انطلقت الخطوات العملية والميدانية وسلكت المصالحة الطرابلسية طريقها نحو التطبيع في رحلة البحث عن الأمن المفقود في المدينة منذ الثاني والعشرين من حزيران/ يونيو الماضي، عندما بدأ الصراع السياسي يشوه صورة المدينة عبر انتشار وتوزيع السلاح في كل المناطق وفي صورة خاصة في باب التبانة والقبة وجبل محسن ومنطقة المنكوبين. 
ونجحت الجهود التي بذلها مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار في وضع حجر الأساس لطيّ صفحة طويلة من صراع امتد لنحو 30عام وأفرز وقائع قاسية على ابناء مدينة طرابلس والشمال، قتلا وتدميرا وتهجيرا وفرزا طائفيا وخطابا سياسيا تحريضيا، الا ان السؤال المطروح الان، هل تصدق النوايا والوعود والتعويض عن الغياب التاريخي للدولة عن مساكين طرابلس والجواب كان لمفتي طرابلس والشمال القاضي مالك الشعار عبر حديث خص به موقع "الانتقاد.نت": "ان الامل معقود بالله سبحانه وتعالى ونحن سنعمل مع كل المخلصين من اجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه ولا عودة للفتنة بعد اليوم لان الصراع السياسي لم ولن يتحول يوما ما الى مذهبي املا ان تتحقق المصالحة الكبرى بين ابناء البلد الواحد". 
حصلت المصالحة، وقد جرى التوقيع على الوثيقة في منزل المفتي الشعار بحضور كل من: رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، الرئيس عمر كرامي، الرئيس نجيب ميقاتي وقع عنه الدكتور عبد الإله ميقاتي لوجوده خارج لبنان, النائب سعد الحريري، الوزير محمد الصفدي، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، والنواب: سمير الجسر، أحمد فتفت، محمد كبارة، مصطفى علوش، قاسم عبد العزيز، بدر ونوس. 
عن الطائفة العلوية وقّع كل من: الأمين العام للحزب العربي الديموقراطي النائب السابق علي عيد ونجله رفعت، النائب السابق أحمد حبوس والنائب بدر ونوس. 
ومن الفعاليات السياسية وهيئات المجتمع المدني وقّع كل من: النائب السابق أحمد كرامي، أحمد الصفدي، الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي، الشيخ بلال سعيد شعبان عن جبهة العمل الإسلامي، عبد الناصر رعد عن الأحزاب الوطنية، رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيس بلدية البداوي ماجد غمراوي، رئيس بلدية القلمون طلال دنكر. 
وعن القوى السلفية: الدكتور حسن الشهال، الشيخ داعي الإسلام الشهال، وغياب النائب مصباح الأحدب الذي سارع ليلاً إلى إصدار بيان يؤيد ما حصل بالكامل من دون تبرير أسباب الغياب واعداً بشرحها في مؤتمر صحفي صباح الاربعاء. 
ولم تتخلل المصالحة إشكالات جوهرية، ما عدا الذي أثاره رئيس الحزب العربي الديموقراطي النائب الأسبق علي عيد، الذي اعترض على تراتبية اسمه بين باقي المشاركين في التوقيع، حيث قال لموقع "الانتقاد.نت" إن ذلك يتناقض واتفاقه مع مفتي طرابلس باعتبار ان بدر ونوس لا يمثل الطائفة العلوية انما يمثل "تيار المستقبل" ، وسرعان ما تم الأخذ باقتراح النائب الأسبق أحمد حبوس حيث كتب عيد الى جانب اسمه بخط يده: ممثل الطائفة الاسلامية العلوية علي عيد. وقد وافق الجميع على التعديل. وشكر الجميع مفتي الشمال على دوره في المصالحة... ثم قرأت سورة الفاتحة على نية القبول والتوفيق.
يذكر ان الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري والمفتي الشعار قد أكدو خلال كلمات القوها على ان "المصالحة التي نحن في صددها اليوم لا تعني إلغاء الاختلافات السياسية أو وجهات النظر المتعددة بل تعني ترسيخاً لجملة من المبادئ التي دعا إليها أبناء طرابلس وتضمنتها الوثيقة التي نجتمع حولها اليوم، الا وهي: أن طرابلس مدينة واحدة بأهلها وبنيها وعائلاتها الروحية والسياسية وان الدولة هي المرجعية وهي الضامن والحامي والراعي للجميع وان طرابلس ينبغي أن تكون مدينة منزوعة السلاح والمسلحين والشعارات لأن السلاح بأيدي الأفراد والجماعات لا يحمي أحداً ولا يشكل ضمانة لأحد. فطرابلس مدينة تحضن كل عائلاتها بكل تلاوينهم السياسية والفكرية وهي مدينة الحوار والتلاقي والتبادل والتلاقح الثقافي والفكري".
أما ما ينبغي الإشارة اليه ان فعاليات منطقة التبانة غيبوا تماما عن الحضور وقد أكد العديد منهم في اتصالات مع "الانتقاد.نت" انهم لم يدعوا اصلا الى الاجتماعات وقال احد فعاليات المنطقة اننا "غنم" وبنظرهم ليس لنا اي قيمة, بل بالأحرى نقول ليست عندنا أي مشاكل مع أهالي الجبل وقلناها مراراً أننا والعلويون أخوة, لكن ما يفرقنا هم السياسيون فليبحثوا عن اصوات من غير منطقتنا في الانتخابات القادمة.