ارشيف من :أخبار عالمية
الإخوان المسلمون في سوريا واستحقاق الخيارات الصعبة 2/2
باريس – نضال حمادة
مرت سورية بسنوات عجاف تعرضت فيها لأقسى أنواع الحصار والضغوط، وبدأت مصاعب سورية أثر سقوط بغداد تحت الاحتلال الأميركي، وقد بدأت حملة الضغوط على سوريا في الأسبوع الثاني لسقوط بغداد عبر الشروط التي قدمها كولن باول لفاروق الشرع وبلغت هذه الضغوط ذروتها عقب اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وصدور القرار الدولي 1559 الذي نتج عنه انسحاب الجيش السوري في لبنان في ظروف اقل ما يقال عنها أنها كانت صعبة.
وكان لحركة الإخوان المسلمين السورية دور محوري في الحملة التي قادها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لإسقاط الرئيس بشار الأسد، وذلك على خلفية اتهامات لسوريا في قضية اغتيال صديقه رفيق الحريري. ومن اجل تحقيق هدفها فتح شيراك أبواب فرنسا لكوادر وعناصر الحركة واستتبع ذلك باستقبال قيادات سلفية كانت ممنوعة من دخول الأراضي الفرنسية عقب الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.
وشهد العام 2006 تردد قيادات متعددة من حركة الإخوان المسلمين في سوريا إلى باريس، وترافق هذا مع استقبال فرنسا لعبد الحليم خدام، وتبني شيراك شخصيا لمحمد زهير الصديق رغم اعتراض المخابرات الفرنسية على ذلك. وكان دور البيانوني حجر الرحى في إعطاء بعد معنوي وشعبي لأكثر الحركات والتجمعات التي بدأت أميركا وفرنسا تشكيلها لاستخدامها في عملية الضغط على سوريا. التقى البيانوني فريد الغادري الذي أعلن انه سوف يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل إذا حكم سوريا، ودخل في تحالف تحت اسم جبهة الخلاص مع خدام واجتمع مع رياض الترك في بريطانيا أثناء مرور الأخير في لندن في زيارته إلى الولايات المتحدة التي لم يعلن عنها حينها. في الوقت نفسه تردد على باريس قيادات سلفية طالما ناصبت العداء للنظام الحاكم في دمشق. غير أن الحال انقلب بعد فشل المشروع الأميركي في المنطقة، وخروج شيراك وبوش من الحكم في كل من فرنسا وأميركا. وانتهاء فكرة إسقاط نظام الرئيس الأسد على الطريقة العراقية. تزامن كل هذا مع تصدع في المعارضة السورية وخصوصا في الإخوان الذين دفعوا من رصيدهم ثمن الذهاب بعيدا في المشروع الأميركي، وأتت حرب غزة لتلقي بظلالها القوية على علاقة التنظيم العالمي للإخوان بالفرع السوري وبالذات مع شخص البيانوني، الذي تعرض لضغوط وتهديدات بالطرد من التنظيم العالمي إذا لم يتوقف عن معارضته الشديدة لسوريا. وهذا ما فعله الرجل فعلا بعد حرب غزة.
هذا الضعف في حركة الإخوان يقابله إحساس بالارتياح في دمشق حيث نقل لنا مصدر فرنسي زار دمشق مؤخرا عن لسان شخصية سورية رفيعة المستوى قولها أن سوريا ليس لديها ثقة بمواقف البيانوني وتصرفاته، وأضاف المصدر الفرنسي أن الشخصية السورية الكبيرة عددت أمامه الأسباب التي تجعل القيادة السورية تأخذ موقفا حذرا من البيانوني بالقول: بعد أكثر من إشارة إيجابية قدمناها للمعارضة عبر إعطاء جوازات سفر لكوادرها عمل البيانوني بطريقة عدائية في أحلك الأوقات التي عانت منها سوريا دوليا وعربيا فالتقى الغادري وانشأ تحالفه الاستفزازي مع خدام، ومد جسور العلاقة مع الإدارة الأميركية عبر بعض الأشخاص المتواجدين في واشنطن، ويتابع المصدر الفرنسي قوله قالت لي الشخصية السورية الرفيعة ، لا يمكن الوثوق بالبيانوني فهو رجل متقلب ويدير الأزمات بتسرع، ونحن سوف ننتظر ستة أشهر على الأقل حتى نتأكد من ثبات البيانوني على جهة ومن بعدها سوف نقرر بعد أن يكون الرجل ثبت على حال، ونضج للتعامل مع الاستحقاقات الصعبة .
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018