ارشيف من :أخبار عالمية
المعارضة تفوز في الانتخابات التشريعية اليابانية
فوز كاسح للحزب الديمقراطي الياباني على الحزب الليبرالي
للمرة الثانية في تاريخ اليابان يرى الحزب الليبرالي الديمقراطي نفسه في المعارضة، علما أنه حكم البلاد لسنوات طويلة وكان صانع ما يسمى بـ «المعجزة الاقتصادية» في طوكيو.
في المرة الأولى اضطر إلى التخلي عن الحكم لمصلحة ائتلاف متعدد الأطراف بين العامين 1993 و1994 إلا أن ذلك لم يدم أكثر من عشرة أشهر، أما اليوم فهو يواجه حزباً معارضاً كبيراً سيتحكم بالبرلمان ويبذل ما بوسعه للاستمرار.
جرت أمس الانتخابات التشريعية في اليابان حيث صوت اليابانيون بكثافة للحزب الديمقراطي الياباني المعارض الذي تعهد باعتماد سياسة اكثر اجتماعية. وبنتيجة التصويت حقق الحزب الديمقراطي فوزا ساحقا في انتخابات تشريعية وضعت حدا لـ 54 عاما من هيمنة المحافظين على ثاني اقتصاد عالمي، فيما وجه زعيم المعارضة اليابانية الفائز في الانتحابات التشريعية "يوكيو هاتوياما" شكره الى الناخبين على دعمهم لحزبه، وبدأ مشاورات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل الحكومة الجديدة.

وبتصويتهم للتغيير، أراد اليابانيون أن يعاقبوا الحزب الليبرالي الديمقراطي على الأخطاء التي ارتكبها في سياسته الليبرالية في السنوات الأخيرة والتي أدت بنظرهم إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي والبطالة.
ووفقا للتقديرات التي بثتها قناة "ان اتش كاي" الرسمية بعد انتهاء الاقتراع يتوقع ان يحصل الديمقراطيون على ما يتراوح بين 298 و329 مقعدا على الأقل من مقاعد مجلس النواب الـ 480. ومن غير المتوقع ان يحصل الحزب الليبرالي الديمقراطي (يمين) بزعامة رئيس الوزراء "تارو اسو" سوى على ما بين 84 الى 131 مقعدا كما يتوقع ان يعين البرلمان الجديد رئيس الحزب الديمقراطي الياباني يوكيو هاتوياما (62 سنة) رئيسا للوزراء في غضون أسبوعين.
واستُقبل إعلان نتيجة الانتخابات بموجة عارمة من الفرح وعلا التصفيق في القاعة التي استأجرها الحزب الديمقراطي خصيصاً لهذه المناسبة في حي "روبونجي" الراقي في طوكيو.
وحول برنامج الحملة الفائزة في الانتخابات، حدد الحزب الديمقراطي الياباني كلفة برنامجه السنوية بـ16800 مليار ين «12 مليار يورو» بدءاً من عام 2012، اما بالنسبة لمصدر تمويل كلفة البرنامج قال "هاتوياما" : إنه ينوي تمويله من خلال وقف «الهدر» في الميزانية كالأشغال العامة غير الضرورية والمساعدات الزبائنية للمناطق وبتخفيض رواتب موظفي الدولة.
رئيس الوزراء المقبل "يوكيو هاتوياما" يتحدر من عائلة سياسية ثرية وعريقة لطالما شبهت بعائلة كينيدي، وهو صاحب نظرة أكثر استقلالية لليابان عن الولايات المتحدة ويشجع على تعزيز العلاقات مع الدول الآسيوية من دون أن يؤثر ذلك على الحلف الإستراتيجي مع واشنطن.
وكان هاتوياما تعهد باعتماد سياسة «لخدمة الناس» ترتكز على برنامج يخصص مساعدات للمتقاعدين والعائلات والأكثر حرمانا.
كما تعهد "هاتوياما" ، الذي يؤمن بأن الانتعاش الاقتصادي يأتي من خلال الاستهلاك، بتوفير تعليم مجاني جزئيا، وبتقديم مساعدة عند الإنجاب وبإلغاء رسوم الطرقات السريعة.
وخلال مؤتمر صحفي، شكر هاتوياما الناخبين دعمهم حزبه فقال "أود أن أعبر عن شكري للشعب لدعمه"، وأضاف: "أظن أن الجمهور شعر بالإحباط من حكومة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم الذي يحكم الأرخبيل منذ خمسين سنة من دون انقطاع تقريباً"، واوضح هاتوياما : "لقد كان هدفنا تغيير هذه الحكومة وقمنا بحملة من أجل ذلك".
وأكد هاتوياما: إن "أكبر تحد سيتمثل في جعل هذا الانتصار انتصاراً للشعب من دون تكبر" مضيفاً "لن نحيد عن مشروعنا لتشكيل ائتلاف حكومي مع حزبين معارضين آخرين هما الحزب الاجتماعي الديمقراطي (يسار) وحزب الشعب الجديد (يمين)".
بدوره، قال مسؤول رفيع المستوى في الحزب الديمقراطي يدعى "يوشيهيكو نودا" عبر وكالة "كيودو" اليابانية للانباء "لقد عملنا من دون توقف لنمسك بزمام الحكم، ونلنا أخيرا دعم الشعب لذلك سنبذل قصارى جهدنا لتنفيذ البرنامج الذي التزمنا به".
من النافل القول بانها المرة الاولى التي يحكم فيها الحزب الديمقراطي، وهو سيستلم زمام الامور في دولة خرجت لتوها من اسوأ كساد لها في مرحلة ما بعد الحرب، لذا يشك البعض بقدرة الحزب الديمقراطي الياباني على تنفيذ اصلاحاته مــن دون زيــادة الضرائب.
وادراكا من الحزب لهذه الثغرة سيشكل منذ اليوم مجموعة مصغرة مهمتها ان تضمن انتقال السلطة من الادارة المنتهية ولايتها الى الحزب المنتخب، على غرار ما يحصل في الولايات المتحدة عادة، وبهذه الطريقة سيتمكن الحزب بالتالي من التكيف مع مسؤولياته الجديدة.
وبالاضافة الى ذلك، يتساﺀل الخبراﺀ عن مدى قدرة الحزب الديمقراطي على تخطي التباينات السياسية في صفوفه بين المحافظين السابقين المنشقين مــن الحزب الليبرالي الديمقراطي الذين يتخذون مواقف قومية متطرفة احيانا من جهة، وبين الاشتراكيين السابقين من جهة اخرى. كما ان مشاركة حزبي المعارضة الآخرين الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار) وحزب الشعب الجديد (يمين قومي) في الحكومة لن يسهل الامور.
ومن الطبيعي جدا ان تبرز ردود فعل تناسب حجم الخسارة من كوادر الحزب الليبرالي، ابرزها اعلان رئيس الوزراء المنتهية ولايته " تارو آسو " عزمه على الاستقالة من رئاسة الحزب، ومنها ايضا إعادة النظر في تركيبة الحزب نفسه.
ففي رد على سؤال لصحافي في قناة تلفزيون "ان.اتش.كي" العامة عما اذا يمكن ان يستقيل من رئاسة الحزب قال آسو "يجب علي ان اتحمل مسؤولياتي".
واضاف: "يجب ان ننظم سريعا انتخابات لرئاسة الحزب ، اما انا كعضو بسيط في الحزب عليّ ان اكافح من اجل تحديث الحزب الليبرالي الديمقراطي".
وتجدر الاشارة الى ان 3 من كبار قادة الحزب الديمقراطي قدموا استقالتهم امس، حيث قال السكرتير العام للحزب "هيرويوكي هوسودا": "أبلغنا رئيس الحزب تارو آسو بعزمنا على الاستقالة"، وأوضح أن القائدين المستقيلين الآخرين هما رئيس الجمعية العامة "تاكاشي ساساغاوا" والرئيس المكلف الشؤون السياسية والأبحاث "كوسوكي هوري"
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018