ارشيف من :أخبار عالمية

اتفاق سوتشي حول ادلب.. فرصة أخيرة لأردوغان

اتفاق سوتشي حول ادلب.. فرصة أخيرة لأردوغان

علي حسن ـ سوريا

أعلن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان يوم أمس الاثنبن توصلهما إلى اتفاق يؤجّل العمل العسكري وربما يلغيه في محافظة ادلب. بنودُ الاتفاق الرئيسية تضع التركي أمام تحدٍ جدّيٍ حول نواياه في سوريا، وتترك إشارات استفهام كثيرة حول مستقبل ادلب، ومصير الجماعات الإرهابية الموجودة فيها وأولها تنظيم "جبهة النصرة"، الذي تعهد أردوغان بسحب أسلحته الثقيلة بالكامل وتحييدها عن الجماعات التي أسماها بـ "المعتدلة"، والتي ستكون بلا سلاح ثقيل أيضاً بحسب الاتفاق، الذي كان ضمن بنوده إقامة منطقة منزوعة السلاح بين مناطق الجيش السوري وما يسمى بـ "المعارضة"، الأمر الذي أزعج الغرب والصهاينة الذين عوّلوا كثيراً على الصدام بين ضامني مسار أستانة من خلال العملية العسكرية في ادلب.  

الخبير الاستراتيجي والسياسي الدكتور أسامة دنورة تحدث لموقع "العهد" الإخباري حول اتفاق سوتشي، وقال إنّ "التشابك الطويل الأمد بين الاستخبارات التركية والتنظيمات الارهابية أدى الى وجود وضع مركب يصعب في ظله تفكيك المجموعات الارهابية بسرعة، فضلاً عن تجمع عشرات آلاف الارهابيين من كل انحاء الجغرافيا السورية في ادلب، إضافة لكثافة عدد المدنيين في المحافظة، ما جعل سيناريو "التفكيك المتدرج" مرجحاً منذ البداية بما في ذلك المزاوجة والمناوبة بين العمل السياسي والعسكري، ليتمكن كل من المسارين المذكورين من الاستفادة من المزايا التي يحققها المسار الآخر".‎‎
وأضاف دنورة أنّ "التفاهم التركي الروسي حقق عدة أهداف للجانبين، فهو وفّر الكلفة العسكرية الكبيرة من خسائر بشرية ومادية خلال عملية التحرير العسكرية، وحقن دماء المدنيين الذين شرع الارهابيون في استخدامهم دروعاً بشرية، وخططوا ليجعلوا منهم ضحايا حقيقيين لمسرحية كيماوي جديدة، كما رمى الكرة في الملعب التركي فيما يتعلق بنزع السلاح الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح، وايضاً فيما يتعلق بفصل "النصرة" وحلفائها عن سائر المجموعات المسلحة، أما من الجانب التركي فقد حقق أردوغان "حفظ ماء وجهه"، وحصل على الزمن الذي يفترض أن يتمكن فيه من معالجة الوضع المركب للجماعات الارهابية، وتجنب تدفق اللاجئين المتوقع الى الداخل التركي خاصة بعد أن هدّد الارهابيون صراحةً بدفعهم للتدفق الى الداخل التركي، مع حفاظه على موقف الحد الادنى الذي يتيح له القول بأنه لم يتخلّ عن حلفائه الذين دعمهم على مدى سبع سنوات".

وأشار دنورة إلى أنّ "مدى النجاح التركي في تنفيذ الالتزامات المتفق عليها هو موضع تساؤل بلا شك، ولكن في هذا الاطار يجب النظر الى عدة معطيات، أولها أنه ليس في مصلحة التركي دولياً وحتى داخلياً الاستمرار في التشابك والعلاقة طويلة الأمد مع الارهابيبن لا سيما "جبهة النصرة"، مضيفًا أن "استمرار حالة عدم الاستقرار والسيطرة الكاملة للدولة السورية في الشمال ينعكس في شرق الفرات تهديداً للداخل التركي كلما طالت مدة وجود ظاهرة قسد، والمراقبة الدائمة لمدى التقدم الذي سيحرزه التركي في تنفيذ تعهداته ستكون متوافرة عبر اجتماعات الخبراء العسكريين والمراقبة الجوية".‎
وأكد دنورة أنّ "العدول عن العملية العسكرية مشروط بالتزام التركي بما تعهد به وفي حال فشله بذلك في مهلة زمنية كافية سيعود الخيار للعمل العسكري، أما فيما يتعلق بالجولاني وعصابته فسيخدم الوقت الاتراك ان كان باتجاه الاقناع او الجهد الاستخباري او التنسيق مع جهات غربية لإعادة تدوير مقاتلي "النصرة" لا سيما الاجانب منهم واستعمالهم في اماكن اخرى في العالم كأدوات غربية".‎
حديث اردوغان عن "مصير ادلب" هو للاستهلاك الإعلامي، فمصيرها المؤكد هو التحرير سلماً او حرباً كما حدث في الغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية، وهامش التفاهمات والتسويات والمصالحات لا يمكن أن تقبل الدولة السورية بأن يكون أوسع مما كان في الحالات السابقة، أو بأن ينتقص من أي معطى أو مظهر من مظاهر السيادة الكاملة للدولة السورية على جميع أرجاء ومناطق ادلب، بحسب دنورة الذي أكد أنّ "الطرف الغربي شعر بخيبة امل نتيجة تحقيق الاتفاق، فهو قد قطع الطريق أمام الغرب لتوجيه ضربة عسكرية لربما تكون الاوسع بناءً على مسرحية كيماوية جديدة، كما أن الغرب أعدّ العدة لشن حملة سياسية دبلوماسية اعلامية واسعة لشيطنة الدولتين السورية والروسية وعزلهما بمجرد انطلاق العملية العسكرية".

وختم الخبير الاستراتيجي والسياسي السوري حديثه لـ"العهد" قائلاً إنّ "الاتفاق سيجعل خيارات قوى الامر الواقع في مناطق الشمال الشرقي أكثر محدودية وأقل قدرة على المناورة، ومن ورائهم الاميركيون الذين سيجدون أنفسهم ووجودهم العسكري في سورية تحت المجهر، وبذلك سيكون بإمكان الطرفين التركي والسوري مع حلفائه التركيز على الحالة الشاذة الموجودة في مناطق قسد بعد أن توصل الطرفان الى حل أو أقله تأجيل للخلاف فيما بينهما وبذلك يكون الروسي قد حقق خطوة جديدة على طريق التفاهم الاستراتيجي مع التركي بما يضمن محاصرة اكثر فعالية للدور الامريكي".‎

2018-09-18