ارشيف من :أخبار لبنانية
اشكالات في بيروت على أبواب الاستحقاق النيابي.. ورسائل من بعبدا الى المصيلح

مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي ترتفع وتيرة الشحن لدى بعض القوى السياسية لا سيما تيار "المستقبل"، سواء في الخطاب المشحون او في تصرفات المناصرين على الأرض، حيث تم الاعتداء على من يخافلهم بالرأي في إحدى مناطق بيروت.
على صعيد آخر، كانت لافتة زيارة وزير العدل سليم جريصاتي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في دارته بالمصيلح، ما يفسره البعض على أنه تبادل رسائل بين الرئاستين الأولى والثانية.
الى ذلك، بقي الشأن الاقليمي يسيطر على حيز مهم من المتابعات، لا سيما بعد فشل العدوان الثلاثي على سوري من جهة، والاعلان الايراني الواضح عن حتمية الرد على غارات العدو الصهيوني على مطار "تي 4" منذ أيام.
"الأخبار": تدخلات السلطة تهدّد الانتخابات
تحدثت "الأخبار" عن أقل من ثلاثة أسابيع تفصل البلد عن موعد إجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار المُقبل. الممارسات «القمعية» و«الزعرنات» تتصاعد يومياً بلا أية محاسبة. يتهم أحد المرشحين وزير الداخلية بأنه «أزعر» على الهواء مباشرة. تضجّ مواقع التواصل بالصور والفيديوهات والتسجيلات الصوتية. عيّنة لا تستحقّ وقفة من أحد.
تُحجز طائرات ويجري التنافس بين الماكينات على تجنيد المندوبين وتوسيع الماكينات الانتخابية. التنافس ينتقل إلى داخل اللائحة الواحدة. لا صورة رسمية واحدة تجمع «أبطال» لائحة كسروان وجبيل المدعومة من التيار الحر، لعل رئيس الجمهورية ينجح في جولته المقررة غداً بجمعهم ضمن «كادر» واحد!
يُحرج فؤاد مخزومي منافسه سعد الحريري بحجز هواء تلفزيونه. يُجند ماكينة في العاصمة يمكنها أن تتولى الانتخابات في كل لبنان. نموذج بيروت موجود في زحلة مع وفرة المتمولين هناك، وعلى رأسهم ميشال ضاهر. الأمر نفسه يسري على نعمة أفرام في كسروان. لا يجنّد الأخير العاملين في مؤسساته وحسب، ولا يحجز مقاعد وفنادق للآتين من الخارج بين الثالث والسابع من أيار، بل صار بمقدور كل من قصّر في تسديد فاتورة كهرباء أو ماء أو قسط مدرسة أو قرض شخصي، أن يأتي إلى أحد مكاتبه الخدماتية متوسلاً، فيكون له ما يريده وعلى عينك يا دولة.
ممارسات بالجملة تخفي في طيّاتها عمليات شراء ولاءات من خلال توظيف الأب أو الابن أو الابنة في الماكينة لقاء بدلات تصل إلى ألفي دولار شهرياً بحسب عدد الأصوات التي يمون عليها كل مندوب. ظاهرة شراء المفاتيح الانتخابية صارت ظاهرة «وطنية» بامتياز، ومعظمهم هؤلاء صاروا متعددي الولاءات. يقول أحدهم لأقرب المقربين إنه يعمل اليوم في ماكينة فلان، لكنه في يوم الانتخابات سيكشف أوراقه لمصلحة خصمه الانتخابي!
يقول توفيق سلطان إنه لا في أيام المكتب الثاني، ولا في الزمن السوري، شهدنا ما نشهده في هذه الأيام. أجهزة المخابرات والأمن مجندة في عاصمة الشمال وباقي الأقضية الشمالية لمصلحة تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. محافظ الشمال يقوم بجولات انتخابية، وعندما تصل الشكوى إلى وزارة الداخلية، يكون الجواب: لماذا لا تثيرون القضية في مؤتمر صحافي بدل الشكوى الخطية؟ يريد أحمد الحريري تناول صحن فول أو لعب «فتة ورق» في أحد مقاهي طرابلس، فتتجند الجيوش الجرارة له قطعاً للطرق وتأميناً للمواكب التي تبدأ ولا تنتهي. يضيف سلطان: تقدمت بطلب تجديد رخصة مسدس حربي إلى وزارة الدفاع على جاري عادتي منذ ثلاثين سنة، فكان الجواب أنني ارتكبت مخالفة في عام 1962، ولا يحق لي نيل رخصة مسدس!
التزوير علني ومكشوف، ونحن أمام استباحة كاملة، يقول توفيق سلطان، «والسبب شعور تيار المستقبل بأنه خسر جزءاً من جمهوره. لم يكتفوا بمقدرات السلطة. قرروا الاستنجاد بأجهزة مخابرات عربية... وسيأتي اليوم الذي نقول فيه كل الأشياء بمسمياتها الحقيقية».
من يسترجِع أحداث شهرٍ مضى، يُمكن أن يجمَع ملفاً مُفصّلاً أشبه بنشرة أمنية ـــ سياسية، يستطيع الراصد لها أن يلاحظ بسهولة أن الخطاب السياسي في فترة الانتخابات يطغى عليه التجريح والانحطاط، إذ تُجترح تعبيرات ذات رنين انفعالي عالٍ من جهة، ومن جهة أخرى، لا تخلو من لغة التهديد والوعيد. يزيد الطين بلة الحجم الكبير للاعتداءات على لوحات المرشحين الدعائية والمكاتب الانتخابية للوائح المتنافسة.
صارَ طبيعياً خبر الاعتداء بالضرب والشتائم على المرشحين في قلب مكاتبهم، كما حصل مع المرشّح سيزار معلوف في زحلة منذ يومين، مثلاً. كذلك خبر إطلاق النار بين مناصرين تابعين لجهتين مختلفتين، كان آخرها الإشكال الذي وقع بين شباب من تيار التوحيد والحزب التقدمي الاشتراكي عند مفرق الجاهلية في سرجبال. ماذا عن إشكال قصقص الذي تجرأ فيه شباب من تيار المستقبل على مرشحين ضمن لائحة منافسة في العاصمة؟ وماذا عن إشكال منطقة «كاراكاس» الذي اعتُدي خلاله على المرشح نبيل بدر أمس، ورُشق بالحجارة أمام أعين القوى الأمنية من دون أن تحرّك ساكناً؟ وماذا عن إطلاق النار في حارة الناعمة وبرجا ومناطق أخرى؟
"اللواء": ممارسات لا ديمقراطية لماكينات السلطة
وفي الشان الانتخابي أيضًا، تتكرر الإشكالات في بيروت، والأخطر ما يجري من محاولات لقلب الحقائق. يُهاجم مكتب انتخابي للائحة «بيروت الوطن» في منطقة كراكاس، وتصبح القصة ان أنصار المرشح نبيل بدر ضربوا المواطن أحمد خالد..
يستفيض بدر برواية ما حصل «لم نتهجم على خالد، بل هو من حاول الدخول عنوة إلى المكتب بمرافقة أكثر من 10 شبان، وهم يتفوهون بالكلمات النابية، وبعد لحظات وصل العدد إلى مئة شاب معروفون بانتمائهم إلى تيّار المستقبل، وقاموا بإعتداء «بطريقة مدروسة» داعياً القضاء للتدخل وكذلك رئيس الجمهورية.
وما حدث في كراكاس، حيث يقع المكتب الانتخابي للائحة «بيروت الوطن» خلف انطباعاً بوجود «تحيز أعمى» لهذه السلطة على حدّ تعبير رئيس اللائحة الزميل صلاح سلام، الذي اتهم السلطة الحاكمة بتغطية المرتكبين في الحادث، بهدف إثارة الذعر لدى العائلات البيروتية، في إطار محاولتها مصادرة الرأي الآخر الذي هو أساس اللعبة الديمقراطية.
واوضحت اللائحة في بيان، ان «الاعتداء الذي تعرض له مكتبها في محلة كراكاس جاء من قبل من وصفتهم «بـ«عناصر شغب»، قذفت أبواب المكتب ونوافذه بالحجارة على مرأى من قوى الأمن التي حضرت إلى المنطقة، واوقفت عدداً من مناصري اللائحة، من دون توقيف أحد من الجهة المعتدية، بحسب ما قال المرشح على اللائحة بدر».
ورأى البيان ان «سلسلة التعديات التي تحصل خلال الحملة الانتخابية من برجا إلى عفيف الطيبي وحي العرب في الطريق الجديدة وكراكاس تُشير إلى قرار لدى تيّار «المستقبل» بترهيب أعضاء اللائحة ومؤيديها وثنيهم عن الاستمرار في هذه المعركة الديمقراطية، مهيباً بالسلطة ووزير الداخلية تحديداً ان يفصل بين دوره كوزير للداخلية وكونه مرشحاً للانتخابات في نفس الوقت».
وتعقد لائحة «بيروت الوطن» مؤتمراً صحفياً ظهر اليوم في مقر اللائحة في كراكاس لشرح تفاصيل موقفها من الحادث.
اما تيّار «المستقبل» فقد وصف في بيانه ما اوردته بعض وسائل الإعلام من رواية للحادث بأنه من باب التحايل على مناصري التيار، واتهم مرشح لائحة «بيروت الوطن» نبيل بدر «بقلب الحقائق».
ولفت إلى ان الاشكال حصل مع عضو المجلس البلدي السابق أحمد مختار خالد الذي سبق له تأجير إحدى الشقق في البناء الخاص به في كراكاس من أحد الأشخاص لاستخدامه كمكتب هندسي، فإذا به يبدل من وظيفة الشقة ويحولها إلى مكتب انتخابي رفعت فيه صور المرشح بدر.
وأشار إلى ان خالد حضر إلى بنايته للاحتجاج على تحويل شقته إلى مكتب انتخابي، ومخالفة شروط عقد الايجار، لكن سائق بدر ومن معه هجموا على خالد ورموه ارضاً، الأمر الذي اثار جلبة في المكان دفعت بشباب المحلة إلى نصرة خالد، قبل ان تحضر القوى الأمنية وتضع يدها على الموضوع.
لكن المرشح بدر، نفى في بيان له، ان يكون خالد هو مالك العقار المذكور، وان لا صفة تأجيرية له، وان عقد الايجار يُشير إلى إمكان استخدام المكتب في أي عمل تجاري أو اجتماعي، ولا صحة ان المكتب استؤجر قبل ثلاثة أشهر على أساس انه مكتب هندسي، وأكّد ان الحادث حضر بطريقة مدروسة.
وتوقفت الأوساط البيروتية عند الإشكالات المتكررة، لا سيما التعرّض للائحة «بيروت الوطن» التي تلتزم الخطاب السياسي المعتدل، والمنسجم مع مزاج أهالي العاصمة، والجمهور البيروتي، الذي يُبدي تجاوباً مع طروحات اللائحة ورئيسها، لمعالجة وجع العاصمة وسكانها، لا سيما في ضوء التجاذب حول المعالجات.
وقالت الأوساط ان الاقتراح الذي قدمه رئيس اللائحة سلام حول اعتماد «الحل المصري» لازمة الكهرباء والذي من شأنها ان يُعيد الكهرباء إلى بيروت 24/24 لاقى صدى طيباً لدى المواطن المرهق «بالفاتورتين» الرسمية (الكهرباء) والمولدات والاشتراكات الخاصة.
ولاحظت هذه الأوساط ان ازلام السلطة وماكيناتها الانتخابية تتمادى في ممارسات لاديمقراطية، لفرض «احادية الرأي» واحادية الترشيح، تمهيداً لاحادية الانتخاب تماما كما كان يحصل من ممارسات مرفوضة في زمن الوصاية، وحقبة فرض المرشحين وانتخابهم قبل انتخابات 2005.
"البناء": جريصاتي: بري ضمانة ضرورية للاستقرار
من جهة أخرى، وعلى ضفة التوتر الانتخابي المتصاعد بين التيار الوطني الحر وحركة أمل على خلفية خطاب وزير الخارجية جبران باسيل في رميش أمس الأول، برزت زيارة وزير العدل سليم جريصاتي للمصيلح أمس، ولقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث أوضح جريصاتي أن اللقاء حصل «بطلب مني»، وقال «الرئيس بري أشاد بخطاب رئيس الجمهورية في القمة العربية واعتبره نوعياً يخرج عن المألوف».
وقد عكست الزيارة الأجواء الإيجابية على خط بعبدا – عين التينة، رغم التوتر القائم على خط العين الرابية، حيث أشار جريصاتي الى أنني «أطلعت دولته على بعض الامور السياسية في البلد، وهو طبعاً على بيّنة منها، وتمت المصارحة في مواضيع كثيرة. وكالعادة وجدت في دولة رئيس مجلس النواب الضمانة الضرورية اللازمة لاستقرار التسوية الكبرى في البلد التي ترتكز على الاستقرار السياسي والأمني أولاً وعلى التفاهم العام، بالرغم من بعض التجاذبات الحاصلة في معركة الاستحقاق الانتخابي. وكان اللقاء مميزاً كالعادة».
وقالت مصادر بعبدا لـ «البناء» إن «الشراكة الوطنية تقتضي تواصل رئيس الجمهورية مع جميع القيادات اللبنانية لا سيما الرئيس بري للتضامن والتنسيق لحل الملفات العالقة التي تعني المواطنين وشؤونهم الحياتية، خصوصاً أزمة الكهرباء». وكشفت مصادر عدة لـ «البناء» أن «جهوداً حثيثة تحصل لتأمين توافق حكومي على ملف الكهرباء»، مشيرة الى أن «زيارة جريصاتي الى بري لها علاقة مباشرة بهذا الملف»، مرجحة «إيجاد حلّ لأزمة الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء المرجّحة يوم الأربعاء أو الخميس المقبل».
ولفتت الى أن «جميع القوى السياسية أُبلغت بأن لبنان مقبل على أزمة كبيرة في الصيف المقبل، حيث يزيد الطلب على الكهرباء لا سيما مع توافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب». وتحدّثت المصادر أن «وزير الطاقة سيزار أبي خليل سيطرح ثلاثة خيارات للحل للنقاش للتوافق على أحدها: الأول استجرار الطاقة من سورية والثاني استقدام بواخر والثالث بناء معامل للإنتاج».
الى ذلك كشف جريصاتي أن «ليس هناك مشاريع على النار تتعلق بالعفو العام، لكن في الوقت المناسب وزارة العدل ستكون جاهزة لتضع مشروع عفو عام، وبالتالي عند توافر الإجماع السياسي ستعرضه على مجلس الوزراء، ومن ثم يعرض على مجلس النواب لإقراره، وطبعاً نحن نرى أن ذلك يجب أن يكون بعد الانتخابات النيابية».
"الجمهورية": قلق مــن الجبهة الإيرانية ـ الإسرائيلية
وفي الشأن الاقليمي.. ذكّرت مصادر في «حزب الله» بما قاله أمينه العام السيد حسن نصرالله عن انّ الغارة الاسرائيلية هي محطة مفصلية، ما بعدها غير ما قبلها. وقالت لـ«الجمهورية»: «ايران اتخذت قرارها بالرد، وجرى التأكيد على ذلك على لسان القادة الايرانيين الذين قالوا انهم سيردون في الزمان والمكان المناسبين، إيران لا تستطيع الّا ان ترد، ونحن على يقين من انها سترد، لأنّ عدم الرد سيثبت انّ اسرائيل تمكنت من فرض قواعد اشتباك جديدة مع ايران، وسيطلق يدها مجدداً للقيام بعمليات واستهدافات مماثلة.
وبالتالي، لا نستبعد ان يتم هذا الرد في وقت ليس بعيداً، ونتوقع ان يتم الرد في سوريا او من سوريا. وبحسب معلوماتنا يريد الايرانيون ان يكون الردّ موجعاً لاسرائيل، وكما شيّعت ايران ضحايا الغارة السبعة، يجب على اسرائيل ان تشيّع جنودها ايضاً».
وفي السياق، قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «يبدو انّ الغارة العسكرية ضد سوريا لم تحقق المراد منها، ولم تُرض اسرائيل، فلجأت الى تمرير ضربة عسكرية ضد مركز ايراني تحت غطاء الضربة الثلاثية».
اضاف: «ما ينبغي لَحظه هو انّ الغارة على المركز الايراني، تأتي على مقربة من شهر ايار، وهو الشهر الذي سيحسم فيه دونالد ترامب موقفه من الملف النووي الايراني، ما يعني انها ضربة تهدف الى خلق واقع جديد لدفعه الى تنفيذ وعده بالانسحاب من الاتفاق، هذا في وقت ما زال هذا الاتفاق خاضعاً للنقاش في واشنطن، ويغلب عليه موقف البنتاغون الذي أعلن قبل فترة قصيرة انّ في هذا الاتفاق مصلحة لواشنطن».
وأضاف: «الوضع يبعث على القلق، واحتمال تدهوره وارد في اي لحظة، انا اعرف الايرانيين، هم جدّيون، وألزموا نفسهم بالرد، وأعتقد انّ السوريين والروس قد ابلغوا بذلك، اضافة الى حلفاء ايران في لبنان، وتحديداً «حزب الله».
وقال: «انّ تدهور الاوضاع، فيما لو حصل، معناه انّ الازمة السورية دخلت في مرحلة جديدة، وانّ المنطقة معها على باب تحولات خطيرة انطلاقاً من الميدان السوري. صورة المنطقة حالياً تقع على برميل بارود، وما أخشاه ان نكون حالياً في مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة».
وخَلص الى القول: «وضع المنطقة كله في خطر، وفي لبنان يجب علينا دائماً وأبداً ألّا نأمن من الغدر الإسرائيلي».