا حدث يكاد يكون عادياً في الأعراف الدبلوماسية المتّبعة بين الدول وفي العلاقات الدولية.. وأن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة العاصمة الإيرانية طهران لتهنئة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بإعادة انتخابه مرة جديدة قد يرقى بأهميته درجة فوق العادية في المعادلة السياسية التاريخية بين البلدين.. ولكن هناك الكثير الكثير من العناصر الذاتية والطارئة في المنطقة والعالم ما يجعل من هذه الزيارة استثنائية بامتياز ومفصلية بكل ما للكلمة من معنى.
أغلب الكل.. في القريب وفي البعيد.. كان لأمد قصير يرتقب حدثاً ما سيجري في إيران، ليس أقله إعلان عدم شرعية أحمدي نجاد للرئاسة، وليس أكثره إعلان سقوط نظام ولاية الفقيه. هكذا اعترفوا بأنهم كانوا يخططون للقيام به في الداخل الإيراني، أما في المحيط الإيراني فكانت سياسة الجزرة والعصا المخبّأة تأمل في أن تحصد ثماراً لخطوات "التقارب والانفتاح"، بين دمشق وواشنطن وأوروبا من جهة، وبين دمشق والدول العربية من جهة ثانية، والكل عينه على إيران.
كل هذا يجري على مقربة من دائرة يدور فيها نزاع صامت، ولكنه ظاهر، تحت عنوان وساطة استئناف "السلام"، الذي لا يزال يراوح مكانه في زوايا الأوراق الدولية والتفاصيل "المشيطنة" للاتفاقات الوهمية بين العرب وعلى رأسهم سوريا ولبنان وبين "إسرائيل". وفي الوقت ذاته، تنشد تركيا - مارد المرحلة في هذا الزمن - وساطة تعتقد أنها تكرّس دخولها لاعباً أساسياً في الملعب الدولي، وعينها على العراق الذي يئن تحت جراح القتل والمجازر، وهو يستجمع قواه ليثبت قدرته على الاستقلال، استقلال القدرة على القرار والفعل لأول مرة بعد سنين عجاف من الارتهان.
في ظل هذا التلاطم، تحرّكت واشنطن لتقترب من سوريا، وسيّرت وراءها التبّع من الأوروبيين والعرب، وتحوّلت دمشق بين ليلة وضحاها قِبلة ومسعى ومحطة سلام.. وقبل أكثر من أسبوعين من تاريخ العشرين من آب/ أغسطس كانت حركة المسؤولين الأميركيين السياسيين والأمنيين والمخططين تزدحم بلقاءات ومواعيد ومشاريع اتفاقات، وكان أغلب الكل قد بدأ يركن إلى معادلة جديدة "سورية – أميركية – عربية – أوروبية" وما يليها من تحالفات وإلحاقات لعناصر تنتظر الدخول لتصبح رقماً في هذه المعادلة.
ماذا يفعل الأسد بنا؟ سؤال لم يجد له الأميركيون جواباً.. وهم الذين وصلهم نبأ اعتزامه زيارة طهران، وهم في الصالة الخارجية ينتظرون دورهم ليأتي موعد لقائهم بالرئيس السوري.. لم يقف الرئيس الشاب عند حد إجراء زيارة جاءت بعكس التيار بل فجّر القنبلة السياسية التي لم يكن أحد يفكّر بإمكانية طرحها أو جدوى التفكير بها، واندفع باتجاه حلف رباعي بعكس الحلف الذي خطط له الأميركيون، فأصبحت المعادلة المطروحة، والتي وافقت عليه إيران وبالطبع يرفضها ثلاثي الحلف الأول، سورية – إيرانية – عراقية – تركية.
لا يبدو أنه حلف تسمية، أو حلف تاريخ وجغرافيا، بقدر ما هو حلف استراتيجيا يقلب الحسابات ويخلط الأوراق ويعيد اللعبة في المنطقة والعالم إلى المربع الأول، وبالتالي ستعود الجبهة مرة جديدة إلى التحصّن ولكن بشكل ومضمون آخر ووجهة أخرى. وليس لنا إلا أن نمسك قلماً ونرسم على الخارطة حدود الجبهة، بدءاً من جنوب لبنان مروراً بحدود كل من سوريا وإيران وكامل تركيا انتهاءً بجنوب لبنان.. ماذا تظهر اللوحة؟
سقطت رهانات واشنطن وحلفائها وأحبائها على رحيل نجاد أو زعزعة مكانة الولي الفقيه، ولم تخضع سوريا أمام الإغراءات الأميركية والأوروبية خصوصاً أن المسؤولين في دمشق قد خبروا هذه السياسة، وفقهوا كل أفخاخها، ولا يبدو أن الأميركيين مستعدون لإعادة النظر في قرارهم بالبقاء في العراق، وجاء الرئيس الأسد باقتراحه ليلقي الماء على قصور الرمل التي بنتها واشنطن على شطآن الساحل السوري فتجرفها. بل إن ذلك في حال تحقق سيكون بمثابة طوق جديد لن تكون الولايات المتحدة وبالتالي "إسرائيل" قادرة على اختراقه أو إضعافه، ولا نبالغ إن قلنا إنه قد يؤسس لقوة قطبية ثالثة في العالم
أن يقوم رئيس بلد ما بزيارة خارجية لتهنئة رئيس منتخب لبلد ما، فهذا حدث يكاد يكون عادياً في الأعراف الدبلوماسية المتّبعة بين الدول وفي العلاقات الدولية.. وأن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة العاصمة الإيرانية طهران لتهنئة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بإعادة انتخابه مرة جديدة قد يرقى بأهميته درجة فوق العادية في المعادلة السياسية التاريخية بين البلدين.. ولكن هناك الكثير الكثير من العناصر الذاتية والطارئة في المنطقة والعالم ما يجعل من هذه الزيارة استثنائية بامتياز ومفصلية بكل ما للكلمة من معنى.
أغلب الكل.. في القريب وفي البعيد.. كان لأمد قصير يرتقب حدثاً ما سيجري في إيران، ليس أقله إعلان عدم شرعية أحمدي نجاد للرئاسة، وليس أكثره إعلان سقوط نظام ولاية الفقيه. هكذا اعترفوا بأنهم كانوا يخططون للقيام به في الداخل الإيراني، أما في المحيط الإيراني فكانت سياسة الجزرة والعصا المخبّأة تأمل في أن تحصد ثماراً لخطوات "التقارب والانفتاح"، بين دمشق وواشنطن وأوروبا من جهة، وبين دمشق والدول العربية من جهة ثانية، والكل عينه على إيران.
كل هذا يجري على مقربة من دائرة يدور فيها نزاع صامت، ولكنه ظاهر، تحت عنوان وساطة استئناف "السلام"، الذي لا يزال يراوح مكانه في زوايا الأوراق الدولية والتفاصيل "المشيطنة" للاتفاقات الوهمية بين العرب وعلى رأسهم سوريا ولبنان وبين "إسرائيل". وفي الوقت ذاته، تنشد تركيا - مارد المرحلة في هذا الزمن - وساطة تعتقد أنها تكرّس دخولها لاعباً أساسياً في الملعب الدولي، وعينها على العراق الذي يئن تحت جراح القتل والمجازر، وهو يستجمع قواه ليثبت قدرته على الاستقلال، استقلال القدرة على القرار والفعل لأول مرة بعد سنين عجاف من الارتهان.
في ظل هذا التلاطم، تحرّكت واشنطن لتقترب من سوريا، وسيّرت وراءها التبّع من الأوروبيين والعرب، وتحوّلت دمشق بين ليلة وضحاها قِبلة ومسعى ومحطة سلام.. وقبل أكثر من أسبوعين من تاريخ العشرين من آب/ أغسطس كانت حركة المسؤولين الأميركيين السياسيين والأمنيين والمخططين تزدحم بلقاءات ومواعيد ومشاريع اتفاقات، وكان أغلب الكل قد بدأ يركن إلى معادلة جديدة "سورية – أميركية – عربية – أوروبية" وما يليها من تحالفات وإلحاقات لعناصر تنتظر الدخول لتصبح رقماً في هذه المعادلة.
ماذا يفعل الأسد بنا؟ سؤال لم يجد له الأميركيون جواباً.. وهم الذين وصلهم نبأ اعتزامه زيارة طهران، وهم في الصالة الخارجية ينتظرون دورهم ليأتي موعد لقائهم بالرئيس السوري.. لم يقف الرئيس الشاب عند حد إجراء زيارة جاءت بعكس التيار بل فجّر القنبلة السياسية التي لم يكن أحد يفكّر بإمكانية طرحها أو جدوى التفكير بها، واندفع باتجاه حلف رباعي بعكس الحلف الذي خطط له الأميركيون، فأصبحت المعادلة المطروحة، والتي وافقت عليه إيران وبالطبع يرفضها ثلاثي الحلف الأول، سورية – إيرانية – عراقية – تركية.
لا يبدو أنه حلف تسمية، أو حلف تاريخ وجغرافيا، بقدر ما هو حلف استراتيجيا يقلب الحسابات ويخلط الأوراق ويعيد اللعبة في المنطقة والعالم إلى المربع الأول، وبالتالي ستعود الجبهة مرة جديدة إلى التحصّن ولكن بشكل ومضمون آخر ووجهة أخرى. وليس لنا إلا أن نمسك قلماً ونرسم على الخارطة حدود الجبهة، بدءاً من جنوب لبنان مروراً بحدود كل من سوريا وإيران وكامل تركيا انتهاءً بجنوب لبنان.. ماذا تظهر اللوحة؟
سقطت رهانات واشنطن وحلفائها وأحبائها على رحيل نجاد أو زعزعة مكانة الولي الفقيه، ولم تخضع سوريا أمام الإغراءات الأميركية والأوروبية خصوصاً أن المسؤولين في دمشق قد خبروا هذه السياسة، وفقهوا كل أفخاخها، ولا يبدو أن الأميركيين مستعدون لإعادة النظر في قرارهم بالبقاء في العراق، وجاء الرئيس الأسد باقتراحه ليلقي الماء على قصور الرمل التي بنتها واشنطن على شطآن الساحل السوري فتجرفها. بل إن ذلك في حال تحقق سيكون بمثابة طوق جديد لن تكون الولايات المتحدة وبالتالي "إسرائيل" قادرة على اختراقه أو إضعافه، ولا نبالغ إن قلنا إنه قد يؤسس لقوة قطبية ثالثة في العالم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018