ارشيف من :أخبار لبنانية

الاستراتيجية الدفاعية الامثل سبق لشهداء الجيش والمقاومة ان خطوها بدمائهم الممتزجة في الجبل الرفيع

الاستراتيجية الدفاعية الامثل  سبق لشهداء الجيش والمقاومة ان خطوها بدمائهم الممتزجة في الجبل الرفيع
علي عوباني
ونحن على مسافة ثلاثة ايام من انعقاد الحوار الوطني بين الفرقاء اللبنانيين في قصر بعبدا لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية لا بد ان نعود بالذاكرة الى سنوات خلت في محاولة لمقاربة هذا الموضوع انطلاقا من الفهم الحقيقي للتعقيدات ولواقع وخصوصية ارض الجنوب واهل الجنوب علّها تنفع الذكرى  . فبعد اثنا عشر عاما مرت على شموخ الجبل الرفيع الذي كان شاهدا دائما وابدا على غدر العدو وحقده حينما تصدى , ووقف سدا منيعا امام توسعه وما لبث يسطرّ ملاحم وبطولات المقاومين التي لا تنتهي فصولها ولو بعد حين , تأتي ذكرى شهداء الرفيع كما كل الشهداء السابقون واللاحقون لتجعلنا نقف وقفة اكبار واجلال للتضحيات التي خطت بمداد دمهم قلادة نصر وحرية على صدر هذا الوطن , وفي هذا الاطار لا بد من وقفة تأمل وتفكر امام مواجهات الجبل الرفيع لاخذ العبر والدروس التي لا يجوز طمسها بمرور الزمن , فالناظر بعيون مفتوحة في تلك المواجهات لا بد وان رأى كيف وقفت عيون المجاهدين والمجندين ساهرة على امن اللبنانيين , وكيف قدّر للدم ان يمتزج الدم بين شهداء الجيش اللبناني وشهداء المقاومة , وكيف وقف الشهيد الملازم جواد عازار كتفا الى كتف مع الشهيد هادي نصر الله ورفاقه في مهمة واحدة هي الدفاع عن ارض الوطن , في وجه عدو واحد ومعروف , ولا بد وان يرى ايضا كيف كان سلاح المقاومة يشبك سلاح الجيش في معركة الشرف التي لا يتخلف عنها الا المتخاذلون ممن لا يعرفون طعم الحرية والسيادة الحقيقية ولا يقيمون وزنا لتراب الوطن ومياهه .
ورغم كل الضجيج والصراخ الذي يعلو بين الفينة والاخرى من اولئك الذين استيقظوا من سباتهم العميق طوال سنين خلت ليكتشفوا بأنفسهم فجأة وبقدرة قادر مواهب جديدة تخولهم ان يكونوا خبراء في الامن القومي والاستراتيجيات الدفاعية التي بتنا نرى تنظيراتهم فيها صبح مساء فان ذلك كله لن يغير من واقع الحال شيئا على الاطلاق , الواقع الذي تجذر في قناعة اللبنانيين ان هناك عدوا على الحدود الجنوبية لا يمكن التغافل عنه ولا ينفع معه هدنة ولا حياد ايجابي ولا اي مما قيل وما يقال , وان الشيء الوحيد الذي يقيم له اعتبار هو منطق القوة والمقاومة , تلك هي الاستراتيجية الدفاعية الامثل التي سبق لشهداء الجبل الرفيع ان خطوها بدمائهم الممتزجة فسبقوا الدولة اليها وهي التي استفاقت بعد اثنا عشر عاما لتضع في ثنايا البيان الوزاري نص يجسد واقعة الرفيع حينما اعتبرت ان من حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته في الدفاع عن ارضه . كما سبقت الاستراتيجية الدفاعية لشهداء الجيش والمقاومة المتحاورين حولها , وهم الذين طبقوها انطلاقا من الواجب الوطني ومن دون لا طاولة حوار ولا ضجيج اعلامي , ودون ان ينتظروا ايضا قرارا من احد فحينما وجدوا في مواجهة عدو يعتدي على ارض الوطن اتخذوا من دمائهم حصنا منيعا للوطن وابنائه .
قوام اي استراتيجية دفاعية الايمان اولا بوجود العدو وتحديده وادراك حجم المخاطر والتهديدات المتوقع مواجهتها وتحديد عناصر القوة في مواجهته وتحصينها وكشف مواطن ضعف العدو وتعريتها , وفي هذا الاطار كان لافتا امس تخصيص قائد الجيش العماد جان قهوجي منطقة الجنوب بجولته العملانية الاولى مما يؤشر الى مدى المعرفة الدقيقة لقائد الجيش الجديد بالواقع اللبناني والجنوبي خصوصا وهو كان تفقد امس الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود الجنوبية , فزار بلدة رميش ووضع اكليلا من الزهر على ضريح اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج ثم جال على المراكز التابعة للجيش في منطقتي بنت جبيل ومرجعيون وصولا الى مجرى نهر الوزاني. واشار العماد قهوجي الى انه خص منطقة الجنوب بجولته العملانية الاولى انطلاقا من ان المهمة الاساسية للجيش هي الدفاع عن حدود الوطن . واضاف ان هذه المنطقة التي طالما كانت بوابة القلق ومدخل الرياح الى الداخل اصبحت اليوم بفضل صمود ابنائها وتشبثهم بارضهم وبفضل تضحيات الشعب اللبناني وجيشه ومقاومته عصية على الاطماع والاعتداءات الاسرائيلية . وتنعم بحالة مميزة من الهدوء والاستقرار .
واكد قهوجي اهمية وأد الفتن في مهدها وتحصين وحدة الصف الداخلي لمواجهة مخططات العدو الاسرائيلي ودعا العسكريين الى مزيد من اليقظة والجهوزية للتصدي لاي اعتداء اسرائيلي محتمل بكل الامكانيات المتوافرة ومهما بلغت التضحيات . 
2008-09-13