ارشيف من :أخبار عالمية

الملف اللبناني يحضر بقوة على طاولة محادثات الوزير المعلم في إيطاليا

الملف اللبناني يحضر بقوة على طاولة محادثات الوزير المعلم في إيطاليا

دمشق ـ راضي محسن
وصفت سورية حزب الله بأنه "حركة مقاومة وطنية ضد الاحتلال"، ورفضت أن يُطلق عليه صفة "الإرهابي"، وجددت في الوقت نفسه موقفها القائل "بعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتقديم الدعم للرئيس اللبناني الضامن لحكومة الوحدة الوطنية".

وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن "حزب الله و(حركة المقاومة الإسلامية) حماس  ليسا إرهابيين.. إنهما حركتي مقاومة وطنية ضد الاحتلال." وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي فرانكو فراتيني في روما "طالما هناك احتلال ستكون هناك حركات مقاومة وطنية"، قبل أن يدعو إلى التمييز "بين الإرهاب والكفاح المشروع ضد الاحتلال"

ويقوم المعلم بزيارة رسمية إلى روما تلبية لدعوة من فراتيني بحث خلالها الجانبان "العلاقات الثنائية وأوجه التعاون القائمة بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، كما تم التطرق إلى الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان والعراق وعملية السلام وبخاصة المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل بوساطة تركيا، إضافة إلى الأوضاع في دارفور" وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية سانا.

وأوضح المعلم للصحفيين أن محادثاته مع فراتيني "تطرقت إلى أهمية تشجيع الأطراف اللبنانية للحوار فيما بينها من أجل أمن واستقرار لبنان الشقيق وإلى ضرورة إيجاد حل لأزمة دارفور والتقريب في وجهات النظر فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني وإلى التعاون بكل ما من شأنه الإسهام في تعزيز التعاون الأوروبي المتوسطي"، وأكد الوزير السوري "الرغبة المشتركة من أجل إحلال السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط".

كما ندد المعلم بالعمل الإجرامي الذي وقع في لبنان وراح ضحيته عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي اللبناني صالح العريضي وعدد من اللبنانيين الأبرياء معرباً عن أحر التعازي لأسرهم وللشعب اللبناني الشقيق.

وكان العريضي اغتيل الأربعاء بتفجير عبوة ناسفة داخل سيارته قرب منزله في بلدة بيصور جنوب شرق بيروت.

بدوره، أوضح فراتيني أن المعلم أكد له "مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية واحترام قرارات وخيارات المؤسسات والشعب في لبنان مع تقديم الدعم للرئيس اللبناني الضامن لحكومة الوحدة الوطنية".

ووصف فراتيني قمة الرئيسين بشار الأسد وميشيل سليمان في دمشق يومي 13 و14 آب الماضي بـ"المهمة" وأشاد بالنتائج البارزة التي أثمرت عنها فيما يتعلق بتطوير وتعزيز العلاقات بين سورية ولبنان.

واتفق الأسد وسليمان خلال القمة على معالجة الملفات العالقة في العلاقة السورية واللبنانية وأعلنا عزمهما إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين على مستوى السفراء، وتفعيل لجان ترسيم الحدود بين البلدين، ولجان لبحث ملف المفقودين لدى الجانبين إضافة إلى جملة أمور تصب في سياق تعزيز العلاقة السورية اللبنانية.

ودان الوزير فراتيني التفجير الذي استهدف العريضي ووصفه بأنه "عمل إرهابي لا يسهم في مسيرة الحوار بين الأطراف اللبنانية المتنازعة أو في عملية المصالحة الوطنية"، وأضاف قائلاً إن "الإرهاب عدو لكل أنواع الحوار والمصالحة السلمية".

وبعد أن كشف الوزير الإيطالي النقاب عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس سليمان إلى إيطاليا في تشرين الأول، قال "سنجدد الدعم للرئيس سليمان على أساس المبادئ التي أسس عليها ولايته" أي "المصالحة بين جميع الأطراف، وتدعيم المؤسسات الدستورية وتعزيز الوحدة الوطنية وتقوية المؤسسة العسكرية إلى أن تبسط سيطرتها الكاملة على الأراضي اللبنانية".

وفي الذكرى السابعة لهجمات الحادي عشر من أيلول 2001، قال الوزير المعلم إن الحرب على الإرهاب التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش بعد هذه الهجمات "سببت المزيد من الإرهاب بدلا من أن تمنعه".

وقام 19 من عناصر تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن بخطف أربع طائرات أميركية كانت تقوم برحلات داخلية وتفجير اثنتان منها ببرجي مركز التجارة العالمي ما أدى إلى انهيار البرجين ومقتل أكثر من ثلاثة آلاف أميركي في أسوء هجوم تتعرض له الولايات المتحدة في تاريخها.

وأضاف المعلم إن واشنطن تجاهلت نصيحة سورية بعدم الاعتماد على القوة لمنع الإرهاب، وتابع "كما قلنا للرئيس بوش بعد قليل من الأحداث المأساوية يوم 11 أيلول فإن الحرب ضد الإرهاب يجب أن تبدأ عند الجذور.. عند سبب الإرهاب (...) آخر شيء يجب أن نستخدمه إذا فشل ذلك هو استخدام القوة كملاذ أخير. للأسف إنهم (إدارة بوش) جعلوا استخدام القوة البداية والنهاية للحرب ضد الإرهاب وهكذا فالإرهاب اليوم أكثر انتشاراً عما كان من قبل"، وذلك في انتقاد واضح لإدارة بوش التي غزت أفغانستان والعراق بحجة محاربة الإرهاب.

وتطرق الوزيران السوري والإيطالي إلى تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، وشدد المعلم على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان السوري المحتل وأكد أن" الانسحاب من الجولان لا ينبغي أن يكون موضع نقاش وعلى هذا الأساس فقط يمكن الشروع في محادثات جدية ضمن عملية السلام" مع إسرائيل.

ونوه الوزير المعلم بجهود رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان التي استمرت عاماً كاملاً قبل الدخول في محادثات سلام غير مباشرة مع إسرائيل و"التي ترسم الآن خطوط مسيرة السلام قبل الانتقال إلى المحادثات المباشر"، وأشار إلى وجود مصلحة لسوريَة في "التوصل إلى سلام عادل وشامل".

وبدأت سورية وإسرائيل مفاوضات سلام غير مباشرة برعاية تركية في أيار الماضي وأنجز الجانبان حتى الآن أربع جولات من هذه المفاوضات.

وجدد فراتيني ترحيب بلاده ودعمها لهذه المفاوضات وقال: إنها مفاوضات بالغة الأهمية وتشكل القاعدة كي نتمكن من الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مؤكداً أن إيطاليا ترغب حين نضوج هذه الترتيبات أن تساهم وتلعب دورها.

وأضاف إن تشجيع ودعم الحوار يتطلب تدخل اللاعبين الدوليين للتوصل إلى الاستقرار والسلام العادل والشامل الذي يشمل كل المنطقة بشكل أوسع.

وأكد فراتيني أن "إيطاليا تريد أن تساهم بشكل أقوى في المشاركة بالمواضيع المهمة المتعلقة بالشرق الأوسط وذلك من خلال التعاون بشكل وثيق مع اللاعبين الأساسيين" في المنطقة.

ونوه الوزير الإيطالي بالدور الذي تلعبه سورية بالشرق الأوسط ووصفه بالدور "الاستراتيجي والهام ونثمن على الملأ عالياً النشاط الإيجابي الذي تقوم به سورية"، وقال إن "إيطاليا تشجع دمشق على الاضطلاع بدور قوي إقليمي فاعل (...) وتقدر الدور السوري المتجدد للتعاون الإيجابي في إطار الالتزام بالحوار والمصالحة وإحلال السلام الشامل في الشرق الأوسط.

وأوضح فراتيني أن المعلم أطلعه على آخر تطورات المحادثات غير المباشرة و"في غضون بضعة أيام ستجري الجولة الخامسة والتي تتسم بأهمية بالغة لأنها ستشكل الأساس للانطلاق إلى المفاوضات المباشرة" بين سورية وإسرائيل.

وأضاف إن هناك اتفاقاً في وجهات النظر بين سورية وايطاليا حول الحوار السياسي المستمر والدور الذي يمكن لإيطاليا أن تقوم به بخصوص المسائل المهمة المتعلقة بالشرق الأوسط.

وكان الوزيران المعلم وفراتيني وقعا في ختام محادثاتهما على اتفاق للتعاون الثقافي واتفاق للتعاون التقني والمالي بقيمة ثمانين مليون يورو منها ستون مليون يورو قروضاً ميسرة وعشرون مليون يورو منحة من أجل الخدمات ومشاريع البنية التحتية إضافة إلى مذكرة تفاهم بخصوص تبادل المشاورات السياسية الثنائية بشكل دائم بين وزيري خارجية البلدين.

وأكد المعلم للصحفيين أهمية التعاون السوري الإيطالي الممتد لسنوات طويلة تم خلالها تكوين قاعدة مشتركة للتفاهم حيال العديد من قضايا المنطقة واصفاً محادثاته مع الوزير الإيطالي بالمثمرة والبناءة.

وقال المعلم: إننا نتطلع إلى شراكة استراتيجية وإلى تعاون سياسي مشترك من أجل إيجاد حلول سياسية وهذا يشكل أهمية لكل شعوب المنطقة ولإيطاليا وأوروبا منوهاً بأهمية الاتفاقيات الموقعة في المشاريع الاقتصادية والثقافية والتي تشكل بداية لاتفاقيات قادمة تشمل كل مجالات التعاون بين البلدين.

وأعرب فراتيني عن سعادته "بلقاء الوزير المعلم مجدداً لاستئناف الحوار والتعاون بين ايطاليا وسورية" واعتبر أن محادثاتهما "خطوة هامة جداً إلى الأمام" في العلاقة بين البلدين، ونوه بأهمية الاتفاقيتين الموقعتين ومذكرة التفاهم بين إيطاليا وسورية وقال: إنها خطوة مهمة جداً

وأضاف معلقاً على تفاهم تعزيز المشاورات السياسية بين الجانبين "إن هذا التعاون أفضى إلى إجراء حوار سياسي دائم على المستوى الوزاري"

كما أكد الوزير الإيطالي أن بلاده تتطلع لتعزيز علاقاتها مع سورية الشريك التجاري الأول لإيطاليا في كل المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية وقطاع رجال الأعمال والصحة وتطوير التعاون والبحث الطبي وقال إن بلاده تعمل على المساهمة في إزالة العقبات المتبقية قبل التوقيع على اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وسورية.

وصادق الجانبان بالأحرف الأولى على هذا الاتفاق إلا أن الجانب الأوروبي جمد عملية المصادقة النهائية عليه بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري في شباط 2005 واتهام سورية بالضلوع في العملية وهو ما نفته دمشق بشدة.

وخلال زيارة الرئيس الأسد إلى باريس ولقائه مع الرئيس نيكولا ساركوزي في الثاني عشر من تموز الماضي، قدم ساركوزي "التزاماً" لدمشق "باعتباره رئيساً لمجلس أوروبا بأنه سيتخذ كل الإجراءات المناسبة بهدف التوقيع على اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وسورية وإطلاق عملية المصادقة عليه في أقرب وقت ممكن".

2008-09-12