ارشيف من :أخبار عالمية

"إيرينا بوكوفا" تطيح بـ"فاروق حسني" وتتربع على عرش رئاسة "اليونيسكو"

"إيرينا بوكوفا" تطيح بـ"فاروق حسني" وتتربع على عرش رئاسة "اليونيسكو"

المعركة الانتخابية حسمت النتيجة لصالح بلغاريا ردّا على تصريحات المرشح المصري تجاه كيان العدو

لطيفة الحسيني

لم تفلح الجهود الحثيثة التي بذلها وزير الثقافة المصري فاروق حسني في الوصول الى رئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو"، بعد أن أطاحت به وزيرة الخارجية البلغارية السابقة إيرينا جيورجييفا بوكوفا إثر فوزها بـ 31 صوتا مقابل 27 للمرشح المصري حسني في جولة انتخابية خامسة حملت الكثير من التساؤلات عن مدى تسييس هذه المعركة خاصة بعد ما أثارته مواقف حسني المنتقدة للكيان الصهيوني وما تبعه من اعتذارات وترقيعات لاجتناب الدخول في سجالات متبادلة.

وبالعودة الى انتخاب بوكوفا ، التي تعتبر اول امرأة تتسلم رئاسة "اليونيسكو" التابعة للامم المتحدة ، والتي تعنى بتنفيذ برامج تربوية وتتولى الحفاظ على التراث العالمي وتعمل ايضا على حماية حرية التعبير.

وفور انتخابها حرصت بوكوفا على توجيه تحية الى مصر والى المرشح فاروق حسني. وقالت في تصريح مقتضب "قلت للوفد المصري انني آمل ان نكون معا، لانني لم اؤمن يوما بصراع الحضارات".
ولا يزال هذا الانتخاب لخليفة الياباني كويشيرو ماتسورا بحاجة الى مصادقة المؤتمر العام للمنظمة باعضائها ال193 في تشرين الاول/اكتوبر المقبل ليصبح نافذا.

كذلك واثر شيوع نبأ الانتخاب ، هنأت وزارة الخارجية الاسرائيلية بوكوفا على انتخابها. وقالت الوزارة في بيان لها ان "اسرائيل ترحب بهذا الانتخاب وهي على يقين بان تعاونها المثمر مع اليونسكو سيستمر بل وسيتعزز".

وسارعت وزارة الخارجية الفرنسية الى الترحيب بانتخاب بوكوفا على رأس اليونسكو. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها "للمرة الاولى تتسلم امرأة مقاليد هذه المنظمة الدولية المهمة، للمرة الاولى ايضا يتم اختيار مرشحة من بلد في اوروبا الوسطى هو بلغاريا لتولي هذا المنصب الاساسي".

بدوره ، قال رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف لوكالة "فرانس برس" تعليقا على فوز بوكوفا "هذا اعتراف كبير ببلغاريا".واضاف "لقد دعمنا ترشيح ايرينا بوكوفا بشكل هائل. ولكن في البداية بدت فرصها في الفوز ضئيلة للغاية".واضاف ان انتخابها "لم يكن متوقعا، وهو نصر كبير لدولة صغيرة مثل بلغاريا".

وفيما رأت بعض الاوساط المتابعة أن "المأساة الحقيقية كانت في تسييس المعركة منذ بدايتها ما يمثل خطرا شديدا على مستقبل منظمة اليونسكو التي من المفترض ان تكون معنية بالثقافة وليس بالسياسة" ، برزت معلومات عن ان "جماعات الضغط اليهودي بدأت هذا التسييس للمعركة بافتعال تصريحات لوزير الثقافة المصري واتهامه بالعنصرية،‮ ‬وما شابه ذلك حتى انه لاول مرة لم يحاول احد مناقشة برامج المرشحين المتنافسين"‮، وفي هذا الاطار قال مستشار المرشح الخاسر فاروق حسني ومدير حملته الانتخابية حسام نصار تعليقاً على المعركة الانتخابية أمس ، ان "ما حدث كان اكبر منا بكثير وخضنا حربا‮ ‬غير متكافئة‮.. ‬فقد حاول فاروق حسني ان يقيم حوارا للحضارات باختياره وهو ممثل الجنوب لإدارة المنظمة المعنية بخلق السلام في عقول البشر ولكن للأسف الدول العظمى رفضت ذلك ولم تتقبله"‮.‬

وأضاف ان "الامر زادت صعوبته لأن بعض دول الجنوب للأسف لا تمتلك قرارها بسبب ضغوط سياسية ووعود اقتصادية"،‮ ‬مشيرا الى ان "الانتخابات شهدت انقساما شديدا داخل المنظمة بين دول تنادي بالحوار وتتشدق به،‮ ‬وتفعل عكسه على ارض الواقع"‮.‬


هذا وكانت الأطراف التي بدأت المعركة تسعة،‮ ‬بما فيهم فاروق حسني،‮ ‬وقبيل أن تبدأ عملية الانتخاب بساعات رشحت التوقعات والتكهنات أن تكون المنافسة بين المرشح المصري وبين مرشحة النمسا بنيافيريرو نالندر التي دفع بها الاتحاد الأوروبي من إغلاق باب الترشيح‮..‬، وقد اعتبرت بعض الجهات الداعمة لترشيح الوزير المصري أن "المعركة بدأت نذرها مبكراً‮ عبر ‬حرب استباقية أدارها الاعلام الغربي والأمريكي فيما كانت المنظمات اليهودية هي اللاعب الأساسي والمحرك لها‮".

وكان العديد من المنظمات اليهودية قد هاجمت الوزير المصري لادلائه عام 2008 بتصريحات اعتبرت معادية لليهود، خصوصا عندما اعلن امام مجلس الشعب انه مستعد لان يحرق بنفسه اي كتب يهودية قد توجد في المكتبات المصرية..، الا ان حسني اعلن لاحقا بانه "يأسف" لهذه التصريحات التي اخرجت حسب قوله من سياقها ونفى ان تكون لديه اي ميول معادية للسامية.

وفي إطار متصل ، بادرت وسائل الإعلام والوكالات الأجنبيّة إلى تلقّف الخبر، مشيرةً إلى أنّ "تصريحات حسني المعادية للساميّة وإعلانه نيّته إحراق كتب إسرائيليّة، أسهما في تراجع حظوظه لمصلحة المرشحة البلغاريّة".

تجدر الاشارة الى أن رئيسة اليونيسكو المنتخبة كانت تشغل منصب سفيرة بلغاريا لدى فرنسا والمندوبة الدائمة لبلغاريا لدى اليونسكو، إضافة الى أنها دبلوماسية محترفة وسياسية درست في معهد العلاقات الدولية في موسكو وجامعة ميريلاند (الولايات المتحدة الأمريكية)، كانت نائبة وزير الشؤون الخارجية (1995 - 1997)، ووزيرة الشؤون الخارجية لبلدها (1996 - 1997). كما كانت مرشحة لمنصب نائب رئاسة الجمهورية في عام 1996، واتخذت موقفا لانضمام بلغاريا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.

واختار المجلس التنفيذي لليونسكو إيرينا بوكوفا من بين المرشحين التسعة الذين استجوبهم بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2009 وهم : إنا مارشيوليونيته (ليتوانيا)، محمد البيجاوي (الجزائر)، إيرينا جيرجويفا بوكوفا (بلغاريا)، فاروق حسني (مصر)، سوسبيتر مويجاروبي موهونجو (جمهورية تنزانيا المتحدة)، ألكسندر فلاديميروفيش ياكوفينكو (الاتحاد الروسي)، إيفون خويس ع. باقي (الأكوادور)، بينيتا فيريرو- فالدنر (النمسا)، نورعيني تيجاني سيربوس (البنين).

وهكذا ، خابت آمال المصريين ومن راهن على وصول ابن بلدهم الى اعلى منصب في منظمة اليونيسكو، بعد معركة طاحنة شهدت انسحاب جميع المرشحين تباعاً، وحصرت المنافسة في الجولتين الأخيرتين بين حسني والمديرة العامة المنتخبة.

2009-09-23