ارشيف من :أخبار عالمية

القمة الثلاثية .. قمة صورية بلا مضمون

القمة الثلاثية .. قمة صورية بلا مضمون

بعد أسابيع من الجدل، نجح الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أمس، في جمع كل من رئيس وزراء العدو “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اللقاء الثلاثي الذي عقد وسط معارضة فلسطينية واسعة.

ورأى مراقبون أن "أوباما بهذا اللقاء ربح التقاط الصورة التي أرادها، وهي تعيد للأذهان الصورة الشهيرة لاتفاقية كامب ديفيد، وأضافوا أن نتنياهو جاء إلى اللقاء من دون أن يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الرافض لتجميد الاستيطان، فيما خرج عباس “صفر اليدين”.

وخلال الاجتماع الذي لم يكن من المتوقع أن يتحقق خلاله أي انفراج، أقنع أوباما ضيفيه بالمصافحة، ووقف في الخلف بينما أمسكا بيدي بعضهما وعلت وجهيهما ابتسامة خفيفة على استحياء.

وأكدت مصادر سياسية في الولايات المتحدة لصحيفة " الخليج" أن "الإدارة الأمريكية باتت أكثر قبولاً لأفكار تدعو للتعجيل في بدء مفاوضات عربية “إسرائيلية” بعيداً عن المطلب العربي بالتجميد الكامل للاستيطان"، مشيرة إلى أن لدى واشنطن ما تقدمه “الآن” لـ “إسرائيل” من حوافز مشجعة على المضي قدماً في عملية التسوية، ومنها قبول 5 دول عربية بالقيام بإجراءات تطبيعية مع “إسرائيل”.

وخلال اللقاء، دعا أوباما الجانبين إلى استئناف مفاوضات الوضع النهائي، قائلاً “هذه المفاوضات يجب أن تبدأ، ويجب أن تبدأ سريعاً”، مؤكداً أن النجاح يتوقف على تحرك جميع الأطراف بدافع حاجاتهما الملحة للتوصل إلى حل، مضيفاً بأن مفاوضات الوضع النهائي حول القضايا الحاسمة بما فيها قيام الدولة الفلسطينية، يجب أن تبدأ قريباً.

وقال الرئيس الاميركي عقب اللقاء: "إن “إسرائيل” بحاجة لأن تقوم بأكثر من الكلام عن كبح النشاط الاستيطاني"، متعهدا بالضغط للسير قدماً نحو “حل الدولتين”، قائلاً "انه لا بد من مقاربة الموضوع “بحس عاجل”.

وتابع أوباما إن “الولايات المتحدة ملتزمة بسلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط”، مضيفاً “فات الوقت كي نتحدث عن استئناف المفاوضات، وحان الوقت للمضي قدماً”، مشيراً إلى أن مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل سيلتقي مع مفاوضين “إسرائيليين” وفلسطينيين الأسبوع المقبل، وأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ستنقل إليه تقريراً عن التقدم الحاصل في منتصف تشرين الأول/ أكتوبرالمقبل.

من جهة اخرى، اثار مشاركة محمود عباس في القمة الثلاثية حفيظة العديد من الفصائل، في وقت بدأ الاحتلال مشروعاً استيطانياً جديداً في القدس المحتلة، فوصف عدد من قادة الفصائل هذه المشاركة بأنها تساهم في رفع الحصار الدولي المفروض على حكومة العدو ومكافأة له، وورقة توت تستر عورة “إسرائيل” بعدما كشفها تقرير الأمم المتحدة حول محرقة غزة.

من جهتها، أعلنت حركة “حماس” رفضها للقاء، على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري إن هذا اللقاء “شكلي وفارغ المضمون.. ويهدف إلى التغطية على التعنت الصهيوني وإظهار وجود حراك سياسي”.

ومن جانبها، اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذا اللقاء “بمثابة ورقة التوت” بعد تقرير لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول محرقة غزة.

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة “الجهاد الإسلامي” نافذ عزام أن اللقاء “بلا نتائج”. وقال “كان من المفترض أن يرفض عباس المشاركة”.

واعتبرت جبهة التحرير الفلسطينية، المشاركة الفلسطينية غطاءً لنتنياهو وحكومة المستوطنين في الهروب من الرفض والإدانة الدولية والقانونية التي تتسع يوماً بعد يوم ضد الممارسات والإجراءات العنصرية.

وفي الجانب “الإسرائيلي”، وبخلاف ما كان يعلن عنه وأحيانا لغرض التهويل والتمويه، فإن الأوساط المعارضة لنتنياهو داخل ائتلافه وخارجه تلتزم الصمت حيال اللقاء، ويبدو أن الصمت علامة الرضى حيث تسود هذه الأوساط تقديرات بأن نتنياهو نجح في ليّ ذراع عباس.

وبهذا الصدد، رأى وزير شؤون الأسرى والمحررين الأسبق اشرف العجرمي، أن "المشاركة في هذا اللقاء رغم كل الملاحظات تعتبر إيجابية لأنها نزعت أية مبررات قد تستخدمها “إسرائيل” لاتهام الجانب الفلسطيني بتعطيل جهود التسوية".

رئيس كيان الاحتلال الإسرائيلي شمعون بيريز الذي سبق واتهم نتنياهو بقتل اتفاقية أوسلو في منتصف التسعينات، أعرب عن تأييده لمواقفه المتعلقة بالمفاوضات مع الفلسطينيين. وقال "إن نتنياهو محق في مطلبه من الفلسطينيين الشروع في المفاوضات من دون شروط مسبقة".

وفيما كان اللقاء الثلاثي ملتئماً كشفت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية ان مستعمرة “بيتار عيليت”، جنوب القدس المحتلة، بدأت في أعمال بنية تحتية تمهيدا لإقامة حي استيطاني جديد.

ويبعد موقع البناء الجديد نحو 300 متر على الأقل عن الخط الخارجي للمنازل القائمة في المستعمرة، وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الموقع لا يندرج ضمن قائمة الـ 455 وحدة سكن كان أعلن وزير الحرب ايهود باراك عن المصادقة على بنائها قبل أسبوعين، كخطوة أخيرة قبل دخول تفاهمات محتملة على التجميد حيز التنفيذ.

ومن بين المستوطنات التي تشهد أعمال بناء محمومة هذه الأيام مستوطنتا "سوسيا" و"كرمئيل" جنوب الخليل، ومستوطنة "كريات أربع" داخل المدينة، ومستوطنة "تقوع" شرقي بيت لحم و"عتصيون" جنوب المدينة، إضافة إلى مستوطنتي "أبو غنيم" و"معاليه أدوميم" شرقي القدس، ومستوطنة "عين إفرات" جنوب رام الله.

ومن بين البؤر الاستيطانية الجديدة في منطقة الخليل بؤرة قرب مستوطنة "تينا" جنوب بلدة الظاهرة، وبؤرة أخرى غرب مستوطنة "سوسيا"، إضافة إلى توسيع بؤرة "عسائيل" جنوب بلدة يطا.

في سياق متصل، قال الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر إن هناك عرضاً من 22 دولة عربية للاعتراف بـ “إسرائيل” وإقامة علاقات اقتصادية معها مقابل انسحابها من الأراضي العربية.

تقرير: محمد حسين سبيتي

2009-09-23