ارشيف من :أخبار عالمية
اميركا تسعى لنقل الدرع الصاروخية من اوروبا الشرقية الى تركيا أو "اسرائيل"
سباق تسلح على مستوى الدروع الصاروخية !
السباق الدولي نحو التسلح متواصل بأوجه عديدة، فكل دولة تحاول اثبات وجودها على الساحة الدولية بحسب امكاناتها المادية والمعنوية، لكن الخوف يزداد كلما زادت حدة الصراع مما يؤدي الى خرق التوازن الدولي مما يعني خوض الدول معركة في سباق التسلح، وهذا ما تخشاه الدول الكبرى.

من جهة أخرى تسعى بعض الدول كالولايات المتحدة لتبديل التوازن الاستراتيجي لمصلحتها عبر نشر دروع مضادة للصورايخ في المناطق القريبة من الدول المتنازعة مع اميركا مثل روسيا وايران، وهذا يندرج في اطار مخططات اميركية استباقا لأي حدث مرتقب، ولأجل رفع حالة التاهب الى الدرجة القصوى وحفاظا على أمن "اسرائيل " ، والدليل على ذلك السعي الاميركي الجديد لنشرع درع صاروخية في تركيا أو "اسرائيل" .
في الواقع ، تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية نوعين من الدفاعات الصاروخية (حاليا في طور التطوير) هما الاول نظام الدفاع الصاروخي لمسرح العمليات والثاني نظام الدفاع الصاروخي القومي.
ويشتمل النوع الاول على نشر صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية محدودة المدى يمكنها حماية مناطق صغيرة نسبيا مثل (القوات والقواعد والمعدات العسكرية) من هجمات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى.
اما الثاني فيعمل علي نشر صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية يمكنها حماية مناطق أكبر مثل (الدول والأقاليم) من هجمات الصواريخ الباليستية طويلة المدى.
ومصادر التهديد المحتملة التي تقوم عليها إستراتيجية نظام الدرع الأمريكي والمتوقع انطلاق صواريخ هجومية منها ضد الولايات المتحدة هي بالدرجة الأولى إيران، و العراق، و كوريا الشمالية، و كوبا وأي دولة قد تشكل خطرا على أمن الولايات المتحدة.
وفي تفاصيل نشر الدرع الصاروخي الاميركي في اوروبا، وقعت الولايات المتحدة وبولندا عام 2008 اتفاقاً ينص على نشر جزء من الدرع الاميركية المضادة للصواريخ على الاراضي البولندية بحلول العام 2012 .
هذا وتعتزم الولايات المتحدة نشر عشرة صواريخ معترضة في بولندا اضافة الى منشأة رادار في تشيكيا المجاورة في الفترة من 2011 و 2013 .
وبنشر هذه العناصر من الدرع في البلدين ستكتمل الدرع الصاروخية الاميركية التي توجد اجزاء منها في الولايات المتحدة وغرينلاند وبريطانيا .

وتعلل واشنطن سبب نشر الدرع بانه يأتي في اطار نظام للحيلولة دون التعرض لما تقول إنه هجمات محتملة من دول تعتبرها "مارقة" مثل ايران وكوريا الشمالية.
ومن جهتها، ترفض روسيا الاسباب التي تسوقها واشنطن لنشر الدرع التي تمت الموافقة عليها من قبل كافة الدول الـ 26 الاعضاء في حلف شمال الاطلسي، وتقول انها تهدف الى تقويض قوة الردع النووية الروسي .
وفي هذا السياق، وفي اطار سباق التسلح، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق ان نشر صواريخها في منطقة كالينغراد مرهون بنشر الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في بولندا وتشيكا ، كما اكدت بان الخطط الاميركية لنشر الدرع الصاروخية شرق اوروبا ستؤثر على الامن الروسي.
واعتبرت ان الكلام عن تعليق روسيا نشر صواريخ من نوع "اسكندر" في منطقة كالينينغراد غرب البلاد في غير مكانه لان موسكو لا تنوي نصبها الا في حال نشر اجزاء من الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في بولندا وتشيكيا.
وفي سياق المواقف الروسية من موضوع نشر الدرع الصاروخية، وخلال مؤتمر صحافي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الدنماركي "بيرستيغ مولر" اكد "لافروف" ان بلاده مهتمة بمعرفة مكان الموقع الثالث للمنظومة الصاروخية التي تعتزم واشنطن نشرها، مشيرا الى ان موسكو تجري محادثات مع الاميركيين والبولنديين والتشيك بهذا الخصوص.
وتجدر الاشارة الى ان روسيا تعتبر هذا المشروع تهديدا لامنها، واقترحت في الفترة الاخيرة على الولايات المتحدة درعا ثلاثية مضادة للصواريخ تشارك فيها اوروبا ايضا بدلا من المشروع الاميركي الحالي.
الى ذلك، ومن جانبه ، قال وزير الخارجية البولندي "رادوسلاف سيكورسكي " : "إن إدارة الرئيس الامريكي باراك أوباما لم تتخذ قرارا بعد حول المضي قدما في درع الدفاع الصاروخية الاميركية التي سينشر جزء منها في بولندا".
اما المستجدات الجديدة بهذا الخصوص، فيبرز ما نقلته صحيفة " بولندية " تسمى «غازيتا فيبورتشا» من أن وزارة الحرب الأميركية تبحث إمكانية نقل قواعد الاعتراض الصاروخي المقررة في بولندا وتشيكيا إلى "إسرائيل" ودول أخرى على البحر المتوسط.
ونقلت الصحيفة البولندية عن ناشط أميركي في تسويق مشروع الدرع الصاروخي، "ريكي أليسون" ، والذي شارك الأسبوع الماضي في مؤتمر عرض فيه قادة وزارة الحرب خططهم أمام مدراء الصناعات الحربية الأميركية قوله «إن الإشارات التي يطلقها الجنرالات في البنتاغون واضحة تماماً: بقدر ما يتعلق الأمر بالدفاع ضد الصواريخ، فإن الإدارة الحالية تبحث عن حلول أخرى للقواعد (المخطط لها) في بولندا وتشيكيا».
لكن سرعان ما صدر موقف للولايات المتحدة نفت فيها تخليها عن نشر مكونات درعها الصاروخية في بولندا وتشيكيا كما سبق ان اكدت الصحيفة البولندية.
وقال فيليب كرولي المتحدث باسم الخارجية الاميركية: "اني اصف هذه المعلومات بانها غير دقيقة"، مضيفا "نحن لا نزال بصدد اعادة درس استراتيجيتنا في مجال الصواريخ المضادة".
وكان نائب وزير الحرب الأمريكي "ألكسندر فيرشبو" أعلن يوم الخميس 13 اغسطس/آب ان: "واشنطن تنظر في بدائل لمشروعها الحالي لنشر عناصر من درعها الصاروخية في بولندا وتشيكيا". وأضاف "فيرشبو" لأعضاء مجلس النواب الأمريكي في جلسة مكرسة للعلاقات مع روسيا: "إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد تجري عددا من التغيرات على مشروع الدرع الصاروخية الذي تركته لها الإدارة الأمريكية السابقة" .
في هذا السياق، يشير تقرير مستقل أعدته مجموعة من الخبراء الروس والأمريكيين الى أن الدرع الصاروخية التي تخطط الولايات المتحدة الأمريكية لنشر عناصرها في أوروبا الشرقية لن تكون فعالة في حماية أوروبا من من هجوم صاروخي محتمل.
في غضون ذلك ، تساءلت صحيفة «غلوبوس» الاقتصادية الإسرائيلية، أمس، عما إذا كانت "اسرائيل" ستكون المظلة التي تحمي الرئيس الأميركي "باراك اوباما" من فشل سياسة الدرع الصاروخي في أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسألة إقامة الدرع الصاروخي في "إسرائيل" وتركيا، أو في البحر المتوسط، تدرس على أعلى المستويات، وأن هناك من يربطها بعقدة المستوطنات.
ولفتت «غلوبوس» إلى أن الولايات المتحدة تدرس إمكانية استخدام "إسرائيل" كقاعدة لمنظومة اعتراض الصواريخ التي تشكل مظلة لحماية أوروبا من خطر الصواريخ الإيرانية.
وتشير «غلوبوس» إلى أن التقديرات في واشنطن بيّنت أن معارضة روسيا للمشروع لن تضعف، ولذلك فإن البيت الأبيض قرر التراجع عن مشروع الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية. وأنها لهذا الغرض تبحث عن بدائل بينها إقامة قواعد لهذا الدرع الصاروخي في كل من "إسرائيل" وتركيا وفي بعض دول البلقان، وكذلك استخدام صواريخ يمكن نصبها على مدمرات تبحر في البحر الأبيض المتوسط.
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن محللين في واشنطن، قولهم إنه إذا اقترح اوباما "إسرائيل" كموضع لنشر المظلة الصاروخية المفترض أن تحمي أوروبا، فإن ذلك يمنح "إسرائيل" أهمية إضافية، مضيفة بان: "منظومة الاعتراض الصاروخي الأميركية التي ستنشر في "إسرائيل" ستدعم بطاريات صواريخ «حيتس» والصواريخ الأميركية الأخرى المنصوبة الآن في حال تعرض الدولة العبرية لهجوم صاروخي إيراني".
ومعلوم أن روسيا هددت بتوجيه صواريخها النووية نحو كبريات المدن الأوروبية، خصوصاً نحو مواقع الصواريخ المضادة هذه ومنظوماتها الرادارية، كما أن إدارة اوباما أبدت تردداً إزاء التكاليف المالية الهائلة التي ينطوي عليها هذا المشروع.
وقد أثار هذا التردد غضب حكومتي بولندا وتشيكيا اللتين توقعتا أن يقود الدرع الصاروخي إلى جلب الكثير من الاستثمارات لبلديهما.
كما أن هذا التردد أثار غضب اليمين الأميركي الذي نشر في صحيفة «واشنطن تايمز» نقدا صريحا لإدارة اوباما حول هذا الموضوع جاء فيه أن "إلغاء نشر الصواريخ المضادة سيشكل خطوة إضافية في التراجع التدريجي لإدارة اوباما عن القيادة الإستراتيجية للعالم .
تقرير : محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018