ارشيف من :أخبار لبنانية

ولادة الحكومة أمام السقوف التفاوضية العالية

ولادة الحكومة أمام السقوف التفاوضية العالية

ركّزت الصّحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على عدد من المواضيع البارزة، إذ لم تظهر معطيات ملموسة جديدة من شأنها ان تساعد في توضيح خريطة الطريق نحو انجاز المسودة الاولية للتشكيلة الحكومية، فيما طغى ملف تجنيس السوريين على اهتمامات الصحف المحلية ولاسيّما في ظلّ إمكانية حصول أزمة مع الإتحاد الأوروبي في هذا الشّأن.

وفي لاهاي، رمى النائب جميل السيد أمس قنبلة مدوية في وجه قضاة المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال الرئيس رفيق الحريري، قد تعيد مسار التحقيق الى نقطة الصفر، وتعيد قلب حقائق شهود الزور بدءًا من وليد جنبلاط وصولاً الى فؤاد السنيورة ومروان حمادة.

ولا يزال الملف النووي الإيراني يطغى على زيارة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الى أوروبا، وإيران ترد بتجهيز محطاتها لتشغيل أجهزة التخصيب.

 بداية مع صحيفة "النهار"، التي رأت أن رئيس الوزراء المكلف تأليف الحكومة الجديدة ورئيس حكومة تصريف الاعمال في آن واحد سعد الحريري يبدو متأنيا في اتباع الخطوات الآيلة الى تأليف الحكومة، وان يكن لا يعتزم الاطالة كثيراً في هذه السياسة بعد عطلة عيد الفطر اذا شعر بان عملية التأليف مرشحة لان تتمادى أكثر مما رسم لها من خطوط زمنية محددة. وفي ظل هذا الاتجاه لم تظهر فوق المشهد السياسي معطيات ملموسة جديدة من شأنها ان تساعد في توضيح خريطة الطريق نحو انجاز المسودة الاولية للتشكيلة الحكومية، خصوصاً ان مواقف القوى السياسية والكتل النيابية لا تزال وفق المعطيات الاكيدة كما طرحتها أمام رئيس الوزراء المكلف في الاستشارات التي أجراها غداة تكليفه ما يعني ان السقوف التفاوضية لا تزال عالية وان المشاورات الجارية لم تبلغ بعد مرحلة الانخراط الفعلي والساخن في التفاوض على الحصص والحقائب والأسماء.

وقالت أوساط معنية في كتل نيابية لـ"النهار" إن الفترة الفاصلة عن عيد الفطر في نهاية الاسبوع المقبل ستشهد فورة اتصالات ومشاورات كثيفة يتولاها الرئيس الحريري علناً وضمناً بالاضافة الى مشاورات بين الافرقاء السياسيين استعجالاً لولادة الحكومة العتيدة، اذ يبدي جميع الافرقاء تفهماً لضرورة عامل الاستعجال نظراً الى كثافة الاستحقاقات والتحديات التي يواجهها لبنان إن على الصعيد الخارجي أو على المستوى الداخلي بما يملي تقصير أمد "ترف" المحاججة والمفاوضات والمناورات حول الحصص الوزارية والتصرف بما يفرضه الواقع الضاغط من مختلف الزوايا. ولفتت الاوساط نفسها الى ان الاستحقاق المتعلق بترسيم الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل والذي طرأ أخيراً على الواقع اللبناني عقب زيارة وفد الكونغرس الاميركي برئاسة داريل عيسى لبيروت، ينم عن جدية كبيرة دفعت الرؤساء الثلاثة الى التحسب سريعاً لامكان انطلاق مفاوضات ثلاثية لبنانية اسرائيلية اممية في رعاية الامم المتحدة وبدفع من الولايات المتحدة اذا استجيبت الشروط اللبنانية لمفاوضات كهذه. واشارت الى ان هذا الملف تقدم بقوة الى المراتب الاولى من الاهتمامات الرسمية والسياسية بعدما لمس زوار الرؤساء الثلاثة مدى الجدية التي تتسم بها امكانات تحرك المفاوضات حول ترسيم الحدود، وإن يكن الحذر الشديد حيال النيات الاسرائيلية لا يزال يدفع بلبنان نحو التشبث أكثر فأكثر بكل شروطه ومطالبه من الامم المتحدة والولايات المتحدة حول انجاز الترسيم البري وفق موقفه كاختبار حاسم للنيات قبل الخوض في الترسيم البحري وبت الخلاف على البقعة العائدة الى لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة.

وأعرب الرئيس الحريري مساء أمس عن "تفاؤل مستمر بالوصول الى فريق عمل حكومي يضع مصلحة البلد قبل المصالح الخاصة والمصالح الحزبية". وقال: "التحديات الاقتصادية التي أمامنا، ومخاطر الاشتباك الإقليمي، وأعباء النزوح السوري، لا تعطي أحدا منا حقوقا في تضييع الوقت، وممارسة الترف السياسي، وعرض العضلات"، حسب الصحيفة.

بدورها صحيفة "البناء"، أشارت الى أن هناك قلقا إسرائيليا جرّاء التمسك الأوروبي بالتفاهم النووي مع إيرا، وهذا ما ظهر خلال الجولة التي يقوم بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على العواصم الأوروبية، حيث يواجه بالمزيد من المواقف الأوروبية المدافعة عن التفاهم النووي مع إيران والمنتقدة للعقوبات الأميركية والتعقيدات التي فرضتها على هذا التفاهم في ظلّ غياب بدائل واقعية، دون أن تخلو لقاءات نتنياهو من انتقادات أوروبية قاسية للوحشية الإسرائيلية التي تلاقي التظاهرات السلمية الفلسطينية في غزة بينما كانت إيران تضع قرارها بالتحضير للانتقال إلى تخصيب مرتفع لليورانيوم تدريجياً قيد التنفيذ، بإعلان رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي عن جهوزية محطة جديدة لأجهزة الطرد المركزي للبدء بالعمل الشهر المقبل، بينما كرّر المسؤولون الإيرانيون عدم رضاهم عما قدّمته أوروبا حتى الآن من ضمانات للمصالح التجارية والمصرفية الإيرانية، بعدما أعلن مصرف الاستثمار الأوروبي أنه ليس الأداة المناسبة لتقديم هذه الضمانات داعياً قيادة الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد الوسائل الحكومية المباشرة، لأنّ المصارف تحكمها قواعد وإجراءات تجعلها عاجزة عن تجاهل العقوبات الأميركية.

وأضافت "البناء" أنه في سورية متابعة للمفاوضات التي تجريها موسكو حول مشروع التسوية للجنوب السوري بالتوازي مع الاستعدادات للخيار العسكري، بينما في العراق تطورات دراماتيكية تنذر بمخاطر فوضى سياسية مع الإعلان عن قرار برلماني بإلغاء نتائج الانتخابات النيابية والعودة للعدّ اليدوي، ووضع القيود على أعضاء المفوضية العامة للانتخابات بعد اتهامهم بالتزوير. وفي الأردن محاولات للخروج من الأزمة التي تفجّرت في الشارع بتظاهرات أقرب للانتفاضة لم تكن استقالة الحكومة كافية لاحتوائها، ولا تعيين رئيس جديد للحكومة قدّم وعوداً بدراسة الإجراءات الضرائبية التي أدّت لانفجار الشارع. فيما أعلن رئيس اللجان الثورية في اليمن محمد علي الحوثي أنّ لقاء قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي مع المبعوث الأممي مارتن غريفيت كان مميّزاً ونوعياً مُتوقعاً نتائج إيجابية لهذا الاجتماع.

وتابعت الصحيفة أنه "في لبنان رسم رئيس مجلس النواب إطاراً متكاملاً لموقع لبنان في المشهد الإقليمي، في حوار مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، قال خلاله إنّ لبنان وسورية توأم وإنّ الفصل بينهما مستحيل، معتبراً أنّ شرعية وجود إيران وحزب الله في سورية نابعة من موافقة الحكومة السورية خلافاً للتمركز الأميركي، مؤكداً أنّ حزب الله باقٍ في سورية حتى تتحرّر وتستعيد وحدتها، وأنه لولا هذا الدور لحزب الله في سورية لكانت داعش في لبنان بينما قال عن التفاوض حول ترسيم الحدود المائية والبرية مع كيان الاحتلال، إنّ لبنان منفتح على أيّ عرض يثبت حقوقه البرية والبحرية، ولا يقبل الفصل بينهما، وإنّ حسم أمر الانسحاب من مزارع شبعا المحتلة بمعزل عن المطالبة بترسيم الحدود فيها بين لبنان وسورية، هو المخرج المناسب لأنه بمستطاع لبنان وسورية التفاهم عندما تنسحب «إسرائيل»، مؤكداً أنّ إطار التفاوض الوحيد هو اللجنة الأمنية المنبثقة عن تفاهم نيسان 1996 التي تعمل برعاية الأمم المتحدة".

في لاهاي، كان النائب اللواء جميل السيّد يدلي لليوم الثاني بشهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، مقدّماً بثقة مَن يمتلك المعلومات رواية مختلفة عن المشهد السياسي والأمني الذي شكل إطار مرحلة اغتيال الرئيس الحريري، سواء لجهة العلاقة الطيبة التي ربطت الحريري بسورية، أو بحزب الله، وموقفه المعارض للقرار الأممي 1559، وسعيه للحؤول دون صدوره، مفنّداً عمليات التزوير التي تعرّض لها التحقيق بهدف بلوغ أهداف سياسية لا علاقة لها بالحقيقة ولا بالعدالة، ومن ضمنها جملة الإفادات التي قدّمها الشهود الزور الذين جرى تصنيعهم وتغاضت عنهم المحكمة، ورعتهم قبلها لجنة التحقيق الدولية، أو عبر إفادات شهود كالنائب السابق وليد جنبلاط والرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة والوزير مروان حمادة. وقد نجح السيّد بكسر الرواية المزوّرة التي سيطرت على منبر لاهاي لسنوات باعتراف القضاة الذين لم يتمكّنوا من تجاهل دقة وتماسك الرواية التي قدّمها، ولا استطاعوا إخفاء إعجابهم بتماسك ما أدلى به من وقائع وتحليلات وما خلص إليه من استنتاجات، حسب الصحيفة.

أما صحيفة "اللواء" فقد لفتت الى أن هناك مصادر واسعة الاطلاع رجحت الا تنجح الجهود السياسية في إصدار مراسيم تأليف الحكومة في الأيام الثمانية التي تفصل عن عيد الفطر السعيد، بدءاً من يوم الجمعة في 15 الجاري. وتعزو المصادر الأسباب إلى تباطؤ حركة الاتصالات والانشغال بملفات أخرى كترسيم الحدود ومرسوم التجنيس، وآخرها ما كشف عن توجه دولي لثني النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم، لاعتبارات منها سوقهم إلى الخدمة الاجبارية، وان منازلهم هدمت، وان مجرّد دعوتهم ستفقدهم حقهم بالمساعدات الأممية العينية والمالية والإنمائية، وسط بوادر ازمة بين لبنان والمفوضية الدائمة للنازحين السوريين.
وأكّد مصدر شبه رسمي ان هذا الموضوع يتقدّم سواه، وان كانت الأولوية تبقى لإنجاز تأليف الحكومة..
وفي هذا الإطار، ذكر معنيون بعملية التأليف ان مقاربة الرئيس المكلف تنطلق من اعتماد هيكلية حكومة تصريف الأعمال، وبناء الحصص على أساسها في ضوء تمثيل الطوائف على أساس المناصفة ونسبياً بين المذاهب والمناطق، وعليه، تتحدث المعلومات عن:
1 - تكون حصة السنّة 6 وزراء، الكلمة الفصل في تسميتهم للرئيس سعد الحريري وتيار «المستقبل».
وتتحدث المعلومات عن ان التيار سيطالب بتسمية وزير مسيحي، ليقبل بالتنازل عن تسمية السنّة الستة.
ومن الأسماء المتداولة في هذا الإطار، إسناد وزارة الداخلية لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جمال الجراح، واسناد وزارة الاتصالات إمّا إلى  الوزيرة السابقة ريّا الحسن، أو المهندس نبيل عيتاني.
2 - الحصة الشيعية 6 وزراء: مناصفة بين «امل» وحزب الله، على ان تكون وزارة المالية من حصة الوزير الحالي علي حسن خليل، وتتمثل الحركة بوزير بقاعي شاب، لن يكون وزير الزراعة الحالي غازي زعيتر.
وبالنسبة لحزب الله، فسيكون له وزارة خدماتية من حصته، قد تكون اما الصحة، أو الشؤون الاجتماعية، على ان يتولى مركز الدراسات والاستشارات في الحزب عبد الحليم فضل الله وزارة التخطيط عندما تنشأ في حين انه بالإضافة إلى الوزير الحالي محمّد فنيش، يطرح اسم نائب رئيس المجلس السياسي محمود القماطي أو النائب السابق نوار الساحلي.
3- الموارنة الستة يتوزعون أربعة للتيار الوطني الحر أو ثلاثة على ان تكون حصة المردة واحداً وآخر للقوات أو الكتائب.
4 - وبالنسبة إلى الدروز فحصتهم ثلاثة على ان يبقى النائب طلال أرسلان وزيراً، مقابل البحث الجاري عن استبداله بوزير ارثوذكسي أو كاثوليكي.
5 - الأرمن: يطالب حزب الطاشناق بتسمية الوزيرين الارمنيين، وربما كان نائب الاشرفية في التيار انطوان باتو.
6 - ويبقى التمثيل الارثوذكسي والكاثوليكي فسيتوزعون بين التيار و«القوات». وتردَّد ان النائب السابق مروان أبو فاضل، سيكون في الحكومة المقبلة عن اللقاء الارثوذكسي المقرب من التيار الوطني الحر.
العقد الحكومية.

وأضافت الصحيفة أنه وفيما تراجعت نسبياً الحملة الإعلامية المناهضة لمرسوم التجنيس، ربما، في انتظار نشر الأسماء التي تضمنها المرسوم التائه بين من يريد نشرها عبر وزارة الداخلية، أو من خلال الموقع الالكتروني للأمن العام، وسط معلومات تؤكد ان أي قرار بالنشر لم يؤخذ بعد، كان من الطبيعي ان يستعيد ملف تشكيل الحكومة حيويته مع الاهتمام اللازم في شأنه، على الرغم من ان العقد ذاتها ما زالت تتحكم بمفاوضات التأليف، سواء ما يتعلق بعقدة التمثيل الدرزي، أو عقدة تمثيل «القوات اللبنانية»، في الوقت الذي نقلت مصادر متابعة عن الرئيس المكلف سعد الحريري قوله ان العقد ستحل تدريجيا، واستندت المصادر في تفاؤل الحريري الى ان عقدة التمثيل الدرزي يمكن ان تُحل بمنح كتلة «اللقاء الديموقراطي» وزيرين درزيين ووزير مسيحيي، في حال اصر «تكتل لبنان القوي» عى تمثيل الوزير طلال ارسلان من حصته.

لكن المصادر قالت ان عقدة «القوات» لا زالت قيد البحث بسبب إصرارها على حصة وزارية مماثلة لحصة «تكتل لبنان القوي»، برغم فارق عدد نواب الكتلتين، واعتبرت ان «القوات» قد تكون رفعت السقف عاليا و«كبّرت الحجر» من اجل سير التفاوض على حصة وزارية مقبولة لها من حيث العدد ومن حيث الحقائب، لكن هذا الأمر من شأنه اطالة امد تشكيل الحكومة لا تقصيره وتسهيله، حسب "اللواء".

2018-06-07