ارشيف من :أخبار عالمية
خاص الانتقاد.نت: رمضان في سجن تلموند..الحرمان والانتهاكات عنوان الأيام بين الأسيرات
رام الله ـ ميرفت عمر
"لا يوجد " كنتينا" ولا " مساعدات من الخارج" ويحظر على الأهالي إدخال أية مواد غذائية... ليس لنا سوى طعام قليل تحضره الأسيرات الجنائيات، وهو غالبا غير صالح للأكل... وهذا في رمضان كما في غيره ".. صورة من الحرمان اليومي في سجن "تلموند هشارون" للأسيرات الفلسطينيات..
وأن تتخيل يوما عاديا في سجن تلموند الواقع شمال فلسطين المحتلة عام 48، وهو عبارة عن غرف وزنازين عفنة تحت الأرض يتم فيها احتجاز عشرات الأسيرات الفلسطينيات، فهو أمر يفوق الحياة، لأن ما يحدث هناك هو "موت يومي متواصل" كما قالت الأسيرة المحررة منذ أيام نورا الهشلمون.
ومع هذا الموت تتعايش أكثر من 70 أسيرة فلسطينية، بينهن 30 على الأقل مصابات بأمراض مزمنة وعلى رأسهن الأسيرة قاهرة السعدي من جنين التي تقضي حكما بالسجن المؤبد وتواجه مرض السرطان، وكذلك أحلام التميمي التي تعاني أمراضا عدة وهي محكومة بالسجن 16 مؤبدا، وست قاصرات أعمارهن دون الـ18 عاما، ومن بينهن أيضا 23 أماً يقضين شهر رمضان والأعياد بعيدا عن أطفالهن.
نورا الهشلمون وخولة زيتاوي، أُنعم عليهما مؤخرا بالإفراج بعد سنوات في الأسر، وكلتاهما خلفتا وراءهما أطفالا بلا بهجة استقبال الشهر الكريم ولا فرحة العيد.. وكلتاهما أيضا تعودان إلى عائلتيها وحيدتين بلا زوجيهما المعتقلين في سجون الاحتلال.
رمضان.. ذروة الحرمان
وعن رمضان في الأسر، تروي خولة زيتاوي 30 عاما، وهي من قرية جماعين جنوب نابلس، وأفرج عنها ضمن 198 أسيرا مؤخرا، وتقول إن "شهر رمضان في الأسر يمثل ذروة الحرمان وأكثر الأيام حزنا "لولا الإيمان بفرج الله"".
تضيف: "اعتقلت في بداية عام 2007 وعلى مدى أكثر عام ونصف احتجزت في سجن " هشارون" وهو القسم الثاني من سجن تلموند المخصص للأسيرات الفلسطينيات، كان رمضان بالنسبة للأسيرات يبدأ قبل شهر على الأقل حيث تبدو الأسيرات في حالة غربة أكثر من ذي قبل، وتتذكر كل منا أهلها وأطفالها..".
وتضيف خولة: "قضيت في العام الماضي أول رمضان بعيدة عن عائلتي، وفي ذلك الشهر تمكنت الأسيرات بعد سنوات تجاوزت العشرين من الاعتصامات والإضرابات من تحقيق مطلب سمينه "انجازا" واختصر في الموافقة على التحرك عبر غرف أقسام السجن خلال فترة الإفطار ولمدة 45 دقيقة فقط...".
وفي هذا " الإنجاز" وجدت الأسيرات " فرحة مقتطعة" وفيها انشأن شبكة علاقات اجتماعية بين كيانات متلاصقة وغريبة عن بعضها البعض..." فكنا في كل يوم نفطر في غرفة مختلفة" كما تقول خولة، وكانت كل مجموعة تدعو بنات الغرف الأخرى للإفطار في "رحابة" زنزانتها، ولكن سريعا سريعا قبل انتهاء الوقت..
طعام رديء كما ونوعا..
"الطعام هو ذاته قبل رمضان أو بعده"، هكذا تصف خولة الجزئية الأكثر معاناة في رمضان، وتضيف: "لكن الأسيرات يقمن بخطوات تحضيرية قبل الشهر الفضيل حيث يجمعن ما يتوفر لديهن من المال ويقمن بشراء مواد غذائية بكميات كبيرة من ما تسمى" الكانتينا: بقالة السجن". ورغم إهدار الأسيرات مصروفهن الذي تزودهن به عائلاتهن عبر حسابات خاصة، إلا أن المواد الغدائية التي تباع في بقالة السجن محدودة في نوعيتها وكميتها، وخاصة فيما يتعلق باللحوم وقد لا تحصل الأسيرة طيلة شهر رمضان على نصف دجاجة. فيما يكون باقي الطعام من المعلبات".
وترفض سلطات السجون الإسرائيلية إدخال أية مواد غذائية من مؤسسات خيرية في الداخل الفلسطيني المحتل أو عبر أهالي وذوي الأسرى، في حين تكتفي بتقديم وجبات محدودة الكمية والنوعية يقوم بإعدادها السجناء الجنائيين، وغالبا ما يقوم الأسرى والأسيرات بالتخلص منها وعدم تناولها نظرا لسوء تحضيرها ونوعيتها، أو لطبخها على الطريقة اليهودية خاصة أيام السبت والأعياد الخاصة بهم.
وتقول خولة زيتاوي إن الدجاج واللحوم قد لا يتوفر إلا كل 3 أشهر على الأقل، لذلك تحرص الأسيرات على شراء كميات منها من أموالهن وتخزينها لشهر رمضان، على الرغم من أن الأسعار غالية جدا وتبلغ ثلاثة أضعاف ما يباع في الأسواق العادية على الأقل.
الأسيرات المريضات: معاناة مضاعفة
ولم تنسَ خولة أن المعاناة في الأسر تتجلى أكثر لدى الأسيرات المريضات، اللواتي تتفاقم أوضاعهن خلال رمضان، وبعضهن بحاجة لنوعية معينة من الطعام وهذا ما لم توفره إدارة السجن ولا يمكن شراؤه رغم ارتفاع الثمن من بقالة السجن، بل أن بعضهن يجبرن على تناول نوعيات من الطعام مضرة بالنسبة لحالاتهن ولكن لا خيار لهن في ذلك.
وعن هؤلاء، اختارت خولة الحديث عن زميلة زنزانتها المفرج عنها مؤخرا نورا الهشلمون التي عانت من أوجاع مستمرة في الكلى، وكذلك عن أحلام التميمي التي تواجه حكما بالسجن 16 مؤبدا وتعاني من الحصى والغضروف في العمود الفقري وآلام متواصلة في المفاصل، وكذلك عن الأسيرة المسنة زهور حمدان المحكومة 8 سنوات والتي تعاني من الضغط وحالة تورم في الوجه والأطراف.
وهنا تضيف خولة: "كنا نحاول إيثار الأسيرات المريضات علينا في بعض الطعام، لكن للأسف نوعيات الطعام جمعيها من المواد الحافظة وهي بلا فائدة تذكر لا نوعيا ولا كميا".
الأمهات..اشتياق وكتمان للذكريات
وكانت الأسيرة المحررة خولة زيتاوي واحدة من عشرات الأمهات اللواتي خلفن وراءهن أطفالا بلا آباء لمصير مجهول، ومثل خولة كانت نحو 30 أسيرة من الأمهات يترجمن ألمهن في حزن مضاعف.
وتروي خولة: "كان الوضع صعب جدا بالنسبة لنا كأمهات، وفي مناسبات مثل شهر رمضان والأعياد كان الحزن لا يوصف، خاصة لدى الأمهات اللواتي كن يحلمن باليوم الذي يتمكن فيه من احتضان أبنائهن وشراء ملابس العيد لهم وإشعارهم بالأمان بقربهن".
وتفاديا لمزيد من الألم، تضيف خولة: "كنا نفضل أن لا نتحدث بهذا الأمر كثيرا، ونتعمد إشغال أنفسنا بعيدا عن هذه الذكريات وكتمان مشاعرنا كي لا ننجر إلى البكاء الجماعي كما يحدث دائما".
محاولة للفرح رغم سواد السجن
وفي محاولة لاستجلاب فرح قليل، تتكفل لجان اجتماعية مشكلة من الأسيرات أنفسهن في ليلة إعلان شهر رمضان، بتوزيع برنامج ديني للصلوات الجماعية والأدعية والقيام، الذي لا يسمح إلا لساعة معينة ثم تطفأ الإضاءة في الغرف.
وعن ذلك، تتذكر خولة بالقول: "من أجل إضفاء قليل من البهجة على نفوس الأسيرات، كنا نقوم في اليوم الأول بتوزيع الحلوى، حبة تمر أو حبة ملبس أو ما يتوفر لدينا...وخلال الشهر نؤدي الصلاة جماعة ولكن كل مجموعة في زنزانتها حيث لا يسمح بصلاة جماعية لكل الأسيرات في القسم".
زنازين ضيقة
وفي محاولة لاستحضار معاناة الأسيرات في سجن تلموند الواقع جنوب مدينة حيفا المحتلة عام 48، تقول خولة: "سجن تلموند هو سجن مخصص للنساء ويختلف كثيرا عن سجن الرجال، حيث الغرف هنا صغيرة وفي كل غرفة يوجد 6 أسيرات، وفي القسم الواحد يكون 4 غرف".
وتضيف: "كنا أنا ونورا الهشلمون في زنزانة صغيرة جدا لا تتسع إلا لسريرين فوق بعضهما وكنت أنام أنا وطفلتي غادة في سرير واحد وعلى الثاني تنام نورا، ومساحة التحرك في الغرفة لا تتجاوز مترين منها مكان مخصص للحمام".
وقد اعتقلت خولة وكان عمر ابنتها غادة 6 أشهر وعانت في حينها من ضيق في التنفس، وخاضت خولة إضرابا عن الطعام حتى سمح لها بإدخال طفلتها التي تفاقمت أوضاعها الصحية في السجن.
واليوم، أفرج عن خولة وطفلتها، بينما بقي زوجها الأسير جاسر أبو عمر أسيرا معتقلا في سجن هدريم المركزي، بعد أن تبقى له عامان من محكومية بلغت أربعة أعوام.
ورغم الإفراج عنها، تستقبل خولة شهر رمضان الحالي وحيدة أيضا، وتقول: "حتى الآن لا أشعر أنني أعيش جو رمضاني طبيعي لأنني من جهة لم أجد زوجا وعائلة مكتملة، من جهة أخرى لا تزال معاناة الأسيرات ومرارتهن تسكنني، وفي كل يوم وقت الإفطار أتذكر أن هناك عشرات الأخوات ليس لديهن الطعام المناسب ولا العلاج المناسب، وهن رغم صيامهن معرضات للقمع والضرب والإهانة".
"لا يوجد " كنتينا" ولا " مساعدات من الخارج" ويحظر على الأهالي إدخال أية مواد غذائية... ليس لنا سوى طعام قليل تحضره الأسيرات الجنائيات، وهو غالبا غير صالح للأكل... وهذا في رمضان كما في غيره ".. صورة من الحرمان اليومي في سجن "تلموند هشارون" للأسيرات الفلسطينيات..
وأن تتخيل يوما عاديا في سجن تلموند الواقع شمال فلسطين المحتلة عام 48، وهو عبارة عن غرف وزنازين عفنة تحت الأرض يتم فيها احتجاز عشرات الأسيرات الفلسطينيات، فهو أمر يفوق الحياة، لأن ما يحدث هناك هو "موت يومي متواصل" كما قالت الأسيرة المحررة منذ أيام نورا الهشلمون.
ومع هذا الموت تتعايش أكثر من 70 أسيرة فلسطينية، بينهن 30 على الأقل مصابات بأمراض مزمنة وعلى رأسهن الأسيرة قاهرة السعدي من جنين التي تقضي حكما بالسجن المؤبد وتواجه مرض السرطان، وكذلك أحلام التميمي التي تعاني أمراضا عدة وهي محكومة بالسجن 16 مؤبدا، وست قاصرات أعمارهن دون الـ18 عاما، ومن بينهن أيضا 23 أماً يقضين شهر رمضان والأعياد بعيدا عن أطفالهن.
نورا الهشلمون وخولة زيتاوي، أُنعم عليهما مؤخرا بالإفراج بعد سنوات في الأسر، وكلتاهما خلفتا وراءهما أطفالا بلا بهجة استقبال الشهر الكريم ولا فرحة العيد.. وكلتاهما أيضا تعودان إلى عائلتيها وحيدتين بلا زوجيهما المعتقلين في سجون الاحتلال.
رمضان.. ذروة الحرمان
وعن رمضان في الأسر، تروي خولة زيتاوي 30 عاما، وهي من قرية جماعين جنوب نابلس، وأفرج عنها ضمن 198 أسيرا مؤخرا، وتقول إن "شهر رمضان في الأسر يمثل ذروة الحرمان وأكثر الأيام حزنا "لولا الإيمان بفرج الله"".
تضيف: "اعتقلت في بداية عام 2007 وعلى مدى أكثر عام ونصف احتجزت في سجن " هشارون" وهو القسم الثاني من سجن تلموند المخصص للأسيرات الفلسطينيات، كان رمضان بالنسبة للأسيرات يبدأ قبل شهر على الأقل حيث تبدو الأسيرات في حالة غربة أكثر من ذي قبل، وتتذكر كل منا أهلها وأطفالها..".
وتضيف خولة: "قضيت في العام الماضي أول رمضان بعيدة عن عائلتي، وفي ذلك الشهر تمكنت الأسيرات بعد سنوات تجاوزت العشرين من الاعتصامات والإضرابات من تحقيق مطلب سمينه "انجازا" واختصر في الموافقة على التحرك عبر غرف أقسام السجن خلال فترة الإفطار ولمدة 45 دقيقة فقط...".
وفي هذا " الإنجاز" وجدت الأسيرات " فرحة مقتطعة" وفيها انشأن شبكة علاقات اجتماعية بين كيانات متلاصقة وغريبة عن بعضها البعض..." فكنا في كل يوم نفطر في غرفة مختلفة" كما تقول خولة، وكانت كل مجموعة تدعو بنات الغرف الأخرى للإفطار في "رحابة" زنزانتها، ولكن سريعا سريعا قبل انتهاء الوقت..
طعام رديء كما ونوعا..
"الطعام هو ذاته قبل رمضان أو بعده"، هكذا تصف خولة الجزئية الأكثر معاناة في رمضان، وتضيف: "لكن الأسيرات يقمن بخطوات تحضيرية قبل الشهر الفضيل حيث يجمعن ما يتوفر لديهن من المال ويقمن بشراء مواد غذائية بكميات كبيرة من ما تسمى" الكانتينا: بقالة السجن". ورغم إهدار الأسيرات مصروفهن الذي تزودهن به عائلاتهن عبر حسابات خاصة، إلا أن المواد الغدائية التي تباع في بقالة السجن محدودة في نوعيتها وكميتها، وخاصة فيما يتعلق باللحوم وقد لا تحصل الأسيرة طيلة شهر رمضان على نصف دجاجة. فيما يكون باقي الطعام من المعلبات".
وترفض سلطات السجون الإسرائيلية إدخال أية مواد غذائية من مؤسسات خيرية في الداخل الفلسطيني المحتل أو عبر أهالي وذوي الأسرى، في حين تكتفي بتقديم وجبات محدودة الكمية والنوعية يقوم بإعدادها السجناء الجنائيين، وغالبا ما يقوم الأسرى والأسيرات بالتخلص منها وعدم تناولها نظرا لسوء تحضيرها ونوعيتها، أو لطبخها على الطريقة اليهودية خاصة أيام السبت والأعياد الخاصة بهم.
وتقول خولة زيتاوي إن الدجاج واللحوم قد لا يتوفر إلا كل 3 أشهر على الأقل، لذلك تحرص الأسيرات على شراء كميات منها من أموالهن وتخزينها لشهر رمضان، على الرغم من أن الأسعار غالية جدا وتبلغ ثلاثة أضعاف ما يباع في الأسواق العادية على الأقل.
الأسيرات المريضات: معاناة مضاعفة
ولم تنسَ خولة أن المعاناة في الأسر تتجلى أكثر لدى الأسيرات المريضات، اللواتي تتفاقم أوضاعهن خلال رمضان، وبعضهن بحاجة لنوعية معينة من الطعام وهذا ما لم توفره إدارة السجن ولا يمكن شراؤه رغم ارتفاع الثمن من بقالة السجن، بل أن بعضهن يجبرن على تناول نوعيات من الطعام مضرة بالنسبة لحالاتهن ولكن لا خيار لهن في ذلك.
وعن هؤلاء، اختارت خولة الحديث عن زميلة زنزانتها المفرج عنها مؤخرا نورا الهشلمون التي عانت من أوجاع مستمرة في الكلى، وكذلك عن أحلام التميمي التي تواجه حكما بالسجن 16 مؤبدا وتعاني من الحصى والغضروف في العمود الفقري وآلام متواصلة في المفاصل، وكذلك عن الأسيرة المسنة زهور حمدان المحكومة 8 سنوات والتي تعاني من الضغط وحالة تورم في الوجه والأطراف.
وهنا تضيف خولة: "كنا نحاول إيثار الأسيرات المريضات علينا في بعض الطعام، لكن للأسف نوعيات الطعام جمعيها من المواد الحافظة وهي بلا فائدة تذكر لا نوعيا ولا كميا".
الأمهات..اشتياق وكتمان للذكريات
وكانت الأسيرة المحررة خولة زيتاوي واحدة من عشرات الأمهات اللواتي خلفن وراءهن أطفالا بلا آباء لمصير مجهول، ومثل خولة كانت نحو 30 أسيرة من الأمهات يترجمن ألمهن في حزن مضاعف.
وتروي خولة: "كان الوضع صعب جدا بالنسبة لنا كأمهات، وفي مناسبات مثل شهر رمضان والأعياد كان الحزن لا يوصف، خاصة لدى الأمهات اللواتي كن يحلمن باليوم الذي يتمكن فيه من احتضان أبنائهن وشراء ملابس العيد لهم وإشعارهم بالأمان بقربهن".
وتفاديا لمزيد من الألم، تضيف خولة: "كنا نفضل أن لا نتحدث بهذا الأمر كثيرا، ونتعمد إشغال أنفسنا بعيدا عن هذه الذكريات وكتمان مشاعرنا كي لا ننجر إلى البكاء الجماعي كما يحدث دائما".
محاولة للفرح رغم سواد السجن
وفي محاولة لاستجلاب فرح قليل، تتكفل لجان اجتماعية مشكلة من الأسيرات أنفسهن في ليلة إعلان شهر رمضان، بتوزيع برنامج ديني للصلوات الجماعية والأدعية والقيام، الذي لا يسمح إلا لساعة معينة ثم تطفأ الإضاءة في الغرف.
وعن ذلك، تتذكر خولة بالقول: "من أجل إضفاء قليل من البهجة على نفوس الأسيرات، كنا نقوم في اليوم الأول بتوزيع الحلوى، حبة تمر أو حبة ملبس أو ما يتوفر لدينا...وخلال الشهر نؤدي الصلاة جماعة ولكن كل مجموعة في زنزانتها حيث لا يسمح بصلاة جماعية لكل الأسيرات في القسم".
زنازين ضيقة
وفي محاولة لاستحضار معاناة الأسيرات في سجن تلموند الواقع جنوب مدينة حيفا المحتلة عام 48، تقول خولة: "سجن تلموند هو سجن مخصص للنساء ويختلف كثيرا عن سجن الرجال، حيث الغرف هنا صغيرة وفي كل غرفة يوجد 6 أسيرات، وفي القسم الواحد يكون 4 غرف".
وتضيف: "كنا أنا ونورا الهشلمون في زنزانة صغيرة جدا لا تتسع إلا لسريرين فوق بعضهما وكنت أنام أنا وطفلتي غادة في سرير واحد وعلى الثاني تنام نورا، ومساحة التحرك في الغرفة لا تتجاوز مترين منها مكان مخصص للحمام".
وقد اعتقلت خولة وكان عمر ابنتها غادة 6 أشهر وعانت في حينها من ضيق في التنفس، وخاضت خولة إضرابا عن الطعام حتى سمح لها بإدخال طفلتها التي تفاقمت أوضاعها الصحية في السجن.
واليوم، أفرج عن خولة وطفلتها، بينما بقي زوجها الأسير جاسر أبو عمر أسيرا معتقلا في سجن هدريم المركزي، بعد أن تبقى له عامان من محكومية بلغت أربعة أعوام.
ورغم الإفراج عنها، تستقبل خولة شهر رمضان الحالي وحيدة أيضا، وتقول: "حتى الآن لا أشعر أنني أعيش جو رمضاني طبيعي لأنني من جهة لم أجد زوجا وعائلة مكتملة، من جهة أخرى لا تزال معاناة الأسيرات ومرارتهن تسكنني، وفي كل يوم وقت الإفطار أتذكر أن هناك عشرات الأخوات ليس لديهن الطعام المناسب ولا العلاج المناسب، وهن رغم صيامهن معرضات للقمع والضرب والإهانة".