ارشيف من :أخبار عالمية

إتحاد دول أميركا الجنوبية "أوناسور" يندد بالقواعد العسكرية الاميركية السبع في كولومبيا

إتحاد دول أميركا الجنوبية "أوناسور" يندد بالقواعد العسكرية الاميركية السبع في كولومبيا

تقرير: ليلى سرعيني

سبع قواعد عسكرية أميركية في قلب الجمهورية الكولومبية، كانت كفيلة لبث التوتر في صفوف دول أميركا اللاتينية، وفي مقدمتها فنزويلا. توسع أميركي جديد هذه المرة، إجتاز محيط الشرق الاوسط، ليخترق حدود البلدان ذات الهوية اللاتينية لأسباب يشوبها الكثير من الغموض.
فهل ستكون هذه القواعد العسكرية وسيلة للضغط أو منصة للإطاحة بأنظمة البلدان المجاورة لكولومبيا والتي تتبنى سياسة مناهضة للادارة الاميركية، أم ان لهذا الامتداد الاميركي أهدافا استراتيجية قد تكون قصيرة الأمد وربما قد تطول؟

الاتفاق العسكري المثير للجدل والذي وقعته كولومبيا مع واشنطن، في حزيران/ يونيو الماضي، القاضي بإقامة سبع قواعد عسكرية على أراضيها، كان محط إهتمام الرئيس الفنزولي هوغو تشافيز، الذي لم يتوانَ عن توجيه الاتهامات والانتقادات لكلا الطرفين الامريكي والكولومبي، مستنكرا وجود القواعد في بلد مجاور لفنزويلا، كما استبعد أن يكون للدور الاميركي أي دوافع إيجابية، على صعيد المنطقة.

انتقادات تشافيز هذه، تزامنت مع الاعلان عن الاتفاق الاميركي - الكولومبي، كما أنها سبقت القمة الطارئة التي عقدها إتحاد دول أميركا الجنوبية "أوناسور" في مدينة باريلوتشي الأرجنتينية. فقد حاول المجتمعون من الاصول اللاتينية التحذير من مغبة وجود تلك القواعد العسكرية، مبدين قلقهم من مساهمة هذا التطور العسكري في زعزعة الاستقرار الامني للدول المحيطة.

بالمقابل، لم يتوقف الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي، عن الدفاع عن هذه القواعد العسكرية، مشددا على أن هذا الاتفاق لا يعني إختراق السيادة الكولومبية، وأكد عدم تراجعه عن قراره في موضوع إبرام الاتفاقية العسكرية مع الولايات المتحدة، قائلا إن "البند الثالث من الاتفاق ينص على عدم إمكان استخدام هذه القواعد للتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى". وزعم ألفارو ان دور القواعد يلتف حول محاربة تهريب المخدرات ومسألة الارهاب التي تعاني منها بلاده منذ أكثر من نصف قرن، موضحا "ما أعطي للولايات المتحدة للمساعدة في مكافحة تهريب المخدرات لا يعني أن تتخلى كولومبيا عن سيادتها على ميلليمتر واحد من أراضيها".


تشافيز، الذي لا يزال غير مقتنعا بالغايات "المبهمة" للاتفاق، حاول أن يبرهن للعالم أجمع أن الدور "الخفي" القواعد لن يقتصر على محاربة الارهاب، وانما توسيع الامتداد الاميركي في المدار اللاتيني. فقد طلب تشافيز خلال إنعقاد القمة، من كاميرات التلفزيون، ووسائل الاعلام، ان تصور عن قرب كتاباً أبيض، وهو بمثابة وثيقة حديثة من القيادة الجنوبية للبنتاغون تحمل اسم "الكتاب الأبيض حول مقاربة جديدة لحرية التحرك الجوي"، تشير الى ان قاعدة "بلانكيرو الكولومبية" ستسمح للقوات الامريكية بـ "تنقل" أفضل، وشدد على ان "الأمر يتعلق كما يتضح بالتنقل لشن الحرب"، وتضم هذه الوثيقة، قائمة حول "توفير تسهيلات لوجستية تغيّر مفهوم المحطات التقليدية ... وأن الهدف لا ينطوي فقط على محاربة المخدرات، بل أيضاً لتأمين الحركية المطلوبة... لأنها وحدها تسمح لنا بتأمين رقابة أكثر من نصف القارة الأميركية الجنوبية دون الحاجة إلى الوقود".


ورأى تشافيز في كلامه بأن الاميركيين يحملون خطة مبرمجة إمبرياليا للسيطرة على العالم، مستشهدا بدور القواعد العسكرية الأميركية في الانقلاب الذي كاد أن يطيح بنظامه وأيضاً في الانقلاب الأخير الذي حصل في هندوراس، والذي أطاح بالرئيس مانويل زيلايا. واقترح تشافيز أن يقوم مجلس الدفاع في "أوناسور" بدراسة جدية لهذه الوثيقة الأميركية وأن يعقد اجتماعاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، من أجل الاستيضاح.

من جهتها، حذرت الرئيسة الأرجنتينية، المضيفة للقمة، كريستينا كيرشنر، أن هذا الاتفاق قد يحث دولاً أخرى على القيام بإتفاق مماثل، في إشارة منها، الى التخوف من الانتشار الاميركي الذي قد يحدق بالبلاد، مطالبة بتحديد مبدأ "حول كيفية تعامل اتحاد دول أميركا الجنوبية مع مسألة قيام بلد لا يشكل جزءاً من اميركا الجنوبية بإقامة قواعد على إحدى أراضينا". وأردفت "غداً، قد يرغب بلد آخر في القيام بالأمر ذاته، وقد نشهد كيلاً بمكيالين".

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، طالب من جانبه كولومبيا بتقديم "ضمانات بعدم إمكانية استخدام العديد أو العتاد لغايات أخرى غير تلك التي اعلنتها كولومبيا والولايات المتحدة، أي مكافحة الاتجار بالمخدرات وميليشيا فارك (القوات المسلحة الثورية الكولومبية)". وقد لقي الاقتراح البرازيلي تأييدا من الاكوادور والارجنتين والباراغواي.


وفي البيان الختامي للقمة الطارئة، أكد رؤساء الدول المشاركة بالإجماع ان "وجود قوات عسكرية أجنبية ليس من شأنه سوى تهديد سيادة وسلامة أي دولة أميركية جنوبية وبالتالي السلام والأمن في المنطقة".
ودعا البيان وزراء الخارجية ووزراء الدفاع في الدول المعنية إلى الاجتماع الشهر المقبل لبحث الموضوع وإقرار اتفاق يجيز لمنظمة أوناسور الرقابة على القواعد العسكرية في كل دولها الأعضاء.

وتأكيدا على الخطر الذي قد يحدق بفنزويلا ونظامها المعادي لسياسة الادارة الاميركية، أكد الزعيم الكوبي فيدل كاسترو أن "الغاية الوحيدة للولايات المتحدة من خلال هذه القواعد هي وضع أمريكا اللاتينية في متناول قواتها في غضون ساعات قليلة"، مشيرا الى أن "الهدف الأول المباشر لهذه الخطة هو تصفية العملية الثورية البوليفارية وضمان السيطرة على النفط وغيره من الموارد الطبيعية في فنزويلا".

وإتهم كاسترو، واشنطن بالسعي لـ "تصفية" حكومة الرئيس الفنزويلي تشافيز "الثورية" وذلك من خلال الاتفاق العسكري الذي يسمح لها باستخدام سبع قواعد عسكرية في كولومبيا. واصفا تبرير الولايات المتحدة لاستخدام هذه القواعد لمكافحة الارهاب وتهريب المخدرات بأنها حجج "واهية" متهما هذا البلد بأنه أول مستهلك للمخدرات في العالم وأول صانع للأسلحة في العالم والجهة الأولى التي تمد "الجريمة المنظمة في أمريكا اللاتينية" بالأسلحة النارية.


اذا هي حملة لاتينية واسعة، للتنديد بالاتفاق العسكري الاميركي الكولومبي، الذي قد يهدد الجوار. فتحت ذريعة مكافحة المخدرات والارهاب، تمركزت سبع قواعد أميركية في عمق كولومبيا، فهل سيطلق على الاميركيين المتربصين في أميركا الجنوبية، في القريب العاجل، إسم "الاحتلال الاميركي"؟ أم ان ما وصفه تشافيز بـ"الخيانة الكولومبية" قد يشكل خطوة نحو مستقبل قد ينذر بهيمنة عسكرية جديدة لنسف الانظمة المعارضة لتوجهات الولايات المتحدة الاميركية؟

2009-08-29