ارشيف من :أخبار عالمية
الاحتلال الاسرائيلي يواصل الاستيطان متجاهلا الدعوات العالمية لوقفه
قرارات هدم تطاول مئات المنازل العربية في قلب مدينة القدس (البلدة القديمة ومحيطها)، تقابلها مشاريع بناء لمئات الوحدات الاستيطانية في هذه الأحياء، مترافقة مع إنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية في غلاف المدينة لتوسيع حدودها، خصوصاً من ناحية الشرق وصولاً الى البحر الميت ونهر الأردن.هذه أبرز ملامح السياسة الجارية لحكومة العدو الصهيوني برئاسة "بنيامين نتانياهو" في مدينة القدس المحتلة قبل بدء التفاوض عليها مع الفلسطينيين.
إذاً، فان حكومة الاحتلال الصهيوني تصب اهتمامها على حسم مصير القدس في أكثر من اتجاه.
الاتجاه الأول هو الاستيطان في قلب البلدة القديمة والأحياء المحيطة بها مثل "الشيخ جراح"،"وادي الجوز"،"راس العمود" ،"سلوان" و"الطور". وفي هذا الصدد أصدرت حكومة العدو مؤخرا سلسلة قرارات لهدم مئات المنازل في هذه الأحياء، وأقرت بناء مئات الوحدات السكنية الاستيطانية.
والواقع يشير بحسب ما نُقل عن مسؤول وحدة القدس في السلطة الفلسطينية المحامي احمد الرويضي "ان قرارات الهدم الأخيرة شملت 300 منزل فلسطيني في البلدة القديمة ومحطيها، منها 80 منزلاً في البلدة القديمة، والباقي في أحياء الشيخ جراح ووادي الجوز والصوانة ووادي حلوة وراس العمود وجبل الزيتون وحي البستان في سلوان.
وفي مقابل قرارات الهدم في الأحياء العربية، أقرت حكومة العدو بناء مئات الوحدات الاستيطانية في هذه الأحياء: ففي رأس العمود أقرت بناء 200 وحدة استيطانية لتوسيع النواة الاستيطانية المقامة في الحي، وفي حي الشيخ جراح أقرت إقامة 250 وحدة استيطانية، وفي فندق شبرد أقرت إقامة 20 وحدة استيطانية، وفي وادي الجوز أقرت بناء مجمع تجاري كبير، كما سيطرت لهذا الغرض على 40 بيتاً عربياً في الحي.
أما الاتجاه الثاني الذي تصب حكومة العدو اهتمامها عليه لحسم مصير القدس فهو مصادرة أراض واقعة في غلاف المدينة، خصوصاً نحو الشرق وذلك بهدف إقامة مستوطنات لتوسيع حدود المدينة. ومن أبرز خطط توسيع غلاف القدس خطة "إي 1" الرامية الى توسيع حدود المدنية الى البحر الميت ووادي الأردن.
وفي هذا الخصوص، قال الرويضي: "غلاف القدس الجاري توسيعه يمتد من "رأس خميس" الى "عناتا" و"شعفاط" وصولاً الى" إ -1 "وتنتهي الى "السواحرة" ". وكانت "إسرائيل" صادرت 12 ألف دونم من أراضي "السواحرة" لإقامة 600 وحدة استيطانية تربط بين مستوطنتي "كيدار" و"معاليه ادوميم" شرقاً، كما صادر الاحتلال أيضاً 139 ألف دونم من أراضي البحر الميت الممتدة غرباً حتى المستوطنات المذكورة.
وفي الاتجاه الثالث لحسم مصير القدس، تركز "إسرائيل" على إقامة الطرق والتحويلات، إذ شهد العام الماضي شق العديد من الطرق لربط التجمعات والكتل الاستيطانية وعزل التجمعات الفلسطينية.
أما في الاتجاه الرابع، فيركز الاحتلال على عزل تجمعات سكنية خلف الجدار ومصادرة بطاقات الهوية من أهالي المدينة المقيمين خارجها، ومنع البناء ومنع ترميم البيوت في الأحياء المستهدفة.
وتشير احصاءات متقاربة الى أن "إسرائيل" عزلت 80 ألف مقدسي خلف الجدار، ما يسهل عليها التخلص منهم في أي حل سياسي مقبل، حيث وصل عدد البيوت المقامة من دون ترخيص الى 15 ألف بيت يعيش فيها 60 ألف مواطن من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 280 ألفاً.
من جهة اخرى، الغى المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط "جورج ميتشل"، أمس، زيارة كانت مقررة الخميس المقبل إلى "إسرائيل" احتجاجا على خطة رئيس وزراء الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو" للمصادقة على تنفيذ أعمال بناء واسعة في مستعمرات الضفة الغربية، وذلك بعدما قرر الكيان الصهيوني بناء آلاف المنازل، صادق وزير الحرب ايهود باراك الليلة الماضية على بناء 500 منها .
وأكدت "إسرائيل"، أمس، عزمها على بناء "مئات المساكن" في مستعمرات الضفة الغربية بالرغم من سيل الانتقادات التي أثارها هذا المشروع في العالم .
وفي هذا السياق، قال وزير النقل في حكومة العدو "إسرائيل كاتز": " إن "نتنياهو" سيعلن في الأيام القليلة المقبلة عن بناء مئات المساكن الإضافية والمباني العامة مثل المدارس والكنس والمستوصفات في الضفة الغربية".
واكد كاتز: "ان نتنياهو عازم على السماح بمواصلة الاستيطان في نحو اثني عشر حيا استيطانياً في القسم الشرقي من القدس المحتلة وإنجاز 2500 وحدة قيد الإنشاء حاليا في الضفة"، موضحا بانه لا يتحدث عن تجميد.
وبرر كاتز موقف نتنياهو الرافض لمبدأ "تجميد" الاستيطان والذي يفضل التحدث عن "تقليص" و"إبطاء" وتيرته بقوله: "إن الرئيس الأمريكي باراك اوباما لم يتمكن من الحصول على "مبادرات" من جانب الدول العربية مقابل ما أسماها "تنازلات" بشأن الاستيطان".
وقال كاتز في هذا الصدد إن: "الرئيس اوباما لم ينجح في إقناع الدول العربية بالقيام بمبادرات لتشجيع استئناف المفاوضات حيث رفضت المملكة العربية السعودية السماح لطائرات "إسرائيلية" بالتحليق في مجالها الجوي" .
في ظل هذه الاجواء، يعتزم نتنياهو، الإعلان في خطابه في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 23 من الشهر الحالي، عن "تقليص" الاستيطان جزئيا، وهي الكلمة البديلة لكلمة "تجميد"، إلا أن وزير الداخلية في حكومة العدو الاسرائيلية "إيلي يشاي"، وهو رئيس حزب "شاس"، أكد أن "إسرائيل" لن تتخلى عن الاستيطان في القدس معلنا عن خطط لبناء مئات الوحدات الاستيطانية .
وفي السياق عينه، ذكرت مصادر "إسرائيلية": "أن رئيس بلدية مستعمرة "معاليه أدوميم"، "بيني كشرئيل"، سيضع اليوم الاثنين في مراسم احتفالية حجر الأساس لحي استيطاني جديد في منطقة "إيه 1"، وسيشارك في المراسم عدد من الوزراء وأعضاء "الكنيست" .
وبدأت "اسرائيل" العمل على إقامة مستعمرة جديدة باسم "مشخيوت" في الأغوار شرق الضفة الغربية وتقرر بناء 20 وحدة جديدة فيها في المرحلة الأولى، وسيتم نقل مستوطنين تم إخلاؤهم من "شيرات هيم" في قطاع غزة صيف العام 2005 الى المستعمرة الجديدة .
في المقابل، قال محافظ القدس "عدنان الحسيني": "تعمل "إسرائيل" في هذه المرحلة على تثبيت الحدود وتوسيع المداخل وتنظيم شؤون العبادة على نحو يكرس سيطرتها على القدس بصورة كاملة". وأضاف الحسيني: "باتت حدود القدس واضحة اليوم بنسبة 80 في المئة، فـ "إسرائيل" تعمل على توسيع معبر "قلنديا"، وأكملت الجزء الأخير من مدخل "العيزرية"، كما وضعت المعابر الأمنية، وبضمنها بوابات للطوارئ لفتحها أمام العربات العسكرية في حالات الطوارئ".
وفي سياق المواقف المنددة لحركة الاستيطان النشطة والمتواصلة، أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى: "انه لم يعد واردا بحث اي خطوات عربية للتطبيع مع "إسرائيل" بعد موقفها "المتعنت" من تجميد الاستيطان فيما قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل: "إننا سنتفحص بدقة ما سيطرحه اوباما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولن نقبل اختزال القضية الفلسطينية في تعليق مؤقت للاستيطان على أهميته".
وحذر مشعل من "الاستعجال العربي في التعامل مع ما هو مطروح "إسرائيلياً" وأمريكياً، ومن أن تكون محصلة الحراك الأمريكي في عهد اوباما معادلة جديدة هي تجميد مؤقت للاستيطان لمدة تسعة اشهر واستئناف للمفاوضات وتطبيع عربي مع "إسرائيل" .
تقرير : محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018