ارشيف من :آراء وتحليلات

نقطة حبر: الليالي الرمضانية

نقطة حبر: الليالي الرمضانية

كتب حسن نعيم
من نافل القول إن الأيام والليالي الرمضانية كان لها تلك الكرامة الإلهية لأنها أوقات عبادة وتفكر وذكر لله تبارك وتعالى, وليس للسهر في الخيم الرمضانية, وللمآكل  والتفنن في ابتداع أصنافها وأنواعها, شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ورحمة أبعد ما يكون عن المتع الجسدية, وحتى السمعية والبصرية منها، كالإدمان على بعض المسلسلات التلفزيونية التي لا تقدم ولا تؤخر على المستوى الإيماني.
لقد قيل الكثير في هذا الموضوع, وكتب الكثير، غير أن الكتابة والآراء النقدية للظاهرة الآنفة  لم تلق الآذان الصاغية, ولم تحل دون انتشارها لأسباب تعود بمعظمها إلى الناس، وحتى إلى بعض الكتّاب والوعّاظ الذين يتعاطون بشكل تقليدي مع شهر ليس تقليدياً, في الرؤية الإلهية لتربية وتهذيب النفس البشرية التي تستهدف التقرب من الله تبارك وتعالى.
منبع التقليدية هو التعاطي مع الشهر الكريم, بأسلوب قريب من الأسلوب التجاري، فالله عز وجل يزيد الحسنات ويضاعفها في هذا الشهر، فلِمَ لا نزيد من الصلوات وقراءة القرآن ودفع الصدقات... حتى إذا ما ازدادت الحسنات عن سابقاتها, وفترت الهمّة  "عادت حليمة إلى عادتها القديمة"، وانحسرت مساحة الأبعاد الروحية الطارئة لتحل محلها الدوافع نحو المادية القديمة على حد تعبير الشهيد مطهري "رحمه الله".
لو يعلم هؤلاء الناس أن التاريخ الإسلامي أخبرنا عن شخصيات إسلامية عظيمة كانت في غمرة سيرها وسلوكها إلى الله لا تبدل كل ما في هذا الكون من زينة وأموال ومناصب, بلحظة من لحظات ذكر الله وعبادته لراجعوا حساباتهم ولتراجعوا عن هذا التكالب على متع الدنيا, عن هذا المباح الذي يعدونه حلالاً، وهو كذلك، لكنهم من حيث يدرون أو لا يدرون يساهمون في إبقاء أنفسهم تراوح مكانها في مدارج الارتقاء الروحي.
الانتقاد/ العدد1297 ـ 9 أيلول/ سبتمبر 2008



2008-09-09