ارشيف من :أخبار عالمية
السيادة الوهمية.. كيف يذلّ ترامب السعودية؟

ذكّرت الكاتبة السعودية مضاوي رشيد بتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير للسعودية، بأنّه بدون أميركا من يعرف ما الذي سيحصل بالمملكة، مؤكدةً أنّه "من دعم الولايات المتحدة للحرب الغادرة في اليمن، إلى طلب واشنطن من الرياض إبقاء سعر النفط منخفضًا، يستمر ترامب بتذكير النظام السعودي بضعفه بدون أميركا".
ووصفت رشيد في مقالها العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة في ظل رئاسة ترامب بـ"العلاقة العارية، والخالية من اللغة الدبلوماسية المهذبة للشراكات والتحالفات"، معتبرةً أنّ السعودية "ستواصل دفع ثمن باهظ لاعتمادها الكليّ على الولايات المتحدة للحفاظ على أمن نظامها".
وفي السياق نفسه، أشارت الكاتبة إلى أنّ "النظام السعودي يثني عضلاته عندما تنتقد حكومات غربية أخرى ذات أهمية استراتيجية أقل سياساتها المحلية، كاحتجاز ناشطين حقوقيين سعوديين، أو قتل المدنيين المسالمين في اليمن"، مبرزةً أن كلاً "من كندا وألمانيا والسويد والنرويج وإسبانيا وغيرها، يثيرون بعض الضجيج من حين لآخر حول القمع السعودي المحلي والسياسات الإقليمية المضللة، لكن رد الفعل كان سريعاً. لقد تمّت معاقبتها على الفور كرادع لكي لا تفكر الحكومات الأخرى بمعاداة السعوديين".
وشرحت الكاتبة أنّه "في مثل هذه الحالات، يبالغ النظام في ردود فعله. تُعلّق تأشيرات الدخول لمواطني هذه الدول، وتُلغى العقود التجارية ويُسحب السفراء بسرعة، ثمّ تُطلق حملة تشويه ضدهم في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها"، متناولة الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين السعودية وكندا، حين "هدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير كندا على نحو غير متوقع، عندما سأل عن المطالبة باستقلال فوري لمقاطعة كيبيك، مذكّراً بمشكلة الأقليات في كندا".
ورأت رشيد أنّ "النظام السعودي يستغل مثل هذه الحوادث مع كندا أو غيرها، كفرصة لإظهار سيادته المتخيلة. لكن عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأميركية، تظهر صورة مختلفة. النظام السعودي يستوعب الإهانة ويتحرك للخضوع لإرادة السلطة التي تحمي الملكية".
وأوضحت الكاتبة أنّه "من الرسوم التي تُظهر ضعف النظام السعودي من دون أميركا، استمرار ترامب في إطلاق الشتائم دون أن يتمكن السعوديون من الرد".
وفي تحليلها للعلاقة الأميركية-السعودية، أشارت الكاتبة إلى أنّه "إذا كان ضعف النظام السعودي بدون أميركا أمراً واقعاً بلا منازع، فإن الإهانات الدرامية لترامب تخبرنا أكثر عن جمهوره المحلي، الذي يهتف في كل مرة يُذلّ فيها شيوخ النفط"، مؤكدةً أنّ "جعل أميركا عظيمة لا يتحقق بإبعاد الحلفاء والشركاء المذعورين وإهانة الأصدقاء".
وتوصلت الكاتبة في مقالها إلى أن السياسة الأميركية "تراجعت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، ولم يعد الأمر يتعلق بالاحترام أو الإنصاف أو أفكار الديمقراطية أو التعايش. لا يتعلق الأمر حتى بالقيادة على المستوى العالمي. إن السياسة الأميركية غارقة في المخالفات للنخبة السياسية"، مشيرةً إلى أنّ "قوّة عظمى لا تستطيع أن تنتخب رئيسًا نظيفًا وصريحًا، أو تعيّن قاضياً محترمًا في أعلى منصب في السلطة القضائية، لم تعد قوة عظمى".
ورأت رشيد في مقالها على "ميدل إيست آي" أنّ "الأمل الوحيد لأميركا الآن هو وسائل الإعلام المفتوحة والاستقصائية، وسيادة القانون، وكلاهما يتآكل بشكلٍ تدريجي ويتعرّض للخطر في ظل ولاية ترامب".
وأكدت الكاتبة في هذا السياق، أنّه "يمكن للأميركيين أن ينتخبوا رئيساً آخر في الوقت المناسب. يمكنهم تنظيف منازلهم واستعادة سمعتهم كبلدٍ يطمح إليه الكثيرون، خاصة أولئك الذين يعيشون في ظل الأنظمة الديكتاتورية مثل السعوديين"، موضحةً أنّه "لسوء الحظ، لا يتمتع السعوديون بميزة إقالة قادتهم في الانتخابات المقبلة، أو تقديمهم للمحاكمة لنهب ثرواتهم على شكل رشاوى للولايات المتحدة، وهو الضعف الذي يواصل ترامب اللعب عليه".
واستنتجت الكاتبة أنّ ترامب "يحتاج إلى إبقاء الإهانات تتدفق لإرضاء قاعدته الانتخابية، الذين يسلّمون ويُسحرون بتصريحاته القصيرة والبسيطة وغير المنسجمة في أغلب الأحيان. وهذا يعني إبقاء السعوديين في حالة من الخوف من أن تتمكن أميركا يومًا ما من سحب دعمها"، خاتمةً مقالها بالقول: "هذه العلاقة لا تقوم على الحب، ولكن على الخوف والبغض".