ارشيف من :آراء وتحليلات

خلف القناع: بيروت.. عاصمة المقاومة

خلف القناع: بيروت.. عاصمة المقاومة

كتب مصطفى خازم
.. ويعود أيلول/ سبتمبر بذكرى خاصة بنا نحن اللبنانيين..
نكبة أصابت عاصمة لبنان والعروبة، عاصمة الثقافة، عاصمة التعدد والتنوع.. ملتقى الشرق بالغرب.. مقصد كل هارب من طاغية، وملجأ كل فار بدينه من بني قومه..
بيروت أم الشرائع، بيروت حارة كل فقراء العالم ومهجريه، بيروت البحر الأزرق والصيادين يغدون فجراً على ما يقدر الله.. وشاطئ عين المريسة وصخرة الروشة وشباب آل العيتاني يتنافسون على "الشكة" من اعلى الصخرة..، وكورنيش المنارة وفانات الاكسبرس.. إلى درج خان البيض والاسواق القديمة.. وشارع المصارف..
بيروت الصحافة والكتب والمطابع والجامعات..
بيروت التي تلتحف الليل غطاء وتجمع أهلَها، كل أهلِها في الليل وتقفل قلبها عليهم، تسكنهم حدقات العيون.. تحرسهم.. ولا تنام..
بيروت ثورة الجزائر.. وعبد الناصر.. والوحدة العربية.. وثورة الإمام الخميني (قده).. والوحدة الاسلامية..
بيروت في مثل هذه الايام من العام 1982 اجتاحها العدو الصهيوني.. بحجة المقاومة الفلسطينية.. واعتقد أن بيروت ستسقط كما فعل بفلسطين، وسينام النظام العربي في غفوة.. ويحقق العدو حلمه بالسيطرة على المياه والارض، ليكمل بناء المستوطنات.. ويزيد عدد المستوطنين..
يومها كانت المفاجآة الاولى.. من مفاجآت الصراع..
وصل العدو إلى بيروت وحط رحاله في شارع الحمرا معتقداً أنه حقق الحلم..
لم تقبل بيروت بدخول جرثومة الفساد الى جسدها، نظمت نفسها.. صمدت، تصدت بكل أهلها.. لم يغادرها أحد..
بل حمل ضباط وجنود الاحتلال مكبرات الصوت وصرخوا من رعب: لا تطلقوا النار نحن راحلون..
بيروت هذه لم تنتظر شهادة حسن سلوك من أحد..
بيروت هذه لم تنتظر بندقية من أحد..
أخرج أهلها ما في بيوتهم من سكاكين ومعاول وبنادق..
بيروت التي تعلمت من الإمام المغيب موسى الصدر.. أنه "علينا ان نقاتل اسرائيل بأظافرنا وأسناننا"..
بيروت التي خرج فيها خالد علوان منفذاً لأول عملية في شارع الحمرا وتحديداً على مقاعد مقهى الويمبي ..
بيروت التي طردت الاحتلال منها وأبعدته عنها تدريجياً لم تتوقف عن المقاومة بل تابعت..
بيروت التي أكمل مشوارها مع الشهيد محمد علي عيتاني في عمليات كانت الشهادة في آخرها "بدر الكبرى".. وغيره من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
بيروت التي لم تميز بين الابناء لا كبيرهم ولا صغيرهم ولا غنيهم ولا فقيرهم.. ولا مسلمهم ولا مسيحيهم..
لا تزال كما كانت.. برغم كل المحاولات لجرها إلى غير مكانها..
بيروت.. التي حاصرها في الاجتياح من يدعي اليوم الانتساب اليها وتحديداً في شهر رمضان فمنع عنها الماء، ليست بلا ذاكرة وتعرفكم واحداً واحداً..
بيروت التي ذبح "المجرم" أبناء مخيماتها الفلسطينية في صبرا وشاتيلا، لم ولن تغفر هدر الدم الطاهر البريء للبنانيين والفلسطينيين..
بيروت التي ودعت بدموعها ثوار فلسطين يوم غادروها إلى تونس.. وزغردت لهم يوم عادوا الى فلسطين ولو من فتحة "ثقب باب"..
هي بيروت التي بكت وتبكي على حصارهم.. وترفع يديها بالدعاء لهم بالنصر دوماً.. وبأشياء أخرى لا تبوح بها.. فهي السر الذي تحفظه منذ البداية..
بيروت التي احتضنت المقاومة.. في بيوتها وزواريبها.. من بيت الحاجة ام فتحي في الروشة.. إلى معاقل الابطال في...
تاريخ مكلل بالغار.. وبالانتصار..
منذ الطلقات الاولى على مدخلها الجنوبي إلى عرس أيار 2000 وعرس تموز 2006..
بيروت هذه ستبقى تقاوم.. وستبقى عاصمة المقاومة..
الانتقاد/ العدد1298 ـ 12 أيلول/ سبتمبر 2008

2008-09-12