ارشيف من :أخبار عالمية
"بلاك ووتر" ووكالة "سي آي أي" مهمة سرية لاغتيال الزعماء تحت غطاء "مكافحة الارهاب"
تقرير: ليلى سرعيني
استدرج مقتل زعيم حركة طالبان باكستان, بيت الله محسود, الكشف عن فضائح جديدة, تربط العلاقة بين وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي أي) وشركة "بلاك ووتر" ذات السمعة السيئة.
فقد كشف مسؤولون حكوميون أميركيون وموظفون حاليون وسابقون في شركة "بلاك ووتر" أن وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية استخدمت الشركة لتحميل طائرات من دون طيار بالقنابل تمهيداً لاستخدامها في قتل زعماء في تنظيم "القاعدة".
ويتزامن توقيت الفضيحة, مع ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز", أن لشركة "بلاك ووتر" الأميركية دوراً خاصّاً في برنامج واشنطن "الأكثر أهمية لمكافحة الإرهاب"، الذي يتناول تنفيذ ضربات جوية داخل المناطق القبلية الباكستانية، ما يسلط الضوء على توسع مهام الشركة الاميركية لتتماشى مع المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال الاميركي. من العراق بداية, الى أفغانستان, وصولا الى باكستان مؤخرا.
وتضطلع الشركة، بحسب "نيويورك تايمز"، بمهمة جمع الصواريخ، ونحو 500 رطل من القنابل الموجّهة بالليزر التي تحملها الطائرات من دون طيّار، وقذفها داخل المناطق الباكستانية والأفغانية، كما تساعد أيضاً على توفير الأمن لقواعد التغطية.
وقالت الصحيفة إن الدور الذي تؤدّيه الشركة في برنامج الطائرات من دون طيار يسلّط الضوء على الدرجة التي تعتمد بها وكالة الاستخبارات على شركاء من الخارج لتنفيذ واحدة من أهم خططها. وتُعرف الخدمات التي تقدّمها "بلاك ووتر" بإسم "XE". وبدلت الشركة إسمها عقب منع الحكومة العراقية من دخول أراضيها إثر قتلها لأكثر من 17 عراقياً, في 16 أيلول 2007 في بغداد, أثناء مواكبتهم قافلة دبلوماسية, فأقدموا على إطلاق النار في شارع مكتظ بالمارة مما أدى إلى مقتل المدنيين العراقيين.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن الشركة الحربية الخاصة لا تتدخل في اختيار الأهداف التي تُقصف داخل باكستان وأفغانستان، بل إنّ هذه الأهداف تختارها "سي آي إيه" لأن من يضغط على الزناد "هم موظفو الاستخبارات". مشيرة الى ان الدور المباشر لـ"بلاك ووتر" يكمن إعداد القنابل التي ستطلقها الطائرة من دون طيار.
وفي السياق, أردف الموظفون في الشركة, الذين كشفوا عن الفضيحة, انه حينما تخطىء الطائرة من دون طيار هدفها، يُتّهم موظفو الوكالة "بلاك ووتر" بالتقصير في إعداد القنابل.
من جهتها, وكالة الاستخبارات الاميركية , ورفضت تأكيد لعب بلاك ووتر أي دور في هذه المهمة , مكتفية بالقول, أن هذه الاستراتيجية اعتمدت عام 2004, في برنامج للعثور على قادة تنظيم القاعدة وقتلهم, وأشارت الى أن البرنامج "لم يقدر له النجاح, وأن العملية توقفت في حزيران 2004", حسب مزاعمهم.
الفضيحة الجديدة التي توثق العلاقة الاستراتيجية والاجرامية لوكالة "سي آي أي", و "بلاك ووتر", شكلت فضيحة من نوع آخر, في موضوع كتم مواصلة الوكالتان لعمليات القتل والاغتيال, في العراق, وأفغانستان وباكستان, عن الكونغرس الاميركي.
ما استدعى إحداث بلبلة في هذا الموضوع, وفي هذا الاطار, نقلت الصحيفة عن رئيس وكالة الاستخبارات "مايكل هايدن"، الذي تولّى الوكالة منذ 2006 حتى بداية العام الحالي، قوله مبرراً اللجوء إلى خدمات الشركات الحربية الخاصة إن «هناك مهارات ليست لدينا، ويمكن أن تكون لنا حاجة مباشرة إليها». لكنّه أشار إلى أن البرنامج لم يكن بارزاً خلال رئاسته للوكالة، لذلك لم يجد نفسه مضطرا الى إخبار الكونغرس.
وفي المقابل، يقول رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور ديان فاينستاين إن الوكالة يجب أن تُطلع الكونغرس على "كل عملية استخبارية، وأي عمل سرّي يجب إبلاغ الكونغرس به، وإذا لم يحصل ذلك، فهذا يعدّ انتهاكاً للقانون".
هذه التسريبات التي خصت بها مصادر تقاعدت لتوها على مايبدو من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية جريدة "نيويورك تايمز"، تضمنت استهداف هذا البرنامج وعمليات قتل واغتيال في العراق وافغانستان، والأخطر قيام مسؤولي الـ"سي.آي.اي" بتوسعة النطاق الجغرافي لهذا البرنامج، ليشمل دولاً أخرى في المنطقة، وهو الأمر الذي أثار تكهنات البعض في واشنطن إلى درجة المطالبة بتوسيع التحقيقات التي قررها الكونجرس مؤخراً حول عدم قانونية وتعمد إدارة بوش تشيني اخفاء الأمر عنه، والتدقيق في القوائم التي أعدتها "بلاك ووتر" بالاشتراك مع الاستخبارات للاشخاص المستهدفين باعتبارهم أعضاء أو زعماء في القاعدة، أو يخططون لهجمات على الولايات المتحدة.
يذكر ان هذه المعلومات التي خرجت الى العلن حديثا ، تتقاطع مع المعطيات التي كشفها سابقا الصحفى الأمريكى الشهير سيمور هيرش والتي اشار فيها الى ان إدارة الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش، انشأت وحدة عمليات خاصة سرية، بإشراف نائب الرئيس السابق، ديك تشينى، لملاحقة وتصفية أهداف ذات قيمة عالية فى عشرات الدول، دون علم أو إشراف الكونغرس الاميركي .
وبحسب هيرش، فقد خولت إدارة بوش الوحدة السرية ووالتي تدعى "قيادة العمليات المشتركة الخاصة" تحت إشراف تشينى المباشر تفويضا مباشرا لتصفية أفراد، استنادا إلى معلومات استخباراتية أمريكية.
وأضاف أن الفكرة هى أن تتحرك الفرقة دون قيود تقديم تقارير للكونغرس، الذى علم القليل عن هذه المجموعة، ودون جلسات استماع، لافتا الى انها تاخذ بتفويضا من الرئيس للتوجه الى دولة ما دون إعلام رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية أو السفير الامريكى فيها. ومشيرا الى أن "إدارة بوش فوضت قوات فى مواقع الحدث استنادا إلى معلومات استخباراتية اعتقدوا أنها سليمة، ويمكن القول إن هذا لم يكن واقع الحال دائما.. فبعضها اتخذ بعدا دمويا للغاية ، أحيانا". ووصف هيرش وكالة "بلاك ووتر" بانها "جناح إغتيالات"نظرا للمهام الموكلة " بها حيث كانت تذهب إلى دول وتقتفى أثر من هم على اللائحة وتغتالهم وتغادر".
هذه المعطيات التي اسدل الستار عنها والتي تكشف عن الادوار السرية لشركة "بلاك ووتر " التي اشتهر دورها في العراق بشكل اساسي ، والتي اشار اليها هيرش ، وما تلاها من كشف الصحفي الاميركي واين مادسن المعروف بعلاقته الوثيقة بدوائر فاعلة في المخابرات المركزية الأميركية، من أن خلية نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني الخاصة لتنفيذ الاغتيالات، تقف وراء اغتيال كل من رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري وقائد قوات الكتائب السابق إيلي حبيقة ، كل هذه المعطيات تكشف فصلا جديدا من فضائح الادارة الاميركية ، وتسلط الضوء على دور الشركة الامنية "بلاك ووتر", وعلاقتها السرية مع وكالة "سي آي أي", ومهام كل منهما في توجيه الضربات الاجرامية والاعتقالات على مستوى البلدان التي تشهد إحتلالا أميركيا, منذ أيام الحرب على العراق, الى أفغانستان وباكستان, وما يطرحه ذلك من علامات استفهام حول ما اذا كانت هذه العمليات الاميركية قد امتدت لتطال دولا اخرى غير الدول المشار اليها في منطقتنا.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018