ارشيف من :أخبار عالمية

الـ"سي آي أيه" فضائح جديدة تكشف النقاب عن التعذيب الوحشي للمعتقلين وتهديدهم

الـ"سي آي أيه" فضائح جديدة تكشف النقاب عن التعذيب الوحشي للمعتقلين وتهديدهم

تقرير: ليلى سرعيني

ملف جديد من الفضائح والحقائق التي بدأت تتكشف حول مهام وجوهر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي أيه", ليسلط الضوء على المفهوم الاميركي المزيف "الحرب على الارهاب". فبعد فضيحة ضلوع وكالة "بلاك ووتر" ووكالة الاستخبارات في جرائم القتل والاعتقال, ظهرت حقائق جديدة, تُبرز التورط "العلني" لوكالة "سي آي أيه" في تعذيب المعتقلين في السجون السرية, بتهمة ما يسمى بـ"الارهاب".


صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, كشفت عن تقرير للمحقق العام لوكالة الاستخبارات الأمريكية, يقدم تفاصيل جديدة بشأن التعذيب داخل السجون السرية للوكالة، من بينه تفاصيل بشأن الطريقة التى نفذ بها ضباط الاستخبارات عمليات إعدام زائفة، وهددوا سجينا واحدا على الأقل ببندقية ومثقب خلال الاستجواب, فضلا عن وسائل تعذيب أخرى, وصفها المحقق بأنها "إنتهاكات غير قانونية".


وفي تفاصيل التعذيب, فقد أورد تقرير داخلي لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي إيه" صدر أمس الإثنين, أن عملاء في الوكالة هددوا المعتقل السعودي المتهم بأنه "الرأس المدبر المفترض لهجمات 11 ايلول "2001خالد شيخ محمد, بقتل اولاده اذا امتنع عن الكلام خلال جلسات استجوابه .

وقال المفتش العام للوكالة في هذا التقرير الذي فرضت رقابة على بعض صفحاته، ان "عميلاً ذا خبرة واسعة في هذا المجال، قال ان المحققين هددوا خالد شيخ محمد بأنه "اذا حصل اي شيء اخر في الولايات المتحدة فسوف نقتل اولادك".

وكشف من جهة أخرى، شروط استجواب مسؤول اخر كبير في "تنظيم القاعدة ", عبدالرحيم النشيري، المتهم بأنه المشتبه الرئيسي في الهجوم على السفينة الاميركية "يو اس اس كول" في تشرين الاول من العام 2000 قبالة سواحل اليمن. فقد خضع النشيري الى الاستجواب والتهديد, "بتصويب مسدس الى رأسه، كما هُدّد ايضا بمثقب كهربائي", حسب ما أفاد التقرير.

وشرح المفتش العام الحالة التي تعرض لها النشيري, قائلا في تقريره "المحقق دخل الزنزانة واضاء المثقب في محاولة لتخويف المعتقل الذي كان عارياً ومحجوب الرأس (..) وفي مرة اخرى، قال له احد المترجمين, يمكننا ان نجلب والدتك الى هنا كما يمكننا ان نجلب عائلتك ايضاً وذلك بلغة عربية ركيكة وبلهجة معينة".


وذكرت بعض المصادر, أنه وبحسب التقرير، فإن "النشيري كان يصدق الشائعة التي كانت رائجة في حينه في الشرق الاوسط, بأن تقنيات الاستجواب تتضمن اغتصاب نساء من عائلات بعض المعتقلين امام هؤلاء". فيما اوضح المفتش, أن الاستجواب القاسي كان عقيما، ولم يثمر عن أي معلومات قيمة.

وفي هذا الاطار, ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز", ان النشيري "كان واحد من ثلاثة زعماء القاعدة, الذين تعرضوا فيما بعد لأشكال الايهام بالغرق". وقد أشار المفتش, الى أن الاسلوب المتبع في "التهديد بالموت الوشيك", و"الايهام بالغرق", تسبب حالة نفسية سيئة, وألم نفسي جسيم, معتبرا أن هذا الاسلوب "غير قانوني". وأشارت الصحيفة أن وقائع إستجواب النشيري, قد تم عبر شرائط الفيديو، وأن الشرائط أتلفت, بعدما قام ضباط الاستخبارات المركزية بتدميرها عام 2005.

وتعدت الممارسات التنكيلية التي أقدمت عليها الوكالة, لتشمل الحرمان من النوم والطعام والإيهام بالإغراق والإيهام بالإعدام، وتصرفات أخرى قال تقرير المفتش العام إنها شملت أساليب "غير مسموح بها ومرتجلة وغير إنسانية وغير موثقة".
وفي واقعة أخرى أطلق عيار ناري في غرفة قريبة من أحد المعتقلين لجعل السجين يتوهم أن مشتبها آخر قد أعدم. وبموجب قوانين التعذيب الأميركية لا يجوز قانونا تهديد معتقل بموت وشيك.

ومن جهته, وصف الرئيس الاميركي باراك أوباما, الاسلوب, بـ"التعذيبي", محظرا من ممارسة هذه الانواع من التهديدات. وأعطى اوباما موافقته على تشكيل وحدة نخبة مكلفة بالتحقيق مع المشتبه فيهم من المعنيين في التحقيق مع المتهمين بالارهاب "المزعوم
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين كبار في الادارة الاميركية قولهم ان هذا القرار "اتخذ في اطار جهود اوسع لاعادة ترتيب السياسة الاميركية في مجالي الاحتجاز والاستجواب"
واوضحت الصحيفة ان الوحدة سوف تتشكل من خبراء وستكون تحت اشراف مجلس الامن القومي، وتحت مراقبة البيت الابيض مباشرة . وستتولى بعضا من مهمات "سي آي إيه" التي كانت اساليبها في الاستجواب محل شك.
وكان باراك اوباما قد تعهد منذ توليه الرئاسة في كانون الثاني/يناير باعادة تشكيل السياسة الاميركية في ما يتعلق بالاحتجاز والاستجواب في القضايا المرتبطة بالارهاب، لاسيما من خلال تشكيل فريق عمل متخصص تحديدا بهذه القضايا .

من جهة أخرى، اعلن وزير العدل الاميركي اريك هولدر في بيان أصدره انه سيعين مدعياً عاما للتحقيق في الممارسات العنيفة التي استعملتها "السي آي إيه" في اطار الاستجوابات.
وقال ان "المعلومات التي في حوزتي تبرر فتح تحقيق اولي لمعرفة ما اذا كانت القوانين الفيديرالية قد انتهكت في اطار استجواب بعض المعتقلين خارج الولايات المتحدة". واوضح انه قرر اسناد هذا "التحقيق الاولي" الى جون دورهام وهو مدع عام عينه سلفه عام 2008 للتحقيق في تدمير الـ "سي آي إيه" 92 شريط فيديو تتضمن استجوابات.

وأكد هولدر, أن فتح هذا التحقيق سيكون مثيراً للجدل, خصوصا بعد معارضة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ليون بانيتا, إعادة فتح ملفات كانت احيلت على الحفظ في عهد جورج بوش.
واعلن بانيتا ان العناصر الجديدة التي قد تنشر حول التجاوزات التي ارتكبتها الوكالة خلال عمليات الاستجواب في عهد بوش "اصبحت من الماضي" ولم تكن موضع اي ملاحقات قضائية. لافتا الى أن "استخدام تقنيات استجواب عنيفة بدأت عندما اضطرت بلادنا الى التحرك بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر وانتهت في كانون الثاني/يناير" مع وصول الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض وحظر ممارسة التعذيب.

2009-08-25