ارشيف من :آراء وتحليلات
فاصلة: مصالحة الشمال واغتيال الحريري

كتبت ليلى نقولا الرحباني
سربت بعض الصحف معلومات مهمة حول المصالحة التي جرت في طرابلس واللقاء الذي حصل بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والرئيس عمر كرامي، والذي أقر خلاله الحريري بأنه يعرف مدى العلاقة التي كانت تجمع كرامي بوالده الرئيس رفيق الحريري، وأكد رغبته بمتابعتها وأن تكون العلاقة بينهما على أحسن ما يرام. وأشار الحريري إلى ان الخلاف السياسي لا يفسد في الود قضية، ولا يعني حصول تصادم.. مشدداً على جمع الصف ووحدة الكلمة وطي صفحة الماضي.
وأشار كرامي إلى أن الخلاف المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة لم يتسبب بضربة كف في طرابلس، فلماذا حصل ما حصل مؤخراً؟ ورد الحريري ذلك إلى ما حصل في بيروت في 7 أيار.
ان الذي يحصل من مصالحة هو مطلب كل لبناني أصيل يرغب في رؤية الوطن معافى يعيش أبناؤه عيشاً واحداً كريماً عزيزاً، ولكن هل يحق للمواطنين الذين نزلوا الى الساحات في 14 آذار 2005 للمطالبة بكشف هوية قاتل الحريري الأب ضمن سلسلة من المطالب الاخرى، ان يطرحوا بعض الأسئلة البديهية، من خلال ما تقدم من معلومات:
اولاً: ان قول رئيس تيار المستقبل انه يعرف مدى العلاقة التي كانت بين رفيق الحريري وعمر كرامي، يجعلنا نستغرب ما كنا قد رأيناه وما حمله أنصار تيار المستقبل من لافتات خلال التظاهرات التي تلت اغتيال رفيق الحريري، والصور التي رفعوها والتي كتبوا تحتها: "القتلة".. وقد كان بينهم صورة عمر كرامي نفسه، فما الذي جعل الحريري الابن ينسى العلاقة ويتهم بصورة مبطنة عمر كرامي بتسهيل اغتيال والده، ويستغرق الامر ثلاث سنوات لكي تعود له الذاكرة؟! وإذا كانت العلاقة ممتازة وعميقة بين الحريري الأب وعمر كرامي، فلماذا دمعت عينا الأخت "بهية الحريري" وطالبت كرامي بالاستقالة في جلسة مجلس النواب، واستجاب كرامي على أثرها وأعلن استقالته؟
ثانياً: ان قول الحريري ان ما حصل في طرابلس هو رد على احداث 7 ايار، هو عذر أقبح من ذنب.. فما ذنب أبناء الشمال ليتحملوا وزر خسارة بعض الميليشيات مواقعها في بيروت؟ وإذا كان ما حصل في بيروت نتيجة قرارات حكومية هدفت الى نزع سلاح المقاومة وكشف شبكة اتصالاتها، فإن استكمال المخطط من خلال الشمال يبدو بلا جدوى، لأن المقاومة غير موجودة في الشمال.
ثالثاً: ان المصالحة التي تتم هي امر جيد ويرغبه الجميع، ولكن لماذا يعيب تيار المستقبل على الآخرين القيام بالتفاهمات والمصالحات ويقوم هو بها؟ المبدأ ان التفاهم والتوافق والمصالحات هي امر جيد، ولكن يبدو ان بعض الاطراف اللبنانيين يقومون بالمصالحات ويسوقون لأنفسهم كأرباب مصالحة وتوافق ومد جسور، وعندما يقوم اطراف آخرون بهذا التفاهم فهم يعيبون عليهم الامر، ويعتبرون انه ينطوي على نوايا سيئة.
في المحصلة، ان الاستفاقة على المصالحة والتفاهم والحوار امر جيد ولو جاء متأخراً، ولكن من حق الشعب الذي نزل في 14 آذار 2005 الى الساحات ان يعرف الحقيقة، وأن يطلعه المعنيون على حقيقة الشعارات واللافتات التي رُفعت باسم الحقيقة وباسم كشف قتلة الشهيد.
رحم الله الرئيس الحريري الذي اغتيل مرات ومرات خلال ثلاث سنوات: اغتيل في شباط 2005، ثم اغتاله من خلفه باغتيال تاريخه وصداقاته ومواقفه الوطنية، واغتالوه عندما جعلوا منه ومن المحكمة الخاصة ستاراً للاقتصاص من الذين أحبهم الحريري ودافع عنهم طوال حياته.
الانتقاد/ العدد1297 ـ 9 أيلول/ سبتمبر 2008
سربت بعض الصحف معلومات مهمة حول المصالحة التي جرت في طرابلس واللقاء الذي حصل بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والرئيس عمر كرامي، والذي أقر خلاله الحريري بأنه يعرف مدى العلاقة التي كانت تجمع كرامي بوالده الرئيس رفيق الحريري، وأكد رغبته بمتابعتها وأن تكون العلاقة بينهما على أحسن ما يرام. وأشار الحريري إلى ان الخلاف السياسي لا يفسد في الود قضية، ولا يعني حصول تصادم.. مشدداً على جمع الصف ووحدة الكلمة وطي صفحة الماضي.
وأشار كرامي إلى أن الخلاف المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة لم يتسبب بضربة كف في طرابلس، فلماذا حصل ما حصل مؤخراً؟ ورد الحريري ذلك إلى ما حصل في بيروت في 7 أيار.
ان الذي يحصل من مصالحة هو مطلب كل لبناني أصيل يرغب في رؤية الوطن معافى يعيش أبناؤه عيشاً واحداً كريماً عزيزاً، ولكن هل يحق للمواطنين الذين نزلوا الى الساحات في 14 آذار 2005 للمطالبة بكشف هوية قاتل الحريري الأب ضمن سلسلة من المطالب الاخرى، ان يطرحوا بعض الأسئلة البديهية، من خلال ما تقدم من معلومات:
اولاً: ان قول رئيس تيار المستقبل انه يعرف مدى العلاقة التي كانت بين رفيق الحريري وعمر كرامي، يجعلنا نستغرب ما كنا قد رأيناه وما حمله أنصار تيار المستقبل من لافتات خلال التظاهرات التي تلت اغتيال رفيق الحريري، والصور التي رفعوها والتي كتبوا تحتها: "القتلة".. وقد كان بينهم صورة عمر كرامي نفسه، فما الذي جعل الحريري الابن ينسى العلاقة ويتهم بصورة مبطنة عمر كرامي بتسهيل اغتيال والده، ويستغرق الامر ثلاث سنوات لكي تعود له الذاكرة؟! وإذا كانت العلاقة ممتازة وعميقة بين الحريري الأب وعمر كرامي، فلماذا دمعت عينا الأخت "بهية الحريري" وطالبت كرامي بالاستقالة في جلسة مجلس النواب، واستجاب كرامي على أثرها وأعلن استقالته؟
ثانياً: ان قول الحريري ان ما حصل في طرابلس هو رد على احداث 7 ايار، هو عذر أقبح من ذنب.. فما ذنب أبناء الشمال ليتحملوا وزر خسارة بعض الميليشيات مواقعها في بيروت؟ وإذا كان ما حصل في بيروت نتيجة قرارات حكومية هدفت الى نزع سلاح المقاومة وكشف شبكة اتصالاتها، فإن استكمال المخطط من خلال الشمال يبدو بلا جدوى، لأن المقاومة غير موجودة في الشمال.
ثالثاً: ان المصالحة التي تتم هي امر جيد ويرغبه الجميع، ولكن لماذا يعيب تيار المستقبل على الآخرين القيام بالتفاهمات والمصالحات ويقوم هو بها؟ المبدأ ان التفاهم والتوافق والمصالحات هي امر جيد، ولكن يبدو ان بعض الاطراف اللبنانيين يقومون بالمصالحات ويسوقون لأنفسهم كأرباب مصالحة وتوافق ومد جسور، وعندما يقوم اطراف آخرون بهذا التفاهم فهم يعيبون عليهم الامر، ويعتبرون انه ينطوي على نوايا سيئة.
في المحصلة، ان الاستفاقة على المصالحة والتفاهم والحوار امر جيد ولو جاء متأخراً، ولكن من حق الشعب الذي نزل في 14 آذار 2005 الى الساحات ان يعرف الحقيقة، وأن يطلعه المعنيون على حقيقة الشعارات واللافتات التي رُفعت باسم الحقيقة وباسم كشف قتلة الشهيد.
رحم الله الرئيس الحريري الذي اغتيل مرات ومرات خلال ثلاث سنوات: اغتيل في شباط 2005، ثم اغتاله من خلفه باغتيال تاريخه وصداقاته ومواقفه الوطنية، واغتالوه عندما جعلوا منه ومن المحكمة الخاصة ستاراً للاقتصاص من الذين أحبهم الحريري ودافع عنهم طوال حياته.
الانتقاد/ العدد1297 ـ 9 أيلول/ سبتمبر 2008