ارشيف من :مقالات
’وشوَشات’ لجنبلاط: حان موعد التخلي عن ’ربط النزاع’

لعب وليد جنبلاط دور رأس الحربة في مواجهة فريق 8 آذار غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. منذ العام 2005 إلى أن قرّر "ربط النزاع" مع حزب الله عندما بدأت تنحسر موجة الإرهاب في سوريا ولبنان بفعل المقاومة والجيش السوري بين عامي 2015 – 2016، كان "البيك" المتصدي الأقوى للمقاومة وسلاحها وسيّدها. بادر إلى "الإهانة" و"التخوين" و"التخويف". ثم قرّر الدخول في "هدنه" و"رَبَطَ النزاع" بين المختارة والضاحية.
على وقع التطوّرات في الإقليم، كان آداء جنبلاط يتصاعد ويتهادى، إلى أن سلّم نجله تيمور إرث العائلة السياسي وكل ما يتّصل بعباءة الزعامة. إلا أنه بقي بمثابة "المرشد" الذي يهدي مريديه إلى الطريق، يرسم السياسات العامة وهوامش اللعب لنجله وحزبه وطائفته. من "تويتر" اتخذ "البيك المتقاعد" منصّة لممارسة "هضامته السياسية"، وبحسب التغريدة، يميل الأتباع والمناصرون.
قد يقول البعض إن هذا هو دأب زعيم المختارة منذ أن وُجِدَت. وقد يقول آخرون إن اللعب على الحبال السياسية والعسكرية والاقتصادية هي هواية نمّاها جنبلاط الأب بطول أناة. ما الجديد في الأمر؟
يقول عارفون بخبايا السياسة اللبنانية، إن
بالطبع، لا يحيّد جنبلاط، حزب الله عن مرمى سهامه، بوصفه "أصل البلاء" في كل ما يجري. في الأصل، لم يحيّد "البيك" الحزب إلا مرحلياً ولأسباب موضوعية. اليوم، ثمّة ظروف مؤاتية. التقطت "أنتينات" المختارة إشارات تصعيدية في وجه الحزب آتية على صهوة العقوبات الأميركية والحاجة السعودية. لطالما كان جنبلاط وكيلاً حصرياً لـ"الأفكار" الأميركية والسعودية. حتى عندما كان يمانع بعضها في مراحل معينة.
الجديد، بحسب المعلومات، تمثّل في تلقي جنبلاط "نصيحة" تتلخّص بضرورة إنهاء العمل بمفاعيل اتفاق "ربط النزاع" مع الضاحية. كان ذلك قبل خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، بمناسبة يوم الشهيد، السبت الماضي. منذ أن تلقى "النصيحة"، كان جنبلاط يبحث عن تخريجه أو ترجمة عملية يعلن عبرها توجّهه الجديد. المقابلة الصحافية الأخيرة لـ"البيك"، والتي سبقت خطاب السيّد نصر الله بيوم واحد، جاء فيها قدر كبير من الإعلان عن التوجّه الجديد هذا.
في خلفية "النصيحة" عوامل داخلية وأخرى خارجية. لا يغيب عن بال أحد من المتابعين، أن
يعرف وليد جنبلاط تماماً أن الحكومة المرتقبة ستكون أولى حكومات عهد الرئيس ميشال عون. أُبلِغ الرجُل أن حكومة فيها أكثرية لعون وحزب الله و8 آذار، ستعني حُكماً تقليم مخالب مَن تمدّد نفوذه بفعل سوء تطبيق اتفاق الطائف. قيل لجنبلاط "وشوَشة" إن حكومة من هذا النوع ستعني حُكماً انتهاء اتفاق الطائف. عاد زعيم المختارة إلى نغمة "النظام السوري" وإيران. أقفل الرئيس المكلف سعد الحريري، عائداً على "ملاذه الآمن" في باريس، لا في الرياض. إلى أن يتضح المشهد الذي ترسمه الرياض وواشنطن للمنطقة، وإلى أن تتبيّن أولى ملامح هذا المشهد، سترتفع النبرات في لبنان تباعاً.
العارفون بخبايا الكواليس السياسية في لبنان والإقليم، ينصحون بعدم الرهان على مشهد جديد تُنتجه العقوبات الأميركية ولا الضغوطات السعودية. فالمشهد الجديد بحسب هؤلاء يُرسم حالياً في اليمن تتصدّره هزيمة سعودية موصوفة، لن تجمّلها مؤتمرات الحوار المرتقبة. وإلى ذلك الحين، سيبقى الحريري خارج السرايا الحكومية إلى أن يوزّر أحد سُنّة 8 آذار. وإلا فليستعد لما هو آتٍ. يقول العارفون إن ما هو آتٍ لن يقتصر على إعادة عدّ الوزراء وفقاً للأرقام التي أنتجتها الانتخابات.