ارشيف من :صحافة عربية وعالمية
القوانين.. أدوات السعودية للقمع

بعنوان "حقوق الإنسان في السعودية بين الإعلام والواقع"، نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية مقالًا للكاتبة لديها جوستين بونوا، تتوقّف فيه عند ازدواجية خطاب الإصلاح في السعودية، مؤكدة أن القوانين المتّبعة في المملكة هي الأدوات الفعلية للقمع، وأشارت الى أن السلطات السعودية غير مستعدّة للتخفيف من وطأة سلطتها على سكان المملكة.
ورأت الكاتبة أن خطاب وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان يتضمّن تناقضًا كبيرًا فهو يسمح للنساء بالقيادة ويعتقل في الوقت نفسه النشطاء والناشطات الذين يدافعون عن حقوق المرأة ويقاتلون من أجلها.
وهنا النصّ الكامل لمقال صحيفة "لاكروا":
خَلف الصورة الإصلاحية للسعودية والتي أعطت المرأة الحق في قيادة السيارة مشاهد انتهاك حقوق الإنسان. ثورة محدودة قد بدأت، في المملكة يوم الأحد 24 حزيران/يونيو مع السماح للسعوديات بقيادة السيارات. هذا الحدث حظي بتغطية إعلامية واسعة ، بعد أن سمح للنساء السعوديات بالتحرر ولو بجزء بسيط من ضغوط السلطات المحلية، التي منعتهن في السابق من الجلوس خلف مقود السيارة، إلاّ أن هذا التحرر البسيط لا ينعكس على باقي الشؤون المحلية، فالسلطة السعودية غير مستعدّة لأنّ تخفّف من وطأة سلطتها على سكان المملكة.
خطاب متناقض
كدليل على ذلك، قبل بضعة أسابيع من دخول مرسوم حق القيادة للمرأة حيّز التنفيذ، تمّ اعتقال 17 ناشطًا من أجل حقوق المرأة، لا يزال تسعة منهم في السجن. مسؤولة الدفاع عن الحريات في منظمة العفو الدولية في فرنسا كاتيا رو قالت إنّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان لديه خطاب متناقض جدًا، فهو يشرّع حق القيادة للنساء، وفي الوقت نفسه يعتقل النشطاء المطالبين بحقوق المرأة والذين يقاتلون من أجل هذه القضية منذ عقود.
بحسب كاتيا رو، حرص ولي العهد منذ حصوله على لقب "الاصلاحي المنفتح" (صدر المرسوم في 21 يونيو 2017) على الترويج لنفسه وأدار حملة علاقات دولية بهذا الاتجاه. المشكلة هي أنه لا يريد أن يُنظر إلى هذا المرسوم على أنه انتصار للمجتمع المدني، بل كقرار من الأعلى إلى الأسفل أي قرار من السلطة العليا للمملكة.
برأي كاتيا رو، إذا أراد فعلًا الإصلاح، عليه أن يهتمّ بنظام الوصاية، الذي يمنع النساء السعوديات من السفر أو العمل أو الدراسة أو الزواج دون إذن من ولي الأمر الذكر. على الرغم من هذا النظام القمعي، انتُخبت السعودية كعضوٍ في لجنة الأمم المتحدة لحقوق المرأة في نيسان/أبريل 2017. ويبدو أن خطاب "الأمير" كان له التأثير الأبرز على هذه اللجنة.
القوانين في قلب النظام القمعي
لايزال ثمانية من نشطاء حقوق المرأة رهن الاحتجاز وفقًا لمنظمة العفو الدولية. ومن بين المعتقلات الهذول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، وهنّ من الشخصيات المعروفات في النضال من أجل حقوق المرأة السعودية. ولم يمثلن بعد أمام القاضي ، لكن من المرجح أن يذهبن إلى محكمة مكافحة "الإرهاب".
تلك المناضلات تعرضن لحملات تشهير تتهمهنّ بالخيانة، عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي الصحف الحكومية، فيما بات قانون مكافحة "الإرهاب" الجديد الصادر في تشرين الأول/أكتوبر2017 يمثّل تهديدًا حقيقيًا للناشطين.
في المملكة، القوانين هي الأدوات الفعلية للقمع. يسعى قانون مكافحة جرائم الإنترنت، الذي تمّ وضعه أيضًا في عام 2017 على سبيل المثال، إلى التضييق على الحريات عبر الشبكات التواصل الاجتماعية. كذلك تمّ تقويض حرية التجمع، إذ لم يُسمح بخروج أية مظاهرات عامة منذ عام 2011.
وتقول كاتيا رو في هذا السياق إن "المجتمع السعودي أصبح أكثر انغلاقًا من الداخل، كما أن الأماكن العامة للتعبير مقيّدة بشكل متزايد".
منذ عامين، لم تتمكّن أيّة منظمة لحقوق الإنسان من إعادة فتح مكاتبها في البلاد. فمعظم أعضاء الجمعية السعودية للحقوق المدنيةوالسياسية (ACPRA) الأشهر في السع ودية اعتُقلوا أو نفيوا.
وتعتبر رو أنّ "هذه الحقيقة البسيطة تُظهر عدم احترام السلطات السعودية لحقوق الانسان".
على الرغم من الصورة الجيدة التي يسعى الأمير للحصول عليها ، تستمرّ كاتيا رو بالتشكيك بشأن مستقبل حقوق الإنسان في السعودية، معتبرة أن ولي العهد يعطي صورة بعيدة كل البعد عن الواقع.