كتب محمد يونس
آخر مفهوم لاحترام سيادة الدول وضعته الولايات المتحدة الأميركية حيز التنفيذ في باكستان، فبعد أن قامت الطائرات الأميركية بقصف منطقة القبائل في شمالي وزيرستان مرتكبة مجزرة بحق المدنيين من سكان تلك المنطقة، وبينهم أطفال ونساء، برزت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو لتقول إن واشنطن تحترم سيادة باكستان وتدعم حكومتها الجديدة، وإن الرئيس جورج بوش يشعر بالحزن لمقتل الأبرياء.
إذن على الدول من الآن وصاعدا أن تحذر من مغبة قيام الولايات المتحدة الأميركية باحترام سيادتها أو دعم حكوماتها، فاحترام سيادة هذه الدول يحتم عليها أن تحترم وتوقر سيادة الطائرات الحربية الأميركية وتفتح لها الأجواء لتقوم بقصف ما يجب أن تقصفه، ثم عليها أن تقدم كل الشكر والامتنان لهذه الطائرات ومن أمرها بالقصف.
أما إذا أدى القصف إلى مقتل أبرياء فعليها أن تكتفي بالحزن الذي يشعره الرئيس الأميركي لدى سماعه الخبر، فمجرد شعور بوش بالحزن يعني أنه جرى التعويض على الخسائر والوقوف على الخاطر، وهذه مكرمة على الدول موضع الحدث أن تظهر كل الامتنان لمنحها إياها.
هذه هي حال العالم اليوم، من شاء فأهلا وسهلا به، ومن أبى فوصمة الإرهاب حاضرة ومحور الشر جاهز.. وينادى: هل من مزيد؟! لكن أليست هذه علامات على اقتراب نهاية فرعون العصر بعدما بلغ من جبروته وتكبره مبلغا؟ نعم إنها كذلك، فبقدر ما تظهر عمليات القصف القوة لدى واشنطن تظهر أيضا ضعفها وارتباكها وعدم امتلاكها رؤية واضحة وتخبطها في معمعة أغرقت نفسها فيها ولن تجد من ينقذها منها.
فتجبر أيها الفرعون قدر استطاعتك، فإن ساعتك حانت، وربما تكون أقرب مما يتصور الكثيرون.
الانتقاد/ العدد1297 ـ 9 أيلول/ سبتمبر 2008