ارشيف من :آراء وتحليلات
بدون تعليق: محمود عباس سيحرّر القدس المحتلة.. من واشنطن

محمد الحسيني
جمع محمود عباس أوراقه الاستراتيجية والتي تخفى بمعلوماتها عن عيون أجهزة الموساد ودوائر السياسة في "إسرائيل"، ووضب حقيبته الدبلوماسية الفائقة الأهمية بما فيها من وثائق دامغة وخرائط مفصّلة عن توسع الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس المحتلة، وشحذ همّته القوية كما مواقفه المبدئية و"التاريخية" حيال الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرات السنوات، وعقد اجتماعاً لمعاونيه من "رجال" الثورة الفلسطينية وشد الرحال إلى واشنطن..
هو ليس اجتماعاً عادياً يعقده أبو مازن مع خصم الدهر بنيامين نتنياهو في واشنطن برعاية باراك أوباما، الرئيس الأميركي الأسود المسلم، القادم من الأرض الأفريقية التي عانت من اضطهاد السيد الأميركي الابيض، ولا زال إلى حد الان يدافع عن أبناء جلدته من أصحاب البشرة السمراء (قد يكون خف سواد لونها بسبب الاختلاط العرقي مع الأميركيين والغربيين البيض)، وهو أيضاً الضنين على القضية الفلسطينية التي تسكن عميقاً في وجدانه بسبب ما تتقاسمه هذه القضية بشكل وبآخر مع قضية مواجهة التفرقة العنصرية وسياسة الأبارتهايد التي كانت تمارسها أنظمة الهيمنة البيضاء على مجتمعات السود..
ذهب أبو مازن إلى واشنطن وقد نفض يديه من التاريخ المشبوه الذي يزخر باتفاقات التسوية مع الإسرائيليين، وأشهرها تلك التي توصل إلى هندستها مع يوسي بيلين، وغيرها من التي قادت إلى ما قادت إليه من غزة - أريحا وغيرها من مشاريع تقزيم القضية الفلسطينية، ووضع وراءه أيضاً كل الآلام التي تسببت بها حروبه مع حركة "حماس" المتمرّدة على شرعيته، ولم ينس عذابات أهل قطاع غزة ودماء أهلها التي انسكبت بفعل الرصاص الإسرائيلي، واصطحب معه صور الشهداء والجرحى والمنازل المدمّرة ومشاهد العذاب الذي يعيشونه أهلنا في القطاع المنكوب والمحاصر من الداخل ومن الجار المصري الحريص على حرية الشعب الفلسطيني وعزّته..
توجّه محمود عباس إلى واشنطن وقد ارتسم في عيني أوباما ونتنياهو عبوس وجهه الحانق على التهاون الأمريكي والتعنّت الإسرائيلي، وهما قد تواصلا كثيراً قبل أن يحدد أوباما موعد اللقاء الثلاثي، وضربا أخماسهم بأسداسهم تلافياً لإغضاب "نمر" السلطة الفلسطينية الشرس، وهما قد أخذا بعين الاعتبار ضرورة التمهيد لحل سريع قبل أن ينفجر هذا الغضب في وجههما فتحترق المنطقة بما فيها من مشاريع أميركية وإسرائيلية وتضيع عليهما كل الجهود التي بذلاها لفرض التطبيع بين العرب والإسرائيليين.. وهذا الحل لا يكون إلا بإزالة كل المستوطنات الإسرائيلية من كامل الأراضي الفلسطينية، والاعتراف بدولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وأن يخضع الإسرائيليون و"دولتهم" بمسؤوليها واجهزتها لسلطة عباس الذي سيكون رئيساً لفلسطين.. كل فلسطين.. من البحر إلى النهر..
نعم.. محمود عباس سيحرّر القدس المحتلة.. من واشنطن.