ارشيف من :أخبار عالمية

حكاية الصمود في كفريا والفوعة ..

حكاية الصمود في كفريا والفوعة ..

نقلًا عن الإعلام الحربي المركزي

بلغ عدد سكان بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي حوالي أربعين ألف نسمة بمساحة تقدر حوالي 25 كلم2، قبل فرض الحصار عليهما عقب استيلاء ما يسمى "جيش الفتح" على مدينة إدلب والمناطق المحيطة بها في آذار من العام 2015، وخروج مئات الأشخاص وفق شروط ومعادلات.

منذ تشكيل ما يُسمى "جيش الفتح"، يصرّ الإرهابي السعودي عبد الله المحيسني على إقتحام البلدتين، وقتل رجالها وذبح نسائها واطفالها (بحسب بعض الفيديوهات التي وزّعها الإرهابيون).

 استهداف الجماعات المسلحة من محيط أهالي البلدتين بكافة انواع الاسلحة الصاروخية والثقيلة وبرصاص القنص، أدى الى إستشهاد حوالي 1923 شخصًا جُلّهم من المدنيين وإصابة أكثر من 3868 آخرين أغلبهم من النساء والأطفال.

أصاب الحصار جميع جوانب الحياة في البلدتين بشللٍ كبير، إذ منع المسلحون إمداد القريتين بكل أنواع المواد التموينية والغذائية وكذلك الطبية، ما أدّى إلى فقدان أبرز مقومات الصمود من غذاءٍ ودواء وخصوصاً ما يخص الأطفال والشيوخ والمرضى.

في مجال الطاقة، وفي ظل قطع المسلحين التغذية بالتيار الكهربائي والنقص الحاد في الوقود، يتمّ الاعتماد على المولدات الصغيرة والمتوسطة للحصول على الكهرباء ساعة يوميًا إذا امكن، وقد تعرّضت هذه الآلات للتلف مع مرور الزمن، بسبب الأعطال المتكررة وعدم القدرة على صيانتها او استبدالها.

أما بالنسبة للمياه، فإن التقنين الحادّ لا يسمح بوصول المياه الى القريتين إلّا مرة واحدة فقط كل شهرين، وهي لا تكفي لأكثر من 15 يوم ممّا يجبر الأهالي على شراء المياه بأسعار خيالية في حال توفرها.

هذا وتوقفت المدارس نتيجة القصف اليومي خشية تعرض الأطفال للأذى، وحُرم طلاب الجامعات والمعاهد من استكمال حياتهم العلمية خارج البلدة.

على الصعيد الصحي، تزداد المعاناة داخل البلدتين يومًا بعد يوم، في ظل صمت المجتمع الدولي ومؤسساته، اذ يوجد مشفى واحد فقط في بلدة الفوعة، فيه عدد قليل من الاطباء وبقدرات محدودة جداً من التجهيزات، اذ تقتصر مهام العاملين في المشفى على تقديم الإسعافات الأولية لعدم توفر الإمكانات للتعامل مع الحالات الحرجة جراء القصف الشبه يومي مما ساهم بزيادة عدد الشهداء.

وتقوم الدولة السورية عبر سلاح الجو كلّما سنحت الفرصة، بإسقاط بعض المساعدات فوق البلدتين ولكن يصل منها أعداد قليلة سالمةً بسبب إستهداف المسلحين لهذه المساعدات بالرصاص، أو بسبب تلفها عند إرتطامها بالأرض، مما ينتج عنه خسارة حوالي نصف هذه المساعدات.


وعلى الرغم من الحصار وتهجير نصف سكان الفوعة وكفريا، تمكّنت اللجان الشعبية من إفشال جميع محاولات الإرهابيين لإقتحام البلدتين، حيث شُنّت هجمات كثيرة كان أعنفها الهجوم الذي قاده "جيش الفتح" في شهر آب من عام 2015 على منطقة الصواغية شرق بلدة الفوعة، حيث تكبّد المهاجمون خسائر فادحة في الأرواح قُدّرت بمئات القتلى والجرحى، كما تم تدمير عدد من الدبابات والآليات الثقيلة قارب عددها الـ 20 آلية.

الهجوم الثاني وقع في شهر شباط عام 2016، وكان من ناحية دير الزغب جنوب الفوعة وهي منطقة متاخمة لمدينة بنّش، وأيضًا لحقت خسائر كبيرة بـ"جيش الفتح" بعد قتل وجرح نحو العشرات من مسلحيه.

مع تنفيذ اتفاق خروج الحالات الإنسانية من الفوعة وكفريا، خرجت دفعتان من جرحى البلدتين، الأولى في أواخر العام 2016 برًا عن طريق تركيا ومنها جوًا الى لبنان ومن ثم الى دمشق، والدفعة الثانية خرجت في أوائل العام 2017 برًا عن طريق إدلب فحماه، ومن ثمّ إلى دمشق بعد دخول إتفاق الفوعة وكفريا بريف إدلب ومضايا الزبداني بريف دمشق حيّز التنفيذ.

عشرات الحالات الإنسانية أُخرِجت من الفوعة وكفريا وفق إتفاقات مع داعمي الجماعات المسلحة من العام 2017 إلى العام 2018، ومنها الإتفاق الذي حصل في 11-4-2017  الذي كان من شروطه آنذاك إخراج 3800 شخص من المسلحين وذويهم عبر أربعة معابر من بلدات مضايا، بقين، الزبداني، والجبل الشرقي في ريف دمشق باتجاه محافظة إدلب، مقابل خروج 8000 شخص من أهالي الفوعة وكفريا في ريف إدلب باتجاه محافظة حلب كمحطة أولى.

ومع خروج دفعات من أهالي الفوعة كفريا ضرب تفجير انتحاري في 15-4-2017 مكان وصول الحافلات في منطقة الراشدين غرب حلب، ما أدى لإستشهاد ما لا يقل عن 100 شخص معظمهم من النساء والأطفال وإصابة العشرات، الأمر الذي عرقل الإتفاق لوقت قصير ليستكمل بعدها بخروج ما تبقى من الدفعة المستهدفة إلى مناطق سيطرة الدولة السورية في حلب عبر ممر الراموسة.

بعد أشهر قليلة من إبرام الإتفاق الشامل، استُكمل تنفيذ المرحلة الثانية، حيث خرجت 45 حافلة تقل 3000 من أهالي بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف ادلب الشمالي مقابل خروج 11 حافلة من الزبداني وسرغايا والجبل الشرقي تقل جميع المسلحين وعائلاتهم والذين تراوح عددهم حوالي 500 شخص.

في أواخر الشهر الرابع من العام 2018، تمّ التوصل لإتفاق آخر يقضي إجلاء ما يقارب 1200 شخص من أهالي الفوعة وكفريا مقابل إخراج مسلحي "جبهة النصرة" من مخيم اليرموك جنوب دمشق، إلّا أن أهالي الفوعة وكفريا رفضوا الاتفاق نظرًا لقلة العدد الذي سيخرج وطالبوا بخروج جميع الأهالي وإلّا فلن يخرج أحد، الأمر الذي أدى لبقاء الأمور على حالها في البلدتين المحاصرتين، لحين التوصل لاتفاق  في 17/7/2018 والقاضي بإخراج كامل أهالي الفوعة وكفريا المتبقيين والمقدر عددهم بـ 9600 شخص بضمانات دولية، إذ دخلت صباح  أمس ثلاث دفعات من الحافلات إلى البلدتين يصل عددها إلى 121 حافلة إلى البلدتين لإخراج جميع الأهالي عبر معبر العيس ومنه إلى مركز الاقامة المؤقت في جبرين مقابل الافراج عن مسلحين ومعتقلين يصل عددهم إلى 1500 وخروجهم باتجاه ادلب.

ومع استكمال اجراءات الدفعة الأخيرة من قافلة الفوعة وكفريا ودخولها إلى حلب، تكون بلدتي الفوعة وكفريا قد أصبحتا خاليتين تمامًا من الأهالي واللجان الشعبية.

2018-07-19