ارشيف من :أخبار عالمية
ازمة نظام اقتصادي ام ازمة اقتصادية ؟
من المنتظر أن يتعهد صناع القرار في مجموعة العشرين بالإبقاء على إجراءات التحفيز الاقتصادي لحين التأكد من الانتعاش والعمل على طمأنة أسواق المال بأن لديهم خططا يعتد بها للانسحاب من إجراءات التحفيز في الوقت المناسب.
وقد اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من دول مجموعة العشرين المتقدمة والناشئة في لندن فبحثوا الخطوات المفترضة لمواجهة أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم وتحضيرا لقمة المجموعة في 24 و25 ايلول/سبتمبر في بيتسبرغ في الولايات المتحدة.
يشير الواقع الى ان آفاق الاقتصاد العالمي تحسنت بدرجة كبيرة منذ أن اجتمع زعماء المجموعة في نيسان/ ابريل الماضي عندما كان العالم وسط حالة من الكساد فارتفعت أسواق الأسهم منذ آذا/ مارس وعادت بعض الدول إلى النمو. لكن صناع القرار يتوخون الحذر بشأن إعلان النصر في الوقت الراهن. ومن المنتظر أن يؤكدوا على الحاجة للإبقاء على التحفظ وبحث فرض قيود على رواتب المصرفيين وإصلاح هيئات الرقابة المالية والمؤسسات الدولية.
وقد تمكنت فرنسا والمانيا واليابان من تحقيق نمو اقتصادي في الربع الثاني من عام 2009 بعد ان عانت لفترة من تراجع الناتج المحلي الاجمالي.
ومع بقاء أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها وضخ ترليونات الدولارات لتحفيز الاقتصادات ومكافحة الأزمة سيحرص صناع القرار على إظهار أنهم وضعوا خططا للخروج من هذه السياسات التحفيزية.
وتشير بعض التقارير الى انه مع ارتفاع البطالة المتوقع أن يحد من شعبية صناع القرار فإن هؤلاء يحرصون على إيجاد من يلقون عليه اللوم لذلك سيؤكدون على أن البنوك لا يمكنها العودة للعمل كما كانت.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد طالبا مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في خطاب موحد رئاسة الاتحاد الأوروبي باتخاذ قرارات محددة خلال قمة مجموعة العشرين وأعلنوا في الوقت نفسه رفضهم تقديم ضمانات لمكافآت موظفي ومسؤولي البنوك وربط منحها بتحقيق النجاح وشطبها عند تحقيق خسائر.
من جهة أخرى أعلن رئيس الوزراء السويدي "فريدريك راينفلت" في ستوكهولم: "أن الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي ستنظم في 17 أيلول/ سبتمبر في بروكسل قمة طارئة تحضيرا لقمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ في الولايات المتحدة".
في السياق ذاته، حث المدير العام لصندوق النقد الدولي "دومينيك ستراوس كان" حكومات دول العالم على وضع استراتيجيات واضحة للخروج من الأزمة المالية وعدم تقويض فرص الانتعاش الذي أكد أن ملامحه بدأت ترتسم في الأفق رغم أن إصلاح النظام المالي الدولي لا يتقدم بالسرعة الكافية، على حد تقديره.
وأضاف "ستراوس كان" في خطاب ألقاه في برلين بعنوان "ما بعد الأزمة: نمو ثابت واستقرار النظام النقدي الدولي": "إن الاقتصاد العالمي بدأ على ما يبدو في النهوض أخيرا من أسوأ ركود تعرض له منذ عقود".
وحول مراجعة عملية ضبط النظام المالي التي تعهدت بها الدول المتقدمة والناشئة في مجموعة العشرين، اعتبر المسؤول الأول عن صندوق النقد الدولي "أن جهود الإصلاح لا تتقدم بالسرعة الكافية وأنه من الضروري التصدي للمشاكل التي أثارتها الأزمة".
وحول الدعوة الصينية إلى اختيار عملة احتياطي دولية جديدة بدلا من الدولار الأميركي، قال "ستراوس كان: "إن الدولار تعزز خلال الأزمة التي عكست وضعه كعملة ملاذ لا مثيل لها"، على حد قوله.
ودعا مدير عام صندوق النقد الدولي إلى زيادة موارد صندوق النقد الدولي لتمكينه من القيام بدوره العالمي حتى مع قيام دول مجموعة العشرين بالوفاء بالتعهدات التي قطعتها في شهر نيسان/ ابريل الماضي برفع موارد الصندوق بمقدار ثلاثة أضعاف لتمكينه من تكثيف مساعداته للدول المحتاجة.
وعلى النقيض من تصريحات "ستراوس كان" المتفائلة حيال مظاهر الانتعاش الدولي، فقد اعتبر رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه "أنه لا يزال من المبكر إعلان انتهاء الأزمة المالية بعد بوادر التحسن الأخيرة في منطقة اليورو".
وقال "تريشيه" في ندوة في مدينة "فرانكفورت" الألمانية الجمعة: "إنه ثمة حاجة راهنة لتدعيم الإقراض"، مشيرا في هذا الصدد إلى عزم البنك المركزي الأوروبي الإبقاء على إجراءاته الاستثنائية الرامية إلى مساعدة البنوك على الإقراض رغم وجود مخاوف قوية من حدوث نقص في مستويات الائتمان الممنوح من البنوك.
وأكد المسؤول الفرنسي "أن الوقت لم يحن بعد لتطبيق إستراتيجية خروج من الأزمة"، غير أنه أقر في الوقت ذاته بأن البنك المركزي الأوروبي لديه إستراتيجية للخروج من الأزمة تم إعدادها ووضعها موضع التنفيذ عندما يقتضي الأمر.
وكان تريشيه قد اعتبر في تصريحات سابقة "أن مرحلة الانكماش القوي للاقتصاد قد انتهت"، لكنه حذر من الإفراط في التفاؤل، مشيرا إلى أن الانتعاش الاقتصادي يبدو شاقا وغير منتظم.
يذكر أن البنك المركزي الأوروبي كان قد قام في شهر ايار/ مايو الماضي بتخفيض معدل الفائدة الرئيسية إلى مستوى قياسي هو واحد بالمئة مع إتاحة الفرصة للمؤسسات المصرفية للحصول على قروض غير محدودة بهذه الفائدة المتدنية لتشجيع الإقراض وتنشيط الأسواق التي بدأت تشهد مؤشرات انتعاش مؤخرا.
وخلال اجتماع وزراء المالية في مجموعة العشرين -التي تضم اكبر 20 اقتصاد في العالم- في لندن، ومن بينها الدول الصناعية الكبرى، بالاضافة الى الاقتصادات سريعة النمو مثل الصين والهند، اتفقوا في ختام اجتماعهم على عدد من الاجراءات تهدف الى تشديد الرقابة على النظام المصرفي العالمي.
ومن بين الاجراءات التي تم الاتفاق عليها ربط حجم المكافآت التي يحصل عليها مدراء المصارف بأداء المصارف التي يديرونها على المدى الطويل وليس على المدى القصير، لكنهم لم يتفقوا على حدود معينة للمبالغ التي يمكن ان يحصلوا عليها.
واتفق الوزراء على الابقاء على ادوات تنشيط النمو الاقتصادي في الوقت الحالي الى حين استعادة الاقتصاد العالمي عافيته وخروجه من الركود.
كما اتفق وزارء المالية ايضا على وضع انظمة جديدة للحوافز في البنوك لمنع المسؤولين عنها من الدخول في عمليات ذات مخاطر عالية بهدف تحقيق ارباح كبيرة، والتي كانت احد اسباب الازمة المالية العالمية.
وفي هذا الصدد، اتفق على توزيع الحوافز على فترة طويلة من الزمن، وامكانية استعادتها اذا ثبت انه تم اتخاذ قرارات خاطئة. غير ان وزراء المالية لم يتفقوا على الاقتراح الفرنسي بوضع قيود الزامية على الحوافز المصرفية.
بالمقابل دعا وزارء المالية في كل من الصين وروسيا والبرازيل وروسيا، في اجتماع خاص الى الحذر وعدم اعتبار ان الازمة المالية قد انتهت.
تقرير: محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018