فازت السفيرة البلغارية في فرنسا وممثلة بلغاريا في الاونيسكو، السيدة إيرينا بوكوفا، بمنصب المدير العام لمنظمة الاونيسكو متفوقة على وزير الثقافة المصري فاروق حسني. وقد انتخبت ايرينا بوكوفا لمنصب المدير العام للاونيسكو من قبل المجلس التنفيذي للمنظمة، الذي سيعرض ترشيحها لهذا المنصب للتصديق عليه في الاجتماع العام للمنظمة الذي سيعقد في تشرين الاول القادم، ومن ثم سيتم التصويت السري على الترشيح، من قبل ممثلي الـ 193 دولة الاعضاء في الجمعية العمومية للمنظمة، حسب ما أعلنه رئيس المجلس اولابيي بابالولا جوزف ياي، الممثل الدائم لبينين في الاونيسكو.

وستكون بوكوفا اول امرأة، واول ممثل لبلدان اوروبا الشرقية، تحتل هذا الموقع. وعلقت سيمون فايل، وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة، على انتخاب بوكوفا بالقول "ان الاونيسكو بحاجة الى توحيد الشعوب والثقافات، والى العمل في مناخ من التسامح والتوافق، والى الارتفاع فوق الخلافات. ولهذا اعتقد انها هي الشخص المناسب لترؤس الاونيسكو في السنوات القادمة".

وقد حاولت بعض الاوساط الاعلامية والسياسية ان تضفي على المزاحمة الانتخابية التي تمت طابعا صراعيا يتجاوز الاطار الثقافي والاداري البحت. وكانت المنظمات اليهودية قد شنت حملة على فاروق حسني متهمة اياه بـ"المعادي للسامية". كما ان الاوساط الموالية للعدو الاسرائيلي, إتخذت من هذه المزاحمة مناسبة للتحامل على البلدان العربية والاسلامية وللتأكيد بأن فشل او افشال فاروق حسني هو تأكيد وتعميق للشرخ بين المعسكر الغربي بزعامة اميركا وبين العالم العربي والاسلامي؛ هذا مع العلم ان النظام المصري ذاته اراد ان يكون الانتخاب المحتمل لفاروق حسني خطوة الى الامام نحو تعزيز دور مصر في الانفتاح اكثر على الغرب، وعلى المعسكر "الحليف لاسرائيل" بصورة اكثر تحديدا.

فهل يمكن الاعتبار ان انتخاب ايرينا بوكوفا هو خطوة، او مقدمة خطوة، مناوئة للبلدان العربية والاسلامية عموما، وعلى الصعيد الثقافي خصوصا؟

السيرة الذاتية لبوكوفا

ايرينا بوكوفا، مولودة سنة 1952، في عائلة شيوعية قديمة معروفة. والدها غيورغي بوكوف، شخصية بارزة في الحزب الشيوعي البلغاري (السابق)، شغل منصب رئيس تحرير جريدة الحزب الشيوعي "رابوتنيتشيسكو ديلو" (قضية العمال). شقيقها فيليب بوكوف، كان عضوا في قيادة الحزب الاشتراكي البلغاري (الشيوعي سابقا) وشغل منصب رئيس المكتب السياسي لرئيس الوزراء البلغاري السابق سيرغيي ستانيشيف. وهو حاليا سفير بلغاريا في سلوفينيا. تخرجت ايرينا بوكوفا من معهد "العلاقات الدولية" في موسكو سنة 1976. من سنة 1977 حتى سنة 1982 شغلت منصب الملحق الاول والسكرتير الثالث في قسم "الامم المتحدة وقضايا نزع السلاح" في وزارة الخارجية البلغارية. منذ 1982 شغلت منصب السكرتير الثالث في الممثلية الدائمة لبلغاريا في الامم المتحدة في نيويورك. حتى سنة 1990 شغلت منصب السكرتير الثاني ثم السكرتير الاول في قسم "الامم المتحدة وقضايا نزع السلاح" في وزارة الخارجية البلغارية. في انتخابات 1990 انتخبت نائبا في الجمعية الوطنية البلغارية التي عدلت الدستور البلغاري وألغت حكم الحزب الواحد (الحزب الشيوعي) في بلغاريا. في 1995 شغلت منصب نائب وزير الخارجية. ومنصب سكرتير اللجنة الحكومية لقضايا الاندماج الاوروبي. في 1996 ترشحت لمنصب نائب رئيس الجمهورية الى جانب المرشح للرئاسة ايفان مارازوف، عن الحزب الاشتراكي البلغاري. شغلت منصب وزير الخارجية البلغارية في 1996 1997. منذ 2001 حتى 2005 احتلت مقعدا نيابيا في الدورة 39 للمجلس النيابي البلغاري، عن الكتلة اليسارية "التحالف لاجل بلغاريا" بزعامة الحزب الاشتراكي البلغاري ( الشيوعي سابقا). منذ 2005 تشغل ايرينا بوكوفا مركز السفير فوق العادة لبلغاريا في فرنسا والممثل الدائم لبلغاريا في الاونسكو.

بعد انتخابها تقدمت بوكوفا بالشكر الى رئيسي الوزراء السابقين سيمون ساكسكوبورغوتسكي وسيرغيي ستانيشيف، كما الى رئيس الوزراء البلغاري الحالي بويكو بوريسوف، الذين دعموا جميعا ترشيحها لمنصب مدير عام الاونسكو. واشارت الى ان الفضل في نجاحها يعود الى دعمها من قبل الحكومات البلغارية الثلاث المتعاقبة.

وفي اول تصريح لها بعد نجاحها، نفت ان يكون نجاحها يعود الى دعم اللوبي اليهودي لها. وقالت انها ستعمل في حوار مع جميع الكتل الاقليمية في المنظمة.وهي تقول "انني صديقة للعالم العربي، كما لجميع الكتل الاقليمية الاخرى في الاونسكو، التي هي منظمة عالمية، ونحن لدينا اهداف ومثل عالمية، وسأعمل كل ما في وسعي لكي اقنع بذلك اصدقائي العرب. وان ما حدث ليس ابدا ضربة موجهة الى احد، هذا نصر انتخابي وسوف استمر في العمل لكي اقنع اصدقائي انه بالنسبة لي فإن التسامح، الحوار، التعددية الثقافية وكل اشكال التعددية هي مهمة للغاية. وهذا هو اساس القيم التي تقوم عليها الاونيسكو".

وعبر رئيس الوزراء البلغاري عن سروره البالغ ان تحتل مواطنة بلغارية هذا المنصب الدولي الرفيع، وقال انه عمل مع رئيس الجمهورية البلغاري غيورغي برفانوف من اجل دعم ترشيح بوكوفا. وتعتبر ايرينا بوكوفا من الفريق السياسي للرئيس البلغاري الحالي غيورغي برفانوف. وبهذه الصفة يمكن تصنيفها بأنها من انصار الاندماج مع اوروبا الى جانب توثيق العلاقات التاريخية الروسية ـ البلغارية، كما انها من مؤيدي استعادة وتدعيم علاقات الصداقة العربية ـ البلغارية، والموقف البلغاري "المتوازن" من الصراع العربي ـ "الاسرائيلي".