ارشيف من :أخبار عالمية
العقوبات ضد روسيا: سلاح معكوس

كتب جورج حداد
منذ نشوب ازمة جورجيا وظهور عجز التهديدات العسكرية والحركة الدبلوماسية المحمومة، الاميركية والاطلسية، عن ضبط الحركة العسكرية والسياسية لروسيا، والخبراء الاميركيون يقومون بدراسة امكانيات سياسة "العقوبات" في تحقيق الاهداف الستراتيجية للبيت الابيض. ومعلوم ان "سلاح العقوبات" اصبح في الزمن الراهن اهم سلاح ستراتيجي في جعبة الترسانة الاميركية. فهل سيؤتي هذا السلاح أكله بمواجهة روسيا؟
تقول جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية ان الخبراء الاميركيين انفسهم توصلوا الى الاستنتاج بأن لائحة العقوبات الاميركية والغربية، المباشرة والمحتملة، ضد روسيا، تبدو ـ اي هذه اللائحة ـ باهتة بالمقارنة مع الخطوات الجوابية التي يمكن ان ترد بها روسيا. لقد حذرت واشنطن مرارا وتكرارا موسكو من ان عملياتها في جيورجيا يمكن ان تضع علامة استفهام على امكانية قبول عضوية روسيا في منظمة التجارة العالمية، وكذلك عضويتها في نادي الثمانية الكبار (G-8). وفي لائحة الفعاليات الاميركية الممكنة ايضا يبرز كذلك تجميد قبول روسيا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتجميد الحوار الستراتيجي الروسي ـ الاميركي، واخيرا لا آخر مقاطعة اولمبياد الالعاب الشتوية في سوتشي سنة 2014. وبهذا الصدد تقدم فعلا النائبان الاميركيان، الدمقراطي أليسون شفارتز والجمهوري بيل شوستر باقتراح الى الكونغرس الاميركي بأن تتم مقاطعة الالعاب الاولمبية في سوتشي. ويقول الاثنان انه ينبغي ان ترسل رسالة واضحة بأن الغرب لن يغمض عينيه. ومعلوم انه كانت قد تمت مقاطعة اولمبياد موسكو سنة 1980، من قبل اميركا والاتحاد الاوروبي، بسبب الغزو السوفياتي لافغانستان.
ويحذر الخبراء الاميركيون انفسهم بأن العقوبات الجوابية المحتملة من قبل روسيا هي اكثر بكثير. وللمثال فإن انجيلا ستينت، مديرة مركز الدراسات الروسية في جامعة جورجتاون، تقول ان روسيا يمكنها ان ترد في مجلس الامن الدولي، حيث يمكنها ان تعرقل جهود الولايات المتحدة لمعاقبة ايران بسبب مطامحها النووية. "وهنا يمكن ان ندرج جميع البرامج المتعلقة بمكافحة الارهاب وتجارة المخدرات، ومواضيع سوريا، فينزويلا وحماس. هناك الكثير من المسائل التي يمكن فيها لروسيا ان توقف تعاونها، وهنا ينبغي ان نضيف ايضا موضوع الطاقة" تقول انجيلا ستينت.
اما جريدة "وولستريت جورنال" فتشير الى ان الاوروبيين الشرقيين هم قلقون جدا من "قحة" ونجاح العملية الروسية في جيورجيا. فبالنسبة للكثيرين، من الذين يعيشون في ظل روسيا، فإن هذه العملية تنكأ جروح ذكريات قديمة: 1968 للتشيخيين، 1956 للهنغاريين، و1939 للبولونيين. كما ان بعض العسكريين الروس الكبار يهددون بتدمير اوكرانيا وبولونيا بالسلاح الذري، اذا رفضتا ان تحافظا على "الخط الاحمر" المرسوم من قبل الكرملين. وحتى تلك البلدان التي، خلافا لجورجيا واوكرانيا، قد اصبحت اعضاء في حلف الناتو، لا يمكنها ان تسمح لنفسها الا بالقليل من الشعور بالراحة. وحسبما يقول وزير الخارجية البولوني رادوسلاف سيكورسكي "فإن الاتفاقات والمعاهدات هي شيء جميل جدا، ولكن في تاريخ بولونيا يوجد فقط صراعات منفردة، حيث كان حلفاؤنا يتركوننا لنقوم بالمواجهة بقوانا الخاصة". لقد ردت فرصوفيا بسرعة على العملية الروسية في جورجيا، عن طريق التقارب مع الولايات المتحدة الاميركية بعقد اتفاق سريع لنشر الدرع الصاروخي الاميركي على الاراضي البولونية. وهذه "انطلاقة جيدة"، من وجهة النظر الاميركية، الا انها خطوة ذات طابع رمزي وحسب. فالعدد القليل من الصواريخ يمكنه ان يعترض عددا محدودا من الصواريخ الايرانية مثلا؛ ولكنه لن يكون له اي مفعول حيال العدد الساحق من الصواريخ التي تمتلكها روسيا. ولا ينبغي لبولونيا او اي من البلدان الاخرى ان يكون لديها اي وهم بالاعتماد على الولايات المتحدة الاميركية في حال نشوب اي ازمة. ففي الماضي سبق لواشنطن ان تخلت عن بولونيا، هنغاريا وتشيخوسلوفاكيا. ومؤخرا لم تبد واشنطن الدعم المطلوب لجورجيا.